إيمانُ الشيِّعةِ كُفرٌ عند الوهابيَّة
================
إشكاليَّةُ التفكير والتكفير
============
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاةُ والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
تمهيدٌ مفاهيمي
=========
إنَّ التفكيرَ هو عبارة عن نشاط أو جهد عقلاني وذهني يبذله الإنسان المُفكِّر في موضوعٍ ما
ولهدفٍ محدد كالفهم أو الحكم أو حل إشكاليَّة ما
سالكاً سُبلاً ومعايير سليمة مُتسالمٌاً عليها ليصلَ إلى نتيج صحيح عقلاً ومُنطَبِقا
وبخلاف ذلك لايعد الإنسانُ مُفكِّراً بل يُعتبرُ مُتخبِّطا كالذي مسّه الخبال
لذا حينما لايسلك الإنسان المُفكّر السبل الصحيحة عقلائيا ومعرفيا
في نمطية تفكيره فيقيناً سيقع في الخطأ سلوكاً ونتاجا وحتى حكماً.
وسيصل إلى نتائج وأحكام وتعميمات وتوصيفات فاسدة وغير مقبولة عند أهل الفكر المستقيم
ولكي يكون لون التفكير لوناً منتجاً ومقبولاً عقلائيا أو عقليا أو شرعيا
يجب أن ينطلق بنشاطه وإستكشافه من المبادىء التصورية الصحيحة المُخَّزنة في ذهنه والحاضرة في وعيه وإدراكه
إلى المطالب المُتوقّع الوصول إليها بالعلم بها أو التعرف عليها أوأدراكها بأي سببٍ صحيح معرفيا .
هذا ماعرفه المسلمون قديماً والغرب حديثاً والذي يُسمى عندنا بنظرية المعرفة
وعند الغرب ب (الأبستمولوجيا )
و (بالإنجليزية: Epistemology)
وهي فرع من فروع الفلسفة تهتم بطبيعة ومجال المعرفة البشرية وتحاول الإجابة عن الأسئلة التالية
ما هي المعرفة؟
كيف يمكن إمتلاك المعرفة؟
وما هو مدى المعرفة بموضوع ما ؟
يركز البحث والنقاش في هذا المجال على تحليل طبيعة المعرفة ومدى إرتباطها بمفاهيم الحقيقة والإيمان والتبرير :
وقد اهتم العديد من العلماء المسلمين بنظريات المعرفة
ومن أشهرهم أبن سينا وأبن رشد والأشاعرة والمعتزلة والغزالي وغيرهم.
وقد قسّموا القضايا إلى عدة أقسام
منها محل الشاهد
هي
القضايا الأولية: التي نُسلمِّ بها وبصدقها ويقينها ولا نكتسبها ولا تحتاج لبرهان
والقضايا المقبولة: وهي الأحكام التي يكون عليها إجماع
و البراهين والاستدلالات: وهي المعرفة التي تُستنتج من خلال استعمال الملكة الفكرية.
انظر: ويكيبيديا :الموسوعة الحرة : مفهوم الأبستمولوجيا:
: محور البحث :
========
إذا ما أردنا أن نسلك سبل ومناهج المعرفة البشرية المتفق عليها بين العقلاء
كالإنتقال من المعارف والقضايا الأولية والمقبولة والمُجمعِ عليها بإستعمال ملكة التفكير السليم
والتي تتمثل في بحثنا هذا بالمبادىء التصورية للعلم والموضوع المبحوث
إلى مطلوبنا في البحث
كماهو العنوان أعلاه (إيمان الشيعة كفرٌٌ عند الوهابية إشكاليّة التفكير والتكفير)
نجد إنَّ اللغة العربية هي من جملة ما أتفقتْ عليه المعرفة الإسلامية
ونظريتها في بيان المفاهيم وجذورها اللفظية والإستعمالية
فمثلاً إنَّ معنى الكفر لغةً هو الستر والتغطيّة
ورجل كافر: هو الجاحد لأَنْعُمِ الله، مشتق من السَّتْر
وقيل: لأَنه مُغَطًّى على قلبه.
