في رحاب الإمام الكاظم عليه السلام
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
الناشر: دار المحجة البيضاء بيروت لبنان.
الطبعة الأولى سنة 2005
عدد الصفحات: 176
قسم الكتاب إلى عدة أبواب، جاء في أولهاالتقديم بعنوان "بين يدي القارئ والقارئة"، وهو توضيح عن سبب إصدار الكتابالذي بين أيدينا: ولان الفئة المخاطبة به هي الفئة الشابة، وهم يقبلون على الكتاب الصغيرحجما، أكثر من إقبالهم على كبير، ومنها انه ومن خلال هذا الجمع سيتم الإحاطة بحياةالمعصوم من جهات متعددة. فلكل هذه الأمور، تم تنسيق الكتابين بهذا النحو.
وفي الموجز عن حياة الإمام الكاظم عليهالسلام، فقد قسم المؤلف حياة الإمام عليه السلام إلى مرحلتين. الأولى وكانت خلال حياةوالده الإمام الصادق عليه السلام، أي خلال السنين العشرين الأولى من عمره الشريف، حيثكان ضمن تلك الدائرة العلمية العظيمة التي قد بدأها والده الصادق عليه السلام. والمرحلةالثانية تبدأ من حين استلامه لمقاليد الإمامة، عندما تصاعد الوضع السياسي، أيام المنصورالعباسي. ولقد عاصر الإمام عليه السلام كل من، المنصور والمهدي والهادي والرشيد، منخلفاء بني العباس. وروى عنه حوالي 319 رويا وفقيها، كان منهم فحول الفقه والمعرفة مثل،يونس بن عبدالرحمن وهشام بن الحكم. كما كان لديه من أصحابه من كان في مرتبة وزير ديوانالحاكم، وهو علي بن يقطين. وأخيرا توجت مواجهة العباسيون للإمام الكاظم عليه السلام،بالسجن لفصله عن أتباعه والضغط عليه، ومن ثم قتله في السجن.
بعد ذلك بابان لكل منهما عنوان مختلف، الأول"رجال حول الإمام الكاظم عليه السلام"، ويضم خمس شخصيات رجالية، كانوا يهتدونبهديه، ويقتفون أثره. أولهم كان بهلول بن عمر الصيرفي المتوفى سنة 195 هجرية، وكانمعاصرا لأيام خلافة هارون الرشيد. وكان عالما مشهودا له بالفضيلة والعلم بين الناس،لذا طلب منه هارون الرشيد استلام منصب القضاء، رغم انه لم يكن يريد تصفيته، بل كانيريد تصفية الإمام الكاظم عليه السلام، عبر فتوى يصدرها بهلول. وفي صباح اليوم التاليوصل الخبر إلى قصر الخلافة، بأن بهلول بن عمر الصيرفي صاحب الإمام الكاظم عليه السلامأصيب بالجنون! فاعترضت وجه هارون ابتسامة غامضة وقال: "ما جن بهلول ... ولكنهفر بدينه منا". فلقد كان جنونه أسلوبا، وأسماله الرثة تفرضها طبيعة الدور. فاستخدمالأسلوب خير استخدام، لنشر أفكاره ومعارفه.
والشخصية الثانية كان من أوثق الناس عندالخاصة والعامة، وأنسكهم نسكا واعبدهم وأورعهم، وكان واحد زمانه في الأشياء كلها: محمدبن أبي عمير الأزدي، المتوفى سنة 217 هجرية. اشتهر انه ألف 94 كتابا في فروع العلموالعقائد، بقي منها 17 كتابا. استدعاه هارون الرشيد، وطلب منه الكشف عن أسماء شيعةالإمام الكاظم عليه السلام. فسجن وعذب عذابا شديدا، وبقي في السجن مدة من الزمن، حتىاشترى مدة سجنه بمبلغ 121 ألف درهم.
