إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

البعد الاجتماعي للشعائر الحسينية - الجزء الرابع/ كتابي اضواء على الشعائر الحسينية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • البعد الاجتماعي للشعائر الحسينية - الجزء الرابع/ كتابي اضواء على الشعائر الحسينية

    أنها أيام تعيشها الأمة تحت كنف سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وفي محرابه وعلى مأدبته يتصالحون بعد خصام ويتواصلون بعد قطيعة ويتحابون بعد جفاء ,يتنافسون لعمل البر والإحسان فيما بينهم لا جدال ولا معصية لله تعالى. أنها ثمار ذلك الفكر الذي صنعته الشعائر الحسينية في مجتمع مسلم يسموا في أيام عاشوراء مع شعائر خطت بالدم في أرض كربلاء المقدسة تسير بهم إلى درجة الكمال الروحي وتصل بهم إلى دولة العدل الإلهي متناسين ما تركه الماضي من تراكمات ومخلفات صنعتها الجاهلية التي لم تنتهي إلا بتلك الدولة الكريمة من خلال تمسكهم بتلك الشعائر المقدسة ومشاركتهم فيها جيلا بعد جيل اجتماع تخلوا فيه المعصية وتسموا فيه الفضيلة لأن الناس المشاركين جميعا قد خيم على نفوسهم الحزن متناسين بذلك كل الغرائز الحيوانية وحب الدنيا وملذاتها في نفوسهم الكسيرة متجهين نحو مدرسة كربلاء معلمهم الحقيقي هو الإمام الحسين(عليه السلام) ومنهاجهم فيها القرآن وعملهم العبادة .أما المعيار الحقيقي لارتباط المجتمع مع الشعائر والنجاح في تلك المدرسة هو التقوى التي قال فيها الله تعالى (إن أكرمكم عند الله اتقاكم) .
    وأهمية هذا المبدأ تتمثل في كونه معيارا تختلف فاعليته تماما عن سائر (المعايير الأخرى) فما دام هدف الإنسان عباديا هو توصيل المبادىء للآخرين وممارسة الأدوار فيه من خلال المنبر الحسيني أو من خلال العزاء بشكل جماعي حينئذ فأن القيمة الفردية تتجسد في مدى الألتزام بالمبادىء العبادية التي تحملها الشعائر الحسينية وهي مبادىء قائمة على أساس التعاون في المستوى الاجتماعي وعلى الألتزام بالأوامر والنواهي في المستوى الفردي والجماعي للمشاركين في تلك الشعائر الحسينية والأهم في ذلك هو أن المعيار متاح لجميع الأفراد مهما ضؤل مستواهم العقلي والفكري أو الثقافي أو الاجتماعي .......الخ أن يتميع بتلك الدرجة من التقوى (إن أكرمكم عند الله اتقاكم) .ومن خلال تلك الشعائر تبرز سمات وطاقات جليلة يحتاجها المجتمع حتى يتكامل .ومن تلك السمات .
    التنافس الذي يحصل بين الأفراد المشتركين في مواكب العزاء أو في خدمة المعزين من خلال توفير جميع المستلزمات التي يحتاجها المشارك ,أو من خلال خدمة قضية الإمام الحسين(عليه السلام) في المشاركة في ألقاء المحاضرات أو القصائد الشعرية أو كتابتها أو أبذال الطعام والشراب أو المال وما شابه ذلك من أعمال تصب في خدمة القضية وصاحبها .
