ـ أمر النبي بالتكلم مع الأنبياء:
جاء في الذكر الحكيم قوله تعالى لنبيه {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرَّحمن آلهة يعبدون }([1]).
ترى أنّ الله سبحانه يأمر النبي الأكرم بسؤال الأنبياء الذين بعثوا قبله، ومن التأويل الباطل إرجاعها إلى سؤال علماء أهل الكتاب استظهاراً من قوله سبحانه }فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءُون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحقُّ من ربِّك فلا تكوننّ من الممترين * ولا تكوننّ من الَّذين كذّبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين }([2]) إذ لا مانع من السؤال عنهم وعن أمتهم ولكل موقفه. هذا هو الذي يرشدنا إليه الوحي في إمكانية الارتباط بالأرواح المقدسة، وأمّا السنّة الدالة على إمكانه، فهي أكثر من أن تحصى، ولكن نكتفي هنا بالبعض.
الأحاديث وإمكان الارتباط بالأرواح:
1 ـ روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه وقف على قليب "بدر" وخاطب المشركين الذين قتلوا وأُلقيت جثثهم في القليب:" لقد كنتم جيران سوء لرسول الله، أخرجتموه من منزله وطردتموه، ثم اجتمعتم عليه فحاربتموه، فقد وجدتُ ما وعدني ربّي حقّاً ".
فقال له رجل: يا رسول الله ما خطابك لهام قد صديت؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " والله ما أنت بأسمع منهم، وما بينهم وبين أن تأخذهم الملائكة بمقامع من حديد إلاّ أن أعرض بوجهي ـ هكذا ـ عنهم "([3]).
2 ـ روي أنّ الإمام علياً بعد أن وضعت الحرب في معركة الجمل أوزارها مرّ على كعب بن سور وكان قاضي البصرة فقال لمن حوله: " أجلسوا كعب بن سور " فأجلسوه بين شخصين يمسكانه ـ وهو صريع ـ فقال (عليه السلام): " يا كعب بن سور قد وجدتُ ما وعدني ربي حقاً، فهل وجدتَ ما وعدك ربك حقاً؟ " ثم قال: " أضجعوه " ثم سار قليلا حتى مر بطلحة بن عبيد الله صريعاً، فقال: " أجلسوا طلحة " فأجلسوه، فقال (عليه السلام): " يا طلحة قد وجدت ما وعدني ربي حقاً، فهل وجدت ما وعدك ربك حقاً؟ " ثم قال: " أضجعوا طلحة " فقال له رجل: يا أمير المؤمنين ما كلامك لقتيلين لا يسمعان منك؟ فقال (عليه السلام): " يا رجل والله لقد سمعا كلامي، كما سمع أهل القليب كلام رسول الله "([4]).
ثم إنّ المسلمين ـ على اختلاف مذاهبهم ـ يسلّمون على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الصلاة عند ختامها فيقولون: " السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته ".وينطلقون في ذلك من تعليم النبي ذلك للمسلمين، وانّ سنّة النبي ثابتة له في حياته وبعد وفاته([5]).
فإذا كانت صلاتنا وعلاقتنا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد انقطعت بوفاته فما معنى مخاطبته والسلام عليه يومياً؟ إنّ هذ السلام يدل على إمكان الارتباط بروحه المقدّسة بل وقوعه. فلو كانت الصلة منقطعة فما معنى قول الرسول فيما تواتر عنه في زيارته لأهل البقيع لعائشة: " أمرني ربي أن آتي البقيع فأستغفر لهم " قلت: كيف أقول يا رسول الله؟ قال:" قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، يرحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين ".
وفي رواية: " السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا وإيّاكم متواعدون غداً، أو مواكلون، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، اللّهمّ اغفر لأهل بقيع الغرقد ".
إلى غير ذلك من الصور المختلفة لزيارة النبي لبقيع الغرقد، والاختلاف في الصور انّما هو لأجل تكرار العمل منه (صلى الله عليه وآله وسلم)فلاحظ المصادر([6]).
قال رسول الله: " إنّ لله تعالى ملائكة سيّاحين في الأرض تبلغني عن أُمتي السلام ". " ما من أحد يسلّم عليّ إلاّ ردّ الله عزّ وجلّ عليّ روحي حتى أرد عليه السلام "." من صلّى عليّ عند قبري سمعته ومن صلّى عليَّ نائياً أُبْلِغْتُ "." صلّوا عليّ فانّ صلاتكم تبلغني حيث كنتم". " من زارني بعد وفاتي وسلّم عليّ رددت عليه السلام عشراً، وزاره عشرة من الملائكة كلّهم يسلّمون عليه، ومن سلّم عليّ في بيت ردّ الله عليّ روحي حتى أُسلّم عليه"([7]).
[1]- الزخرف/45
[2] - يونس/94 ـ 95
[3] - صحيح البخاري: 5/76، باب قتل أبي جهل ; وسيرة ابن هشام: 2/292
[4] - المفيد: حرب الجمل، ص 195 ; والسيد عبد الله شُبَّر: حق اليقين: 2/73
[5] - راجع سنن أبي داود: 2/218، كنز العمال: 10/38 ; طبقات الشافعية للسبكي: 3/406 ـ 408.
[6] - صحيح مسلم: 2/63، باب ما يقال عند دخول القبر ; سنن النسائي: 3/76، وسنن أبي داود
[7] - كتاب الخلاف: 1/47، وقد اتفقت كلمة أئمة المذاهب الأربعة على وجود هذا السلام في التشهد.
