إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

آفات إقامة العزاء على سيّد الشهداء- الافة الثانية:(الاعتماد على المصادر غير المعتبرة)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • آفات إقامة العزاء على سيّد الشهداء- الافة الثانية:(الاعتماد على المصادر غير المعتبرة)

    بسم الله الرحمن الرحيم



    من الآفات التي تهدّد شعائر عزاء الإمام الحسين عليه السلام - خاصّةً في القرون الأخيرة - اعتماد الخطباء ومنشدي المراثي على المصادر الضعيفة وغير الصالحة للاعتماد .
    والملاحظة الجديرة بالاهتمام هي أنّ تاريخ عاشوراء يتمتّع بالمصادر المعتبرة الصالحة للاعتماد أكثر من أيّ موضوع آخر، بل إنّ المثقّفين والواعين من الخطباء الحسينيّين ليسوا بحاجة إلى الاعتماد على المصادر الضعيفة ، كما يقول الشهيد المطهّري :
    لو قرأ شخصٌ تاريخ عاشوراء فسوف يرى‏أنّه من‏أكثر التواريخ حيوية وتوثيقاً، ومن أكثرها غزارة في المصادر. وكان المرحوم الآخوند الخراساني‏ يقول : إنّ الذين يبحثون عن المصائب غير المسموعة، عليهم أن يبحثوا عن المصائب الصادقة التي لم يسمع بها أحد.
    ويرى عدد من منشدي المراثي أنّ كلّ ما طُبع ونُشر فهو صالح للاعتماد ، ولا يلحظون قيمة المصدر! يقول المؤلّف الفاضل لكتاب «اللؤلؤ والمرجان» حول بعض المواضيع غير الصحيحة التي اُضيفت إلى زيارة وارث المعتبرة :
    رأيت ذات يوم أحد طلبة العلوم الدينية وهو يتلو الأكاذيب القبيحة في مصائب الشهداء ، فوضعت يدي على كتفه، فالتفت إليَّ فقلت له : أليس بقبيح على أهل العلم أن يقولوا مثل هذه الأكاذيب في مثل هذا المكان؟! فقال: أوَليست مروية؟ فتعجّبت وقلت: لا، فقال: رأيتها في كتابٍ، قلتُ : في أيّ كتاب؟ قال: مفتاح الجنان‏. (1) فَسَكتُّ ؛ إذ من يبلغ جهله حدّاً بحيث يَعتبر ما جمعه بعض العوامّ كتاباً ويستند إليه ، لا يكون النّقاش مجدياً معه)2) .
    إنّ الكثير من المعلومات العديمة الأساس والكاذبة التي تؤدّي إلى وهن أهل البيت عليهم السلام وتُطرح للأسف كمراثٍ ، تمتدّ جذورها إلى المصادر الضعيفة ، ولذلك فإنّ معرفة المصادر هو أوّل الشروط لقرّاء المراثي الحقيقيّين ، والذين يفقدون هذا الشرط لا يمتلكون صلاحية ذكر مصائب أهل البيت عليهم السلام مهما بلغوا من الإخلاص .
    (1) مفتاح الجنان في الأدعية والأعمال المتعلّقة بالأيام والشهور والزيارات وبعض الأوراد والختومات ، وقد طُبع مراراً عديدة ، ولا يُعرف جامعه ، إلّا أنّه أورد فيه بعض ما لم يُذكر سنده، بل بعض ما ليس له سند قطعاً (الذريعة : ج‏21 ص‏324 الرقم 5294).
    (2) لؤلؤ ومرجان: ص 164.