وقال ابن دريد: كأَنه فاعل في معنى مفعول، والجمع كُفَّار وكَفَرَة وكِفارٌ
:لسان العرب:أبن منظور الأفريقي:مادة كفر:
وإذا رجعنا إلى المعنى الإصطلاحي للكفر
نجده هو إنتحال دينٍ غير الإسلام أو إنتحال الإسلام
وجُحدُ ما يُعلم أنه من الدين الإسلامي بحيث يرجع جحده إلى إنكار الإسلام رسالة وديناً من أصل
أو هو ما يُضاد الإيمان من الأقوال والأفعال والإعتقادات
على تعريف العامة بحسب ما ذكره أبن تيميّة .
وأما الإيمان فهو ضد الكفر ويعني التصديق بأصول الدين الإسلامي وتطبيق فروعه
وعلى أساس أوليَّة ومقبولية مفهوم الكفر لغة وإصطلاحاً
فلا يمكن تكفير الشيعة
توصيفاً وإعتقادا ذلك لمباينة واقعهم التأريخي والمعاصر لما يُتّهمون به .
وإنَّ هذه المفاهيم المُتفقُ عليها لغة وإصطلاحاً نجدها أيضا عند أبن حزم
و مُؤسِّس حركة التكفير الضالة في أوساط المسلمين
: أبن تيمية: والذي قال بخصوص بيان مفهوم الكفر إعتقاداً ما نصه
(الكفر: عدم الإيمان -باتفاق المسلمين- سواء اعتقد نقيضه وتكلم به، أو لم يعتقد شيئاً ولم يتكلم )
: مجموع الفتاوى: أبن تيمية 20ج:ص86:
(إنَّما الكفر يكون بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخُبِرَ به، أو الامتناع عن متابعته مع العلم بصدقه، مثل كفر فرعون واليهود ونحوهم)
: درء تعارض العقل والنقل:أبن تمية: ج1:ص242
وقال أبن تيمية أيضاً:
(فتكذيب الرسول كفر، وبغضه وسبه وعداوته مع العلم بصدقه في الباطن كفر عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة أهل العلم)
: منهاج السنة:أبن تيمية:ج 5:ص251
وقال أيضاً
(والكفر تارة يكون بالنظر إلى عدم تصديق الرسول والإيمان به
وتارة بالنظر إلى عدم الإقرار بما أخبر به )
:مجموع الفتاوى:أبن تيمية:ج7:ص533:
وأما أبن حزم – فقال - في تعريف الكفر:
(وهو في الدين صفة من جحد شيئاً مما افترض الله تعالى الإيمان به بعد قيام الحجة عليه ببلوغ الحق إليه بقلبه دون لسانه، أو بلسانه دون قلبه
أو بهما معاً
أو عمل عملاً جاء النص بأنه مخرج له بذلك عن اسم الإيمان)
: الإحكام:أبن حزم:ج 1ص45
وعلى أساس تلك المبادىء التصورية لمفهوم الكفر التي قدّمها أبن تيمية وأبن حزم
يظهر أنَّ لمفهوم الكفر تمثلات تارة قد يكون تكذيباً في القلب وأخرى قد يكون عملاً قلبياً
مثل بغض الله تعالى، أو آياته، أو رسوله صلى الله عليه وأله وسلم
وقد يكون قولاً باللسان، مثل سب الله تعالى، أو سب رسوله، أو الاستهزاء بدينه وشرعه
.
وقد يكون عملاً ظاهراً كالسجود للصنم، وغير ذلك
وكلُّ ذلك الشيعةُ منه براء ومُنزَهةٌ
وهنا يرد سؤال معرفي أبستمولوجي
وهو
من هو الكافر فعلاً ومُنطبقا ؟
هل هو من تلبس بالكفر فعلاً
أم من نُقِل عنه أنه كافر
أو وصِّفَ بذلك توصيفا
بمعزل عن واقعه الذي هو عليه
لأنَّ الشيعة لم تتلبس بالكفر واقعاً وفعلاً أبدا
بل نُقِلَ عنها أنها فرقة كافرة كما
زعم أبن تيمية في أغلب كتبه الإعتقادية.
