إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بالدلائل نثبت بطلان حديث (لا نورث ) وندم ابي بكر على كشفه بيت فاطمة (عليها السلام)...

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بالدلائل نثبت بطلان حديث (لا نورث ) وندم ابي بكر على كشفه بيت فاطمة (عليها السلام)...

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والصلاه والسلام على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
    السلام عليكم :


    في إبطال الحديث المُفترى «لا نورِّث...» وإيراد كلام




    العلاّمة المجلسي وذكر ندم أبي بكر على كشفه بيت فاطمة(عليها السلام)




    إبطال الحديث المُفترى على النبيّ(صلى الله عليه وآله) وأ نّه موضوع ومكذوب عليه(صلى الله عليه وآله):
    من الحقائق الثابتة تاريخياً أنّ الزهراء(عليها السلام) عندما طالبت بما ورّثها الرسول(صلى الله عليه وآله)ونحلها فدكاً، أجابها أبو بكر بأنّ الأنبياء لايورّثون. وفي هذا السياق قدّمت فاطمة(عليها السلام)مجموعة أدلة على بطلان ذلك، كما جاء:
    روى ابن أبي الحديد، عن أبي بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهري بإسناده، عن أبي الطفيل قال: أرسلت فاطمة إلى أبي بكر: أأنت ورثت رسول الله(صلى الله عليه وآله) أم أهله؟ قال : بل أهله ، قالت: فما بال سهم رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ قال: إنّي سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله)يقول: إنّ الله طعم نبيّه طعمةً ثمّ قبضه، وجعله للّذي يقوم بعده، فولّيت أنا بعده أن أردّه على المسلمين... الحديث.

    ثمّ قال عقيب هذا الحديث: اعلم، قلت: في هذا الحديث عجب; لأنّها قالت له: أنت ورثت رسول الله(صلى الله عليه وآله)أم أهله؟ قال: بل أهله، وهذا تصريح بأنّه(صلى الله عليه وآله)موروث يرثه أهله([1]).
    وقال: صدق المرتضى(رحمه الله) فيما قال عقيب وفاة النبيّ(صلى الله عليه وآله) ومطالبة فاطمة بالإرث، فلم يروِ الخبر إلاّ أبو بكر وحده... إلى آخره([2]).
    وقال: وسألت عليّ بن الفاروقي مدرّس المدرسة الغربية ببغداد، فقلت له: أكانت فاطمة صادقة؟ قال: نعم. قلت: فلم لم يدفع إليها أبو بكر فدكاً وهي عنده صادقة؟ فتبسّم، ثمّ قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحرمته وقلّة دعابته، قال: لو أعطاها اليوم فدكاً بمجرد دعواها لجاءت إليه غداً وادّعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقامه، ولم يكن يمكنه الاعتذار والموافقة بشيء; لأنّه يكون قد أسجل على نفسه بأنّها صادقة فيما تدّعي كائناً ما كان من غير حاجة إلى بيّنة ولا شهود([3]).
    قال العلاّمة الشيخ عليّ البلادي البحراني(رحمه الله): ولله درّ الفاضل الدمستاني يقول ردّاً على اُولئك الفعول:
    حديث عشق في المواريث مفترىً***ولو كان حقّاً كان في عيبة العلمِ
    ولا خاصمت فيه البتول ولا أتت***بآي من القرآن ردّاً على الخصمِ([4])

    وأورد العلاّمة المجلسي(قدس سره) أدلّة كثيرةً على وضع الحديث وافترائه، ولنورد لمعاً ممّا أورده في بحاره. قال(رحمه الله) ما لفظه:
    ويرد عليه (أي على قول صاحب المغني): أنّ الاعتماد في تخصيص الآيات إمّا على سماع أبي بكر ذلك الخبر من رسول الله(صلى الله عليه وآله)... وإمّا على شهادة من زعموهم شهوداً على الرواية، أو على مجموع الأمرين، أو على سماعه من حيث الرواية..
    فإن كان الأوّل فيرد عليه وجوه من الإيراد:
    الأوّل: ما ذكره السيّد (رضي الله عنه) في الشافي... إلى أن قال:
    الرابع: أنّ فاطمة ـ صلوات الله عليها ـ أنكرت رواية أبي بكر وحكمت بكذبه فيها([5])، ولا يجوز الكذب عليها، فوجب كذب الرواية وراويها... إلى آخره.
    الخامس: أ نّه لو كانت تركة الرسول(صلى الله عليه وآله) صدقة، ولم يكن لها ـ صلوات الله عليها ـ حظّ فيها لبيّن النبيّ(صلى الله عليه وآله)الحكم لها، إذ التكليف في تحريم أخذها يتعلّق بها، ولو بيّنه لها لما طلبتها لعصمتها، ولا يرتاب عاقل في أ نّه لو كان بيّن رسول الله(صلى الله عليه وآله)لأهل بيته(عليهم السلام) أن تركتي صدقة لا تحلّ لكم لَما خرجت ابنته وبَضعته من بيتها مستعديةً ساخطةً صارخةً في معشر المهاجرين والأنصار، تعاتب إمام زمانها بزعمكم، وتنسبه إلى الجور والظلم في غصب تراثها، وتستنصر المهاجرين والأنصار في الوثوب عليه، وإثارة الفتنة بين المسلمين، وتهييج الشرّ، ولم تستقرَّ بعد أمر الإمارة والخلافة، وقد أيقنت بذلك طائفة من المؤمنين أنّ الخليفة غاصب في الخلافة، ناصب لأهل الإمامة، فصبّوا عليه اللعن والطعن إلى نفخ الصور وقيام النشور، وكان ذلك من آكد الدواعي إلى شقّ عصا المسلمين، وافتراق كلمتهم، وتشتّت اُلفتهم، وقد كانت تلك النيران تخمدها بيان الحكم لها ـ صلوات الله عليها ـ أو لأمير المؤمنين(عليه السلام)، ولعلّه لا يجسر من اُوتي حظّاً من الإسلام على القول بأنّ فاطمة ـ صلوات الله عليها ـ مع علمها بأنّه ليس لها في التركة بأمر الله نصيب كانت تقدم على مثل ذلك الصنيع.
    أو كان أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ مع علمه بحكم الله لم يزجرها عن التظلّم والاستعداء، ولم يأمرها بالقعود في بيتها راضيةً بأمر الله فيها، وكان ينازع العباس بعد موتها ويتحاكم إلى عمر بن الخطّاب، فليت شعري هل كان ذلك الترك والإهمال لعدم الاعتناء بشأن بَضعته الّتي كانت يؤذيه ما آذاها، ويريبه ما رابها([6])