ومن الشخصيات التي كانت تدور في فلك الإمامالكاظم عليه السلام، الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الإمام الحسن السبط عليه السلام،شهيد فخ سنة 169 هجرية. أبنه الإمام الكاظم عليه السلام، لما رأى رأسه في مجلس موسىبن عيسى القائد العباسي، قائلا: إنا لله وإنا إليه راجعون، مضى والله مسلما صالحا صواماقواما ناهيا عن المنكر، ما كان في أهل بيته مثله.
وفارسنا التالي من رجال حول الإمام الكاظمعليه السلام، الخليل بن احمد الفراهيدي، وهو من وضع أوزان الشعر العربي، عاش من101 إلى 175 هجرية. وهو مؤسس كتاب العين الذي يحصر لغة امة من الأمم. وقد فرع على طريقةالحصر العقلي، حتى تناول 12,305,406 كلمة، وانه ألف كتابه المذكور على ترتيب الحروفإذا اجتمعت ثنائيا أو ثلاثيا أو رباعيا أو خماسيا، سواء المهمل أو المستعمل. إضافةإلى أقواله المتفرقة، فله كتاب في الإمامة.
وفي آخر الباقة الملتفة حول الإمام الكاظمعليه السلام، يأتي علي بن يقطين البغدادي. وكان يقطين البغدادي والده من دعاة العباسيين،وعند تولي أبوالعباس السفاح الخلافة أصبح يقطين وزيرا للبلاط، وهكذا وجد علي بن يقطينطريقه إلى الوزارة أيام هارون الرشيد. لكنه جد علي نفسه أمام تحديين خطيرين، فهو ببقائهفي بلاط هارون سيكون شريكا في الدماء العلوية التي تسفك، وتركه لهذا الموقع يعني تحولهإلى المعارضة. لذلك كتب إلى قائده وإمامه موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام، يستأذنهفي الاستقالة من عمله. فجاء الجواب: لا تفعل فإن لنا بك أنسا، ولإخوانك بك عزا، وعسىالله أن يجبر بك كيدا أو يكيد بك نائرة المخالفين عن أوليائه، يا علي كفارة أعمالكالإحسان إلى أخوانك.
أما الباب التالي فكان ل"نساء حولالإمام الكاظم عليه السلام" وهو الدوحة المقابلة لتعتدل بها كفتي الميزان، ويأخذالنساء حقهن من الفضل.
ونبدأ هنا بمن أحبها أهل مصر، ورفضوا طلبزوجها - إسحاق بن الإمام جعفر الصادق عليه السلام - نقلها عند موتها إلى مدينة جدهالتدفن بجنب أمهاتها وجداتها العلويات والفاطميات، ودفنها عندهم لتكون محطة لذوي الحاجات،ومكان يتقرب فيه المؤمنون إلى الله، ومزار محبة تهفو إليه قلوب محبي أهل البيت وأوليائهم،ونقطة دفع للبلاء عن أهل تلك المنطقة. إنها نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن المجتبىعليه السلام، توفيت بمصر سنة 208 هجرية. جاءت إلى مصر لتصالح بين اتجاهين، فتكمل علمالعلماء بعبادة الزهاد، حتى لا يذبح الثائرون بسيف فتواهم. وتصحح عبادة الزهاد والسالكين،بضياء الوعي والمعرفة. جاءت للفقراء والزمنى بمال كثير، وبدأت تنفقه عليهم. جاءت ومعهامخزون علمي كبير، فوجد العلماء فيها ضالتهم، وبدؤوا يتسابقون إلى الوفود عليها والانتهالمن علمها، فكان من بين الوافدين إمام المذهب الشافعي - محمد بن إدريس -. فكما كانتتعطر الأجواء بنور علمها، فقد كانت تعبد الله منقطعة إليه سبحانه.
أما الوردة الثانية التي نقطفها من هذاالبستان المحمدي الأصيل، فكانت من نصيب أم احمد بن موسى، زوج الإمام الكاظم عليه السلام.فهي أم ولد، أي جاري ليست عربية توفيت سنة 183 هجرية. ولكن ذلك لم يمنعها من أن تكونالمفضلة عند الإمام الكاظم عليه السلام، حتى أودعها مواريث الإمامة، عندما اخذ إلىالسجن. ولم يمنعها كونها امرأة أولا، وأمة ثانيا، أن يكون ابنها احمد كريما جليلا ورعا،مما جعل أبوالحسن الإمام الكاظم عليه السلام، يحبه ويقدمه ويهبه ضيعته المعروفة باليسيرة.
