إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

البعد النفسي والتربوي للشعائر الحسينية - الجزء الثاني/ اضواء على الشعائر الحسينية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • البعد النفسي والتربوي للشعائر الحسينية - الجزء الثاني/ اضواء على الشعائر الحسينية

    أما من الناحية الاجتماعية فأن الفرد منذ طفولته تنمو لديه القدرة بالتدريج على إنشاء العلاقات الاجتماعية الفعالة مع الآخرين . فهو يكتسب الأساليب السلوكية والاجتماعية والاتجاهات والقيم والمعايير ويتعلم الأدوار الاجتماعية ,وهو يتعلم التفاعل الاجتماعي مع رفاق السن وينمو أخلاقيا معهم ودينيا وينمو الصغير ويتعلم التمييز بين الصواب والخطأ والخير والشر ومعايير الأخلاقية والقيم ,ويتوحد مع أفراد نفس الجنس ويتعلم الدور الجنسي في الحياة ,ويتعلم المشاركة في المسؤولية الاجتماعية وتتكون مفاهيم الواقع الاجتماعي ,وينمو مفهوم الذات , ويمتد الاهتمام إلى خارج حدود الذات ,ويختار مهنة ويستعد لها ويمارسها ويتوافق معها ويحقق الاستقلال اقتصاديا ويستعد للزواج والحياة العائلية المشتركة ويدخل فيها ويكوّن الأسرة ويقوم بالتنشئة الاجتماعية للأطفال والمراهقين ,ويتقبل التغيير الاجتماعي المستمر ويتوافق معه ومع الجيل التالي ويقوم بالواجبات الاجتماعية الوطنية .وينمي المهارات الاجتماعية التي تحقق التوافق الاجتماعي السوي .
    إن كل فرد منا في تفاعله مع الجماعة حيث يتحدد سلوكه بعوامل كثيرة بدون أن يدرك هذه العوامل الإدراك السليم ولا شك إن علاقة معرفة هذه العوامل تؤدي إلى أمكانية تعديل سلوك الفرد وسلوك الجماعة تعديلا قائما على الفهم السليم والتفسير والضبط والتنبؤ. فمثلا نجد أن معرفة أثر الأنواع المختلفة للقيادة وطرق الاتصال ومناخ الجماعة...الخ يسهل مجريات الأمور في جماعة حين يصبوا إلى هدف معين .وهذا النوع من الهندسة الاجتماعية يمكن أن يخدم ويفيد في كثير من المجالات السلوكية الفردية والاجتماعية.([1])
    أما إذا عدنا إلى بداية الخلق للإنسان فنلاحظ إن في طبيعة خلق الإنسان وجدت فيه استعدادات لقبول الخير والشر ,قال تعالى(فَألْهَمَها فُجوُرها وَتَقْواها )([2])
    عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال فألهمها فجورها وتقواها قال بين لها ما تأتي وما تترك ) .
    الفجور على ما ذكره الراغب (شق ستر الديانة ) فالنهي الإلهي عن فعل أو ترك حجاب مضروب دونه حائل بين الإنسان وبينه واقتراف المنهي عنه شق ستر وخرق للحجاب وهو التقوى على ما ذكره الراغب ,جعل النفس في وقاية مما يخاف ,والمراد بها بقرينة المقابلة في الآية بينها وبين الفجور ,التجنب عن الفجور والتحرز عن المنافي وقد فسرت في الرواية بأنها الورع عن محارم الله تعالى والإلهام الإلقاء في الورع هو أفاضته تعالى الصور العلمية من تصور أو تصديق على النفس , وتعليق الإلهام على عنواني فجور النفس وتقواها للدلالة على المراد تعريفه تعالى للإنسان......الخ([3])
