تذكّر حاجتك لستر الله على عيوبك فلست من العيب خالٍ
للأسف الشديد نحن في زمن ابتلينا فيه بأخطر الأمراض القلبية وأشدها فتكا بالعلاقات الإنسانية ألا وهو
تبرئة النفس من كل عيب رغم مافيها من عيوب ووصفها بصفاء النية والسريرة ومنحها المقام السامي الذي لايمنح لشخص في زمننا هذا إلا أن يمنحه إياه ذوي العرف والألباب والروحانية من خلال مخالطتهم له وتطابق أقواله بأفعاله وانصرافه عن الدنيا بزهد وورع وأقباله على الآخرة
للأسف أصبح كل منا يرى نفسه خاليا من العيوب سليم القلب منزه عن الدنس طيب القلب وكل مايفعله وإن آذى به الناس وجرح قلوبهم فهو بحسن نية وبغير قصد.
بينما يكيل في غيره من الناس العيوب وسواد القلب وليس له شغل شاغل إلا رصد تحركات الغير وأعطاؤها المعنى الخاطئ والنية السيئة ونسوا أن تفسيرهم لتصرفات الغير بهذه الطريقة لهي دليل واضح وبرهان ناطق على فساد طويتهم وسوء سريرتهم وسواد قلوبهم
يستعظم عيوب غيره ويستتفه ذنوبه وعيوبه ويقلل حجمها
لقد علمنا ديننا أن لاننشغل بعيوب الناس عن عيوبنا وأن نبادر لإصلاحها أولا ومتى ما رآنا الناس مبرئين عن كل عيب سنحظى عندهم بمنزلة المربي الفاضل والناصح الأمين وسيتقبلون نقدنا إن كان بناء
أما أن نعيبهم وفي العيب غارقين فواسوأتاه على مافرطنا في حق أنفسنا وعلى ظلمنا لها
والنفس لاترضى أن يظلمها صاحبها ولاتحتمل عقوبه ظلمه للناس وتبليه عليهم
نقل محمد بن الحسين الرضي في ( نهج البلاغة ) عن أمير المؤمنين
( عليه السلام ) أنه قال في النهي عن عيب الناس : وإنما ينبغي لأهل العصمة والمصنوع إليهم في السلامة أن يرحموا أهل الذنوب والمعصية ، ويكون الشكر هو الغالب عليهم والحاجز لهم عنهم ، فكيف بالعائب الذى عاب أخاه وعيره ببلواه ، أما ذكر موضع ستر الله عليه من ذنوبه ما هو أعظم من الذنب الذي عاب به ، فكيف يذمه بذنب قد ركب مثله فإن لم يكن ركب ذلك الذنب بعينه فقد عصى الله فيما سواه مما هو أعظم منه ، وأيم الله لو لم يكن عصاه في الكبير لقد عصاه في الصغير ، ولجرأته على عيب الناس أكبر ، يا عبدالله لا تعجل في عيب عبد بذنبه ، فلعله مغفور له ، ولا تأمن على نفسك صغير معصية فلعلك تعذب عليه ، فليكفف من علم منكم عيب غيره لما يعلم من عيب نفسه ، وليكن الشكر شاغلا له على معافاته مما ابتلى به غيره .
وقال ( عليه السلام ) : من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره ، ومن رضي رزق الله لم يحزن على مافاته ـ إلى أن قال ـ ومن نظر في عيوب الناس ثم رضيها لنفسه فذلك الأحمق بعينه .
وقال ( عليه السلام ) أكبر العيب أن تعيب ما فيك مثله .
وروي أن أبو عبدالله ( عليه السلام ) قال : إذا رأيتم العبد متفقدا لذنوب الناس ناسيا لذنوبه فاعلموا أنه قد مكر به
وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : كان بالمدينة أقوام لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس فأسكت الله عن عيوبهم الناس فماتوا ولا عيوب لهم عند الناس ، وكان بالمدينة أقوام لا عيوب لهم فتكلموا في عيوب الناس فأظهر الله لهم عيوبا لم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا .
و عن أبي عبيدة الحذاء قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر ( عليه السلام ) يقول : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن اسرع الخير ثوابا البر وإن اسرع الشر عقابا البغي ، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه ، وأن يعير الناس بما لا يستطيع تركه ، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه .
أخوتي أخواتي أتمنى أن تتموا هذا الموضوع بإضافاتكم القيمة ليست ما أطلبه الشكر وتقييم الموضوع وإنما إعطاء هذه الظاهرة حقها من المناقشة والإقناع سعيا لتطوير الذات البشرية والسمو بها للكمال الروحي
تعليق