    ، أو بأمر زوجها وابن عمّه وأخيه المساوي لنفسه ومواسيه بنفسه، أو لقلّة المبالاة بتبليغ أحكام الله وأمر اُمّته وقد أرسله الله بالحقّ بشيراً ونذيراً للعالمين.
    السادس: أنّا مع قطع النظر عن جميع ما تقدّم نحكم قطعاً بأنّ مدلول هذا الخبر كاذب باطل، ومن اُسند إليه هذا الخبر لا يجوز عليه الكذب، فلا بدّ من القول بكذب من رواه، والكذب بأنّه وضعه وافتراه([7]).
    العلاّمة الكراجكي قال: ومن عجيب أمرهم وضعف دينهم أ نّهم نسبوا رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى أ نّه لم يُعلِم ابنته الّتي هي أعزّ الخلق عنده والّذي يلزم من صيانتها، ويتعيّن عليه من حفظِها أضعاف ما يلزمه لغيرها بأنّه لا حقّ لها من ميراثه، ولا نصيب له في تركته، ويأمرها أن تلزم بيتها ولا تخرج للمطالبة لما ليس لها، والمخاصمة في أمر مصروف عنها، وقد جرت عادة الحكماء في تخصيص الأهل والأقرباء بالإرشاد والتعليم والتأديب والتهذيب وحسن النظر بهم بالتنبيه والتنتيف، والحرص عليهم بالتعريف والتوقيف والاجتهاد في إيداعهم معالم الدين وتميّزهم عن العالمين، هذا مع قول الله تعالى: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ)([8])، وقوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)([9])، وقول النبيّ(صلى الله عليه وآله)«بعثت إلى أهل بيتي خاصّة، وإلى الناس عامّة»([10])، فنسبوه(صلى الله عليه وآله) إلى تضييع الواجب والتفريط في الحقّ اللازم من نصيحة ولده وإعلامه ما عليه وله.

    ومَن ذا الّذي يشكّ في أنّ فاطمة كانت أقرب الخلق إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)وأعظمهم منزلةً عنده وأجلّهم قدراً لديه، وأ نّه كان في كلّ يوم يغدو إليها لمشاهدتها، والسؤال عن خبرها، والمراعاة لأمرها، ويروح كذلك إليها، ويتوفّر على الدعاء لها، ويبالغ في الإشفاق عليها، وما خرج قطّ في بعض غزواته وأسفاره حتّى ولج بيتها ليودِّعها ولا قَدِمَ من سفره إلاّ لقوه بولديها، فحملهما على صدره وتوجّه بهما إليها.
    فهل يجوز في عقل أن يتصور في فهم أن يكون النبيّ(صلى الله عليه وآله) أغفل إعلامها بما يجب لها وعليها، وأهمل تعريفها بأنّه لاحظّ في تركته لها، والتقدم إليها بلزوم بيتها بترك الاعتراض بما لم يجعله الله لها. اللهمّ إلاّ أن نقول: إ نّه أوصاها فخالفت، وأمرها بترك الطلب فطلبت وعاندت، فيجاهرون بالطعن عليها، ويوجبون بذلك ذمّها والقدح فيها، ويضيفون المعصية إلى من شهد القرآن بطهارتها، وليس ذلك منهم بمستحيل، وهو في جنب عداوتهم لأهل البيت(عليهم السلام) قليل.
    ومن العجب قول بعضهم لمّا أغضبه الحجاج: أ نّه(صلى الله عليه وآله)أعلمها فنسيت، واعترضها الشك بعد علمها فطلبت، وهذا مخالف للعادات، لأنّه لم تجر العادة بنسيان ما هذا سبيله، لأنّه قال لها: «لا ميراث لك منّي، وإنّا معاشر الأنبياء لا نوّرث، وما تركناه صدقة». كان الحكم في ذلك معلّقاً بها، فكيف يصحّ في العادات أن تنسى شيئاً يخصّها فرض العلم به ويصدق حاجتها إليه حتّى يذهب عنها علمه وتبرز للحاجة، ويقال لها: إنّ أباك قال: إ نّه لا يورّث، ولا تذكر مع وصيّته إن كان وصّاها حتّى تحاجّهم بقول الله تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَـانُ دَاوُدَ)([11])،وقوله تعالى حكاية عن زكريا: (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً)([12])،ولا تزال باكية شاكية إلى أن قبضت وأوصت أن لا يصلّي عليها ظالمها([13]) وأصحابه عليها ولا يعرفوا قبرها.
    ومن العجب أن يعترض اللَبس على أمير المؤمنين(عليه السلام)حتّى يحضر، فيشهد لها ممّا ليس لها مع قول النبيّ: «أنا مدينة العلم وعليّ بابها»([14]).