    وهذه الاستعدادات عادة تكون لها تأثير مباشر على تلك النفس الإنسانية من حيث السلب والإيجاب . أي أن الإنسان الذي يسير على خط الهداية تجده يحمل في داخل كينونته نفس صافية من الشوائب والأدران والأمراض التي تتركها ممارسة الفجور على بناء شخصيته وبالتالي تنعكس على علاقته مع أفراد المجتمع . أما إذا تشبعت النفس بالشوائب والأدران والأمراض من ممارسة الفجور والعصيان والتمرد والحسد والحقد فأن تأثيرها يرد سلبا في العلاقة مع أفراد المجتمع حتى تصل إلى حد الانطواء والانزواء في عزلة مقيتة يفرضها هو على نفسه لأنه يخشى الناس والاختلاط لأنه يظهر بمظهر ناقص أو قاصر وهذا ما يعاب عليه لذلك تراه يتجنب المواجهة مما تترك أثر سيئا على سلوكه حتى تكاد توصله إلى الجنون وبذلك يفقد آدميته ويصنف من البهائم الشرسة ذات النفس السبعية التي تكون غايتها معيشتها حتى لم كانت على حساب الآخرين بدون استثناء (الصراع من أجل البقاء) أو إن المجتمع يفرض عليه مقاطعة تكون نتائجها تصب في نفس النتائج بسبب سلوكياته معهم .والسبب في ذلك الأمر يعود في تأثير أرتكاب المعصية التي يرتكبها ذلك الفرد ومدى تأثيرها في نفسه من خلال ما تسلبه تلك المعصية من مكونات نفسه التي جعلها الله له فيها من حب الخير الذي أشارت له الآية أعلاه ويتحول ذلك المكون تدريجيا إلى مكونات بديلة سلبية على النفس الإنسانية والتي لا يتصف بها إلى الخارج عن النظم الكونية في حقيقة التكوين الذي جعله الله تعالى . لذلك أنك ترى شارب الخمر الذي يتناول تلك المسكرات المحرمة لا يملك كثيرا من بناء الشخصية لذلك تراه ضعيفا ومتهورا وغير منتظم في تصرفاته يغضب أمام أبسط المصاعب التي تصادفه في حياته اليومية ويحاول أن يعوض ذلك الضعف من خلال شرب الخمر معتقدا أن تلك المادة تعوضه عن ذلك الضعف الذي يصيبه ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما لأن تلك الصفة الذميمة تضعف بناء شخصيته أكثر مما يعتقد وتجعله إنسانا ضعيف صاحب شخصية مهزوزة لا تستطيع أن تأخذ قرار صائبا في الوقت اللازم حتى تنجيه من التهلكة وبمرور الأيام يفقد امتلاك الحس الإنساني والوجداني والخجل والحياء الفطري ويصبح كائنا بلا قيمة إنسانية ولا قيمة نفعية للمجتمع (إنسان غير منتج) أي أنه يصبح عالة على غيره أو على المجتمع بمرور الوقت وإن طال ( هذا إذا لم يقتله ذلك السم القاتل بأسرع من أقران لما يحمله من تأثيرات على الأنسجة والدماغ وأعضاء الجسم ) وبالتالي تصنع منه تلك العادة السلبية شخصية سلبية أنطوائية أو متهورة والاثنين لها تأثيرات على نفسه وعلى غيره . إلا مع أقرانه من أصدقاء السوء أو الفوضويين قد يجد شيئا من الراحة المزيفة في ذلك المجتمع الفاسد وبالتالي تكون تلك الثلة بحاجة إلى إصلاح وتوعية ورفع من ذلك الواقع التي تعيش به وهكذا مع باقي المعاصي (الأمراض النفسية) الأخرى مثل السرقة فأن تلك الصفة المرضية البذيئة لها جانب سلبي في بناء النفس الإنسانية للأفراد لأنها تفقد منهم كثيرا من المعاني السامية التي أوجدها الله تعالى في فطرتهم والتي خلقوا وجبلوا وفيها الكثير من المعاني تلك وبالتالي تعمل تلك الصفة(السرقة) مع باقي أقرانها على تحويل ذلك الجهاز الإنساني إلى جهاز آخر يتمتع بصفات بعيدة عن صفاته الأولى وبذلك تنسلب منه صفة الإنسانية ويتحول إلى كائن آخر يحمل حقيقة باطنية أخر لا تنطبق مع الظاهر .