وجاءت بعدها في ترتيب السيدات الفاضلات،السيدة سعيدة بنت أبي عمير الأزدي، أخت محمد بن عمير الازدي، العالم الجليل. الذي كانمن أوثق الناس عند الخاصة والعامة، وأنسكهم واورعهم واعبدهم. وكان من المقرر عند أعوانالسلطة أن يتم إعدام كتب العلم والروايات وفقه إهل البيت عليهم السلام بعد اعتقال مصنفهاوراويها، أخيها ابن أبي عمير. هنا تحركت السيدة (سعيدة) وربما كانت (منة) معها، فقامتبجمع كتب أخيها ومصنفاته، وكذا الكتب التي أخذها عن أساتذته المائة من أصحاب الإمامالصادق عليه السلام، ودفنتها تحت الأرض لكيلا يعثروا عليها. كما كانت من أصحاب الإمامالصادق عليه السلام، وقد نقل عنها الشيخ الطوسي في مجال الفقه رواية عنها في باب النكاح،ترتبط بأمر المصافحة.
والمرأة الرابعة وقبل الأخيرة في السلسلةالمباركة من نساء حول الإمام الكاظم عليه السلام، هي شطيطة النيسابورية. امرأة ترىنفسها مخاطبة بالإحكام الشرعية على حد مخاطبة الرجال، ولا تستثني نفسها من المسؤولية،وكانت على ذلك على قدر عال من الإخلاص والنية الصادقة. أرسلت إلى الإمام عليه السلامدرهم صحيح وشقة خام تساوي أربعة دراهم، وقالت ما يستحق علي في مالي غير هذا. فستلمالإمام عليه السلام ما أرسلت، فجعل الشقة في أكفانه، وبعث لها من أكفان أهل البيت لتجعلهافي كفنها، وأربعين درهما. وقال لها: ستعيشين تسع عشرة ليلة من وصول هذا الكفن وهذهالدراهم، فانفقي منها ستة عشر درهما، وجعلي أربعة وعشرين صدقة عنك وما يلزم عليك.
والوردة الأخيرة كانت حميدة بنت صاعد (المصفاة)،أم الإمام الكاظم عليه السلام، قال عنها الإمام الصادق عليه السلام "حميدة مصفاةمن الأدناس كسبيكة الذهب، ما زالت الأملاك تحرسها حتى أديت إلى، كرامة من الله لي وللحجةمن بعدي". وهي جارية اشتراها الإمام الصادق عليه السلام، وكانت عنده بملك اليمين،أنجبت له عدد من الأولاد، وكان أفضلهم الإمام الكاظم عليه السلام. استوعبت من حياةالأئمة ما استطاعت، وشاءت لها كرامة الله أن تكون في بيت مركز الدائرة والمعرفة، وحامللواء العلم النبوي، فعبت ونهلت من ذلك المعين الصافي، ولذلك كان الإمام يحيل لها المسائلالتي ترتبط بالنساء. كما كانت نموذجا لعلاقة الحماة والزوجة، فقد باشرت تربية الجاريةالتي شاء لها سعد حظها وحسن توفيقها، أن تكون زوجة الإمام الكاظم ووالدة الإمام الرضاعليهما السلام. ومبعوثة الإمام في الحقوق الاجتماعية، فتقوم بزيارات اجتماعية، تقضيفيها حقوق أهل المدينة، في تعزية هذه العائلة، وفي المشاركة في أفراح تلك العائلة.
وفي أخر الكتاب الذي بين أيدينا تأتي ثلاثقوائم هي كالتالي: المصادر، والمحتويات، وآخرها قائمة تضم 19 كتابا صدرت للمؤلف.
بقلم: حسين نوح مشامع - عضو مركز آفاق للدراساتوالبحوث
حسين نوح مشامع
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
الناشر: دار المحجة البيضاء بيروت لبنان.