    ومن العجب اعترافهم بأنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)قال: «إنّ الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها»([15]).
    وقال: «فاطمة بضعة منّي([16]) يؤلمني ما يؤلمها»([17]).
    وقال: «من آذى فاطمة فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله»([18]).
    ثمّ إنّهم يعلمون ويتّفقون أنّ أبا بكر أغضبها([19]) وآلمها وآذاها، فلا يقولون هو هذا إ نّه ظلمها، ويدّعون أنّها طلبت باطلاً، فكيف يصحّ هذا.
    ومتى يتخلّص أبو بكر من أن يكون ظالماً وقد أغضب من يغضب لغضبه الله، وآلم([20]) هو بضعةً لرسول الله ويتألّم لألمها، وآذى مَن في أذيّته أذيّة الله ورسوله، وقد قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً)([21]).
    وهل هذا إلاّ مباهتة في تصويب الظالم وتهوّر([22]) في ارتكاب المظالم([23]).
    أقول: وأورد السيّد أبو القاسم الكوفي(قدس سره) في بدع أبي بكر وظلمه لفاطمة(عليها السلام)ما لفظه:
    ثمّ إنّه عمد إلى الطامّة الكبرى والمصيبة العظمى في ظلم فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)،فقبض دونها تركات أبيها ممّا خلّفه عليها من الضياع والبساتين وغيرها، وجعل ذلك كلّه بزعمه صدقةً للمسلمين، وأخرج أرض فدك من يدها فزعم أنّ هذه الأرض كانت لرسول الله(صلى الله عليه وآله) إنّما هي في يدك طعمة منه لك، وزعم أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)قال: «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث، وما تركناه فهو صدقة»، فذكرت فاطمة(عليها السلام)برواية جميع أوليائه: أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)قد جعل لي أرض فدك هبةً وهدية، فقال لها: هاتِ بيّنةً تشهد لك بذلك، فجاءت اُمّ أيمن فشهدت لها.
    فقال: لا نحكم بشهادة امرأة، وهم رووا جميعاً أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)قال: «اُمّ أيمن من أهل الجنّة» فجاء أمير المؤمنين(عليه السلام)شهد لها، فقال: هذا بعلك، وإنّما يجرّ إلى نفسه.
    وهم قد رووا جميعاً أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)قال: «عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ، يدور معه حيث دار، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض»([24])، هذا مع ما أخبر الله به من تطهيره لعليّ وفاطمة(عليهما السلام)من الرجس، وجميع الباطل بجميع وجوهه رجس.

    فمن توهّم أنّ عليّاً وفاطمة(عليهما السلام)يدخلان من بعد هذا الإخبار من الله في شيء من الكذب والباطل على غفلة، أو تعمّد فقد كذّب الله، ومن كذب الله فقد كفر بغير خلاف، فغضبت فاطمة(عليها السلام)عند ذلك فانصرفت من عنده وحلفت أن لا تكلّمه وصاحبه حتّى تلقى أباها، فتشكو إليه ما صنعا بها، فلمّا حضرتها الوفاة أوصت عليّاً(عليه السلام)أن يدفنها ليلاً، لئلاّ يصلّي عليها أحد منهم، ففعل ذلك... إلى آخره([25]).
    عن أبي هريرة قال: جاءت فاطمة إلى أبي بكر فقالت: «من يرثك؟» قال: أهلي وولدي. قالت: «فما لي لا أرث أبي؟» قال: سمعته يقول: لا نورّث([26])، ولكن أعول من كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يعوله، واُنفق على من كان يُنفق عليه([27]).
    أقول: وقد أخرج أبو داود عن سعيد بن المسيب في حديث قال: وكان أبو بكر يقسّم الخمس ولم يكن يعطي قربى رسول الله ما كان النبيّ(صلى الله عليه وآله) يعطيهم([28]).
    قال الشيخ أبو الفتح الكراجكيّ(قدس سره): ومن العجب قول بعضهم: إنّ أبا بكر كان يعلم صدق الطاهرة فاطمة ـ صلوات الله عليها ـ فيما طلبته من نحلته من أبيها،لكنّه لم يكن يرى أن يحكم بعلمه، فاحتاج في إمضاء الحكم لها إلى بيّنة تشهد بها.
    فإذا قيل لهم: فلم لم يورِّثها من أبيها؟
    قالوا: لأنّه سمع النبيّ(صلى الله عليه وآله)يقول: «نحن معاشر الأنبياء لا نورِّث، ما تركناه صدقة».
    فإذا قيل لهم: فهذا خبر تفرّد أبو بكر بروايته ولم يروه معه غيره.
    قالوا: هو وإن كان كذلك فإنّه السامع له من النبيّ(صلى الله عليه وآله)،ولم يَجُز له مع سماعه منه وعلمه به أن يحكم بخلافِه.
    فهم في النحلة يقولون: إنّه لا يحكم بعلمه وله المطالبة بالبيّنة. وفي الميراث يقولون: إنّه يحكم بعلمه ويقضي بما انفرد بسماعه!!
    والمستعان بالله على تلاعبهم بأحكام الله، وهو الحكم العدل بينهم وبين من عاند من أهله.
    ثمّ قال الكراجكيّ(رحمه الله): ومن عجائب الاُمور: تأتي فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)تطلب فدك، وتُظهر أنّها تستحقّها، فيكذِّب قولها ولاتُصدَّق في دعواها، وتُردّ خائبةً إلى بيتها، ثمّ تأتي عائشة بنت أبي بكر تطلب الحجرة الّتي أسكنها إيّاها([29])رسول الله(صلى الله عليه وآله)وتزعم أنّها تستحقّها، فيُصدَّق قولها، وتُقبل دعواها، ولاتُطالَب ببيّنة عليها، وتُسلّم هذه الحجرة إليها فَتَصّرّف([30]) فيها، وتضرب عند رأس النبيّ(صلى الله عليه وآله)بالمعاول حتّى تدفن تَيماً وعَدِيّاً فيها([31])، ثمّ تمنع الحسن ابن رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعد موته منها([32]) ومن أن يقرّبوا سريره إليها، وتقول: لا تُدخلوا بيتيَ مَن لا اُحبّه، وإنّما أتوا به ليتبرّك بوداع جدّه، فصدّته عنه.

