تويت
روائع نهج البلاغة
من كلام لأمير ال مؤمنين علية السلام للصحابي العظيم أبي ذر الغفاري، لما أخرجه الخليفة الثالث إلى (الربذة) وهو موضع قفر على قرب من المدينة، وبعث من ينادي في الناس: (ألا لا يكلم أحد أبا ذر ولا يشيعه !) وقدتحاماه الناس إلا ابن أبي طالب، وعقيلا أخاه، والحسن والحسين ولديه، وعمارا: (ياأبا ذر، إنك غضبت لله فارجُ من غضبت له. إن القوم خافوك على دنياهم، وخفتهم علىدينك، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه، واهرب بما خفتهم عليه، فما أحوجهم إلى مامنعتهم، وما أغناك عما منعوك ! لو أن السماوات والأرض، كانتا على عبد رتقا، ثماتقى الله، لجعل الله له منهما مخرجا ! لا يؤنسنك إلا الحق ولا يوحشنك إلا الباطل ، فلو قبلت دنياهم لأحبوك، ولو قرضت منها لأمنوك).
وقد حمل هذا الخطاب عدة معايير تستحق أن يغضب لها المؤمن لله عز وجل، ومن غضب له سبحانه كان رجاؤه منه وحده، أي لا يطلبن أحد أجرا على قول الحق، وقد خافهم أبو ذرعلى دينه، وبنو أمية يفتقرون لما لأبي ذر من تقوى وورع، وصدق وثبات على الحق، وجرأة على تحدي السلطان الجائر. فليس للخطاب جانب المواساة فقط بقدر ما هو صياغة لدستور الثائرين بوجه الطغيان على طول خط المواجهة. ومنها لما خطب الناس ثاني يوممن بيعته بالمدينة، وهي في ما أعاد للناس من الأراضي التي اقتطعها الخليفة الثالث ، وفي المال الذي كان عثمان قد أعطاه من مال العامة: (أيها الناس، إنما أنا رجلمنكم، لي ما لكم وعلي ما عليكم. ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان، وكل مال أعطاه منمال الله، فهو مردود في بيت المال، فإن الحق القديم لا يبطله شيء، ولو وجدته قدتزوج به النساء، وملك الإماء، وفرق في البلدان لرددته. فإن في العدل سعة، ومن ضاقعليه العدل، فالجور عليه أضيق ) أي: من عجز عن تدبير أمره بالعدل، فهو بالجور أشدعجزا . فلا يوجد في القاموس الإلهي حق مضيع، فالإمام عليه السلام الذي منعوه حقه من قيادة الأمة، وعلى مدار خمس وعشرين سنة، يعتبر إن كل ما اقتطعه عثمان لأقاربه بني أمية، باطلا ويجب إعادته إلى بيت مال المسلمين، لتتحقق دولة العدل التي تمناهانبي الرحمة لأمته، بتنصيبه وصيه قائد الغر المحجلين إماما وهاديا من بعده، بإذن الله و سراجا منيرا...(أيها الناس، ألا يقولن رجال منكم غدا قد غمرتهم الدنيا، فامتلكواالعقار وفجروا الأنهار، وركبوا الخيل واتخذوا الوصائف المرققة، إذا ما منعتهم ماكانوا يخوضون فيه، وأصرتهم إلى حقوقهم التي يعلمون: حرمنا ابن أبي طالب حقوقنا !ألا وأيما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله، يرى أن الفضل له علىسواه بصحبته، فإن الفضل غدا عند الله. فأنتم عباد الله، والمال مال الله، يقسمبينكم بالسوية ولا فضل فيه لأحد على أحد !). ولما بويع بالمدينة: (ألا وإن بليتكمقد عادت كهيئتها، يوم بعث الله نبيكم صلى الله عليه وسلم، والذي بعثه بالحقلتغربلن غربلة و لتساطن سوط القدر، حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم،وليسبقن سابقون كانوا قد قصروا، وليقصرن سباقون كانوا قد سبقوا. والله ما كتمتوشمة، ولا كذبت كذبة ! ألا وإن الخطايا خيل شمس، حمل عليها أهلها وخلعت لجمهافتقحمت بهم في النار ! ألا وإن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها وأعطوا أزمتهافأوردتهم الجنة. حق وباطل، ولكل أهل! هلك من ادعى، وخاب من افترى، ومن أبدى صفحته للحق هلك، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره. فاستتروا في بيوتكم وأصلحوا ذاتبينكم، والتوبة من ورائكم ولا يحمد حامد إلا ربه، ولا يلم لائم إلا نفسه !) فإنبلية العرب كما هو معروف كانت محيطة بهم يوم بعث محمد، هي بلية الفرقة والتباعدوالعصبية وظلم القوي للضعيف والغني للفقير. فتلك الحالة التي هي مهلكة للأمم قد صارواإليها بعد مقتل عثمان. ولتغربلن: لتقطعن. و لتساطن: من ساط، من السوط، وهو أن تجعل شيئين في القدر، وتضربهما بيدك حتى يختلطا، وينقلب أعلاهما أسفلهما وأسفلهماأعلاهما.