    والتنافس : هو عمل فردي أو جماعي يقام به على أفضل وجه (أي كل فرد أو مجموعة تتنافس مع مجموعة أخرى لتقديم أفضل الخدمات للمشاركين ) .ومثال ذلك ما يحصل بين خدمة المساجد والحسينيات والمواكب للمشاركين من أعلى درجات الخدمة أو ما يحصل من تفاعل بين المواكب أثناء اجتماعها بالساحات العامة أو الحسينيات والمساجد في تقديم أفضل ما عندها من أعمال أو مشاركات بين أفرادها أثناء المراسيم أو من خلال أداء الخطباء أفضل ما عندهم للتأثير في المتلقين من الحضور حتى يتفاعلوا مع القضية .الكل يبحث عن أفضل ما عنده حتى الذين يقومون على خدمة المشاركين في المواكب أو الجالسين في المآتم للاستماع تراهم يتنافسون في تقديم الأفضل للناس خدمة للإمام الحسين(عليه السلام) والحصول على أعلا الدرجات من الثواب الجزيل من عند الله تعالى .لأن تلك الشعائر هي شعائر الله ونصرتها والعمل بها هو نصرة له سبحانه وطاعة لأوامره ما دام ذلك الفعل من أفعال الخير وتهدف إلى تحقيق العمل العبادي الذي أمر به .
    أما السمة الاجتماعية الأخرى التي تبرزها الشعائر الحسينية هي سمة التعاون .وهذه السمة تكون وفق التوجيه القرآني القائل(تعاونوا على البر والتقوى ولا تتعاونوا على الإثم والعدوان)(1) .
    إن هذه التوصية تلخص مفهوم (التعاون) في معيار الخير والصلاح في بناء المجتمع .ترسم الخط الصحيح للتعاون لذلك ترى هذا المفهوم وبصورة الصحيحة متبلور في أيام عاشوراء من خلال ( العمل الجماعي المشترك أو في أنجاز الأعمال التي تحتاج إلى عمل مشترك وتقديم المساعدات المادية للمساجد أو الحسينيات أو لبعض الأشخاص أو المعوزين ) معيارهم في كل الأعمال هو التقوى الذي اشترطته الآية الكريمة (إنما يتقبل الله من المتقيين) في تحقيق مبدأ التعاون حيث لا يمكن أن يتم تعاون على البر دون أن تصحبه التقوى التي تعني الحرص على أداء الفعل وفق المبادىء التي حددتها الشريعة (كالمساعدة بلا منَّ). ويقترن مفهوم التعاون بجملة من الممارسات التي تشدد التوصيات الإسلامية والتي أشرنا أليها سابقا مثل التعاون في قضاء حاجات الناس من خلال المساعدات التي تقدم إلى المساجد والحسينيات والمآتم والمواكب في أيام عاشوراء.
    والسمة الاجتماعية الأخرى التي تتسم بها الشعائر الحسينية هو ذوبان التفاوت الطبقي في ذلك المجتمع المشارك فيها أي انك عندما تجالس ذلك الجمع الكبير أيام عاشوراء في أماكن العزاء والإطلاع على تفاصيل حياتهم العلمية والمادية والاجتماعية أو حتى المركز المتقدم في دوائر الدولة .ترى إن المجلس يحضى بحضور كافة طبقات المجتمع لا يوجد ما يميز طبقة عن الأخرى كلها تذوب أمام القضية التي تجمعهم لأنها تخصّهم جميعا ويشتركون في أحياءها وكل فرد منهم يحس بالمسؤولية الفردية
    1 ـ سورة المـــائدة / آيــة 2