    فعلى أيّ وجه دُفعت هذه الحجرة إليها وأمضى حكمها؟!
    إن كان ذلك لأنّ النبيّ نحلها إيّاها، فكيف لم تُطالب بالبيّنة على صحة نحلتها، كما طولبت بمثل ذلك فاطمة صلوات الله عليها؟!
    وكيف صار قول عائشة بنت أبي بكر مصدَّقاً، وقول بنت رسول الله مكذَّباً مردوداً؟!
    وأيّ عذر لمن جعل عائشة أزكى من فاطمة ـ صلّى الله عليها ـ وقد نزل القرآن بتزكية فاطمة في آية الطهارة وغيرها، ونزل بذمّ عائشة وصاحبتها وشدّة تظاهرهما على النبيّ(صلى الله عليه وآله)وأفصح بذمّها؟!
    وإن كانت الحجرة دفعت إليها ميراثاً فكيف استحقّت هذه الزوجة من ميراثه ولم تستحقّ ابنته منه حظّاً ولا نصيباً؟!
    وكيف لم يقل هذا الحاكم لابنته عائشة نظير ما قال لبنت رسول الله: أنّ النبيّ لا يورّث، وما تركه صدقة؟!
    على أنّ في الحكم لعائشة بالحجرة عجباً آخر، وهو أنّها واحدة من تسع أزواج خلّفهنّ النبيّ فلها تسع الثمن بلا خلاف، ولو اعتبر مقدار ذلك من الحجرة مع ضيقها لم يكن بمقدار ما يُدفن أباها، وكان بحكم الميراث للحسن(عليه السلام)منها أضعاف بما ورثه من اُمّه فاطمة ومن أبيه أمير المؤمنين المنتقل إليه بحقّ الزوجية منها([33]).
    أقول: وممّا يؤكّد بطلان الحديث ويدلّ على أ نّه موضوع: كتابة أبي بكر لها(عليها السلام)بردّ فدك:
    قال ابن أبي الحديد: روى إبراهيم بن سعيد الثقفي، عن إبراهيم بن ميمون قال: حدّثني عيسى بن عبد الله بن محمد بن عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)،عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ(عليه السلام)قال: جاءت فاطمة (عليها السلام) إلى أبي بكر وقالت: إنّ أبي أعطاني فدكاً وعليّ واُمّ أيمن يشهدان.
    فقال: ما كنتِ لتقولي على أبيكِ إلاّ الحقّ، قد أعطيتُكِها، ودعا بصحيفة من أدم فكتب لها فيها.
    فخرجت فلقيت عمر، فقال: من أين جئت يا فاطمة؟
    قالت: جئت من عند أبي بكر، أخبرته أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)أعطاني فدكاً وأنّ عليّاً واُمّ أيمن يشهدان لي بذلك، فأعطانيها وكتب لي بها.