وفرقٌ بين الوصف المُطلق بالكفر وتعيينه مصداقا
وإنَّ الوهابية قد خلطوا بين تعريف الكافر مفهوماً وتعيينه مصداقاً
في حين أنَّ للتكفير شروطاً وموانع بحسب زعم شيخهم أبن تيمية
والذي قال مانصه
(إنَّ التكفير له شروط وموانع
قد تنتفي في حق المُعيَّن
وإنَّ تكفير المُطلق لا يسلتزم تكفير المُعين
إلا إذا وجدتْ الشروط وانتفتْ الموانع)
: مجموع الفتاوى:أبن تيمية:ج 12:ص487
ويقول أيضاً:
(ومَن ثبتَ إسلامه بقين لم يزل ذلك عنه بالشك
بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة)
:مجموع الفتاوى:أبن تيمية :12ج:ص466
إنَّ أبن تيمية وإنَّ كّفرَ الشيعة مذهبا وإعتقاداً وأباح قتلهم ودمهم
وقال
( والله يعلم وكفى بالله عليماً، ليس في جميع الطوائف المنتسبة إلى الإسلام مع بدعة وضلالة شر منهم: لا أجهل، ولا أكذب، ولا أظلم ولا أقرب إلى الكفر والفسوق والعصيان، وأبعد عن حقائق الإيمان
وهؤلاء الرافضة: إما منافق، وإما جاهل، فلا يكون رافضي ولا جهمي إلا منافقاً، أو جاهلاً بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يكون فيهم أحد عالماً بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مع الإيمان به.
فإن مخالفتهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذبهم عليه لا يخفى قط إلا على مفرط في الجهل والهوى)
:منهاج السنة:أبن تيمية:ج1:ص161
وقال أيضا
( فبهذا يتبين أنهم شر من عامة أهل الأهواء... وأيضاً فغالب أئمتهم زنادقة إنما يظهرون الرفض لأنه طريق إلى هدم الإسلام)
مجموع الفتاوى: أبن تيمية :ج 28ص482- .:
إلاَّ أنَّ أبن تيمية نفسه قد خالف ما قاله وأعتقده في بيان مفهوم ووصف الكافر.
لنلحظ توصيفاته التي مرَّ ذكرها بدقة حيث قال
إنَّ الكفر هو نقيض الإيمان أوعدمه
ومعلوم تأريخيا أنَّ الشيعة لم تظهر الكفر صراحة ولم تُخفيه سرا
بل على العكس قد إدّعت الإيمان بالله تعالى وبنبوة رسوله محمد:ص: وبالعدل والإمامة
والمعاد
نعم إختلفتْ مع غيرها طبقا للدليل والحجة كما حصل مع الأشاعرة
والذين يُشابههم اليوم الوهابية الذين جَمدوا على الظواهر وجمّدوا العقل المعرفي
وقالوا بجسمانية الله تعالى والذي رفضته مدرسة أهل البيت :عليهم السلام:
وقالتَ بنظرية (ليس كمثله شيء)
أو رفض مدرسة شيعة أهل البيت لمقولة الجبر التي تبنتها الأشاعرة
ومقولة التفويض التي قالت بها المعتزلة
لتقول الشيعة مُتبعةً إمامها جعفر الصادق :عليه السلام:
(لاجبر ولاتفويض بل أمرٌ بين أمرين )
وغيرها كثير نعرض عنه إختصارا
وإنَّ الشيعة لم تُكّذب الرسول محمد:ص: في رسالته وسنته الشريفة
وإنَّ أبن تيمية نفسه لم يقم الشواهد في تكفيره الشيعة بهذا الوصف.
وإنما إفترى فرية عارية عن البرهان والدليل وأكتفى بذلك .
بل كانت الشيعة تُصلي وتصوم وتحج وتُقاتل الكفار مع الخلفاء الغاصبين
فلو كانت فرقة الشيعة كافرة لما صلّت ولاصامت ولاحجّت ولا دافعت عن بيضة الإسلام تأريخيا ؟
والشيعة لم تترك سنة النبي محمد:ص: بل تمسكت بها وبقوة وخاصة وصية الغدير
ويوم الخميس وغيرها .
لذا لم تقر من يومها لفلان وفلان وفلان
بل إلتزمت جانب الإمام علي :عليه السلام:
وقدّمت التضحيات معه تلبية لوصية الرسول محمد:ص:
وإتباعاً لسنته في وصيه بالحق علي :ع:
إنَّ الشيعة منذُ ظهورها الأول قالت بالإسلام وثبتت عليه
يا أبن تيمية ويا أيها الوهابية
ولم تشك ولوللحظة واحدة بدين محمد :صلى الله عليه وآله وسلّم:
وأهل بيته المعصومين :عليهم السلام:
ولو أنَّ الشيعة كانت فرقة كافرة لنُقِلَ إلينا حالها يداً بيد
خاصة والدولة كانت بيد أعدائهم ولم يقولوا بكفرهم وإن ظلموهم وقتلوهم وأئمتهم جميعا .
ثمَّ هناك مسألة مهمة يجدر الإلتفات إليها
وهي إنَّ الشيعة لوكانت فرقة كافرة ويهودية الأصل بحسب زعم أبن تيمية
لما زُوِّجوا من نساء المسلمين آنذاك ولما دُفنوا في مقابرهم ولاسًُمَحَ لهم بالحج
هذا فضلاً عن عدم قول أئمة المذاهب الإسلامية الرئيسة بكفر الشيعة
كأبي حنيفة ومالك والشافعي
وأحمد بن حنبل الذي ألف كتاباً وأسماه
(فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب)
والأوزاعي وغيرهم
فلم يُنقل عن هولاء القول أو الإعتقاد بكفر الشيعة
لتأتِ أنتَ يا أبن تيمية في القرن الثامن الهجري لتقول وتعتقد بكفر الشيعة ؟
ومن بعدك المُجسّم محمد بن عبد الوهاب سيء الصيت والأصل
مالكَ ألم تسمع وتعقل ؟
أم كنتَ من أصحاب السعير
كما قال الله تعالى
{وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ }الملك10
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
================
إشكاليَّةُ التفكير والتكفير
============
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاةُ والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
تمهيدٌ مفاهيمي
=========
إنَّ التفكيرَ هو عبارة عن نشاط أو جهد عقلاني وذهني يبذله الإنسان المُفكِّر في موضوعٍ ما
ولهدفٍ محدد كالفهم أو الحكم أو حل إشكاليَّة ما
سالكاً سُبلاً ومعايير سليمة مُتسالمٌاً عليها ليصلَ إلى نتيج صحيح عقلاً ومُنطَبِقا
وبخلاف ذلك لايعد الإنسانُ مُفكِّراً بل يُعتبرُ مُتخبِّطا كالذي مسّه الخبال
لذا حينما لايسلك الإنسان المُفكّر السبل الصحيحة عقلائيا ومعرفيا
في نمطية تفكيره فيقيناً سيقع في الخطأ سلوكاً ونتاجا وحتى حكماً.
وسيصل إلى نتائج وأحكام وتعميمات وتوصيفات فاسدة وغير مقبولة عند أهل الفكر المستقيم
ولكي يكون لون التفكير لوناً منتجاً ومقبولاً عقلائيا أو عقليا أو شرعيا
يجب أن ينطلق بنشاطه وإستكشافه من المبادىء التصورية الصحيحة المُخَّزنة في ذهنه والحاضرة في وعيه وإدراكه
إلى المطالب المُتوقّع الوصول إليها بالعلم بها أو التعرف عليها أوأدراكها بأي سببٍ صحيح معرفيا .
هذا ماعرفه المسلمون قديماً والغرب حديثاً والذي يُسمى عندنا بنظرية المعرفة
وعند الغرب ب (الأبستمولوجيا )
و (بالإنجليزية: Epistemology)
وهي فرع من فروع الفلسفة تهتم بطبيعة ومجال المعرفة البشرية وتحاول الإجابة عن الأسئلة التالية
ما هي المعرفة؟
كيف يمكن إمتلاك المعرفة؟
وما هو مدى المعرفة بموضوع ما ؟
يركز البحث والنقاش في هذا المجال على تحليل طبيعة المعرفة ومدى إرتباطها بمفاهيم الحقيقة والإيمان والتبرير :
وقد اهتم العديد من العلماء المسلمين بنظريات المعرفة
ومن أشهرهم أبن سينا وأبن رشد والأشاعرة والمعتزلة والغزالي وغيرهم.