    للمشاركة مع الجماعة في أحياء تلك الشعائر . لذلك ترى الطبيب والمهندس والقاضي والصحفي و السياسي و الفلاح والبقال والعامل وحتى الطفل والمرأة جميعا يشتركون فيها ويتركون أعمالهم اليومية ومراكزهم الإدارية والاجتماعية التي تشغلهم عن تأدية ذلك الواجب المقدس وهذه درجة رفيعة المستوى في نكران الذات الإنسانية والملذات الدنيوية والإحساس بروح عالية بالعمل الجماعي المشترك مما يترك أثره في الشارع الإسلامي على كافة الأصعدة وبكل مجالات الحياة اليومية للأفراد وخاصة في بناء روح المساواة بينهم وعدم الشعور بالتفاوت الطبقي الذي تسبب كثيرا من الأمراض الاجتماعية .
    عن الإمام أبي جعفر(عليه السلام):قال(إن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أدخل الله عز وجل يده بين أيديهم وأقبل بوجهه على أشدهما حبا لصاحبه فإذا أقبل الله عز وجل بوجهه عليهما تحاتت عنهما الذنوب كما يتحات الورق من الشجر )(1) .
    عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يحيى بن مبارك عن عبد الله بن جبلة عن إسحاق بن عمار قال(دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام) فنظر إلي بوجه قاطب فقلت ما الذي غيرك لي قال الذي غيرك لإخوتك بلغني يا إسحاق أنك أقعدت ببابك بوابا يرد عنك فقراء الشيعة فقلت جعلت فداك إني خفت الشهرة فقال أفلا خفت البلية أو ما علمت أن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أنزل الله عز وجل الرحمة عليهما فكانت تسعة وتسعون لأشدهما حبا لصاحبه فإذا توافقا غمرتهما الرحمة فإذا قعدا يتحدثان قال الحفظة بعضهما البعض اعتزلوا بنا فلعل لهما سرا وقد ستر الله عليهما فقلت أليس الله عز وجل يقول(ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) فقال يا إسحاق إن كانت الحفظة لا تسمع فإن عالم السر يسمع ويرى )(2) .
    1ـ الكـافي / ج 2 ص 179 2 ـ الكافي / ج 2 ص 182