    فأخذ عمر منها الكتاب ثمّ رجع إلى أبي بكر، فقال: أعطيت فاطمة فدكاً وكتبت بها لها؟ قال: نعم، فقال: إنّ عليّاً يجرّ إلى نفسه واُمّ أيمن امرأة. وبصق في الكتاب فمحاه وخرّقه([34]).
    أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قال في ضمن خطبتها(عليها السلام): قالوا: ولم يكن عمر حاضراً، فكتب لها أبو بكر كتاباً إلى عامله بردّ فدك.
    فأخرجته في يدها فاستقبلها عمر، فأخذه منها، وتفل فيه ومزّقه، وقال: لقد خرف ابن أبي قحافة وظلم.
    فقالت له: ما لَكَ لا أمهلك الله تعالى، وقتلك، ومزّق بطنك([35])!
    وعن مصباح الأنوار عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: دخلت فاطمة(عليها السلام) بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)على أبي بكر، فسألته فدكاً، قال: النبيّ لا يورّث.
    فقالت: قد قال الله تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَـانُ دَاوُدَ). فلمّا حاجّته أمر أن يكتب لها، وشهد عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)واُمّ أيمن.
    قال : فخرجت فاطمة(عليها السلام) ، فاستقبلها عمر ، فقال : من أين جئت يا بنت رسول الله؟
    قالت: من عند أبي بكر في شأن فدك، قد كتب لي بها.
    فقال عمر: هاتي الكتاب، فأعطته، فبصق فيه ومحاه (عجّل الله جزاءه).
    فاستقبلها عليّ(عليه السلام)فقال: ما لكِ يا بنت رسول الله غضبى؟! فذكرت له ما صنع عمر.
    فقال: ما ركبوا منّي ومن أبيك أعظم من هذا([36]).
    وعن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «لمّا استخلف أبا بكر بعث إلى فدك والعوالي، فأخرج وكيل فاطمة عنها.
    فجاءت فاطمة إلى أبي بكر، وقالت: يابن أبي قحافة، لِمَ منعتني ميراثي من أبي؟
    فقال لها أبو بكر: لقول أبيك: «نحن الأنبياء لا نورّث، ما تركناه صدقة».
    فقالت: يابن أبي قحافة، أفتَرِث أباك ولا أرث أبي؟! ثمّ قالت: فلم أخرجت وكيلي من فدك والعوالي وقد جعلها الله لي؟
    فقال أبو بكر: آتي على ذلك بشهود، فجاءت فاطمة بأمير المؤمنين(عليه السلام)والحسن والحسين(عليهما السلام) وباُمّ أيمن، فشهدوا الله تعالى أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)قد جعل فدكاً والعوالي طعمةً لفاطمة وصرفها فيها في حياته.
    فردّ أبو بكر شهادتهم، فقالت: اُمّ أيمن: اُنشدك الله يا أبا بكر، أتعلم أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: إنّ اُمّ أيمن امرأة من أهل الجنّة؟ قال: بلى سمعته.
    قالت: فأشهد بالله أنّ الله عزّ وجلّ أوحى إلى نبيّه(صلى الله عليه وآله)(وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)، فجعل فدكاً والعوالي طعمةً لفاطمة، فشهد عليّ(عليه السلام)بمثل ذلك.
    قال فكتب لها أبو بكر كتاباً بردّ فدك ودفعه إلى فاطمة(عليها السلام).
    فدخل عمر وقال: ما هذا الكتاب؟ فذكر له أبو بكر القصّة.
    فأخذ عمر الكتاب فتفل فيه ومزّقه.
    فخرجت فاطمة باكيةً حزينةً وهي تقول: بَقَرتَ كتابي بَقَرَ الله
    بطنك...» الحديث([37]).

    @@@@@@@@@@@@@@@@
    يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــع


  • #2
    حسين منجل العكيلي

    تعليق


    • #3
      ابن أبي الحديد قال: وقد نظّمت الشيعة بعض هذه الواقعة الّتي يذكرونها شعراً أوله أبيات لمهيار بن مرزويه الشاعر من قصيدته الّتي أوّلها:
      يا ابنةَ القومِ براكِ***بالغٌ فيه رضاكِ([38])
      وقد ذيّل عليها بعض الشيعة وأتمّها، والأبيات:
      يا ابنة الطاهرِ، كم تُقـ***ـرَعُ بالظلم عصاكِ
      غضب الله لخطب***ليلة الطفّ عراك
      ورعى النار غداً***قطّ رعى أمس حماك
      مرّ لم يعطفه شكوى***لا ولا استحيا بكاك
      واقتدى النّاس به***بعدُ فأردى ولداك
      يا ابنة الراقي إلى السـ***ـدرة في لوح السكاك
      لهف نفسي وعلى***مثلك فلتبكِ البواكي
      كيف لم تقطع يد***مدّ إليك ابن صهاك؟
      فرحوا يوماً أهانو***كِ بما ساء أباك!
      ولقد أخبرهم أنّ***رضاهُ في رضاك
      دفعا النصّ على***إرثك لمّا دفعاك
      وتعرّضتِ لقَدْر***تافه وانتهراك
      وادّعيتِ النحلة الـ***مشهود فيها بالصِكاك
      فاستشاطا ثمّ ما إن***كَذِبا إن كذّباك
      فزوى الله عن الرحـ***مة زنديقاً زواك
      ونفى عن بابه الوا***سِعِ شيطاناً نَفاك
      قال ابن أبي الحديد: بعد ذكر هذه الأبيات: فانظر إلى هذه البليّة التي صبّت من هؤلاء على سادات المسلمين وأعلام المهاجرين... إلى آخره([39]).
      وقال ابن أبي الحديد: لا خلاف بين أهل النقل في أنّ أعرابياً نازع النبيّ(صلى الله عليه وآله)في ناقة، فقال(صلى الله عليه وآله): هذه لي، وقد خرجت إليك من ثمنها، فقال الأعرابي: من يشهد لك بذلك؟ فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد بذلك. فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): «من أين علمت وما حضرت ذلك؟!» قال: لا ، ولكن علمتُ ذلك من حيث علمتُ أنّك رسول الله، فقال(صلى الله عليه وآله): «قد أجزتُ شهادتك وجعلتُها شهادتين»، فسمّي «ذا الشهادتين».

