إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأسوة الحسنة والتقليد

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأسوة الحسنة والتقليد

    الأسوة الحسنة والتقليد
    الـتأسي والإقتداء في حد ذاته هو تقليد القول والعمل للشخص الأسوة , وللتقليد في بعده الإيجابي درجات منها ما يكون جزئي من خلال تقليد شخص جاهل في أمر معين وليكن في الفقه أو أي مجال آخر إلى رجل فقيه أو طبيب أو مهندس لان مثل هذا التقليد ينحصر في جانب معين ومحدد ويطلق عليه التقليد الجزئي في علوم الحياة التي يحتاجها الإنسان حتى تستقيم نفسه ويصح عمله . ولكن توجد أقسام من التقليد باطلة ولا أساس منطقي لها . فتقليد (العالم للجاهل) و(وتقليد الجاهل للجاهل) و(تقليد العالم للعالم) كله باطل لأنه لا ينسجم مع منهج الإقتداء الصحيح الذي يقره العقل والنقل الذي يحتم أن يكون فيه من هو جاهل في أمر ما أن يقتدي بمن هو اعلم أو أصح في ذلك , أما التقليد الأخير يكون صحيحا إذا كان من باب المشاورة وتبادل المعلومات أو نوع من التحقيق فقط أو التباحث وإلا فهو غير صحيح لأن في مثل هذا الحال يكون تقليد الجاهل للعالم . إذا كان التقليد غض الطرف عن التخصص الذي يمتلكه الإنسان وأتباع شخص آخر أتباعاً عشوائياً , فالمسلّم أن التقليد لشخص قادر على التحقيق أمر مذموم ونادر, ولهذا ورد ( حرمة التقليد للمجتهد ) في الفقه الإسلامي مما تقدم يتضح أن التقليد الصحيح هو تقليد الجاهل للعالم في مجال علمي يثبت بالدليل والبرهان تخصصه به, وهذا التقليد يكون جزئي في حدود علم ذلك العالم أما القسم الآخر من التقليد الذي يكون في أحد مراتبه عنوان الأسوة الحسنة هو التقليد المطلق وهذا لا يتحقق إلى لمن كان لديه العصمة في أمور الدنيا والدين , وتكون أقواله عين أفعاله حتى يستطيع أن يؤثر في الأمة وهذا لا يمنع أن يكون المقلد الجزئي أسوة في حدود معارفه العلمية ولكن ليس بالمستوى الذي يؤديه العالم المطلق الذي يقف على كل حقائق الأمور وواقعها التطبيقي في السلوك العام . ومن أهم المصاديق للتقليد العام هم الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام) الذين اصطفاهم الله تعالى لهذه المهمة حتى يؤدوها بالشكل الذي يريده سبحانه )إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (([1])حتى يكونوا أسوة حسنة للناس يهتدون بهداهم قال تعالى )لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (([2])أما معنى التقليد في اللغة فهو :- قلده الأمر : ألزمه إياه , وهو مثلُ بذلك قلدته : قلادة : جعلتها في عنقه وفي حديث الخلافة : فقلدها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)علياً أي ألزمه بها, أي جعلها في رقبته وولاه أمرها والقلادة هي التي تتعلق في العنق . والتقليد في اصطلاح أهل العلم قبول قول الغير من غير دليل, سمي بذلك لأن المقلد يجعل ما يعتقده من قول الغير من حق وباطل قلادة في عنق من قلده .([3])أما البعد السلبي في التقليد فإن له تأثير كبير في البناء الفكري والمعرفي للشخصية البشرية وذلك لما يرسخه في ذهن المتلقي من أمور في هدم تلك الشخصية وقد نهى الله تعالى عن ذلك في قوله ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ)([4]) .ومن أسوء أنواع التقليد الأعمى هو التقليد في الأمور العقدية لما له من واقع راسخ في ذهن الناس حتى أنك ترى في كل عصر أن الفرد يعتقد بوجود الكثير من الخرافة التي تتحكم في مصير الكون وهو على مستوى من العلم المدني مما يعكس في ذهن المتأمل عن تلك الشخصية أنها تعيش في شخصيتين لا تجتمعان في مستوى تفكير ذلك الشخص لأنه من جهة تراه عالم بارع في فنون علمية معمقة وصاحب نظريات تدرس على مستوى كبرى جامعات العالم ويعتقد بأن الأوثان أو الخرافات تتحكم في مصير الوجود كما أسلفنا, وهذا يكشف أن الأمور العقدية لها قرار في نفس الإنسان عندما تنزل من فكره إلى قلبه لطول الفترة التي تربى عليها زمن طويل بين أهله وأقرانه مع وجود البيئة الخصبة للإنبات التي يصعب تغييرها إلا من خلال الارتقاء فوق الموروث الفكري التقليدي الذي عاش وتربى ذلك الفرد فيه إلى فضاء أرحب يستطيع من خلاله الوقوف على الأدلة والبراهين التي تثبت بطلان تلك الحقيقة العقدية التي ترسخت في ذهنه , عند ذلك ينتقل إلى ما هو صحيح وأفضل . وهذا كله يحتاج إلى توفيق من الله تعالى أولا وفطرة تكاد أن تكون غير شائبة إلى حد يصعب أن تتجلى عنها الآثام والذنوب والمعاصي وإلى رياضة كبيرة يستطيع من خلالها ذلك الفرد أن تتحلى روحة بتلك الفضيلة ألا وهي عبادة الله تعالى دون غيره ولديه عقل يزن الأمور فيه ويضعها في نصابها الصحيح. في رواية طويلة الذيل مروية عن الإمام أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) مع هشام بن الحكم يتحدث فيها عن جوانب مهمة في قيمة أهل العقل والفهم في القرآن الكريم وذم الذين لا يعقلون لأن المحور الحقيقي في الأتباع والتقليد الإيجابي والسلبي هو الإدراك الحسي للعقل والفهم جاء فيها.