وقد قسّموا القضايا إلى عدة أقسام
منها محل الشاهد
هي
القضايا الأولية: التي نُسلمِّ بها وبصدقها ويقينها ولا نكتسبها ولا تحتاج لبرهان
والقضايا المقبولة: وهي الأحكام التي يكون عليها إجماع
و البراهين والاستدلالات: وهي المعرفة التي تُستنتج من خلال استعمال الملكة الفكرية.
انظر: ويكيبيديا :الموسوعة الحرة : مفهوم الأبستمولوجيا:
: محور البحث :
========
إذا ما أردنا أن نسلك سبل ومناهج المعرفة البشرية المتفق عليها بين العقلاء
كالإنتقال من المعارف والقضايا الأولية والمقبولة والمُجمعِ عليها بإستعمال ملكة التفكير السليم
والتي تتمثل في بحثنا هذا بالمبادىء التصورية للعلم والموضوع المبحوث
إلى مطلوبنا في البحث
كماهو العنوان أعلاه (إيمان الشيعة كفرٌٌ عند الوهابية إشكاليّة التفكير والتكفير)
نجد إنَّ اللغة العربية هي من جملة ما أتفقتْ عليه المعرفة الإسلامية
ونظريتها في بيان المفاهيم وجذورها اللفظية والإستعمالية
فمثلاً إنَّ معنى الكفر لغةً هو الستر والتغطيّة
ورجل كافر: هو الجاحد لأَنْعُمِ الله، مشتق من السَّتْر
وقيل: لأَنه مُغَطًّى على قلبه.
وقال ابن دريد: كأَنه فاعل في معنى مفعول، والجمع كُفَّار وكَفَرَة وكِفارٌ
:لسان العرب:أبن منظور الأفريقي:مادة كفر:
وإذا رجعنا إلى المعنى الإصطلاحي للكفر
نجده هو إنتحال دينٍ غير الإسلام أو إنتحال الإسلام
وجُحدُ ما يُعلم أنه من الدين الإسلامي بحيث يرجع جحده إلى إنكار الإسلام رسالة وديناً من أصل
أو هو ما يُضاد الإيمان من الأقوال والأفعال والإعتقادات
على تعريف العامة بحسب ما ذكره أبن تيميّة .
وأما الإيمان فهو ضد الكفر ويعني التصديق بأصول الدين الإسلامي وتطبيق فروعه
وعلى أساس أوليَّة ومقبولية مفهوم الكفر لغة وإصطلاحاً
فلا يمكن تكفير الشيعة
توصيفاً وإعتقادا ذلك لمباينة واقعهم التأريخي والمعاصر لما يُتّهمون به .