    وهكذا تتواصل النفحات القدسية من فيض بركات الرب العزيز على المشاركين في الشعائر الحسينية واحدة تلو الأخرى لترسم مستقبل الأمة الوضاء وتطرزه بقناديل النور القرآني حتى تضيء دروب العالم من بعد ظلمة سادتها في العصور المظلمة التي حكمها الطغاة بقوانين الظلم والتعسف والاضطهاد والجهل حتى تصل إلى سمة أخرى لتستكمل المنهاج والتي تشترك مع مثيلاتها في بناء الإطار الاجتماعي العام لأفراد المجتمع المسلم الذي أراده الله تعالى ألا وهي سـمة (التكييف) .ويمكن تعريف بأنه تمرين الشخصية وترويضها على تقبل الآخر بشرا كان أو موقفا .أي إحداث العلاقة المرنة أو معايشة مفهوم(الألفة) .وإذا كان التعاون يشكل عملية اجتماعية خاصة بين المؤمنين في اشتراكهم في الشعائر الحسينية فأن التكيف يشكل الوجه الآخر من التفاعل .وذلك التكيف سوف يقضي على درجة التفاوت بين المسلمين المشتركين في تلك الشعائر مع بعضهم .حتى لو كان ذلك الاختلاف ثقافيا أو اجتماعيا أو أيدلوجيا.
    ويكون التكيف هو المحور الرئيسي لذوبان الطبقية في المجتمع حسب التوصيات الإسلامية القائلة(لا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف) .
    مما جعل ذلك الطيف الاجتماعي الذي تختلف ألوانه أن يتعاشروا ويتجاملوا مع بعضهم وينسجموا مع بعضهم البعض ويعملوا من أجل تحقيق هدف عبادي واحد وهو إحياء الشعائر الحسينية مثل حضورهم في صلاة الجماعة والجمعة أو في الزيارات المخصوصة تراهم مجتمعين متحابين متسامحين متعاونين ساعين في رضا الله تعالى ورضا نبيه وآله (عليهم أفضل الصلاة والسلام) .
    ويمكن في الواقع أن نجد ثلاث أشكال من العلاقات الاجتماعية القائمة على التكييف في أيام عاشوراء .
    1ـ علاقة المؤمنين مع بعضهم في المجالس والمآتم والمساجد والمواكب أثناء العزاء وبدونه .
    2ـ علاقة المؤمنين مع بعض الغير متدينين من الحضور أو أقل وعيا والتزاما بمبادىء الإسلام وهذا واضح جدا وفيه يتم كسب كثير من هذه النماذج في المواكب الحسينية ومحاولة رفع مستواهم الثقافي العام وحركتهم الاجتماعية الفاعلة.
    3ـ علاقة المؤمنين مع المخالفين لهم في الفكر أو العقيدة وهذا واضح من اشتراك كثير من المخالفين لمذهب التشيع أو الدين الإسلامي كالأخوة المسيح أو الصابئة أو السيك والهندوس وبعض القوميات والأديان التي لها إطلاع على تاريخ الطف وقضية الإمام الحسين(عليه السلام) وعن أحداث واقعة الطف وما دار فيها .في أحياء الشعائر الحسينية أيام عاشوراء. وهذا إن دل فأنه يكشف عن قوة الرابطة الاجتماعية لما تحمله الشعائر الحسينية في بناء المجتمع الإنساني والجانب الاجتماعي من وحدة التلاحم بين تلك الأطياف .
    وبتلك السمات الرفيعة يرتقي الفرد المؤمن بالشعائر والممارس لها ويعرف فلسفتها وأثرها في بناء النفس الإنسانية في إشاعة مجتمع متآخي يحب الخير والسلام والأمان لكل البشر دون استثناء أحد أو فئة أو طائفة كلهم عيال الله ويعيشون تحت ظل خيره الوارف ويمكن أن ينتج من ذلك عدة أمور لها ارتباط على كافة الأصعدة الفردية والاجتماعية النفسية والسياسية والعقائدية تعمل ضمن منظومة واحدة تسمى القيم والمبادىء.
    ويمكن تلخيص مجموعة تلك القيم والمفاهيم تحت العناوين التالية
    1ـ التصدي لتحريف تلك الواقعة عن أهدافها .
    2ـ مقارعة ظلم الطواغيت وجور الحكومات .
    3ـ عزة الإنسان وكرامته .
    4ـ ترجيح الموت(بالقتل) على الحياة الذليلة .
    5ـ انتصار الدم على السيف والشهادة على الفجاعة .
    6ـ استقبال الموت .
    7ـ إحياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
    8ـ الرجولة والمروءة حتى في التفاعل مع العدو .
    9ـ رفض المساومة على الجور والرضوخ للظلم .
    10ـ إصلاح المجتمع .
    11ـ العمل بالتكليف لنيل رضا الله تعالى .
    12ـ العمل بالتكليف سواء أدى إلى النصر أو الشهادة .
    13ـ الجهاد والفداء الشامل .
    14ـ التضحية في النفس في سبيل إحياء الدين .
    15ـ مزج العرفان بالحماس والجهاد بالبكاء .
    16ـ القيام المخلص لله .
    17ـ الصلاة في أول وقتها .
    18ـ الشجاعة .
    19ـ الثبات في مقابل العدو .
    20ـ الصبر والمقاومة في سبيل الهدف حتى الموت .
    21ـ الإيثار والوفاء .
    22ـ غلبة الفئة القليلة على الفئة الكثيرة من أهل الباطل .
    23ـ مناصرة إمام الحق .
    24ـ البراءة من حكام الجور .
    25ـ صيانة كرامة الأمة الإسلامية.
    26ـ تلبية نداء استجابة المظلومين .
    27ـ تضحية الناس في سبيل القيم .

  • #2
    احســــــــــــــــ بارك الله فيك ـــــــــــــــــــــــــــــــــــنتم
    وجعلك من السباقين لكتابة الخير الذي يفيد المجتمع الاسلامي

    تعليق


    • #3
      السلام عليكم موفق بحق آل محمد
      sigpic
      إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
      ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
      ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
      لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

      تعليق


      • #4
        بارك الله بك ايها المؤلف
        أبا الفضل عشقي الازلي
        sigpic

        تعليق


        • #5
          حسين منجل العكيلي

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
          x
          يعمل...
          X