    عن أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ : قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَشَّرَ أَهْلَ الْعَقْلِ وَالْفَهْمِ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ يَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَكْمَلَ لِلنَّاسِ الْحُجَجَ بِالْعُقُولِ وَنَصَرَ النَّبِيِّينَ بِالْبَيَانِ وَدَلَّهُمْ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ بِالْأَدِلَّةِ فَقَالَ وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ. إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِيتَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِأَنَّ لَهُمْ مُدَبِّراً فَقَالَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَقَالَ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمّىً وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَقَالَ إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَقَالَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَقَالَ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَقَالَ وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقومٍ يَعْقِلُونَ وَقَالَ قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَقَالَ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ وَعَظَ أَهْلَ الْعَقْلِ وَرَغَّبَهُمْ فِي الْآخِرَةِ فَقَالَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يتقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ خَوَّفَ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ عِقَابَهُ فَقَالَ تَعَالَى ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ. وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ. وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ. وَقَالَ إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ وَ لَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَقْلَ مَعَ الْعِلْمِ فَقَالَ وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ ذَمَّ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ فَقَالَ وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ وَقَالَ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَ نِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَقَالَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ وَقَالَ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا وَقَالَ لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ وَقَالَ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ ذَمَّ اللَّهُ الْكَثْرَةَ فَقَالَ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالَ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَقَالَ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ مَدَحَ الْقِلَّةَ فَقَالَ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ وَقَالَ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَقَالَ وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَالَ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ وَقَالَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَقَالَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَقَالَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَشْعُرُونَ يَا هِشَامُ ثُمَّ ذَكَرَ أُولِي الْأَلْبَابِ بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ وَحَلَّاهُمْ بِأَحْسَنِ الْحِلْيَةِ فَقَالَ يًؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ وَقَالَ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ وَقَالَ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ وَقَالَ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ وَقَالَ أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ وَقَالَ كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ وَقَالَ وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ وَقَالَ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ يَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ يَعْنِي عَقْلٌ وَقَالَ وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ قَالَ الْفَهْمَ وَ الْعَقْلَ يَا هِشَامُ إِنَّ لُقْمَانَ قَالَ لِابْنِهِ تَوَاضَعْ لِلْحَقِّ تَكُنْ أَعْقَلَ النَّاسِ وَإِنَّ الْكَيِّسَ لَدَى الْحَقِّ يَسِيرٌ يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ قَدْ غَرِقَ فِيهَا عَالَمٌ كَثِيرٌ فَلْتَكُنْ سَفِينَتُكَ فِيهَا تَقْوَى اللَّهِ وَحَشْوُهَا الْإِيمَانَ وَشِرَاعُهَا التَّوَكُّلَ وَقَيِّمُهَا الْعَقْلَ وَدَلِيلُهَا الْعِلْمَ وَسُكَّانُهَا الصَّبْرَ يَا هِشَامُ إِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ دَلِيلًا وَدَلِيلُ الْعَقْلِ التَّفَكُّرُ وَدَلِيلُ التَّفَكُّرِ الصَّمْتُ وَلِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مَطِيَّةً وَمَطِيَّةُ الْعَقْلِ التَّوَاضُعُ وَكَفَى بِكَ جَهْلًا أَنْ تَرْكَبَ مَا نُهِيْتَ عَنْهُ يَا هِشَامُ مَا بَعَثَ اللَّهُ أَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ إِلَى عِبَادِهِ إِلَّا لِيَعْقِلُوا عَنِ اللَّهِ فَأَحْسَنُهُمُ اسْتِجَابَةً أَحْسَنُهُمْ مَعْرِفَةً وَأَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ أَحْسَنُهُمْ عَقْلًا وَأَكْمَلُهُمْ عَقْلًا أَرْفَعُهُمْ دَرَجَةً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَا هِشَامُ إِنَّ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حُجَّتَيْنِ حُجَّةً ظَاهِرَةً وَحُجَّةً بَاطِنَةً فَأَمَّا الظَّاهِرَةُ فَالرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ وَالْأئَمَّةُ عليهم السلام وَأَمَّا الْبَاطِنَةُ فَالْعُقُولُ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ الَّذِي لَا يَشْغَلُ الْحَلَالُ شُكْرَهُ وَ لَا يَغْلِبُ الْحَرَامُ صَبْرَهُ يَا هِشَامُ مَنْ سَلَّطَ ثَلَاثاً عَلَى ثَلَاثٍ فَكَأَنَّمَا أَعَانَ عَلَى هَدْمِ عَقْلِهِ مَنْ أَظْلَمَ نُورُ تَفَكُّرِهِ بِطُولِ أَمَلِهِ وَمَحَا طَرَائِفَ حِكْمَتِهِ بِفُضُولِ كَلَامِهِ وَأَطْفَأَ نُورَ عِبْرَتِهِ بِشَهَوَاتِ نَفْسِهِ فَكَأَنَّمَا أَعَانَ هَوَاهُ عَلَى هَدْمِ عَقْلِهِ وَمَنْ هَدَمَ عَقْلَهُ أَفْسَدَ عَلَيْهِ دِينَهُ وَدُنْيَاهُ يَا هِشَامُ كَيْفَ يَزْكُو عِنْدَ اللَّهِ عَمَلُكَ وَأَنْتَ قَدْ شَغَلْتَ قَلْبَكَ عَنْ أَمْرِ رَبِّكَ وَأَطَعْتَ هَوَاكَ عَلَى غَلَبَةِ عَقْلِكَ يَا هِشَامُ الصَّبْرُ عَلَى الْوَحْدَةِ عَلَامَةُ قُوَّةِ الْعَقْلِ فَمَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ اعْتَزَلَ أَهْلَ الدُّنْيَا وَالرَّاغِبِينَ فِيهَا وَرَغِبَ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ أُنْسَهُ فِي الْوَحْشَةِ وَصَاحِبَهُ فِي الوحِدَةِ وَغِنَاهُ فِي الْعَيْلَةِ وَمُعِزَّهُ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَةٍ يَا هِشَامُ نَصْبُ الْحَقِّ لِطَاعَةِ اللَّهِ وَلَا نَجَاةَ إِلَّا بِالطَّاعَةِ وَالطَّاعَةُ بِالْعِلْمِ وَالْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ وَالتَّعَلُّمُ بِالْعَقْلِ يُعْتَقَدُ وَلَا عِلْمَ إِلَّا مِنْ عَالِمٍ رَبَّانِيٍّ وَمَعْرِفَةُ الْعِلْمِ بِالْعَقْلِ يَا هِشَامُ قَلِيلُ الْعَمَلِ مِنَ الْعَالِمِ مَقْبُولٌ مُضَاعَفٌ وَكَثِيرُ الْعَمَلِ مِنْ أَهْلِ الْهَوَى وَالْجَهْلِ مَرْدُودٌ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ رَضِيَ بِالدُّونِ مِنَ الدُّنْيَا مَعَ الْحِكْمَةِ وَلَمْ يَرْضَ بِالدُّونِ مِنَ الْحِكْمَةِ مَعَ الدُّنْيَا فَلِذَلِكَ رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعُقَلَاءَ تَرَكُوا فُضُولَ الدُّنْيَا فَكَيْفَ الذُّنُوبَ وَتَرْكُ الدُّنْيَا مِنَ الْفَضْلِ وَتَرْكُ الذُّنُوبِ مِنَ الْفَرْضِ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ نَظَرَ إِلَى الدُّنْيَا وَإِلَى أَهْلِهَا فَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ وَنَظَرَ إِلَى الْآخِرَةِ فَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ فَطَلَبَ بِالْمَشَقَّةِ أَبْقَاهُمَا يَا هِشَامُ إِنَّ الْعُقَلَاءَ زَهِدُوا فِي الدُّنْيَا وَرَغِبُوا فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا طَالِبَةٌ مَطْلُوبَةٌ وَالْآخِرَةَ طَالِبَةٌ وَمَطْلُوبَةٌ فَمَنْ طَلَبَ الْآخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا رِزْقَهُ وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبَتْهُ الْآخِرَةُ فَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ فَيُفْسِدُ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ يَا هِشَامُ مَنْ أَرَادَ الْغِنَى بِلَا مَالٍ وَ رَاحَةَ الْقَلْبِ مِنَ الْحَسَدِ وَالسَّلَامَةَ فِي الدِّينِ فَلْيَتَضرّعْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَسْأَلَتِهِ بِأَنْ يُكَمِّلَ عَقْلَهُ فَمَنْ عَقَلَ قَنِعَ بِمَا يَكْفِيهِ وَمَنْ قَنِعَ بِمَا يَكْفِيهِ اسْتَغْنَى وَمَنْ لَمْ يَقْنَعْ بِمَا يَكْفِيهِ لَمْ يُدْرِكِ الْغِنَى أَبَداً يَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ حَكَى عَنْ قَوْمٍ صَالِحِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ حِينَ عَلِمُوا أَنَّ الْقُلُوبَ تَزِيغُ وَ تَعُودُ إِلَى عَمَاهَا وَرَدَاهَا إِنَّهُ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ مَنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنِ اللَّهِ وَ مَنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنِ اللَّهِ لَمْ يَعْقِدْ قَلْبَهُ عَلَى مَعْرِفَةٍ ثَابِتَةٍ يُبْصِرُهَا وَيَجِدُ حَقِيقَتَهَا فِي قَلْبِهِ وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ كَذَلِكَ إِلَّا مَنْ كَانَ قَوْلُهُ لِفِعْلِهِ مُصَدِّقاً وَسرِّهُ لِعَلَانِيَتِهِ مُوَافِقاً لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْبَاطِنِ الْخَفِيِّ مِنَ الْعَقْلِ إِلَّا بِظَاهِرٍ مِنْهُ وَنَاطِقٍ عَنْهُ يَا هِشَامُ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ u يَقُولُ مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْ‏ءٍ أَفْضَلَ مِنَ الْعَقْلِ وَمَا تَمَّ عَقْلُ امْرِئٍ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ خِصَالٌ شَتَّى الْكُفْرُ وَالشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونَانِ وَالرُّشْدُ وَالْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولَانِ وَفَضْلُ مَالِهِ مَبْذُولٌ وَفَضْلُ قَوْلِهِ مَكْفُوفٌ وَنَصِيبُهُ مِنَ الدُّنْيَا الْقُوتُ لَا يَشْبَعُ مِنَ الْعِلْمِ دَهْرَهُ الذُّلُّ أَحَبُّ إِلَيْهِ مَعَ اللَّهِ مِنَ الْعِزِّ مَعَ غَيْرِهِ وَالتَّوَاضُعُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الشَّرَفِ يَسْتَكْثِرُ قَلِيلَ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِهِ وَيَسْتَقِلُّ كَثِيرَ الْمَعْرُوفِ مِنْ نَفْسِهِ وَيَرَى النَّاسَ كُلَّهُمْ خَيْراً مِنْهُ وَ أَنَّهُ شَرُّهُمْ فِي نَفْسِهِ وَ هُوَ تَمَامُ الْأَمْرِ يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ لَا يَكْذِبُ وَ إِنْ كَانَ فِيهِ هَوَاهُ يَا هِشَامُ لَا دِينَ لِمَنْ لَا مُرُوَّةَ لَهُ وَلَا مُرُوَّةَ لِمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَإِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ قَدْراً الَّذِي لَا يَرَى الدُّنْيَا لِنَفْسِهِ خَطَراً أَمَا إِنَّ أَبْدَانَكُمْ لَيْسَ لَهَا ثَمَنٌ إِلَّا الْجَنَّةُ فَلَا تَبِيعُوهَا بِغَيْرِهَا يَا هِشَامُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام كَانَ يَقُولُ إِنَّ مِنْ عَلَامَةِ الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ يُجِيبُ إِذَا سُئِلَ وَيَنْطِقُ إِذَا عَجَزَ الْقَوْمُ عَنِ الْكَلَامِ وَيُشِيرُ بِالرَّأْيِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ صَلَاحُ أَهْلِهِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ الثَّلاثِ شَيْ‏ءٌ فَهُوَ أَحْمَقُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام قَالَ لَا يَجْلِسُ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ إِلَّا رَجُلٌ فِيهِ هَذِهِ الْخِصَالُ الثَّلَاثُ أَوْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْ‏ءٌ مِنْهُنَّ فَجَلَسَ فَهُوَ أَحْمَقُ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليه السلام إِذَا طَلَبْتُمُ الْحَوَائِجَ فَاطْلُبُوهَا مِنْ أَهْلِهَا قِيلَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَمَنْ أَهْلُهَا قَالَ الَّذِينَ قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَذَكَرَهُمْ فَقَالَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ قَالَ هُمْ أُولُو الْعُقُولِ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام مُجَالَسَةُ الصَّالِحِينَ دَاعِيَةٌ إِلَى الصَّلَاحِ وَآدَابُ الْعُلَمَاءِ زِيَادَةٌ فِي الْعَقْلِ وَطَاعَةُ وُلَاةِ الْعَدْلِ تَمَامُ الْعِزِّ وَاسْتِثْمَارُ الْمَالِ تَمَامُ الْمُرُوءَةِ وَإِرْشَادُ الْمُسْتَشِيرِ قَضَاءٌ لِحَقِّ النِّعْمَةِ وَكَفُّ الْأَذَى مِنْ كَمَالِ الْعَقْلِ وَفِيهِ رَاحَةُ الْبَدَنِ عَاجِلًا وَآجِلًا يَا هِشَامُ إِنَّ الْعَاقِلَ لَا يُحَدِّثُ مَنْ يَخَافُ تَكْذِيبَهُ وَلَا يَسْأَلُ مَنْ يَخَافُ مَنْعَهُ وَلَا يَعِدُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَ لَا يَرْجُو مَا يُعَنَّفُ بِرَجَائِهِ وَ لَا يُقمُ عَلَى مَا يَخَافُ فَوْتَهُ بِالْعَجْزِ عَنْهُ ([5]).ومن أنواع التقليد السلبي على نفس الفرد هي التشبه بالأشخاص أصحاب الفكر السيئ في بعده الفكري والمعرفي والأخلاقي . وهذا ما يراه المتأمل اليوم بشكل كبير في تفكير الكثير من الأشخاص السذج الذين ينبهرون بالمظاهر البراقة والأصوات النشاز التي تملأ العالم ضجيجاً من أجل الفساد والإفساد وتحت عناوين شتى غايتها الأسمى مادية وشهوانية بحتة تخرج الفرد من الغاية الأسمى التي أرادها الله أليه وهي الإنسانية في جميع أبعادها إلى البهامية الناطحة التي همها علفها وقيمتها ما يخرج منها تعيش حياة الغاب في كل صورها وقد نهت الروايات الكثير عن ذلك ومنها التشبه بالنساء والكافر والفاجر وغيرها. - جاء في فِقْهُ الرِّضَا، عليه السلام قَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله وسلم) سَبْعَةً الْوَاصِلَ شَعْرَهُ بِغَيْرِ شَعْرِهِ وَالْمُتَشَبِّهَ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ.([6])- الْمُفِيدُ فِي مَجَالِسِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْمَكِّيِّ عَنِ الشَّيْخِ الصَّالِحِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَرِيكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ بَشِيرٍ الْجُعْفِيُّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليها السلام وَ هِيَ عَجُوزَةٌ كَبِيرَةٌ وَ فِي عُنُقِهَا خَرَزٌ وَ فِي يَدِهَا مَسَكَتَانِ فَقَالَتْ يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ أَنْ يَتَشَبَّهْنَ بِالرِّجَالِ الْخَبَرَ.