      وهذه القصة شبيهة لقصة فاطمة(عليها السلام); لأنّ خزيمة اكتفى في العلم بأنّ الناقة له(صلى الله عليه وآله)وشهد بذلك من حيث علم أ نّه رسول اللهولا يقول إلاّ حقّاً، وأمضى النبيّ(صلى الله عليه وآله)ذلك له من حيث لم يحضر الابتياع وتسليم الثمن، فقد كان يجب على من علم أنّ فاطمة(عليها السلام) لا تقول إلاّ حقّاً أن لا يستظهر عليها بطلب شهادة أو بيّنة، هذا وقد روي أنّ أبا بكر لمّا شهد أمير المؤمنين(عليه السلام)كتب بتسليم فدك إليها، فاعترض عمر قضيّته، وخرّق ما كتبه... إلى آخره([40]).
      وقال شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي(قدس سره) وممّا طعنوا به عليه ـ أي على أبي بكر ـ منعه ميراث رسول الله مستحقّيه، وهذا لا يتمّ إلاّ بأن يبيّن أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)موروث، والذي يدلّ على ذلك قوله تعالى مخبراً عن زكريا(عليه السلام): (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً)([41])
      فخبّر أ نّه خاف من بني عمّه; لأنّ الموالي هاهنا بنو العمّ بلا شبهة، وإنّما خافهم أن يرثوا ماله فينفقوه في الفساد، لأنّه كان يعرف ذلك من أخلاقهم وطرائقهم، فسأل ربّه ولداً يكون أحقّ بميراثه منهم، وإذا ثبت أنّ زكريا موروث بهذا الظاهر ثبت في نبيّنا(صلى الله عليه وآله) مثل ذلك، لأنّ الاُمّة بين قائِلَين: قائل يقول: إنّ الأنبياء كلّهم موروثون، وقائل يقول: إنّ جميعهم غير موروثين، وليس فيهم من يقول: إنّ زكريا والأنبياء الماضين كانوا موروثين على القطع ونبيّنا(صلى الله عليه وآله) لم يكن موروثاً، فمن ارتكب منهم ذلك كان خارقاً للإجماع.
      فإن قيل: دلّوا على أنّ المراد بالميراث المذكور في الآية: ميراث الأموال دون العلم والنبوّة.
      قيل لهم: يدلّ على ذلك: أنّ لفظة «الميراث» في اللغة والشريعة جميعاً لا تفيد إطلاقهما إلاّ على ما يجوز أن ينتقل على الحقيقة من الموروث إلى الوارث، كالأموال وما في معناها، ولا يستعمل في غير المال إلاّ تجوّزاً واتساعاً، ولهذا لا يفهم من قول القائل: لا وارث لفلان، وفلان يرث مع فلان بالظاهر والإطلاق، إلاّ ميراث الأموال والأعراض دون العلوم وغيرها، وليس لنا أن نعدل عن ظاهر الكلام وحقيقته إلى مجازه بغير دلالة.
      وأيضاً فإنّه تعالى خبّر عن نبيّه(عليه السلام) أ نّه اشترط في وارثه أن يكون رضيّاً، ومتى لم يحمل الميراث على المال دون العلم في الآية ودون النبوّة لم يكن للاشتراط معنى، فكان لغواً عبثاً; لأنّه كان إنّما سأل من يقوم مقامه، ويرث مكانه، فقد دخل الرضا، وما هو أعظم من الرضا في جملة كلامه وسؤاله، فلا معنى لاشتراطه.
      ألا ترى أ نّه لا يحسن أن يقول أحد: اللهمّ ابعث إلينا نبيّاً واجعله عاقلا ومكلّفاً؟ وإذا ثبتت هذه الجملة صحّ أنّ زكريّا موروث.
      وممّا يقوّي ما ذكرنا أنّ زكريا خاف بني عمّه، وطلب وارثاً لأجل خوفه، ولا يليق خوفه منهم إلاّ بالمال دون النبوّة والعلم، لأنّه(عليه السلام) كان أعلم بالله من أن يخاف أن يبعث نبيّاً من ليس بأهل للنبوّة، أو أن يورث علمه وحكمته من ليس له أهلا لهما، ولأنّه إنّما بُعث لإذاعة العلم ونشره في الناس، فلا يجوز أن يخاف من الأمر الذي هو الغرض في بعثته.
      فإن قالوا: هذا يرجع عليكم في الخوف من ورثة المال، لأنّ ذلك غاية الضنّ والبخل.

      قلنا: معاذ الله أن يسوّى الحالان، لأنّ المال قد يصحّ أن يرزقه الله المؤمن والكافر، والوليّ والعدوّ، ولا يصحّ ذلك في النبوّة وعلومها، وليس من الضنّ أن يأسى على بني عمّه وهم من أهل الفساد أن يظفروا بماله، لينفقوا به على المعاصي ويصرفوه في غير وجوهه، بل ذلك هو غاية الحكمة وحسن التدبير في الدين، لأنّ الدين يحظر تقوية الفسّاق وإمدادهم بما يعينهم على طرائقهم المذمومة، ولا يُعدُّ ذلك شحّاً ولا بخلا إلاّ مَن تأمّل له.
      فإن قيل: فإلاّ جاز أن يكون خاف من بني عمّه أن يرثوا علمه وهم من أهل الفساد على ما ادّعيتم ويستفسدوا به الناس ويُموّهوا به عليهم.
      قلنا: لا يخلو هذا العلم الذي أشرتم إليه من أن يكون هو كُتُب عِلْمه وصحف حكمته، لأنّ ذلك قد يسمّى «علماً» على طريق المجاز، أو يكون هو العلم الذي يحلّ القلوب، فإن كان الأول فهو يرجع إلى معنى المال، ويصحِّح أنّ الأنبياء(عليهم السلام)يورّثون أموالهم وما في معناها، وإن كان الثاني لم يخلُ هذا العلم من أن يكون هو العلم بالشريعة الذي بُعث النبيّ(صلى الله عليه وآله) لنشره وأدائه، أو أن يكون علماً مخصوصاً لا يتعلّق بالشريعة ولا يجب اطّلاع جميع الاُمّة عليه، كعلم العواقب وما يحدث في مستقبل الأوقات، وما يجري مجرى ذلك.