جاء في الذكر الحكيم قوله تعالى لنبيه {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرَّحمن آلهة يعبدون }([1]).
ترى أنّ الله سبحانه يأمر النبي الأكرم بسؤال الأنبياء الذين بعثوا قبله، ومن التأويل الباطل إرجاعها إلى سؤال علماء أهل الكتاب استظهاراً من قوله سبحانه }فإن كنت في شكٍّ ممّا أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءُون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحقُّ من ربِّك فلا تكوننّ من الممترين * ولا تكوننّ من الَّذين كذّبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين }([2]) إذ لا مانع من السؤال عنهم وعن أمتهم ولكل موقفه. هذا هو الذي يرشدنا إليه الوحي في إمكانية الارتباط بالأرواح المقدسة، وأمّا السنّة الدالة على إمكانه، فهي أكثر من أن تحصى، ولكن نكتفي هنا بالبعض.
الأحاديث وإمكان الارتباط بالأرواح:
1 ـ روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه وقف على قليب "بدر" وخاطب المشركين الذين قتلوا وأُلقيت جثثهم في القليب:" لقد كنتم جيران سوء لرسول الله، أخرجتموه من منزله وطردتموه، ثم اجتمعتم عليه فحاربتموه، فقد وجدتُ ما وعدني ربّي حقّاً ".
فقال له رجل: يا رسول الله ما خطابك لهام قد صديت؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " والله ما أنت بأسمع منهم، وما بينهم وبين أن تأخذهم الملائكة بمقامع من حديد إلاّ أن أعرض بوجهي ـ هكذا ـ عنهم "([3]).
2 ـ روي أنّ الإمام علياً بعد أن وضعت الحرب في معركة الجمل أوزارها مرّ على كعب بن سور وكان قاضي البصرة فقال لمن حوله: " أجلسوا كعب بن سور " فأجلسوه بين شخصين يمسكانه ـ وهو صريع ـ فقال (عليه السلام): " يا كعب بن سور قد وجدتُ ما وعدني ربي حقاً، فهل وجدتَ ما وعدك ربك حقاً؟ " ثم قال: " أضجعوه " ثم سار قليلا حتى مر بطلحة بن عبيد الله صريعاً، فقال: " أجلسوا طلحة " فأجلسوه، فقال (عليه السلام): " يا طلحة قد وجدت ما وعدني ربي حقاً، فهل وجدت ما وعدك ربك حقاً؟ " ثم قال: " أضجعوا طلحة " فقال له رجل: يا أمير المؤمنين ما كلامك لقتيلين لا يسمعان منك؟ فقال (عليه السلام): " يا رجل والله لقد سمعا كلامي، كما سمع أهل القليب كلام رسول الله "([4]).
ثم إنّ المسلمين ـ على اختلاف مذاهبهم ـ يسلّمون على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الصلاة عند ختامها فيقولون: " السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته ".وينطلقون في ذلك من تعليم النبي ذلك للمسلمين، وانّ سنّة النبي ثابتة له في حياته وبعد وفاته([5]).
فإذا كانت صلاتنا وعلاقتنا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد انقطعت بوفاته فما معنى مخاطبته والسلام عليه يومياً؟ إنّ هذ السلام يدل على إمكان الارتباط بروحه المقدّسة بل وقوعه. فلو كانت الصلة منقطعة فما معنى قول الرسول فيما تواتر عنه في زيارته لأهل البقيع لعائشة: " أمرني ربي أن آتي البقيع فأستغفر لهم " قلت: كيف أقول يا رسول الله؟ قال:" قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، يرحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين ".
وفي رواية: " السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا وإيّاكم متواعدون غداً، أو مواكلون، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، اللّهمّ اغفر لأهل بقيع الغرقد ".
إلى غير ذلك من الصور المختلفة لزيارة النبي لبقيع الغرقد، والاختلاف في الصور انّما هو لأجل تكرار العمل منه (صلى الله عليه وآله وسلم)فلاحظ المصادر([6]).
قال رسول الله: " إنّ لله تعالى ملائكة سيّاحين في الأرض تبلغني عن أُمتي السلام ". " ما من أحد يسلّم عليّ إلاّ ردّ الله عزّ وجلّ عليّ روحي حتى أرد عليه السلام "." من صلّى عليّ عند قبري سمعته ومن صلّى عليَّ نائياً أُبْلِغْتُ "." صلّوا عليّ فانّ صلاتكم تبلغني حيث كنتم". " من زارني بعد وفاتي وسلّم عليّ رددت عليه السلام عشراً، وزاره عشرة من الملائكة كلّهم يسلّمون عليه، ومن سلّم عليّ في بيت ردّ الله عليّ روحي حتى أُسلّم عليه"([7]).
[1]- الزخرف/45
[2] - يونس/94 ـ 95
[3] - صحيح البخاري: 5/76، باب قتل أبي جهل ; وسيرة ابن هشام: 2/292
[4] - المفيد: حرب الجمل، ص 195 ; والسيد عبد الله شُبَّر: حق اليقين: 2/73
[5] - راجع سنن أبي داود: 2/218، كنز العمال: 10/38 ; طبقات الشافعية للسبكي: 3/406 ـ 408.
[6] - صحيح مسلم: 2/63، باب ما يقال عند دخول القبر ; سنن النسائي: 3/76، وسنن أبي داود
[7] - كتاب الخلاف: 1/47، وقد اتفقت كلمة أئمة المذاهب الأربعة على وجود هذا السلام في التشهد.
تعليق