  • #2
    المشاركة الأصلية بواسطة محب الامام علي مشاهدة المشاركة

    رأيت ذات يوم أحد طلبة العلوم الدينية وهو يتلو الأكاذيب القبيحة في مصائب الشهداء ، فوضعت يدي على كتفه، فالتفت إليَّ فقلت له : أليس بقبيح على أهل العلم أن يقولوا مثل هذه الأكاذيب في مثل هذا المكان؟! فقال: أوَليست مروية؟ فتعجّبت وقلت: لا، فقال: رأيتها في كتابٍ، قلتُ : في أيّ كتاب؟ قال: مفتاح الجنان‏. (1) فَسَكتُّ ؛ إذ من يبلغ جهله حدّاً بحيث يَعتبر ما جمعه بعض العوامّ كتاباً ويستند إليه ، لا يكون النّقاش مجدياً معه)2) .
    إنّ الكثير من المعلومات العديمة الأساس والكاذبة التي تؤدّي إلى وهن أهل البيت عليهم السلام وتُطرح للأسف كمراثٍ ، تمتدّ جذورها إلى المصادر الضعيفة ، ولذلك فإنّ معرفة المصادر هو أوّل الشروط لقرّاء المراثي الحقيقيّين ، والذين يفقدون هذا الشرط لا يمتلكون صلاحية ذكر مصائب أهل البيت عليهم السلام مهما بلغوا من الإخلاص .
    (1) مفتاح الجنان في الأدعية والأعمال المتعلّقة بالأيام والشهور والزيارات وبعض الأوراد والختومات ، وقد طُبع مراراً عديدة ، ولا يُعرف جامعه ، إلّا أنّه أورد فيه بعض ما لم يُذكر سنده، بل بعض ما ليس له سند قطعاً (الذريعة : ج‏21 ص‏324 الرقم 5294).
    .

    مشرفنا الفاضل جزيت خيرا على هذه المعلومات القيمة .
    لكن اسمح لي باستفسار ارشادي .
    هل تقصد بان مفتاح الجنان الذي هو الكتاب العروف بمفاتيح الجنان للشيخ القمي . ام ان مفتاح الجنان كتاب اخر ؟
    لانه في كلامك تقول ولم يعرف مؤلفه مع ان مفاتيح الجنان معروف بل مشهور مؤلفه ولايخلو بيت شيعي الا وفيه هذا الكتاب .
    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .

    تعليق


    • #3
      الأخ المشرف
      بارك الله فيك ورحم والديك
      ولو تكرمة علينا
      أن تخبرنا عن تلك المواضيع التي
      ( غير الصحيحة التي اُضيفت إلى زيارة وارث )
      كما تفضلت
      أرجو أن لا تبخل علينا




      إذا شئت أن ترضى لنفسك مذهباً ينجيك يوم الحشر من لهب النار
      فدع عنك قول الشافعي ومالك وأحمد والمروي عن كعب احبار

      تعليق


      • #4
        الاخ محب الامام علي (ع) شكرا على هذا الموضوع
        أخي العزيز للاسف البعض من الخطباء ينقل عن لسان الخطباء نص العبارات بدون الرجوع للمصدر .

        تعليق


        • #5
          السلام عليكم
          اشكر الاخوة (شجون الزهراء والجياشي وابا امنة) على مرورهم الكريم وجواب الاخت شجون الزهراء ان كتاب مفتاح الجنان كما هو مبين في الهامش هو كتاب مطبوع ولم يعرف كاتبه وهو غير كتاب مفاتيح الجنان للمحدث الكبير الشيخ عباس القمي (قده) .
          وجواب الاخ العزيز الجياشي هو ما قاله الشيخ عباس القمي (رحمه الله) في كتابه المشهور (مفاتيح الجنان) تعليقا على الدس الحاصل في زيارة عاشوراء وينقل قول استاذه صاحب كتاب (لؤلؤ ومرجان) :

          أقول: تعرف هذه الزيارة باسم زيارة وارث وهي مأخوذة عن كتاب (مصباح المتهجد) للطوسي وهو من أرقى الكتب المعتبرة المشهورة في الاوساط العلمية وقد اقتطفت هذه الزيارة نصاً عن ذلك المأخذ الشريف من دون واسطة أتكل عليها فكانت كلمة الختام لزيارة الشهداء هي: «فَيالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَكُمْ فَأَفُوزَ مَعَكُمْ» .

          فالزيادة التي ذيلت بها هذه الزيارة وهي: « فِي الجِنانِ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ اُولئِكَ رَفِيقاً، السَّلامُ عَلى مَنْ كانَ فِي الحائِرِ مِنْكُمْ وَعَلى مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الحائِرِ مَعَكُمْ... » الخ، إنّما هي خروج عن الماثور ودس في الحديث.

