إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نطاق الحرية في الإسلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نطاق الحرية في الإسلام

    بسم الله الرحمن الرحيم
    نحن في مسألة الحرية نريد التعرّف إلى رأي الإسلام. ولو أردنا تتبّع الآراء غير الإسلامية وتبيّنها فسنُبتلى بالإشكالات التي ابتُلي بها المفكّرون الغربيّون في مختلف المجالات، حيث كانت لهم آراء متضاربة ومتنوعة ومتضادة ليس لها في الأغلب امتدادٌ واستمرارٌ علميّ. فما هي الحريّة في الإسلام؟ وما هو معناها؟

    يقول الله عز وجل: ﴿الَّذينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتي‏ كانَتْ عَلَيْهِمْ. وهذه أوضح آيّة في القرآن حول الحريّة، بما تحمله من معنى وضع الإصر. فالإصر هو تلك الحبال التي تُربط بها الخيمة بإحكام في الأرض كي لا تطيح بها الرّياح، وأواصرنا هي تلك الأمور التي تربطنا بالأرض وتمنعنا من التحليق. وأمّا الغلّ، فهو تلك السلسلة المعدنية التي جاء النبيّ صلى الله عليه وآله ليرفع أثقالها عن ظهورنا.

    وهنا لا بُد من الالتفات إلى أنّ الله عز وجل قبل أن يقول: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتي‏ كانَتْ عَلَيْهِمْ، قال: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ. هذه الطيّبات والخبائث هي الحلال والحرام، أي الحدود والقيود التي وضعها الله للناس. وعليه، لا ينبغي أن نأبى وجود الحدود والقيود أثناء البحث حول الحريّة.

    الحرية في منطق الإسلام

    إنّ المبنى الأساس للإنسان في الإسلام هو التوحيد. والتوحيد ليس منحصراً بالاعتقاد بالله، بل هو عبارة عن الاعتقاد بالله والعبودية له إلى جانب الكفر بالطاغوت وعدم العبودية لغير الله.

    ففي الآية الكريمة: ﴿تعالَوْا إِلى‏ كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً، لم يقل الله عزّ وجل: "ولا نشرك به أحداً"، مع أنّه يوجد موردٌ جاء فيه كلمة أحداً، لكنّه هنا بمعنىً أعمّ، فقال: "لا نشرك به شيئاً".

    إذاً، هي دعوة لعدم اتّخاذ أيَّ شيء شريكاً لله. فحين نتّبع العادات أو الناس دون دليل نخالف التوحيد. وهكذا في مورد الأنظمة الاجتماعية، فكلّ ما لا ينتهي إلى الإرادة الإلهية يكون في الواقع شركاً بالله، والتوحيد هو عبارة عن الإعراض عن هذا الشرك، ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فقد استَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى. وعليه، فإنّ الإيمان بالله يأتي بعد الكفر بالطاغوت. وهنا يتوضّح معنى الحرية، فأنتم أحرارٌ من جميع القيود غير العبودية لله.

    نوافذ بحث الحرية

    نوافذ بحث الحرية أربع، تتلخّص بالآتي:

    أولاً: الحرية من منظار الحق في الاصطلاح القرآني. لقد تكرَّرت عبارة الحق في القرآن الكريم أكثر من مئتي مرّة وهي لها معنى عميق وواسع. ولكن عبارة الحق تعني، باختصار، وجود جهاز منظم وهادف. فالله تعالى في آيات عديدة يقول إن عالم الوجود قد خُلِق على أساس الحق ﴿مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ،﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ، أي إنّ نظام عالم الوجود والخلقة (بما فيه الإنسان) هو جهاز مصنوعٌ ومترابطٌ بعضه ببعض وله نظام وهدف... هذا على مستوى التكوين.

    كما يبيّن الله تعالى الأمر نفسه على مستوى التشريع حيث يقول عزَّ وجلّ: ﴿نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ، و﴿أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، و{قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ}. فهذا الحق في عالم التشريع لا بدّ من أنْ يتطابق مائة بالمائة مع عالم التكوين بحسب الحكمة الإلهية. صحيح أنه يمكن لإرادة الإنسان أن تتعدى فتخرّب بعض زواياه، ولكن، لأنّ الجهة هي جهة الحق، فالحركة العامة والكلية ستتغلب في النهاية على جميع الأعمال الجزئية التي تتعدى الطريق أو تنحرف عنه وهو ما تقتضيه الحكمة الإلهية. إذاً، وبهذه النظرة، نتطلّع إلى قضية الحرية وهي حرية الحق مقابل الباطل.