الطبعة الأولى سنة 2005
عدد الصفحات: 176
قسم الكتاب إلى عدة أبواب، جاء في أولهاالتقديم بعنوان "بين يدي القارئ والقارئة"، وهو توضيح عن سبب إصدار الكتابالذي بين أيدينا: ولان الفئة المخاطبة به هي الفئة الشابة، وهم يقبلون على الكتاب الصغيرحجما، أكثر من إقبالهم على كبير، ومنها انه ومن خلال هذا الجمع سيتم الإحاطة بحياةالمعصوم من جهات متعددة. فلكل هذه الأمور، تم تنسيق الكتابين بهذا النحو.
وفي الموجز عن حياة الإمام الكاظم عليهالسلام، فقد قسم المؤلف حياة الإمام عليه السلام إلى مرحلتين. الأولى وكانت خلال حياةوالده الإمام الصادق عليه السلام، أي خلال السنين العشرين الأولى من عمره الشريف، حيثكان ضمن تلك الدائرة العلمية العظيمة التي قد بدأها والده الصادق عليه السلام. والمرحلةالثانية تبدأ من حين استلامه لمقاليد الإمامة، عندما تصاعد الوضع السياسي، أيام المنصورالعباسي. ولقد عاصر الإمام عليه السلام كل من، المنصور والمهدي والهادي والرشيد، منخلفاء بني العباس. وروى عنه حوالي 319 رويا وفقيها، كان منهم فحول الفقه والمعرفة مثل،يونس بن عبدالرحمن وهشام بن الحكم. كما كان لديه من أصحابه من كان في مرتبة وزير ديوانالحاكم، وهو علي بن يقطين. وأخيرا توجت مواجهة العباسيون للإمام الكاظم عليه السلام،بالسجن لفصله عن أتباعه والضغط عليه، ومن ثم قتله في السجن.
بعد ذلك بابان لكل منهما عنوان مختلف، الأول"رجال حول الإمام الكاظم عليه السلام"، ويضم خمس شخصيات رجالية، كانوا يهتدونبهديه، ويقتفون أثره. أولهم كان بهلول بن عمر الصيرفي المتوفى سنة 195 هجرية، وكانمعاصرا لأيام خلافة هارون الرشيد. وكان عالما مشهودا له بالفضيلة والعلم بين الناس،لذا طلب منه هارون الرشيد استلام منصب القضاء، رغم انه لم يكن يريد تصفيته، بل كانيريد تصفية الإمام الكاظم عليه السلام، عبر فتوى يصدرها بهلول. وفي صباح اليوم التاليوصل الخبر إلى قصر الخلافة، بأن بهلول بن عمر الصيرفي صاحب الإمام الكاظم عليه السلامأصيب بالجنون! فاعترضت وجه هارون ابتسامة غامضة وقال: "ما جن بهلول ... ولكنهفر بدينه منا". فلقد كان جنونه أسلوبا، وأسماله الرثة تفرضها طبيعة الدور. فاستخدمالأسلوب خير استخدام، لنشر أفكاره ومعارفه.
والشخصية الثانية كان من أوثق الناس عندالخاصة والعامة، وأنسكهم نسكا واعبدهم وأورعهم، وكان واحد زمانه في الأشياء كلها: محمدبن أبي عمير الأزدي، المتوفى سنة 217 هجرية. اشتهر انه ألف 94 كتابا في فروع العلموالعقائد، بقي منها 17 كتابا. استدعاه هارون الرشيد، وطلب منه الكشف عن أسماء شيعةالإمام الكاظم عليه السلام. فسجن وعذب عذابا شديدا، وبقي في السجن مدة من الزمن، حتىاشترى مدة سجنه بمبلغ 121 ألف درهم.