          قال شيخنا في كتابه الفارسي (لؤلؤ ومرجان): إن هذه الكلمات التي ذيّلت بها هذه الرواية إنما هي بدعة في الدّين وتجاسر على الإمام (عليه السلام) بالزيادة فيما صدر منه وفوق ذلك فهي تحتوي على أباطيل وأكاذيب بينة الكذب

          والغريب المدهش أنها تنبث بين الناس وتذيع حتى تهتف بها في كل يوم وليلة عدّة آلاف مرة في مرقد الحسين (عليه السلام) وبمحضر من الملائكة المقرّبين وفي مطاف الأنبياء والمرسلين (عليه السلام) ولامنكر ينكرها أو رادع يردع عن الكذب والعصيان. فآل الأمر الى أن تدون هذه الاباطيل وتطبع في مجاميع من الادعية والزيارات يجمعها الحمقى من عموم الناس فتزعمها كتاباً فتجعل لها اسما من الاسماء ثم تتلاقفها المجاميع فتسري من مجموعة أحمق إلى مجموعة أحمق آخر. وتتفاقم المشكلة فيلتبس الأمر على بعض طلبة العلم والدّين وإني صادفت طالباً من طلبة العلم والدين وهو يزور الشهداء بتلك الاباطيل القبيحة فمسست كتفه فالتفت إليّ فخاطبته قائلاً: ألا يشنع من الطالب أن ينطق بمثل هذه الاباطيل في مثل هذا المحضر المقدس ؟ قال: أليست هي مرويّة عن الإمام (عليه السلام) فتعجّبت لسؤاله وأجبته بالنفي. قال: فإني قد وجدتها مدوّنة في بعض الكتب فسألته عن الكتاب فأجاب كتاب (مفتاح الجنان). فسكتّ عنه فإنه لايليق أن يكالم المرء رجلاً أدّت به الغفلة والجهل إلى أن يعد المجموعة التي جمعها بعض العوام من الناس كتاباً من الكتب ويستند إليه مصدراً لما يقول ثم بسط الشيخ (رض) كلامه في هذا المقام وقال: إنّ عدم ردع العوام عن نظائر هذه الامور غير الهامة والبدع الصغيرة كغسل أويس القرن وأبي الدرداء وهو التابع المخلص لمعاوية وصوم الصّمت بأن يتمالك المرء عن التكلّم بشيء في اليوم كلّه وغير ذلك من البدع التي لم يردع عنه رادع ولم ينكره منكر قد أورثت الجرأة والتطاول ففي كل شهر من الشهور وفي كل سنة من السنين يظهر للنّاس نبيّ أو إمام جديد فترى الناس يخرجون من دين الله أفواجاً انتهى.

          وأقول: أنا الفقير لاحظ هذا القول وأنعم النظر فيه أنّه القول الصادر وعن عالم جليل واقف على ذوق الشريعة المقدسة واتجاهها في سننها وأحكامها وهو يبدي بوضوح مبلغ اهتمام هذا العالم الجليل بالأمر ويكشف عمّا يكظمه في الفؤاد من الكآبة والهم، فهو يعرف مساوئه وتبعاته على النّقيض من المحرومين عن علوم أهل البيت (عليهم السلام) المقتصرين على العلم بضغث من المصطلحات والالفاظ فهم لايعبأون بذلك ولايبالون بل تراهم بالعكس يصحّحونه ويصبّونه ويجرون عليه في الاعمال فيستفحل الخطب ويعاف كتاب (مصباح المتهجد) و(الاقبال) و(مهج الدعوات) و(جمال الاسبوع) و(مصباح الزائر) و(البلد الامين) و(الجنة الواقية) و(مفتاح الفلاح) و(المقباس) و(ربيع الاسابيع) و(التحفة) و(زاد المعاد)، ونظائرها فيستخلفها هذه المجاميع السخيفة فيدس فيها في (دعاء المجير) وهو دعاء من الادعية الماثورة المعتبرة الكلمة بعفوك في "سبعين" موضعاً فلم ينكرها منكر. و(دعاء الجوشن الكبير) الحاوي على مائة فصل يبدع لكلّ فصل من فصوله أثراً من الاثار ومع مابلغتنا من الدعوات المأثورة ذات المضامين السامية والكلمات الفصيحة البليغة يصاغ دعاء سخيف غاية السخف فيسمّى بدعاء الحُبّي فينزّل من شرفات العرش فيفتري له من الفضل مايدهش المرء ويبهته من ذلك والعياذ بالله: أن جبرائيل بلَّغ النبي محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلم) أن الله تعالى يقول: إني لاأعذب عبداً يجعل معه هذا الدعاء وإن استوجب النار وأنفق العمر كله في المعاصي ولم يسجد لي فيه سجدة واحدة إنني أمنحه أجر سبعين ألف نبيّ وأجر سبعين ألف زاهد وأجر سبعين ألف شهيد وأجر سبعين ألف من المصلّين وأجر من كسى سبعين ألف عريان وأجر من أشبع سبعين ألف جائع ووهبته من الحسنات عدد حصى الصحارى وأعطيته أجر سبعين الف بقعة من الأَرض وأجر خاتم النبوّة لنبينا (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأجر عيسى روح الله وإبراهيم خليل الله وأجر إسماعيل ذبيح الله وموسى كليم الله ويعقوب نبي الله وآدم صفيّ الله وجبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل والملائكة. يامحمد من دعا بهذا الدعاء العظيم (دعاء الحبّى) أو جعله معه غفرت له واستحييت أن أعذّبه... الخ.