    ثانياً: الحرية بلحاظ الحق في الاصطلاح الحقوقي. وهي تعني أن للإنسان القدرة والحق في المطالبة بأمور يريدها.

    ثالثاً: الحرية من منظار التكليف، إذ يجب على الإنسان أن يسعى إلى الحرية سواء حريته أم حرية الآخرين حتى ولو بالقتال. فلا ينبغي أنْ يبقى أحد تحت ظلّ الاستضعاف والمذلّة والمحكومية. يقول تعالى: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ}. وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرّاً".

    رابعاً: الحرية من منظار النظام القيمي. فالحرية بحسب نظام القيم الإسلامية تعدُّ من عناصر الدرجة الأولى.

    القيم الأخلاقية في الغرب لا تشكل أيَّ مانعٍ للحرية!!

    إذا أردنا مقارنة ما عندنا مع الآراء الغربية نلاحظ وجود هوّة عميقة بين نظرة الغرب للحرية ونظرة الإسلام، فملاك الحرية ومعيارها عندهم هو بحث سيادة الإنسان، أما عندنا فالمعيار هو بحث سيادة الرب والعبودية لله والتوحيد الإلهي.

    إن حال الغرب بلحاظ الحرية مؤسف وسيّئ، ففي الحرية الاقتصادية نرى توارث المناصب الاقتصادية بين أشخاص معدودين يتمتعون بثروات بلادهم ويتحكمون بمصير شعوبها.

    وفي المجال السياسي نرى أنَّ الساحة السياسية محتكرة بين حزبين، ولا شكّ أن عدد الأشخاص المنتمين لهذين الحزبين هو أقل بكثير من 1% من مجموع السكان. وليس لهذه الأحزاب امتداد حقيقي وواقعي في عمق المجتمع.

    وفي مجال القضايا الأخلاقية يُلاحظ انتشار الشذوذ الجنسي المتفلّت من كل قيد، فلا مانع من الزواج من المحارم أو الزنا بهم، بل يفتخرون بأن التاجر الفلاني أو السياسي الفلاني هما من أعضاء حركة الشذوذ الجنسي، ولا يخجل أحد بذلك، ولا ينكره أحد. فهذا هو منطق الحرية عندهم.

    بناءً عليه، إن واقع المجتمع الغربي سيئ ومرّ وبشع وباعث على النفور، فلا وجود للعدالة، بل للتمييز العنصري والاستبداد نصيب وافر في ثقافتهم.

    أما تعاملهم مع المقولات الشريفة كحقوق الإنسان والسيادة الشعبية فهو تعامل انتقائي وغير أخلاقي. وهذا الواقع يشير إلى أنَّ مفكريهم الذين ابتعدوا عن الله واستغنوا عن هدايته واعتمدوا فقط على أنفسهم، ابتلوا بالضلالة وأضلُّوا أقوامهم وجعلوهم جهنميين.

    لذا، فإن مراجعتنا لآرائهم مع هذه الريادة الموجودة عندهم في تنظيم الأفكار وترتيب الموضوعات ستكون مفيدة لمفكرينا بشرط عدم تقليدهم، لأن التقليد ضد الحرية ومقيّد لها.
    نور من نور
    الحرية في منطق الفكر الغربي تتنافى مع التكليف، على اعتبار أنّها تعني التحرُّر من التكليف، في حين يذهب الإسلام إلى أنّ الحرية هي الوجه الآخر للتكليف، والنّاس أحرار لأنهم مكلّفون. ودون التكليف لا ضرورة للحريّة، إذ يكون الناس على طبائع الملائكة، بينما يتصف البشر بأنّهم مركّبون من جملة غرائز ودوافع متناقضة يسيرون من بينها على طريق الكمال.

    لقد منُحت الحريّة للإنسان من أجل تكامله، مثلما أنّ حياته نفسها وُهبت له في سبيل السير نحو الكمال:﴿ومَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ، فهو تعالى خلق الجن والإنس ليبلغوا مرتبة العبودية، وهي مرتبة عالية جداً. والحرية أيضاً، كحقِّ الحياة، تمثّل مقدّمة العبودية.


    sigpic

  • #2


    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم


    جزاكم الله خيرا اخي الفاضل ابو زهراء
    على مشارتكم القيمة ودمتم بحفظ الله








    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X