تويت
وإلى غير ذلك من الأمور استطاعت الشعائر الحسينية بكل أدواتها من ترسيخ المفاهيم الجديد في خط الثقافة العربية والإسلامية وحتى العالمية لأن أهداف ثورته لم تكن لفئة دون أخرى ولا قومية دون أخرى ولا جنس دون آخر ولا مكان دون آخر لذلك ترى إن الأدب العالمي قد وجد ضالته فيها ولكن الفكر الشيعي قد تميز على باقي تلك المذاهب الفكرية في هذا الأمور كونه قد قرأ النص بشكل أكثر موضوعية بما يتناسب والغاية التي جاء من أجلها وهو في تماس مباشر مع مكوناتها الفنية والصورية والإيقاعية من حيث المكان والزمان والاعتقاد لذلك ترى انفراده بتلك الثقافة الثرية التي ميزته عن باقي المذاهب الفكرية مما ترك ذلك على الشارع الشيعي تراثا ثقافيا في كل الجوانب العلمية والمعرفية من خلال الاستماع للمحاضرات التي يلقيها الخطباء والتي يقوم بأعدادها من كتب التاريخ والفقه والأدب وباقي الكتب التي تدخل ضمن أطار الموضوع الذي سوف يتحدث عنه لذلك تراه يحوي كثير من المعارف التي ترفع المستوى الثقافي العام للحضور لذلك ترى أفراد المذهب الشيعي يتميزون عن باقي أفراد المذاهب بثقافة أصيلة نابعة من الإسلام الحقيقي بعكس أفراد تلك المذاهب التي لاتتمتع بتلك المعارف وذلك لعدم تبني تلك المذاهب هذه الشعائر لذلك ترى أفرادهم لا يملكون أي مستوى ثقافي إلا بشكل محدود ولكنه ناقص بسبب نظرتهم الضيقة لتلك العلوم المعرفية وتأثيرها على وجدان الأفراد وبما ينعكس سلبا على حركتهم الثقافية عامة وانشغالهم بالجوانب المادية الفارغة عن وجود الروح والمتعة فيها وهذا نابع من العقيدة الناقصة التي يتبناها ذلك الفكر وتركهم جوهر الدين وسبل الوصول أليه بسبب قصور العقلية والبعد الذهني لهم لذلك ترى الفرد منهم لا يعرف أبسط المسائل العبادية والتاريخية .وفلسفة أحكامها, أما الفرد الشيعي الذي يواصل الحضور المستمر في تلك المجالس التي تشمل تلك المحاضرات من الخطباء ويتفاعل مع ما فيها من طرح فكري ,تراه ملما بكثير من المعارف التاريخية منها والفقهية والعقائدية إضافة لذلك الثقافة العامة مثل معرفته جوانب الخطابة أو صفات الخطيب الناجح وكذلك معرفته بأنواع كثير المقامات التي تكون عادة مهمة في معرفة تلاوة القرآن الكريم أو الأدعية أو الأناشيد والموشحات الدينية أو قراءة المراثي الحسينية وكذلك معرفة قراءة القصائد الشعرية ومخرج الحروف بما يتناسب مع كل لون كما تمكنه من معرفة بحور الشعر العربي لمن عنده موهبة كتابة الشعر وبكل أنواعه . وكل تلك الأمور وفرها ذلك الصرح الشامخ ألا وهو التمسك بالشعائر الحسينية وما جاء من بيت النبوة(عليهم السلام) في إحياءها,ولم يقف الأمر عند هذا الحد من الأعمال بل جوانب الأدب التي تحمل أسم خاص به أنه أدب عاشوراء أو أدب الطف أو أدب الحسين(عليه السلام) والكل يصب في نفس المصب الذي وجدت من أجله ,والأدب هنا على كافة أنواعه ومنها الشعر بجميع أنواعه(العمودي والحر والشعبي والخاطرة الشعرية والمقطوعات النثرية المعبرة عن حال الفاجعة) وكذلك القصة الطويلة والقصيرة والرواية القصصية وكتب السيرة التاريخية وفلسفة الثورة وشرح أهدافها التعبوية والمعنوية ولو أحصينا تلك المعارف وتلك الكتب التي تم تأليفها منذ عصر الواقعة وحتى اليوم لفاقت التصور من كثر ما كتب في هذا المجال حتى فاق جميع القضايا التاريخية والعلمية في كافة المجالات الحياتية وهذا دليل على مدى خطر هذه القضية في التاريخ الإنساني القديم والحديث ومدى ملامسته لوجدان الإنسان الشيعي وانعكاسه على الشارع الإسلامي والعالمي حتى أنك ترى كثير من أدباء تلك المذاهب قد وجدوا ما يبحثون عليه في تراث ثقافة عاشوراء ,ولا نبالغ إذا قلنا إن واقعة الطف قد وجدت لها الصدى الكبير في الأدب العالمي دون تمييز بين المذاهب الفكرية من أصحاب الدين الواحد أو الديانات الأخرى أو القوميات المختلفة , وبذلك أصبحت مدرسة عاشوراء جامعة تخرج الأجيال في أصقاع الأرض ومثال على ذلك الشاعر المسيحي بولس سلامة اللبناني الذي تغنى بقصائد كثيرة في حب أهل البيت(عليه السلام) حتى فاضت بقصائده الكتب وأصبحت على كل لسان وكذلك الشاعر الصابئي العراقي عبد الرزاق عبد الواحد وقصيدته في الإمام الحسين(عليه السلام) والتي يقول في مطلعها :ـ
قدمت وعفوك عن مقدمي ..... حسيرا أسيرا كسيرا ظمي
قدمت لأحرم في رحبتيــك ..... سلام لمثواك من محـرم
فمنذ كنت طفلا وجدت الحسـ ..... ين منارا إلى ضوءه أنتمي
ومذ كنت طفلا وجـت الحسـ ..... ين ملاذا بأسواره أحتمـي
ومذ كنت طفلا عرفت الحسـ ..... ين رضاعا وللأن لم أفطم
قدمت لأحرم في رحبتيــك ..... سلام لمثواك من محـرم
فمنذ كنت طفلا وجدت الحسـ ..... ين منارا إلى ضوءه أنتمي
ومذ كنت طفلا وجـت الحسـ ..... ين ملاذا بأسواره أحتمـي
ومذ كنت طفلا عرفت الحسـ ..... ين رضاعا وللأن لم أفطم
حسين منجل العكيلي
تعليق