إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التفاعل مع القرآن

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التفاعل مع القرآن

    لا شك أن هذا الاتباع والانقياد إنما يحصل في أيسر طرقه بالاقتراب المتزايد من كتاب الله والانتهال من نبعه الصافي ومورده العذب.



    وأفضل سبل هذا الاقتراب والارتشاف من معين القرآن هو التفاعل الحقيقي مع كتاب الله والمواكبة الصادقة مع وحي السماء.



    وتعني بالتفاعل معه الامتزاج مع القرآن وامتزاج القرآن مع الإنسان روحاً وعقلاً وعاطفة وعملاً وهدياً وسُلُوكاً.



    فالتفاعل في واقعه هو أن تتأثر بالأثر الذي يريده القرآن أن يخلّفه في الوجود الإنساني فإن كانت الآية آية عقاب فحقيقة التفاعل معها هي أن نعيش هذه الآية مضمونها ومعناها بأرواحنا وعقولنا وجسومنا وإن كانت الآية آية أمر وتوجيه فسنستشعر بقلوبنا حين قراءتها وتلاوتها برد الخضوع لله والتسليم المطلق له وإنْ كانت الآية آية إنذار وردْع ونهي فنطوي بضمائرنا على التزام الارتداع ونضمر لله كمال الخلوص والانقياد.



    ومن الطبيعي أن تنعكس هذه الأحاسيس والالتزامات القلبيّة الخالصة على سلوك القارئ وعلى أعضائه وجوارحه ما دام ذلك التأثر تأثراً واقعياً حقيقياً وذلك الإنقياد انقياداً خالصاً عن شوائب الأهواء بريئاً من علائق النزعات.



    وقد دعا قادة الإسلام جماهير المؤمنين إلى هذا التفاعل والانسجام مع القرآن وأكدّوا عليه وجسّدوا في كلماتهم وتوجيهاتهم معاني التسليم والانقياد والتفاعل الحقيقي مع كتاب الله.



    وفيما يلي نصوص من أئمة أهل البيت تتجلى في خلالها حقيقة التفاعل القرآني.



    قال أمير المؤمنين علي عليه السلام في خطبته حول وصف المتقين:

    (أما الليل فصافّون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتّلونه ترتيلاً، يحزنون به أنفسهم، ويستثيرون به دواء دائهم فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً، وتطلّعت نفوسهم إليها شوقاً، وظنوا أنها نصب أعينهم، وإذا مروا بآية. فيها تخويف، أصْغَوا إليها مسامع قلوبهم وظنّوا أن زفيرها وشهيقها في أصول آذانهم)..



    فلنطالع قوله عليه السلام: (يستثيرون به دواء دائهم) لنفْهم كيف أن الذين سموا في مدارج التّقى وارتفعوا في سماء النهى غاروا وتوغّلوا في عالم القرآن فاستنطقوه أسرار الحياة واستوهبوه دواء معضلاتهم الكبرى وكيف أنهم طالعوا القرآن لا ككلمات يمرون بها ويلقون نظرة عابرة عليها وإنما نظروا إلى القرآن كمشاهد ماثلة أمامهم وعوالم متجسّدة فيما حولهم فنار القرآن ليست نار الكلمة وإنما هي نار الزفير والشهيق، وجنّة القرآن ليست هي جنّة العبادة وإنما هي جنّة الأشواق التي تطير إليها نفوس المتقين وتحلّق في أجوائها أرواح المؤمنين.



    وتتجسّد صورة رائعة أخرى لهذا التفاعل في كلام الإمام زين العابدين عليه السلام في المأثور عنه في ختم القرآن:

    (اللهم صلّ على محمد وآله واحطط بالقرآن عنّا ثقل الأوزار وهب لنا حُسْن شمائل الأبرار، واقفُ بنا آثار الذين قاموا لك به آناء الليل وأطراف النهار، حتّى تطهّرنا من كل دَنَس بتطهيره وتقفوا بنا آثار الذين استضاءوا بنوره، ولم يُلههم الأمَلُ عن العمل فيقطعهم بخُدع غروره.



    اللهم صل على محمد وآله واجعل القرآن لنا في ظُلم الليالي مؤنساً من نزغات الشيطان، وخطرات الوساوس حارساً، ولأقدامنا عن نقلها إلى المعاصي حابسا، ولألسنتنا عن الخوض في الباطل من غير ما آفةٍ مخرساً، ولجوارحنا عن اقتراف الآثام زاجراً، ولما طَوَت الغفلة عنا من تصفُّح الاعتبار ناشراً، حتى توصل إلى قلوبنا فهم عجائبه وزواجر أمثاله التي ضعفت الجبال الرواسي عن احتماله)
    (1).