      والقسم الأوّل لا يجوز على النبيّ(صلى الله عليه وآله) أن يخاف وصوله إلى بني عمّه وهم من جملة اُمّته الذين بُعث لاطّلاعهم على ذلك وتأديته إليهم، وكأنّه على هذا الوجه يخاف ممّا هو الغرض في بعثته.
      والقسم الثاني فاسد أيضاً; لأنّ هذا العلم المخصوص إنّما يستفاد من جهته ويوقف عليه باطّلاعه وإعلامه، وليس هو ممّا يجب نشره في جميع الناس، فقد كان يجب إذا خاف من إلقائه إلى بعض الناس من فساد أن لا يُلقيه إليه، فإنّ ذلك في يده ولا يحتاج أكثر من ذلك.
      فإن قالوا: إنّما خاف زكريّا على العلم أن يندرس، فلأجل ذلك سأل الله تعالى وليّاً يحفظه من الاندراس.
      قيل لهم: لا يجوز من زكريّا أن يخاف ذلك; لأنّه يعلم أنّ حكمة الله تعالى تقتضي حفظ العلم الذي هو الحجة على العباد، وبه تنزاح عللهم في مصالحهم، فكيف يخاف ما لا يخاف من مثله؟
      فإن قيل: فَهَبَوا أنّ الأمر على ما ذكرتم من أ نّه كان يأمن الاندراس، أليس لابدّ أن يكون مجوّزاً لأن يحفظه الله تعالى بمَن هو من أقاربه وأهله، كما يجوز أن يحفظه بغريب أجنبيٍّ منه؟! فما أنكرتم أن يكون خوفه إنّما كان من بني عمّه، أن لا يتعلّموا العلم ولا يقوموا فيه مقامه، فسأل الله تعالى ولداً تجتمع فيه هذه العلوم حتّى لا يخرج العلم من بيته ويتعدّاه إلى غير قومه، فتلحقه بذلك وصمة.
      قلنا: أمّا إذا رُتّب السؤال هذا الترتيب فالجواب عنه غير ما تقدّم، وهو أنّ الخوف الذي أشاروا إليه ليس من ضرر ديني، وإنّما هو من ضرر دنيوي، والأنبياء(عليهم السلام)إنّما بعثوا لتحمّل المضارَّ الدنيوي، ومنازلهم في الثواب إنّما زادت على كلّ المنازل في هذا الوجه، ومن كانت هذه حاله فالظاهر من خوفه إذا لم يعلم من جهة بعينها يجب أن يكون محمولا على مضارّ الدين; لأنّها هي جهة خوفهم، والغرض في بعثتهم تحمّل ما سواها من المضارّ، فإذا قال النبيّ(صلى الله عليه وآله)أنا خائف، ولم نعلم جهة خوفه على التفصيل يجب أن يصرف خوفه بالظاهر إلى مضارّ الدين دون الدنيا; لأنّ أحوالهم وبعثتهم تقتضي ذلك، وإذا كنّا لو اعتدنا من بعضنا الزهد في الدنيا وأسبابها والتعفّف عن منافعها والرغبة في الآخرة والتعوّد بالعمل لها، لكنّا نحمل ما من يظهر لنا من خوفه الذي لا يعلم وجهه بعينه على ما هو أشبه وأليق بحاله، ونضيفه إلى الآخرة دون الدنيا، وإذا كان هذا واجباً في مَن ذكرناه فهو في الأنبياء(عليهم السلام)أوجب، وليس لأحد أن يقول إنّ الميراث محمول على العلم; لأنّه قال (وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ); لأنّه لا يرث أموال آل يعقوب في الحقيقة، وإنّما يرث ذلك غيره; وذلك أنّ ولد زكريّا يرث بالقرابة من آل يعقوب أموالهم، على أ نّه لم يقل: «ويرث آل يعقوب»، بل قال: «من آلِ يعقوب» منبّهاً بذلك على أ نّه يرث مَن كان أحقّ بميراثه بالقرابة([42]). انتهى.
      أقول: وممّا يقوى على أنّ هذا الحديث «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث» كذب ما روي عنه(صلى الله عليه وآله) قوله «فما جاءكم عنّي فأعرضوه على كتاب الله...»، وهذا شيء ظاهر من أ نّه مخالف لكتاب الله، ثم لا يحتاج إلى تأويل.
      وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) «إنّ الأحاديث ستكثر عنّي بعدي، كما كثرت عن الأنبياء من قبلي، فما جاءكم عنّي فأعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فهو عنّي، قلته أو لم أقل»([43]).

      @@@@@@@@@@@@@@@@
      يتبــــــــــــــــــــــــع

      تعليق


      • #4


        في إيراد كلام للعلامة المجلسي (قدس سره) ممّا يتعلّق بالمقام:

        ممّا يـرد على الطعون على أبي بكر في تلك الواقعة: أ نّه مكّن أزواج النبيّ(صلى الله عليه وآله)من التصرّف في حجراتهنّ بغير خلاف، ولم يحكم فيها بأنّها صدقة، وذلك يناقض ما منعه في أمر فدك وميراث الرسول(صلى الله عليه وآله)، فإنّ انتقالها إليهنّ إمّا على جهة الإرث، أو النحلة، والأول مناقض لروايته في الميراث، والثاني يحتاج إلى الثبوت ببيّنة ونحوها، ولم يطالبهنّ بشيء منها كما طالب فاطمة(عليها السلام)في دعواها!وهذا من أعظم الشواهد لمن له أدنى بصيرة، على أ نّه لم يفعل ما فعل إلاّ عداوةً لأهل بيت الرسالة، ولم يقل ما قال إلاّ افتراءً على الله وعلى رسوله.

