بسم الله الرحمن الرحيم
صحيح البخاري / كتاب التفسير / تفسير سورة محمد (ص) / باب : " وتقطعوا أرحامكم "
حدثنا خالد بن مخلد : حدثنا سليمان قال : حدثني معاوية بن ابي مزرد ، عن سعيد بن يسار عن ابي هريرة ، عن النبي (ص) قال : خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم ، فأخذت بحقو الرحمن ، فقال له : مه ،
قال : هذا مقام العائذ بك من القطيعة
قال : ألا ترضين أن اصل من وصلك ، واقطع من قطعك ؟
قالت : بلى يارب ،قال : فذاك .
قال ابو هريرة : اقرؤوا إن شئتم : " فهل عسى إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم " .)) انتهى
قال الشيخ علوي السقاف في كتابه ((صفات الله)) تحت عنوان:الْحُجْزَةُ وَالْحَقْوُ
صفتان ذاتيان خبريَّتان ثابتتان بالسنة الصحيحة.
· الدليل :
1- حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ((إنَّ الرحم شَجْنَةٌ آخذةٌ بحُجزة الرحمن ؛ يصل من وصلها ، ويقطع من قطعها)). رواه الإمام أحمد (2956-شاكر) ، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (538) ؛ بإسناد حسن . وانظر : ((السلسلة الصحيحة)) (1602).
2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ((خلق الله الخلق ، فلما فرغ منه ؛ قامت الرحم ، فأخذت بحقو الرحمن ، فقال : مه!قالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة000)).رواه البخاري (4830) وغيره.
و الحقو والحُجْزة : موضع عقد الإزار وشده.
قال الحافظ أبو موسى المديني في ((المجموع المغيث)) (1/405) :
((وفي الحديث : ((إنَّ الرحم أخذت بحجزة الرحمن)) - ثم ذكر تفسيرين للحديث- ثم قال : وإجراؤه على ظاهره أولى))اهـ.
وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (2/383) ناقلاً من ((نقض التأسيس)) لابن تيمية ، ومن ((إبطال التأويلات)) لأبي يعلى الفراء ، ومعلقاً :
((قال شيخ الإسلام رحمه الله في رده على الرازي في زعمه أنَّ هذا الحديث : (يعني : حديث أبي هريرة المتقدم) يجب تأويله :
قــال : فيـقال له : بل هذا من الأخبار التي يقرها من يقر نظيره ، والنِّزاع فيه كالنِّزاع في نظيره ؛ فدعواك أنه لا بدَّ فيه من التأويل بلا حجة تخصه ؛ لا تصح.
وقال : وهذا الحديث في الجملة من أحاديث الصفات ، التي نص الأئمة على أنه يمر كما جاء ، وردوا على من نفى موجبه ، وما ذكره الخطابي وغيره أنَّ هذا الحديث مما يتأول بالاتفاق ؛ فهذا بحسب علمه ، حيث لم يبلغه فيه عن أحد من العلماء أنه جعله من أحاديث الصفات التي تمر كما جاءت.
قال ابن حامد : ومما يجب التصديق به : أنَّ لله حَقْواً.قال المروزي : قرأت على أبي عبد الله كتاباً ، فَمَرَّ فيه ذكر حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((إنَّ الله خلق الرحم ، حتى إذا فرغ منها ؛ أخذت بحقو الرحمن)). فرفع المحدث رأسه ، وقال : أخاف أنَّ تكون كفرت. قال أبو عبد الله : هذا جهمي.
وقال أبو طالب : سمعت أبا عبد الله يسأل عن حديث هشام بن عمار ؛ أنه قريء عليه حديث الرحم : ((تجيء يوم القيامة فتعلق بالرحمن تعالى000))، فقال : أخاف أنَّ تكون قد كفرت.فقال : هذا شامي ؛ ما له ولهذا ؟ قلت : فما تقول ؟ قال : يمضي كل حديث على ماجاء.
وقال القاضي أبو يعلى : اعلم أنه غير ممتنع حمل هذا الخبر على ظاهره ، وأنَّ (الحقو) و (الحجزة) صفة ذات ، لا على وجه الجارحة والبعض ، وأنَّ الرحم آخذة بها ، لا على وجه الاتصال والمماسة ، بل نطلق ذلك تسمية كما أطلقها الشرع ، وقد ذكر شيخنا أبو عبد الله - رحمه الله - هذا الحديث في كتابه ، وأخذ بظاهره ، وهو ظاهر كلام أحمد.
قلت : قولـه : ((لا على وجه الجارحة والبعض)) ، وقولـه : ((لا على وجه الاتصال والمماسة)) ؛ قول غير سديد ، وهو من أقوال أهل البدع التي أفسدت عقولَ كثير من الناس ؛ فمثل هذا الكلام المجمل لا يجوز نفيه مطلقاً ، ولا إثباته مطلقاً ؛ لأنه يحتمل حقاً وباطلاً ، فلا بدَّ من التفصيل في ذلك ، والإعراض عنه أولى ؛ لأنَّ كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم خال منه ، وليس هو بحاجة إليه ؛ فهو واضح ، وليس ظاهر هذا الحديث أنَّ لله إزاراً ورداءً من جنس الأزر والأردية التي يلبسها الناس ، مما يصنع من الجلود والكتان والقطن وغيره ، بل هذا الحديث نص في نفي هذا المعنى الفاسد ؛ فإنه لو قيل عن بعض العباد : إنَّ العظمة إزاره والكبرياء رداؤه ؛ لكان إخباره بذلك عن العظمة والكبرياء اللذين ليسا من جنس ما يلبس من الثياب.
فإذا كان هذا المعنى الفاسد لا يظهر من وصف المخلوق ؛ لأنَّ تركيب اللفظ يمنع ذلك ، وبين المعنى المراد ؛ فكيف يدعى أنَّ هذا المعنى ظاهر اللفظ في حق الله تعالى ، فإنَّ كل من يفهم الخطاب ويعرف اللغة ؛ يعلم أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخبر عن ربه بلبس الأكسية والثياب ، ولا أحد ممن يفهم الخطاب يدعي في قولـه صلى الله عليه وسلم في خالد بن الوليد : ((إنه سيف الله)) ؛ أنَّ خالداً حديد ، ولا في قولـه صلى الله عليه وسلم في الفرس : ((إنا وجدناه بحراً)) ؛ أنَّ ظاهره أنَّ الفرس ماء كثير ونحو ذلك)) اهـ
اقول : اتضح مما سبق حملهم الحقو الوارد في الروايات على ظاهره وهو بمعنى موضع عقد الإزار وشده بعبارة اخرى هو (الصرة) فرب الوهابية له صرة والعياذ بالله .
ثم قول ابن حامد هو كالهارب من المطر ووقف تحت الميزاب فانه رفض تاويل ما ورد من لفظة (الحقو) ثم يقول هي لا بمعنى لبس الثياب وهل هذا الا تاويل !!!