    في هذه المقاطع البليغة تجسْمت أمامنا صورة رائعة من التفاعل القرآني، ذلك التفاعل الذي ينفذ إلى أعماق الروح والنفس البشريّة فيغسل عنها دَرَن الوساوس والشكوك وأقذار الانحرافات ودنس المعاصي ثم تنعكس على جوارح الإنسان القرآني فتحبس قدمه عن أن تطأ مسالك المعاصي، ولسانه عن الخوض في الترّهات والأباطيل، وتمسك بأعضائه عن أن ترد موارد الآثام.



    وقد أكد الإسلام على هذا التفاعل تأكيداً بليغاً وقد وردت عن الرسول وأئمة أهل البيت نصوص تحثّ بإصرار على قراءة القرآن بروح التفاعل والتفاهم.


    فقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال:
    (إن رسول الله أتى شباباً من الأنصار، فقال: إني أريد أن أقرأ عليكم فمن بكى فله الجنّة، فقرأ آخر الزمر: وسيق الذين كفروا إلى جهنّم زمرا… إلى آخر السورة، فبكى القوم جميعاً إلاّ شاباً، فقال يارسول الله! قد تباكيت فما قطرت عيني، قال إني معيد عليكم فمن تباكى فله الجنة، فأعاد عليهم فبكى القوم، وتباكى الفتى، فدخلوا الجنّة جميعاً)(2).



    وعن علي بن أبي حمزة، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له أبو بصير: جعلت فداك: أقرأ القرآن في شهر رمضان ليلة؟ فقال: لا، قال: ففي ليلتين؟ فقال؛ لا، فقال ففي ثلاث؟ فقال: ها، وأشار بيده، ثم قال: يا أبا محمد:
    (إنّ لرمضان حقاً وحرمة لا يشبهه شيءٌ من الشهور، وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وآله يقرأ أحدهم القرآن في شهر أو أقل إنّ القرآن لا يقرأ هذرمة، ولكن يرتّل ترتيلاً، وإذا مررت بآية فيها ذكر الجنّة فقف عندها وسل الله الجنّة، وإن مررت بآية فيها ذكر النار فقف عندها وتعوذّ بالله من النار)(3).



    وقد خلصنا من هذا الاستعراض إلى أن التفاعل القرآني هو الذي يجسدّ في الواقع جوهر الاتّصال بالقرآن وهو الذي تتحقق به مصدريّة القرآن ومركزيته في صورتها الإسلامية المطلوبة.


    1- الدعاء الثاني والأربعون من أدعية الصحيفة السجادية الكاملة.

    2- الوسائل ج4 ص865.

    3- وسائل الشيعة ج4 ص865.

  • #2
    الاخ الكريم سامر حفظك الله تعالى ورعاك
    جزاك الله خيرا بما كتبت
    مقالتك قيمة بما اردت ايصاله من افكار
    وبما اوردت من كلمات حكيمة لآل البيت الاطهار

    في شهر رمضان المبارك علينا قراءة القرآن في الليل والنهار
    وتدبر آياته والتفاعل معها كما تفضلت

    الكاتبة سلام الحاج
    سلام الحاج
    كاتبة واعلامية من جنوب لبنان

    تعليق


    • #3
      أستاذسامرالزيادي المحترم جعل ربي القرآن ربيع قلبك
      sigpic
      إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
      ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
      ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
      لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

      تعليق


      • #4
        احسنت خيي سامر احسنت



        يـــــــــــاألهي أعنــــي يـــــــاربــــــــي
        أعــــني

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة سلام الحاج مشاهدة المشاركة
          الاخ الكريم سامر حفظك الله تعالى ورعاك
          جزاك الله خيرا بما كتبت
          مقالتك قيمة بما اردت ايصاله من افكار
          وبما اوردت من كلمات حكيمة لآل البيت الاطهار

          في شهر رمضان المبارك علينا قراءة القرآن في الليل والنهار
          وتدبر آياته والتفاعل معها كما تفضلت

          الكاتبة سلام الحاج
          اهلأ وسهلاً بأخي الكريم وفقكم الله لكل خير
          اسأل من الله ان يحفظكم من كل سوء ومكروه ويرزقنا ويرزقكم
          شفاعة القران . وشكرا جزيلا على مروركم العطر . ونسألكم الدعاء


          المشاركة الأصلية بواسطة من نسل عبيدك احسبني ياحسين مشاهدة المشاركة
          أستاذسامرالزيادي المحترم جعل ربي القرآن ربيع قلبك

          شكرا جزيلا اختي الكريمة وفقكم الله

          المشاركة الأصلية بواسطة مـدد ياعلي مشاهدة المشاركة
          احسنت خيي سامر احسنت
          اخي الكريم أحسن الله أليك ورزقنا ورزقكم شفاعة القران

          تعليق


          • #6
            بسم الله الرحمن الرحيم
            ولله الحمد والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..


