مواقف حسينية
هناك مواقف لا تعد ولا تحصى تواجهك في هذه الأيام المباركة والناس تتوجه الى زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام بمناسبة أربعينيته عليه السلام..ولكن هناك مواقف لا يمكن أن تمحى من الذاكرة بسهولة لأنها تفوق التصوّر في الوضع الاعتيادي، فتبقى راسخة في بالك وقد لا تستطيع التعبير عمّا تراه بل يسقط القلم عند الوصول لوصفها وتتعثّر الحروف فلا تصطف لتنتظم في جمل معبّرة عما يمكن وصفه بما هو في الواقع، ولكن يمكن وضع كلمات تقرّب المعنى فتجعلنا نتأمل كثيراً في هذه المواقف..
فمن المواقف التي صادفتني رأيت امرأة لاترى إلا لمسافة قصيرة جدا وتعاني من مرض السكر والضغط وعمرها تجاوز السبعين وتتكئ على عصى تعينها في المسير، ولما سألتها مالذي جاء بك من بغداد الى هنا وأنت على هذه الحالة، فأجابت جئت لمواساة سيدتي زينب وهل أوفي بفعلي هذا، لا والله ولا متر واحد من مسيرها عليها السلام..
وآخر رجل طاعن في السن أظنه قارب التسعين من العمر لا يقوى على الوقوف رأيته جالسا على كرسي وبيده عصى يومئ بها هنا وهناك ليرشد بقية أعضاء الموكب وهم يوزعون الشاي على الزوار ووجهه يتهلّل فرحاً بهذه الخدمة الحسينية الخالصة لله تبارك وتعالى ويتلفّظ بكلمات ايمانية مرحبة بالزوار (هله بزوار ابو السجاد)..
وآخر شيخ معمم سيماء العلم والوقار واضحة على محياه لم يجد ما يقدمه سوى انه يقف في وسط الطريق يرحب بزوار أبي عبد الله الحسين عليه السلام ويشدّ من عزيمة المشاية ويحثهم على المسير وانه لم يتبق شئ للوصول الى مرقد الامام عليه السلام فتنالون أجركم..
وآخر هناك رجل يقف أمام من يجلس لتناول وجبة الغداء، مما أثار حفيظة بعضهم فخاطبه أحدهم أخي هل تحتاج الى شئ فأنا أينما أجلس تأتي وتقف أمامي، فأجابه أخي أنا خادمك ليس عندي ما أقدمه سوى اني أقف أظلل لزوار أبي عبد الله الحسين عليه السلام من أشعة الشمس ريثما تتهنى بطعامك وتنتهي منه..
وآخر لعله الأكثر تأثيراً رأيت شاباً يحمل أباه الطاعن في السن على ظهره وهو يطوف به طرق كربلاء للوصول الى المرقد الطاهر ولا أعلم من أين أتى وهل مشى طوال الطريق على هذه الحال، مع انّ هناك عربات خاصة أعدت لهذا الغرض، ولكن أظنه أبى إلاّ أن يحصد الثواب الأعظم..
مواقف كثيرة وكثيرة جداً تبكي قلوب المؤمنين قبل عيونهم وتزيدهم إصراراً على التمسك بالعترة الطاهرة.....
فهنيئاً هنيئاً لزوار وخدمة الامام الحسين عليه السلام ونسأل الله العلي القدير أن يتقبل منهم باحسن قبول..
وحشرنا الله واياكم معهم بحق محمد وعترته الطاهرة.......................
تعليق