        ندم أبي بكر عند موته على إرسال عمر لإحراق دار الزهراء(عليها السلام):

        أورد الشيخ الصدوق بإسناده، عن عبدالرحمن بن حميد بن عبدالرحمن بن عوف، عن أبيه: قال: قال أبو بكر في مرضه الّذي قُبض فيه: أما إنّي لا آسى على شيء من الدنيا إلاّ على ثلاث فعلتهنّ ودِدت أنّي تركتهنّ، وثلاث تركتهنّ ودِدت أنّي فعلتهنّ، وثلاث ودِدت أنّي سألت رسول الله عنهنّ:فأمّا الثلاث التي فعلتها وددت أنّي تركتهنّ: فوددت أنّي لم أكن أكشف عن بيت فاطمة وتركته ولو اُغلِق عَلَيَّ حرب . . .([44]) الحديث.وابن أبي الحديد قال: وقال أبو بكر في مرضه الذي مات فيه: وددت أنّي لم أكشف بيت فاطمة ولو كان اُغلق عليّ حرب، فَنَدِمَ والندم لا يكون إلاّ عن ذَنب([45]).ومن عجيب أمرهم، قولهم: يجب أن يحفظ رسول الله(صلى الله عليه وآله) في زوجته، ولا يوجبون أن يُحفظ في فاطمة ابنته! ويعلنون بلعن من ظلم عائشة، ولا يستطيعون سماع لعن من ظلم فاطمة! وهذا عند العقلاء قصور غير خافية، ودلائل على النفوس كافية([46]).
        --------------------------------------------------------------------------------

        [1] . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي: 16/350.[2] . شرح نهج البلاغة: 16/368.[3] . المصدر السابق: 16/395.[4] . ديوان وفاة البتول العذراء: (مخطوط).[5] . لقولها(عليها السلام) له: «واللهِ لأدعُونَّ اللهَ عليكَ».[6] . راجع الفصل الأوّل من هذا الباب، في أنّها(عليها السلام) بضعة من الرسول(صلى الله عليه وآله).[7] . بحار الأنوار:29/358 ـ 359 و362 ـ 364.[8] . الشعراء: 214.[9] . التحريم: 6.[10] . الطبقات الكبرى: 1/192، مسند أحمد بن حنبل: 4/237/13852، السنن الكبرى للبيهقي: 2/433.[11] . النمل: 16.[12] . مريم: 6.[13] . شرح نهج البلاغة: 160/347.[14] . روى المحب الطبري في ذخائر العقبى: 77، عن عليٍّ (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «أنا دار العلم وعليّ بابها»، وقال أخرجه البغوي في المصابيح في الحسان، وأخرجه أبو عمرو وقال: «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» وزاد: «فمن أراد العلم فليأتِه من بابه». وانظر: المستدرك على الصحيحين: 3/127، تأريخ بغداد: 2/377 وج4/348 وج7/173، وج11/48 و204، تأريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام): 2/464 ـ 480/991 ـ 1007، مجمع الزوائد: 9/114، إتحاف السادة المتّقين: 6/244.[15] . المعجم الكبير للطبراني: 1/66/182، المستدرك على الصحيحين: 3/154، ميزان الاعتدال: 2/492/4560، كنز العمّال: 13/674/37725، مجمع الزوائد: 9/203.[16] . راجع صحيح البخاري: 2/302 باب قرابة رسول الله، وفي ص308 باب مناقب فاطمة.[17] . راجع نور الأبصار للشبلنجي: 96، السنن الكبرى: 10/201 ـ 202، كنز العمّال: 12/107 ـ 112، المستدرك على الصحيحين: 3/158، إتحاف السادة المتّقين: 6/244.[18] . علل الشرائع: 186، المحتضر: 133، البحار: 43/80 و204.[19] . الإمامة والسياسة: 1/13، الإمام عليّ لعبد الفتّاح عبدالمقصود: 1/228 ـ 231.[20] . آلمه: أوجعه، والتأ لّم: التوجّع. مجمع البحرين: 6/9 (مادة ألم).[21] . الأحزاب: 57.[22] . التهوّر: الوقوع في الشيء بقلّة مبالاة. مجمع البحرين: 3/519 (مادة هور).[23] . التعجّب من أغلاط العامة: 132 ـ 135.[24] . تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 14/321، ومجمع الزوائد للهيثمي: 7/235، عنهما الإمامة وأهل البيت للدكتور محمد بيومي مهران: 2/343.[25] . الاستغاثة: 12.[26] . ولله درّ العلاّمة السيّد محسن الأمين لقد أجاد في المجالس السنية: 2/106 حيث قال:والذكر في الميراث جاء وفي***تفصيله آياته تترىفي إرث يحيى من أبيه وفي***إرث ابن داود لنا ذكرىولغيرها المختار أفهمه***عجباً وأسدل دونها ستراخبر به راويه به منفرد***تركوا به الآيات والذكرا[27] . تيسير الوصول: 4/12، تأريخ الخميس: 2/193.[28] . سنن المصطفى: 2/21.[29] . في المصدر: (أباها).[30] . أي بمعنى: فتتصرّف.
        التعديل الأخير تم بواسطة أنصار المذبوح; الساعة 31-10-2013, 11:03 PM. سبب آخر: صغر الحجم

        تعليق


        • #5
          وفقكم الله وزادكم خيرا بحق محمد وال محمد الطاهرين

          تعليق


          • #6
            المشاركة الأصلية بواسطة ابوعلاء العكيلي مشاهدة المشاركة

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة ام التقى مشاهدة المشاركة
              وفقكم الله وزادكم خيرا بحق محمد وال محمد الطاهرين




              تعليق

              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
              حفظ-تلقائي
              Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
              x
              يعمل...
              X