            دائماً وأبداً يحثّ القرآن الكريم والأئمة الأطهار عليهم السلام على تدبّر آيات القرآن الكريم والتفكّر فيها، لأنّ التدبّر والتفكّر يؤدي بالنتيجة الى تحريك الانسان للتفاعل مع آيات الله تعالى فيكون مؤتمراً بأوامره تعالى ومنتهياً عن نواهيه..
            وهذا التفاعل بالتأكيد سيؤدي الى حثّ العبد على فعل الخيرات وكل ما من شأنه التقرب الى الله تعالى، لأن العبد حينها سيكون حريصاً على تنفيذ ما طلبه منه ربّه حتى يحصل على رحمته ومغفرته وبالتالي الوصول الى رضوانه، وفي نفس الوقت يبتعد أشد الابتعاد عن الموبقات والمعاصي وتأنف نفسه لمجرد ذكر المعصية ولا يقترب ممن يقترفها بل يتحاشاه كأنّ فيه وباء معدي..
            وهذا هو المطلوب ممن يقرأ القرآن حتى يختلط بدمه ولحمه، لا أن تكون مجرد لقلقة لسان لا تتعدى الشفتين فقد يشمله الحديث ((ومنهم من يقرأ القرآن والقرآن يلعنه)) لأنّ بعضهم يقرأ الآية الكريمة ويعمل على عكس ما جاء فيها، لأنّ الآية الكريمة لم تأخذ حيّز التطبيق عنده بل ظلت مجرد حروف وألفاظ قد تناولها القارئ فلم تؤثر فيه، ويعود ذلك لعدم التفكّر والتدبّر فيها أبداً فلم تتعد الشفاه..


            الأخ القدير سامر الزيّادي..
            جعلنا الله وإياكم من التالين للقرآن الكريم والمتفاعلين معه بحق محمد وآل محمد عليهم السلام...



            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة المفيد مشاهدة المشاركة
              بسم الله الرحمن الرحيم
              ولله الحمد والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..


              دائماً وأبداً يحثّ القرآن الكريم والأئمة الأطهار عليهم السلام على تدبّر آيات القرآن الكريم والتفكّر فيها، لأنّ التدبّر والتفكّر يؤدي بالنتيجة الى تحريك الانسان للتفاعل مع آيات الله تعالى فيكون مؤتمراً بأوامره تعالى ومنتهياً عن نواهيه..
              وهذا التفاعل بالتأكيد سيؤدي الى حثّ العبد على فعل الخيرات وكل ما من شأنه التقرب الى الله تعالى، لأن العبد حينها سيكون حريصاً على تنفيذ ما طلبه منه ربّه حتى يحصل على رحمته ومغفرته وبالتالي الوصول الى رضوانه، وفي نفس الوقت يبتعد أشد الابتعاد عن الموبقات والمعاصي وتأنف نفسه لمجرد ذكر المعصية ولا يقترب ممن يقترفها بل يتحاشاه كأنّ فيه وباء معدي..
              وهذا هو المطلوب ممن يقرأ القرآن حتى يختلط بدمه ولحمه، لا أن تكون مجرد لقلقة لسان لا تتعدى الشفتين فقد يشمله الحديث ((ومنهم من يقرأ القرآن والقرآن يلعنه)) لأنّ بعضهم يقرأ الآية الكريمة ويعمل على عكس ما جاء فيها، لأنّ الآية الكريمة لم تأخذ حيّز التطبيق عنده بل ظلت مجرد حروف وألفاظ قد تناولها القارئ فلم تؤثر فيه، ويعود ذلك لعدم التفكّر والتدبّر فيها أبداً فلم تتعد الشفاه..


              الأخ القدير سامر الزيّادي..
              جعلنا الله وإياكم من التالين للقرآن الكريم والمتفاعلين معه بحق محمد وآل محمد عليهم السلام...


              استاذي العزيز شكرا جزيلا على مروركم العطر وعلى اضافتكم القيمة
              اسأل من الله ان يوفقكم لكل خير وان يرزقكم ويرزقنا شفاعة القران الكريم
              بحق محمد واله الاطهار . ونسألكم الدعاء

              تعليق

              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
              حفظ-تلقائي
              Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
              x
              يعمل...
              X