          وجدير بالمرء أن يستبدل الضحك على هذه المفتريات الغريبة بالبكاء على كتب الشيعة ومؤلفاتهم، الكتب القيّمة التي بلغت الرتبة السامية ضبطاً وصحّة وإتقاناً فكانت لايستنسخها في الغالب إِلاّ رجال من أهل العلم والدين فيقابلونها بنسخ نسختها أيدي أهل العلم وصحّحها العلماء وكانوا يلمحون في الهامش إلى ماعساه يوجد من الاختلاف بين النسخ. ومن نماذج ذلك أنا نرى في دعاء مكارم الاخلاق كلمة: وبلّغ بإيماني، فيرد في الهامش أن في نسخة ابن اشناس: وأبلغ بإيماني، وفي رواية ابن شاذان: اللّهُمَّ أبلغْ إيماني.

          وقد نرى الاشارة إلى أنّ الكلمة وجدت بخط ابن سكون هكذا وبخط الشهيد هكذا فهذه هي المرتبة الرفيعة التي نالتها كتب الشيعة ضبطاً وإتقانا وهذا مبلغ مابذلوه من الجهد في مداقتها وتصحيحها والان نجدها قد عفيت وتركت فاستخلفها كتاب (مفتاح الجنان) الذي وقفت على نزر من صفتها فيكون هو الكتاب الوحيد الذي تتداوله الايدي ويرجع إليه العوام والخواص والعرب والعجم وماذلك إِلاّ لان أهل العلم والدين لايبالون بالاحاديث والروايات ولايراجعون كتب علماء أهل البيت الطَّاهرين وفقهائهم ولاينكرون على أشباه هذه البدع والزوائد وعلى دسّ الدسّاسين والوضّاعين وتحريف الجاهلين ولايصدون من لايرونه أهلاً ولا يردعون الحمقى فيبلغ الأمر حيث تلفق الادعية بما تقتضيه الاذواق أو يصاغ زيارات ومفجعات وصلوات ويطبع مجاميع عديدة من الادعية المدسوسة وينتج أفراخ بكتاب (المفتاح) وتعم المشكلة فيروج الدسّ والتحريف ونراهما يسيران من كتب الادعية إلى سائر الكتب والمؤلفات فتجد مثلا كتابي الفارسي المسمى (منتهى الامال) المطبوع حديثاً قد عبث فيه الكاتب بما يلائم ذوقه وفكره ومن نماذج ذلك ان الكاتب دسّ كلمة (الحمد لله) في أربعة مواضع خلال سطرين من الكتاب فقد كتب في حال مالك بن يسر اللعين: أنّه قد شُلت يداه بدعاء الحسين (عليه السلام) (الحمد لله) فكانتا في الصيف كخشبتين يابستين (الحمد لله) وفي الشتاء يتقاطر منهما الدم (الحمد لله) فكان عاقبة أمره خسراً (الحمد لله)، ودس أيضاً في بعض المواضع كلمة السيدة (خانم) عقيب اسم زينب وأُم كلثوم تجليلاً لهما واحتراما وكأنّ الكاتب معادياً لحميد بن قحطبة فحرف اسمه إلى حميد بن ..... ثم احتاط‍ احتياطاً فأشار في الهامش إلى أن في بعض النّسخ حميد بن قحطبة واستصوب أن يكتب الاسم عبد الله عوض عبد ربّه والاسم زحر بن القيس وهو بالحاء المهملة التزم أن يسجله بالجيم أينما وجده وخطأ كلمة أُمّ سلمة فسجلها أمّ السّلمة ماوسعه ذلك،

          والغاية التي توخيتها بعرض هذه النماذج من التحريف هي بيان أمرين:

          أولاً فلاحظ هذا الكاتب انه لم يجرِ ماأجراه من الدّس والتحريف إِلاّ وهو يزعم بفكره وذوقه أنّ في الكتاب نقصاً يجب أن يزال وليس النقص والوهن إِلاّ ما يجريه من التحريف فلنقس على ذلك الزيادات التي يبعثنا الجهل على اضافتها إلى الادعية والزيارات والتغييرات والتصرفات التي تقتضيها طباعنا وأذواقنا الناقصة زعما أنّها تزيد الادعية والزيارات كمالاً وبهاءً وهي تنتزع منه الكمال والبهاء وتسلبها الاعتبار عند أهلها العارفين.