ومن الشخصيات التي كانت تدور في فلك الإمامالكاظم عليه السلام، الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الإمام الحسن السبط عليه السلام،شهيد فخ سنة 169 هجرية. أبنه الإمام الكاظم عليه السلام، لما رأى رأسه في مجلس موسىبن عيسى القائد العباسي، قائلا: إنا لله وإنا إليه راجعون، مضى والله مسلما صالحا صواماقواما ناهيا عن المنكر، ما كان في أهل بيته مثله.
وفارسنا التالي من رجال حول الإمام الكاظمعليه السلام، الخليل بن احمد الفراهيدي، وهو من وضع أوزان الشعر العربي، عاش من101 إلى 175 هجرية. وهو مؤسس كتاب العين الذي يحصر لغة امة من الأمم. وقد فرع على طريقةالحصر العقلي، حتى تناول 12,305,406 كلمة، وانه ألف كتابه المذكور على ترتيب الحروفإذا اجتمعت ثنائيا أو ثلاثيا أو رباعيا أو خماسيا، سواء المهمل أو المستعمل. إضافةإلى أقواله المتفرقة، فله كتاب في الإمامة.
وفي آخر الباقة الملتفة حول الإمام الكاظمعليه السلام، يأتي علي بن يقطين البغدادي. وكان يقطين البغدادي والده من دعاة العباسيين،وعند تولي أبوالعباس السفاح الخلافة أصبح يقطين وزيرا للبلاط، وهكذا وجد علي بن يقطينطريقه إلى الوزارة أيام هارون الرشيد. لكنه جد علي نفسه أمام تحديين خطيرين، فهو ببقائهفي بلاط هارون سيكون شريكا في الدماء العلوية التي تسفك، وتركه لهذا الموقع يعني تحولهإلى المعارضة. لذلك كتب إلى قائده وإمامه موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام، يستأذنهفي الاستقالة من عمله. فجاء الجواب: لا تفعل فإن لنا بك أنسا، ولإخوانك بك عزا، وعسىالله أن يجبر بك كيدا أو يكيد بك نائرة المخالفين عن أوليائه، يا علي كفارة أعمالكالإحسان إلى أخوانك.
أما الباب التالي فكان ل"نساء حولالإمام الكاظم عليه السلام" وهو الدوحة المقابلة لتعتدل بها كفتي الميزان، ويأخذالنساء حقهن من الفضل.
ونبدأ هنا بمن أحبها أهل مصر، ورفضوا طلبزوجها - إسحاق بن الإمام جعفر الصادق عليه السلام - نقلها عند موتها إلى مدينة جدهالتدفن بجنب أمهاتها وجداتها العلويات والفاطميات، ودفنها عندهم لتكون محطة لذوي الحاجات،ومكان يتقرب فيه المؤمنون إلى الله، ومزار محبة تهفو إليه قلوب محبي أهل البيت وأوليائهم،ونقطة دفع للبلاء عن أهل تلك المنطقة. إنها نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن المجتبىعليه السلام، توفيت بمصر سنة 208 هجرية. جاءت إلى مصر لتصالح بين اتجاهين، فتكمل علمالعلماء بعبادة الزهاد، حتى لا يذبح الثائرون بسيف فتواهم. وتصحح عبادة الزهاد والسالكين،بضياء الوعي والمعرفة. جاءت للفقراء والزمنى بمال كثير، وبدأت تنفقه عليهم. جاءت ومعهامخزون علمي كبير، فوجد العلماء فيها ضالتهم، وبدؤوا يتسابقون إلى الوفود عليها والانتهالمن علمها، فكان من بين الوافدين إمام المذهب الشافعي - محمد بن إدريس -. فكما كانتتعطر الأجواء بنور علمها، فقد كانت تعبد الله منقطعة إليه سبحانه.
أما الوردة الثانية التي نقطفها من هذاالبستان المحمدي الأصيل، فكانت من نصيب أم احمد بن موسى، زوج الإمام الكاظم عليه السلام.فهي أم ولد، أي جاري ليست عربية توفيت سنة 183 هجرية. ولكن ذلك لم يمنعها من أن تكونالمفضلة عند الإمام الكاظم عليه السلام، حتى أودعها مواريث الإمامة، عندما اخذ إلىالسجن. ولم يمنعها كونها امرأة أولا، وأمة ثانيا، أن يكون ابنها احمد كريما جليلا ورعا،مما جعل أبوالحسن الإمام الكاظم عليه السلام، يحبه ويقدمه ويهبه ضيعته المعروفة باليسيرة.