    وخير دليل على ما تقول رواية الإمام علي بن الحسين(عليه السلام)وهو واقف بعرفات للزهري كم تقدر ها هنا من الناس قال أقدر أربعة آلاف ألف وخمسمائة ألف كلهم حجاج قصدوا الله بآمالهم ويدعونه بضجيج أصواتهم(فقال له يا زهري ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج)فقال الزهري كلهم حجاج أم هم قليل ,فقال له يا زهري أدن لي وجهك فأدناه إليه فمسح بيده وجهه ثم قال أنظر فنظر إلى الناس .قال الزهري فرأيت أولئك الخلق كلهم قردة لا أدرى إنسانا إلا في عشرة آلاف واحد من الناس ثم قال لي أدن يا زهري فدنوت منه فمسح بيده وجهي ثم قال أنظر إلى الناس ,قال الزهري فرأيت أولئك الخلق ذئبة إلا تلك الخصائص من الناس نفرا يسير فقلت بأبي وأمي يا أبن رسول الله قد أدهشني آياتك وحيرتني عجائبك ,قال يا زهري ما الحجيج من هؤلاء إلا النفر اليسير الذين رأيتهم بين هذا الخلق الجم الغفير .ثم قال لي أمسح يدك على وجهك ففعلت فعاد أولئك الخلق في عيني ناسا كما كانوا أولا ثم قال من حج ووالى موالينا وهجر معادينا ووطن نفسه إلى طاعتنا ثم حضر هذا الموقف مسلما للحجر الأسود ماقلده الله من أماناتنا ووفيّا بما لزمه من عهودنا فذلك هو الحاج والباقون هم من قد رأيتهم يا زهري ,يا زهري حدثني أبي عن جدي رسول الله(ص) أنه قال ليس الحاج المنافقين والمعادين لمحمد ومحبيهما(صلوات الله عليهما)الموالين لشانئهما ,وإنما لحاج المؤمنون المخلصون الموالون لمحمد وعلي (ص) ومحبيهما المعادون لشانئهما .إن هؤلاء المؤمنين الموالين لنا المعادين لأعدائنا أنوار في عرصات القيامة على قدر موالاتهم لنا فمنهم من تسطع نوره مسيرة ألف سنة ومنهم من يسطع نوره مسيرة ثلاثمائة ألف سنة وهو جميع مسافة تلك العرصات ومنهم من يسطع نوره إلى مسافات بين ذلك يزيد بعضها على بعض على قدر مراتبهم في موالاتنا ومعاداة أعدائنا يعرفهم أهل العرصات من المسلمين والكفار بأنهم الموالون المتولون والمتبرءون . يقال لكل واحد منهم يا ولي الله أنظر في هذه العرصات إلى كل من أسدى إليك في الدنيا معروفا أو نَفَسَ عَنِك كربا أو أغاثك إذ كنت ملهوفا أو كف عنك عدوا أو أحسن إليك في معاملتِهِ فأنت شفيعه فإن كان من المؤمنين المحقين زيد شفاعته في نعم الله عليه وإن كان في المقصرين كفي تقصيره بشفاعته وإن كان من الكافرين خفِفِ من عذابه بقدر حسناته إليه وكأني بشيعتنا هؤلاء يطيرون في تلك العرصات كالصقورة والبزاةِ فينقضون على من أحسن في الدنيا أليهم انقضاض البزاة والصقورة على اللحوم فتلقفها وتحفظها .فكذلك يلتقطون من شدائد العرصات من كان أحسن إليهم في الدنيا فيرفعونهم إلى جنات النعيم . قال رجل لعلي بن الحسين(عليه السلام) يا أبن رسول الله إنا إذا وقفنا بعرفات وبمنى ذكرنا الله ومجدناه وصلينا على محمد وآله الطيبين وذكرنا آبائنا أيضا بمآثرهم ومناقبهم وشريف أعمالهم نريد بذلك قضاء حقوقهم ,فقال علي أبن الحسين(عليه السلام) أولا أنبئكم بما هو أبلغ في قضاء الحقوق من ذلك قالوا بلى يا أبن رسول الله ,قال أفضل من ذلك أن تجددوا على أنفسكم ذكر توحيد الله والشهادة به وذكر محمد رسول اله (والشهادة له) بأنه سيد المرسلين و(ذكر) علي ولي الله والشهادة له بأنه سيد الوصيين وذكر الأئمة والطاهرين من آل محمد الطيبين بأنهم عباد الله المخلصين .