إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نبذه مختصرة عن خروج الامام الحسين عليه السلام واستشهاده الحلقة الثانية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نبذه مختصرة عن خروج الامام الحسين عليه السلام واستشهاده الحلقة الثانية

    الحلقة الثانية
    فقال الحسين عليه السلام : «فما تريد ؟»
    قال : اُريد أن أنطلق بك إلى الأمير عبيدالله .

    قال : «إذاً والله لا أتّبعك » .
    قال : إذاً والله لا أدعك .
    وترادّا القول ، فلمّا كثر الكلام بينهما قال الحر: إنّي لم أومر بقتالك ، إنّما اُمرت أن لا اُفارقك حتّى أقدم بك الكوفة، فتياسر ههنا عن طريق العذيب والقادسيّة حتّى أكتب إلى الأمير ويكتب إلى عبيدالله لعل الله أن ياتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن اُبتلى بشيء من أمرك .
    فسار الحسين عليه السلام وسار الحرّ في أصحابه يسايره وهو يقول له : إنّي أذكرك الله في نفسك ، فإنّي أشهد لئن قاتلت لتقتلن .
    فقال الحسين عليه السلام : «أفبالموت تخوّفني ؟ ! وساقول ما قال أخو الأوس لابن عمّه وهو يريد نصرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فخوّفه ابن عمّه وقال : إنّك مقتول فقال :
    سأمضي وما بالموتِ عارٌ على الفتى * إذا ما نوى حقّاً وجاهدَ مسلما
    واسى الرجالَ الصالحينَ بـــنفسهِ * وفارقَ مثبوراً وودّعَ مجرما»
    فلمّا سمع ذلك الحرّ تنحّى عنه .
    قال عقبة بن سمعان : فسرنا معه ساعة فخفق عليه السلام هو على ظهر فرسه خفقة ثمّ انتبه وهو يقول : «إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، والحمد لله ربّ العالمين » ففعل ذلك مرّتين أو ثلاثاً، فأقبل إليه عليّ بن الحسين عليهما السلام على فرس فقال : يا أبه فيم حمدت الله واسترجعت ؟
    قال : «يا بنيّ ، إنّي خفقت خفقة فعنّ لي فارس على فرس وهو يقول :القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم ، فعلمت أنّها أنفسنا نُعيت إلينا» .
    فقال له : يا أبه لا أراك الله سوءاً، ألسنا على الحقّ ؟
    قال : «بلى والذي إليه مرجع العباد» .
    قال : فإنّنا إذن لا نبالي أن نموت محقّين.
    فقال له الحسين عليه السلام : «جزاك الله من ولد خير ما جزى ولداً عن والده » .
    فلمّا أصبح نزل فصلّى الغداة، ثمّ عجلّ الركوب فأخذ يتياسر بأصحابه يريد أن يفرّقهم فيأتيه الحر بن يزيد فيرّده وأصحابه ، فجعل إذا ردّهم نحو الكوفة امتنعوا عليه ، فلم يزالوا يتياسرون كذلك حتّى انتهوا إلى نينوى المكان الذي نزل به الحسين عليه السلام ، فإذا راكب على نجيب له ، فلمّا انتهى إليهم سلّم على الحرّ ولم يسلّم على الحسين عليه السلام وأصحابه ، ودفع إلى الحرّ كتاباً من عبيدالله بن زياد، فإذا فيه : أمّا بعد: فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ولا تنزله إلاّ بالعراء في غير خضر وعلى غير ماء ، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتّى يأتيني بإنفاذك أمري ، والسلام .
    فأخذهم الحرّ بالنزول في ذلك المكان على غير ماء ولا في قرية ، فقال له الحسين : «دعنا ويحك ننزل في هذه القرية أو هذه » ـ يعني نينوى والغاضريّة ـ .
    قال : لا والله لا أستطيع ذالك ، هذا رجل قد بُعث عيناً عليّ .
    فقال زهير بن القين : إنّي والله ما أراه يكون بعد هذا الذي ترون إلاّ أشدّ ما ترون ، يا ابن رسول الله إنّ قتال هؤلاء الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم ، فلعمري ليأتينا بعدهم من لا قبل لنا به .
    فقال الحسين عليه السلام : «ما كنت لأبدأهم بالقتال » ثمّ نزل ، وذلك في يوم الخميس الثاني من المحرّم سنة إحدى وستين .