          فالجدير أن نتحافظ على نصوصها المأثورة فيجزي عليها لانزيد فيها شَيْئاً ولانحرف منها حرفاً ولنلاحظ ثانياً الكتاب الذي تكلمنا عنه أنّه كتاب لمؤلف حي يراقب كتابه ويترصّد له يجري فيه من التّحريف والتّشويه نظائر ماذكرت فكيف القياس في سائر الكتب والمؤلفات وكيف يجوز الاعتماد على الكتب المطبوعة إِلاّ إذا كانت من المؤلفات المشهورة للعلماء المعروفين وعرضت على علماء الفن فصدّقوها وأمضوها.

          وقد روي في ترجمة الثقة الجليل الفقيه المقدّم في أصحاب الأئمة (عليهم السلام) يونس بن عبد الرحمن أنّه كان قد عمل كتاباً في أعمال اليوم والليلة فعرضه أبو هاشم الجعفري على الإمام العسكري (عليه السلام) فتصّفحه (عليه السلام) كله ثم قال: هذا ديني ودين آبائي كلّه وهو الحقّ كله.

          فهذا أبو هاشم الجعفري أراد الجري على كتاب يونس فلم يعتمد على سعة علم يونس وفقاهته وجلاله والتزامه بدينه حتّى عرض الكتاب على الإمام (عليه السلام) واستعلم رأيه فيه. وروي أيضاً عن بورق الشنجاني الهروي وكان معروفاً بالصدق والصلاح والورع أنه وافى الإمام العسكري (عليه السلام) في سامراء وعرض عليه كتاب اليوم والليلة الذي ألفه الشيخ الجليل فضل بن شاذان وقال: جعلت فداك أردت أن تطالع هذا الكتاب وتصفّحه قال (عليه السلام): هذا صحيح ينبغي أن نعمل به. إلى غير ذلك من الروايات في هذا الباب وإنّي قد قدمت على تأليف هذا الكتاب وإنّي واقف على طباع الناس في هذا العصر وعدم اهتمامهم لنظائر هذه الامور وإنما ألفته إتماما للحجّة عليهم فجددت واجتهدت في أخذ الادعية والزيارات الواردة في هذا الكتاب عن مصادرها الاصيلة وعرضها على نسخ عديدة كما بذلت أقصى الجهد في تصحيحها واستخلاصها من الاخطاء كي يثق به العامل ويسكن إليه إن شاء الله ولكن الشرط هو أن لا يحرّفه الكاتب والمستنسخ وأن يتخلّى القاري عمّا يقتضيه طبعه وذوقه من التغيير.

          وروى الكليني (رضي الله عنه) عن عبد الرحمن القصير قال: دخلت على الصادق (صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ) فقلت: جعلت فداك إنّي اخترعت دعاءً.

          قال: دعني من اختراعك. فأعرض (عليه السلام) عن اختراعه ولم يسمح أن يعرض عليه. ثم أنعم عليه بتعليمه عملاً ينبغي أن يؤدّيه.

          وروى الصدوق عطر الله مرقده عن عبد الله بن سنان قال: قال الصادق (عليه السلام): سيصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يُرى ولا إمام هدى ولا ينجو منها إِلاّ من دعا بدعاء الغريق. قلت: وكيف دعاء الغريق ؟ قال: تقول: « ياالله يارَحْمنُ يارَحِيمُ يامُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلى دِينِكَ. فقلت: يامُقَلِّبَ القُلُوبِ وَالاَبْصارِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلى دِينِكَ ».فقال: إن الله عزَّ وجلَّ مقلب القلوب والابصار، ولكن قل كما أقول: «يامُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلى دِينِكَ» .

          وحسب العابثين بالدعوات إضافةً وتحريفاً بما تقتضيه أذواقهم وطبائعهم التأمّل في هاتين الروايتين والله العاصم.
          التعديل الأخير تم بواسطة محب الامام علي; الساعة 12-05-2013, 03:22 PM.

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
          x
          يعمل...
          X