وإنَّ هذه المفاهيم المُتفقُ عليها لغة وإصطلاحاً نجدها أيضا عند أبن حزم
و مُؤسِّس حركة التكفير الضالة في أوساط المسلمين
: أبن تيمية: والذي قال بخصوص بيان مفهوم الكفر إعتقاداً ما نصه
(الكفر: عدم الإيمان -باتفاق المسلمين- سواء اعتقد نقيضه وتكلم به، أو لم يعتقد شيئاً ولم يتكلم )
: مجموع الفتاوى: أبن تيمية 20ج:ص86:
(إنَّما الكفر يكون بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخُبِرَ به، أو الامتناع عن متابعته مع العلم بصدقه، مثل كفر فرعون واليهود ونحوهم)
: درء تعارض العقل والنقل:أبن تمية: ج1:ص242
وقال أبن تيمية أيضاً:
(فتكذيب الرسول كفر، وبغضه وسبه وعداوته مع العلم بصدقه في الباطن كفر عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة أهل العلم)
: منهاج السنة:أبن تيمية:ج 5:ص251
وقال أيضاً
(والكفر تارة يكون بالنظر إلى عدم تصديق الرسول والإيمان به
وتارة بالنظر إلى عدم الإقرار بما أخبر به )
:مجموع الفتاوى:أبن تيمية:ج7:ص533:
وأما أبن حزم – فقال - في تعريف الكفر:
(وهو في الدين صفة من جحد شيئاً مما افترض الله تعالى الإيمان به بعد قيام الحجة عليه ببلوغ الحق إليه بقلبه دون لسانه، أو بلسانه دون قلبه
أو بهما معاً
أو عمل عملاً جاء النص بأنه مخرج له بذلك عن اسم الإيمان)
: الإحكام:أبن حزم:ج 1ص45
وعلى أساس تلك المبادىء التصورية لمفهوم الكفر التي قدّمها أبن تيمية وأبن حزم
يظهر أنَّ لمفهوم الكفر تمثلات تارة قد يكون تكذيباً في القلب وأخرى قد يكون عملاً قلبياً
مثل بغض الله تعالى، أو آياته، أو رسوله صلى الله عليه وأله وسلم
وقد يكون قولاً باللسان، مثل سب الله تعالى، أو سب رسوله، أو الاستهزاء بدينه وشرعه
.
وقد يكون عملاً ظاهراً كالسجود للصنم، وغير ذلك
وكلُّ ذلك الشيعةُ منه براء ومُنزَهةٌ
وهنا يرد سؤال معرفي أبستمولوجي
وهو
من هو الكافر فعلاً ومُنطبقا ؟
هل هو من تلبس بالكفر فعلاً
أم من نُقِل عنه أنه كافر
أو وصِّفَ بذلك توصيفا
بمعزل عن واقعه الذي هو عليه
لأنَّ الشيعة لم تتلبس بالكفر واقعاً وفعلاً أبدا
بل نُقِلَ عنها أنها فرقة كافرة كما
زعم أبن تيمية في أغلب كتبه الإعتقادية.
وفرقٌ بين الوصف المُطلق بالكفر وتعيينه مصداقا
وإنَّ الوهابية قد خلطوا بين تعريف الكافر مفهوماً وتعيينه مصداقاً
في حين أنَّ للتكفير شروطاً وموانع بحسب زعم شيخهم أبن تيمية
والذي قال مانصه
(إنَّ التكفير له شروط وموانع
قد تنتفي في حق المُعيَّن
وإنَّ تكفير المُطلق لا يسلتزم تكفير المُعين
إلا إذا وجدتْ الشروط وانتفتْ الموانع)
: مجموع الفتاوى:أبن تيمية:ج 12:ص487
ويقول أيضاً:
(ومَن ثبتَ إسلامه بقين لم يزل ذلك عنه بالشك
بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة)
:مجموع الفتاوى:أبن تيمية :12ج:ص466
إنَّ أبن تيمية وإنَّ كّفرَ الشيعة مذهبا وإعتقاداً وأباح قتلهم ودمهم
وقال
( والله يعلم وكفى بالله عليماً، ليس في جميع الطوائف المنتسبة إلى الإسلام مع بدعة وضلالة شر منهم: لا أجهل، ولا أكذب، ولا أظلم ولا أقرب إلى الكفر والفسوق والعصيان، وأبعد عن حقائق الإيمان
وهؤلاء الرافضة: إما منافق، وإما جاهل، فلا يكون رافضي ولا جهمي إلا منافقاً، أو جاهلاً بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يكون فيهم أحد عالماً بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مع الإيمان به.
فإن مخالفتهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذبهم عليه لا يخفى قط إلا على مفرط في الجهل والهوى)
:منهاج السنة:أبن تيمية:ج1:ص161
وقال أيضا
( فبهذا يتبين أنهم شر من عامة أهل الأهواء... وأيضاً فغالب أئمتهم زنادقة إنما يظهرون الرفض لأنه طريق إلى هدم الإسلام)
مجموع الفتاوى: أبن تيمية :ج 28ص482- .:
إلاَّ أنَّ أبن تيمية نفسه قد خالف ما قاله وأعتقده في بيان مفهوم ووصف الكافر.