    فلمّا كان من الغد قدم عليهم عمر بن سعد بن أبي وقّاص في أربعة آلاف فارس فنزل نينوى، فبعث إلى الحسين عليه السلام عروة بن قيس الأحمسي ، فقال له : فأته فسله ما الذي جاء بك ؟ وكان عروة ممّن كتب إلى الحسين عليه السلام فاستحيى منه أن يأتيه ، فعرض ذلك على الرؤساء فكلّهم أبى ذلك لمكان أنّهم كاتبوه، فدعا عمر قرّة بن قيس الحنظليّ فبعثه ، فجاء فسلّم على الحسين عليه السلام فبلّغه رسالة ابن سعد، فقال الحسين عليه السلام : «كتب إليّ أهل مصركم هذا أن أقدم ، فامّا إذا كرهوني فأنا أنصرف عنكم » .
    فلمّا سمع عمر هذه المقالة قال : أرجو أن يعافيني الله من حربه وقتاله ، وكتب إلى عبيدالله بن زياد لعنه الله : أمّا بعد: فإني حيث نزلت بالحسين بعثت إليه رسولي فسألته عمّا أقدمه وماذا يطلب ، فقال : كتب إليّ أهل هذه البلاد وأتتني رسلهم يسألوني القدوم فأمّا إذ كرهوني فإنّي منصرف عنهم .
    فلمّا قرأ ابن زياد الكتاب قال :
    الآنَ إذْ علِقتْ مخالبنا بهِ * يرجو النجاةَ ولاتَ حينَ مناصِ
    وكتب إلى عمر بن سعد: أمّا بعد: فقد بلغني كتابك وفهمته ، فاعرض على الحسين أن يبايع ليزيد هو وجميع أصحابه ، فإذا هو فعل ذلك رأينا رأينا والسلام.
    فلما ورد الجواب قال عمر بن سعد : قد خشيت أن لا يقبل ابن زياد العافية، وورد كتاب ابن زياد في الأثر إليه : أن حل بين الحسين وأصحابه وبين الماء، فلا يذوقوا منه قطرة كما صُنع بالتقيّ الزكيّ عثمان بن عفّان ! !
    فبعث ابن سعد في الوقت عمرو بن الحجّاج في خمسمائة فارس فنزلوا على الشريعة وحالوا بين الحسين وأصحابه أن يستقوا منه ، وذلك قبل قتل الحسين عليه السلام بثلاثة أيام .
    ونادى عبدالله بن الحصين الأزدي لعنه اللهّ بأعلى صوته : يا حسين ،ألا ترون إلى الماء كأنّه كبد السماء، والله لا تذوقون منه قطرة حتّى تموتوا عطشاً.
    فقال الحسين عليه السلام : «اللهمّ اقتله عطشاً ولا تغفر له أبداً» .
    قال حميد بن مسلم : فوالله لعدته بعد ذلك في مرضه ، فوالله الذي لاإله غيره ، لقد رأيته يشرب الماء حتّى يبغر (18) ثمّ يقيء ويصيح : العطش العطش ، ثمّ يعود يشرب الماء حتّى يبغر، ثمّ يقيئه ويتلظّى عطشاً، فما زال ذلك دأبه حتى لفظ نفسه .
    ولما رأى الحسين عليه السلام نزول العساكر مع عمر بن سعد ومددهم لقتاله أنفذ إلى عمر بن سعد: «أنّي اُريد لقاءك » فاجتمعا فتناجيا طويلاً.
    ثمّ رجع عمر إلى مكانه وكتب إلى عبيدالله بن زياد : أمّا بعد : فإنّ الله تعالى قد أطفأ النائرة ، وجمع الكلمة ، وأصلح أمر الاُمّة ، هذا حسين أعطاني عهداً أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى أو أن يسير إلى ثغر من الثغور فيكون رجلاً من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ، أو أن ياتي أمير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده فيرى فيما بينه وبينه رأيه ، وفي هذا لك رضا وللاُمّة صلاح .
    فلما قرأ عبيدالله الكتاب قال : هذا كتاب ناصح مشفق على قومه .
    فقام إليه شمر بن ذي الجوشن فقال : أتقبل هذا منه وقد نزل بأرضك وإلى جنبك ؟! والله لئن رحل من بلادك ولم يضع يده في يدك ليكوننّ أولى بالقوّة ولتكوننّ أولى بالضعف ، فلا تعطه هذه المنزلة، ولكن لينزل على حكمك هو وأصحابه ، فإن عاقبت فانت أولى بالعقوبة ، وإن عفوت كان ذلك لك .
    فقال ابن زياد: نعم ما رأيت ، الرأي رأيك اُخرج بهذا الكتاب إليّ عمر بن سعد فليعرض على الحسين وأصحابه النزول على حكمي ، فإن أبوا فليقاتلهم ، فإن أبى أن يقاتلهم فانت أمير الجيش واضرب عنقه وأنفذ إلي برأسه .