وجاءت بعدها في ترتيب السيدات الفاضلات،السيدة سعيدة بنت أبي عمير الأزدي، أخت محمد بن عمير الازدي، العالم الجليل. الذي كانمن أوثق الناس عند الخاصة والعامة، وأنسكهم واورعهم واعبدهم. وكان من المقرر عند أعوانالسلطة أن يتم إعدام كتب العلم والروايات وفقه إهل البيت عليهم السلام بعد اعتقال مصنفهاوراويها، أخيها ابن أبي عمير. هنا تحركت السيدة (سعيدة) وربما كانت (منة) معها، فقامتبجمع كتب أخيها ومصنفاته، وكذا الكتب التي أخذها عن أساتذته المائة من أصحاب الإمامالصادق عليه السلام، ودفنتها تحت الأرض لكيلا يعثروا عليها. كما كانت من أصحاب الإمامالصادق عليه السلام، وقد نقل عنها الشيخ الطوسي في مجال الفقه رواية عنها في باب النكاح،ترتبط بأمر المصافحة.
والمرأة الرابعة وقبل الأخيرة في السلسلةالمباركة من نساء حول الإمام الكاظم عليه السلام، هي شطيطة النيسابورية. امرأة ترىنفسها مخاطبة بالإحكام الشرعية على حد مخاطبة الرجال، ولا تستثني نفسها من المسؤولية،وكانت على ذلك على قدر عال من الإخلاص والنية الصادقة. أرسلت إلى الإمام عليه السلامدرهم صحيح وشقة خام تساوي أربعة دراهم، وقالت ما يستحق علي في مالي غير هذا. فستلمالإمام عليه السلام ما أرسلت، فجعل الشقة في أكفانه، وبعث لها من أكفان أهل البيت لتجعلهافي كفنها، وأربعين درهما. وقال لها: ستعيشين تسع عشرة ليلة من وصول هذا الكفن وهذهالدراهم، فانفقي منها ستة عشر درهما، وجعلي أربعة وعشرين صدقة عنك وما يلزم عليك.
والوردة الأخيرة كانت حميدة بنت صاعد (المصفاة)،أم الإمام الكاظم عليه السلام، قال عنها الإمام الصادق عليه السلام "حميدة مصفاةمن الأدناس كسبيكة الذهب، ما زالت الأملاك تحرسها حتى أديت إلى، كرامة من الله لي وللحجةمن بعدي". وهي جارية اشتراها الإمام الصادق عليه السلام، وكانت عنده بملك اليمين،أنجبت له عدد من الأولاد، وكان أفضلهم الإمام الكاظم عليه السلام. استوعبت من حياةالأئمة ما استطاعت، وشاءت لها كرامة الله أن تكون في بيت مركز الدائرة والمعرفة، وحامللواء العلم النبوي، فعبت ونهلت من ذلك المعين الصافي، ولذلك كان الإمام يحيل لها المسائلالتي ترتبط بالنساء. كما كانت نموذجا لعلاقة الحماة والزوجة، فقد باشرت تربية الجاريةالتي شاء لها سعد حظها وحسن توفيقها، أن تكون زوجة الإمام الكاظم ووالدة الإمام الرضاعليهما السلام. ومبعوثة الإمام في الحقوق الاجتماعية، فتقوم بزيارات اجتماعية، تقضيفيها حقوق أهل المدينة، في تعزية هذه العائلة، وفي المشاركة في أفراح تلك العائلة.
وفي أخر الكتاب الذي بين أيدينا تأتي ثلاثقوائم هي كالتالي: المصادر، والمحتويات، وآخرها قائمة تضم 19 كتابا صدرت للمؤلف.
بقلم: حسين نوح مشامع - عضو مركز آفاق للدراساتوالبحوث
حسين نوح مشامع
تعليق