جورج جرداق 
وقد حمل هذا الخطاب عدة معايير تستحق أن يغضب لها المؤمن لله عز وجل، ومن غضب له سبحانه كان رجاؤه منه وحده، أي لا يطلبن أحد أجرا على قول الحق، وقد خافهم أبو ذرعلى دينه، وبنو أمية يفتقرون لما لأبي ذر من تقوى وورع، وصدق وثبات على الحق، وجرأة على تحدي السلطان الجائر. فليس للخطاب جانب المواساة فقط بقدر ما هو صياغة لدستور الثائرين بوجه الطغيان على طول خط المواجهة. ومنها لما خطب الناس ثاني يوممن بيعته بالمدينة، وهي في ما أعاد للناس من الأراضي التي اقتطعها الخليفة الثالث ، وفي المال الذي كان عثمان قد أعطاه من مال العامة: (أيها الناس، إنما أنا رجلمنكم، لي ما لكم وعلي ما عليكم. ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان، وكل مال أعطاه منمال الله، فهو مردود في بيت المال، فإن الحق القديم لا يبطله شيء، ولو وجدته قدتزوج به النساء، وملك الإماء، وفرق في البلدان لرددته. فإن في العدل سعة، ومن ضاقعليه العدل، فالجور عليه أضيق ) أي: من عجز عن تدبير أمره بالعدل، فهو بالجور أشدعجزا . فلا يوجد في القاموس الإلهي حق مضيع، فالإمام عليه السلام الذي منعوه حقه من قيادة الأمة، وعلى مدار خمس وعشرين سنة، يعتبر إن كل ما اقتطعه عثمان لأقاربه بني أمية، باطلا ويجب إعادته إلى بيت مال المسلمين، لتتحقق دولة العدل التي تمناهانبي الرحمة لأمته، بتنصيبه وصيه قائد الغر المحجلين إماما وهاديا من بعده، بإذن الله و سراجا منيرا...(أيها الناس، ألا يقولن رجال منكم غدا قد غمرتهم الدنيا، فامتلكواالعقار وفجروا الأنهار، وركبوا الخيل واتخذوا الوصائف المرققة، إذا ما منعتهم ماكانوا يخوضون فيه، وأصرتهم إلى حقوقهم التي يعلمون: حرمنا ابن أبي طالب حقوقنا !ألا وأيما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله، يرى أن الفضل له علىسواه بصحبته، فإن الفضل غدا عند الله. فأنتم عباد الله، والمال مال الله، يقسمبينكم بالسوية ولا فضل فيه لأحد على أحد !). ولما بويع بالمدينة: (ألا وإن بليتكمقد عادت كهيئتها، يوم بعث الله نبيكم صلى الله عليه وسلم، والذي بعثه بالحقلتغربلن غربلة و لتساطن سوط القدر، حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم،وليسبقن سابقون كانوا قد قصروا، وليقصرن سباقون كانوا قد سبقوا. والله ما كتمتوشمة، ولا كذبت كذبة ! ألا وإن الخطايا خيل شمس، حمل عليها أهلها وخلعت لجمهافتقحمت بهم في النار ! ألا وإن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها وأعطوا أزمتهافأوردتهم الجنة. حق وباطل، ولكل أهل! هلك من ادعى، وخاب من افترى، ومن أبدى صفحته للحق هلك، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره. فاستتروا في بيوتكم وأصلحوا ذاتبينكم، والتوبة من ورائكم ولا يحمد حامد إلا ربه، ولا يلم لائم إلا نفسه !) فإنبلية العرب كما هو معروف كانت محيطة بهم يوم بعث محمد، هي بلية الفرقة والتباعدوالعصبية وظلم القوي للضعيف والغني للفقير. فتلك الحالة التي هي مهلكة للأمم قد صارواإليها بعد مقتل عثمان. ولتغربلن: لتقطعن. و لتساطن: من ساط، من السوط، وهو أن تجعل شيئين في القدر، وتضربهما بيدك حتى يختلطا، وينقلب أعلاهما أسفلهما وأسفلهماأعلاهما.
جورج جرداق 
حسين منجل العكيلي
تعليق