    وكتب إلى عمر: إنّي لم أبعثك إلى الحسين لتكفّ عنه ، ولا لتطاوله ، ولا لتمنّيه السلامة، ولا لتعتذر له ، ولا لتكون له عندي شافعاً، انظر فإن نزل الحسين وأصحابه على حكمي واستسلموا فابعث بهم إليّ سلماً، وإن أبوا فازحف إليهم حتّى تقتلهم وتمثّل بهم فإنهم لذلك مستحقّون ، فإن قتلت الحسين فاوطن الخيل صدره وظهره ، فإنّه عاق ظلوم ! ! ولست أرى أن هذا يضرّ بعد الموت شيئاً ولكن على قول قد قلته : لو قد قتلته لفعلت هذا به ، فإن أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع ، وإن أبيت فاعتزل جندنا وعملنا وخلّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر، فإنّا قد أمرناه بامرنا والسلام .
    فاقبل شمر بكتاب عبيدالله إلى عمر بن سعد، فلمّا قرأه قال له : ما لك ؟ لاقرّب الله دارك ، قبّح الله ما قدمت به عليّ ، لا يستسلم والله حسين ، إنّ نفس أبيه لبين جنبيه ، قال شمر: اخبرني ما أنت صانع ، امض أمر أميرك وإلاّ فخلّ بيني وبين الجند، قال : لا، ولا كرامة لك ، ولكن أنا أتولّى ذلك وكن أنت على الرجالة .
    ونهض عمربن سعد عشيّة يوم الخميس لتسع مضين من المحرّم ، وجاء شمر فوقف على أصحاب الحسين عليه السلام فقال : أين بنو اُختنا ؟فخرج إليه العبّاس وجعفر وعثمان بنو عليّ عليه السلام فقالوا : ما تريد؟ قال : أنتم يا بني اُختي آمنون ، فقالوا : لعنك الله ولعن أمانك ، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له ! !
    ثمّ نادى عمر بن سعد: يا خيل الله اركبي ، فركب الناس ثم زحف نحوهم بعد العصر ، والحسين عليه السلام جالس أمام بيته محتب بسيفه إذ خفق برأسه على ركبتيه ، وسمعت اُخته الصيحة فدنت من أخيها فقالت : يا أخي أما تسمع الأصوات ؟ فرفع رأسه فقال : «إنّي رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في المنام فقال لي : إنّك تروح إلينا» فلطمت اُخته وجهها ونادت بالويل ، فقال لها : «ليس لك الويل يا اُخيّة، اسكتي رحمك اللهّ » .
    وقال له العبّاس بن عليّ : يا أخي قد جاءك القوم ، فنهض وقال : «يا عبّاس ، اركب ـ بنفسي أنت يا أخي ـ حتّى تلقاهم وتقول لهم : ما لكم »؟
    فاتاهم العبّاس في عشرين فارساً فيهم زهير بن القين وحبيب بن مظاهر فقال : ما بدا لكم وما تريدون ؟ قالوا : جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم ، فانصرف العبّاس راجعاً يركض إلى الحسين عليه السلام يخبره الخبر، ووقف أصحابه يعظون القوم ويكفّونهم عن قتال الحسين عليه السلام ، وجاء العبّاس وأخبره بما قال القوم ، فقال : «ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخّرهم إلى غد وتدفعهم عنّا العشيّة فافعل ، لعلّنا نصلّي لربنّا الليلة وندعوه ونستغفره ».
    ومضى العبّاس ورجع ومعه رسول من قبل عمر بن سعد يقول : إنّا قد أجّلناكم إلى غد وانصرف .
    فجمع الحسين عليه السلام أصحابه عند قرب المساء، قال عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السلام :
    «فدنوت لأسمع ما يقول لهم وأنا إذ ذاك مريض فسمعت أبي عليه السلام يقول لأصحابه :
    اُثني على الله أحسن الثناء، وأحمده على السرّاء والضرّاء، اللهم إنّي أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة، وعلّمتنا القران ، وفقّهتنا في الدين (19) .
    أمّا بعد : فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي ، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله عنّي خير الجزاء ، ألا وإنّي قد أذنت لكم فانطلقوا جميعاً في حلّ ، ليس عليكم منّي ذمام ، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً .
    فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه وأبناء عبدالله بن جعفر : ولم نفعل ذلك ، لنبقى بعدك ؟ ! لا أرانا اللهّ ذلك أبداً ، بدأهم بهذا القول العبّاس بن عليّ فأتبعه الجماعة عليه وتكلّموا بمثله .
    فقال الحسين عليه السلام : يا بني عقيل ، حسبكم من القتل بمسلم فاذهبوا أنتم فقد أذنت لكم .