([7])- وفي دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليه السلام)أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) نَهَى النِّسَاءَ أَنْ يَكُنَّ مُتَعَطِّلَاتٍ مِنَ الْحُلِيِّ أَوْ يَتَشَبَّهْنَ بِالرِّجَالِ وَ لَعَنَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ .([8])وبذلك رسمت الشريعة الخط الصحيح الذي يجب على كل من يرغب النجاة في الدارين طريق الأسوة الحسنة وفق منهج صحيح للتقليد الصحيح في بعده الفكري والعقديوالفقهي والأخلاقي و.. حتى تحافظ على ذلك الفرد من الضياع في غياهب الظلمات التي تبعده عن سر وجوده في الأرض, ومن كل ما تقدم يتضح لنا أن مفهوم الأسوة الحسنة في جميع أبعادها له دور كبير في بناء المجتمع وفق منهجية قرآنية بينها الله تعالى في كتابه المجيد وحث جميع البشرية بالاقتداء بها حتى يجعل منهم مجتمع يرتقي في صفاته وأفعاله إلى أعلى مراتب الإنسانية حتى تسود بينهم المحبة والسلام والوئام والخير الذي يجعل لهم حسن العاقبة في الدارين وحتى يكونوا مصاديق لأوامر الله تعالى العملية. ومن أهم الشخصيات التي أكدت عليها الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة في الرسالة الإسلامية هم النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) وآل بيته الكرام المطهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا . حتى يكونوا هم الأسوة الحسنة حتى يرث الله الأرض ومن عليها . ومن بين تلك الشخصيات المهمة في الحركة الإسلامية على طول الزمان وعرضه هي سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام). التي أكدت الآيات والروايات والسيرة التاريخية لحياتها الطاهرة هي المثل الأسمى في الجانب النوعي في تاريخ الإسلام والأمم السابقة في مفهوم الأسوة الحسنة التي يحتذي بها كل خلق الله تعالى من الجن والأنس والملائكة وليس بني البشر فقط . لأن شخصية الزهراء (عليها السلام) قد جسدت المنهج القرآني بكل أبعادة العقدية والفكرية والمعرفية والأخلاقية والسلوكية و ... وأصبحت ميزان الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) لأنها حجة الله على خلقه . وبالتالي إذا أردنا الوقوف على حياتها الشريفة يجب علينا أن نقرأ تاريخ أبيها أولا ثم بعلها ومن ثم بنيها حتى نستطيع أن نقف على تلك الحقيقة التي أنتجتها الرسالة المحمدية في جميع أبعادها


    [1]
    - سورة آل عمران– آية 33

    [2] - سورة الممتحنة – آية 6

    [3] - مجمع البحرين مجلد 3 – ص 132 -133

    [4]- سورة المائدة – آية 104[5] - الكافي ج : 1 ص : 20

    [6] - مستدرك‏الوسائل ج : 3 ص : 247

    [7] - نفس المصدر

    [8] - نفس المصدر
    التعديل الأخير تم بواسطة ابو محمد السيلاوي; الساعة 17-08-2013, 10:17 AM.

  • #2
    اَللّهُمَّ اَحْيِني حَياةَ مُحَمَّد وَذُرِّيَّتِهِ وَاَمِتْني مَماتَهُمْ وَتَوَفَّني عَلى مِلَّتِهِمْ، وَاحْشُرْني فِي زُمْرَتِهِمْ وَلا تُفَرِّقْ بَيْني وَبَيْنَهُمْ طَرْفَةَ عَيْن اَبَداً فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ
    sigpic
    إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
    ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
    ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
    لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك
      جـــــــــــــــــــــــــــــ الله خير الجزاء ـــــــــــــــــــــــــــــزاك

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X