إن الله عز وجل إذا كان عشية عرفة وضحوة يوم منى باهى كرام الملائكة بالواقفين بعرفات ومنى وقال لهم هؤلاء عبادي وإمائي حضروني ها هنا من البلاد السحيقة البعيدة شعثا غبرا قد فارقوا شهواتهم وبلادهم وأوطانهم وأخَدَانهم ابتغاء مرضاتي ألا فانظروا إلى قلوبهم وما فيها فقد قويت أبصارهم يا ملائكتي على الإطلاع عليها,قال فيطلع الملائكة على القلوب فيقولون يا ربنا أطلعنا عليها وبعضها سود مدلهمة يرتفع منها دخان كدخان جهنم ,فيقول الله أولئك الأشقياء الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا تلك قلوب خاوية من الخيرات خالية من الطاعات مصرّة على المرديات المحرمات تعتقد تعظيم من أهنّاه وتصغير من فخّمناه وبجّلناه لئن وافوني كذلك لأشددن عليهم عذابهم ولأطلين حسابهم تلك قلوب اعتقدت أن محمد رسول الله(ص) كَذَبَ على الله أو غلط عن الله في تقليده أخاه ووصيه إقامة أََوَدِ عباده والقيام بسياستهم حتى يرد الأمن في إقامة الدين في إنقاذ الهالكين وتعليم الجاهلين وتنبيه الغافلين الذين بئس المطايا إلى جهنم مطاياهم ثم يقول الملائكة أنظروا فينظرون يا ربنا قد أطلعنا على قلوب هؤلاء الآخرين وهي بيض مضيئة ترفع عنها الأنوار إلى السماء والحجب وتمزقها إلى أن تستقر عند ساق عرشك يا رحمان ,يقول الله عز وجل أولئك السعداء الذين تقبل الله أعمالهم وشكر سعيهم في الحياة الدنيا فإنهم قد أحسنوا فيها صنعا,تلك قلوب حاوية للخيرات مشتملة على الطاعات مدمنة على المنجيات المشرفات تعتقد تعظيم من عظمناه وإهانة من أرذلناه لئن وافوني كذلك لأثقلن من جهة الحسنات موازينهم ولأخففن من جهة السيئات موازينهم ولأعظمن أنوارهم ولأجعلن في دار كرامتي ومستقر رحمتي محلهم وقرارهم تلك قلوب اعتقدت أن محمد سول الله (ص) هو الصادق في كل أحواله المحقق في كل أفعاله الشريف في كل خلاله المبرز بالفضل في جميع خصاله وأنه قد أصاب في نصبه أمير المؤمنين عليا إماما وعلما على الدين واضحا.واتخذوا أمير المؤمنين إمام هدى واقيا من الردى .الحق ما دعا أليه والصواب والحكمة ما دل عليه والسعيد من وصل حبله بحبله والشقي الهالك من خرج عن جهة المؤمنين(به) والمطيعين له نعم المطايا إلى الجنان مطاياهم سوف ننزلهم منها أشرف غرف الجنان ونسقهم من الرحيق المختوم من أيدي الوصائف والولدان وسوف نجعلهم في دار السلام من رفقاء محمد نبيه زين أهل السلام وسوف يضمنهم الله ثم إلى حملة شيعة علي القرم الهمام فنجعلهم بذلك ملوك جنات النعيم الخالدين في العيش السليم والنعيم المقيم هنيئا لهم بما اعتقدوا وقالوا بفضل الله الكريم الرحيم نالوا ما نالوا)([4])


    [1] - كتاب علم الاجتماع / د حامد عبد السلام زهران

    [2] - سورة الشمس / آيـة 8

    [3] - المـيزان / ج 20 ص 426

    [4] - مسـتدرك الـوسـائل / ج 10 ص( 40 ـ 43 ) .


  • #2
    بارك الله فيك وبجهودك الكبيرة في خدمة سيد الشهداء عليه السلام
    اسال الله تعالى ان يجعلها في ميزان حسناتك
    حسين منجل العكيلي

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة ابوعلاء العكيلي مشاهدة المشاركة
      بارك الله فيك وبجهودك الكبيرة في خدمة سيد الشهداء عليه السلام
      اسال الله تعالى ان يجعلها في ميزان حسناتك
      شكرا لك أخي العزيز لمرورك في جميع مساهماتي وأرجوا أن أكون عند حسن ظنك ويتقبل الله مني ومنك صالح الأعمال ............. جمعة مباركة

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X