لنلحظ توصيفاته التي مرَّ ذكرها بدقة حيث قال
إنَّ الكفر هو نقيض الإيمان أوعدمه
ومعلوم تأريخيا أنَّ الشيعة لم تظهر الكفر صراحة ولم تُخفيه سرا
بل على العكس قد إدّعت الإيمان بالله تعالى وبنبوة رسوله محمد:ص: وبالعدل والإمامة
والمعاد
نعم إختلفتْ مع غيرها طبقا للدليل والحجة كما حصل مع الأشاعرة
والذين يُشابههم اليوم الوهابية الذين جَمدوا على الظواهر وجمّدوا العقل المعرفي
وقالوا بجسمانية الله تعالى والذي رفضته مدرسة أهل البيت :عليهم السلام:
وقالتَ بنظرية (ليس كمثله شيء)
أو رفض مدرسة شيعة أهل البيت لمقولة الجبر التي تبنتها الأشاعرة
ومقولة التفويض التي قالت بها المعتزلة
لتقول الشيعة مُتبعةً إمامها جعفر الصادق :عليه السلام:
(لاجبر ولاتفويض بل أمرٌ بين أمرين )
وغيرها كثير نعرض عنه إختصارا
وإنَّ الشيعة لم تُكّذب الرسول محمد:ص: في رسالته وسنته الشريفة
وإنَّ أبن تيمية نفسه لم يقم الشواهد في تكفيره الشيعة بهذا الوصف.
وإنما إفترى فرية عارية عن البرهان والدليل وأكتفى بذلك .
بل كانت الشيعة تُصلي وتصوم وتحج وتُقاتل الكفار مع الخلفاء الغاصبين
فلو كانت فرقة الشيعة كافرة لما صلّت ولاصامت ولاحجّت ولا دافعت عن بيضة الإسلام تأريخيا ؟
والشيعة لم تترك سنة النبي محمد:ص: بل تمسكت بها وبقوة وخاصة وصية الغدير
ويوم الخميس وغيرها .
لذا لم تقر من يومها لفلان وفلان وفلان
بل إلتزمت جانب الإمام علي :عليه السلام:
وقدّمت التضحيات معه تلبية لوصية الرسول محمد:ص:
وإتباعاً لسنته في وصيه بالحق علي :ع:
إنَّ الشيعة منذُ ظهورها الأول قالت بالإسلام وثبتت عليه
يا أبن تيمية ويا أيها الوهابية
ولم تشك ولوللحظة واحدة بدين محمد :صلى الله عليه وآله وسلّم:
وأهل بيته المعصومين :عليهم السلام:
ولو أنَّ الشيعة كانت فرقة كافرة لنُقِلَ إلينا حالها يداً بيد
خاصة والدولة كانت بيد أعدائهم ولم يقولوا بكفرهم وإن ظلموهم وقتلوهم وأئمتهم جميعا .
ثمَّ هناك مسألة مهمة يجدر الإلتفات إليها
وهي إنَّ الشيعة لوكانت فرقة كافرة ويهودية الأصل بحسب زعم أبن تيمية
لما زُوِّجوا من نساء المسلمين آنذاك ولما دُفنوا في مقابرهم ولاسًُمَحَ لهم بالحج
هذا فضلاً عن عدم قول أئمة المذاهب الإسلامية الرئيسة بكفر الشيعة
كأبي حنيفة ومالك والشافعي
وأحمد بن حنبل الذي ألف كتاباً وأسماه
(فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب)
والأوزاعي وغيرهم
فلم يُنقل عن هولاء القول أو الإعتقاد بكفر الشيعة
لتأتِ أنتَ يا أبن تيمية في القرن الثامن الهجري لتقول وتعتقد بكفر الشيعة ؟
ومن بعدك المُجسّم محمد بن عبد الوهاب سيء الصيت والأصل
مالكَ ألم تسمع وتعقل ؟
أم كنتَ من أصحاب السعير
كما قال الله تعالى
{وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ }الملك10
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
تعليق