    قالوا : سبحان الله فما يقول الناس ؟ ! يقولون : إنا تركنا شيخنا وسيّدنا وسيّد بني عمومتنا خير الأعمام ولم نرم معهم بسهم ، ولم نطعن برمح ، ولم نضرب دونهم بسيف ، ولا ندري ما صنعوا ؟ ! ، لا واللهّ لا نفعل ، ولكن نفديك بانفسنا وأموالنا وأهلينا، ونقاتل معك حتّى نرد موردك ، فقبّح الله العيش بعدك .
    وقام إليه مسلم بن عوسجة فقال : أنحن نخلّي عنك ولم نعذر إلى الله تعالى في أداء حقّك ؟! لا والله حتّى أطعن في صدورهم برمحي ، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ، والله لو علمت أنّي اُقتل ثمّ اُحرق ثمّ اُحيى ، يفعل بي ذلك سبعين مرّة ما فارقتك حتّى ألقى حمامي دونك ، فكيف لا أفعل ذلك وإنّما هي قتلة واحدة ، ثمّ هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً!
    وقام زهير بن القين فقال : والله لوددت أنّي قُتلت ثمّ نُشرت ثمّ قُتلت ، وهكذا ألف مرّة، وأنّ الله سبحانه يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك .
    ثمّ تكلّم جماعة من أصحابه بكلام يشبه ما ذكرناه ، فجزاهم الحسين عليه السلام خيراً وانصرف إلى مضربه » .
    قال عليّ بن الحسين عليهما السلام : «إنّي لجالس في تلك العشيّة ـ وعندي عمّتي زينب تمرّضني ـ إذ اعتزل أبي في خباء له وعنده جوين مولى أبي ذرّ الغفاري وهو يعالج سيفه ـ ويصلحه ـ وأبي يقول :
    يا دهرُ أفٍّ لــكَ من خليلِ * كم لكَ بالإشراقِ والأصيلِ
    منْ صـاحبِ أو طالبِ قتيلِ * والدهرُ لا يقــنعُ بالبديل
    وإنَما الأمَرُ إلى الَجــلـيلِ * وكلّ حيٍّ سالكٌ ســـبيلِ
    وأعادها مرّتين أو ثلاثاً حتى فهمتها وعرفت ما أراد فخنقتني العبرة ، فرددتها ولزمت السكوت ، وعلمت أنّ البلاء قد نزل ، وأمّا عمّتي فإنّها سمعت ما سمعت وهي امرأة ومن شأن النساء الرقّة والجزع ، فلم تملك نفسها أن وثبت تجرّثوبها وإنّها لحاسرة حتّى انتهت إليه فقالت : واثكلاه ، ليت الموت أعدمني الحياة ، اليوم ماتت اُمّي فاطمة الزهراء وأبي عليّ وأخي الحسن ، يا خليفة الماضين وثمال الباقين ،
    فنظر إليها الحسين عليه السلام وقال :يا اُختاه لا يذهبنّ حلمك الشيطان ، وترقرقت عيناه بالدموع وقال : لو ترِك القطا لنام ، فقالت : يا ويلتاه أتغتصب نفسك اغتصاباً، فذاك أقرح لقلبي وأشدّ على نفسي ، ثمّ لطمت على وجهها وأهوت إلى جيبها فشقّته وخرّت مغشياً عليها، فقام إليها الحسين عليه السلام فصبّ الماء على وجهها وقال لها :يا اُختاه اتّقي الله وتعزّي بعزاء الله ، واعلمي أنّ أهل الأرض يموتون وأهل السماء لا يبقون ، وأنّ كلّ شيء هالك إلاّ وجه اللهّ الذي خلق الخلق بقدرته وإليه يعودون وهو فرد واحد، وإنّ أبي خيرٌ منّي ، وأخي خيرٌ منّي ، ولكلّ مسلم برسول اللهّ اُسوة، فعزّاها بهذا ونحوه ، وقال لها : يا اُختاه ، إني أقسمت عليك فأبرّي قسمي ، لاتشقّي عليّ جيباً، ولا تخمشي عليّ وجهاً، ولاتدعي عليّ بالويل والثبور إذا أنا هلكت ، ثمّ جاء بها وأجلسها عندي .
    ثمّ خرج إلى أصحابه فأمرهم أن يقرّب بعضهم بيوتهم من بعض ، وأن يدخلوا الأطناب بعضها في بعض ، وأن يكونوا بين البيوت فيستقبلوا القوم من وجه واحد والبيوت من ورائهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم قد حفّت بهم إلاّ الوجه الذي يأتيهم منه عدوّهم .
    ورجع إلى مكانه فقام الليل كلّه يصلّي ويستغفر ويدعو، وقام أصحابه كذلك يدعون ويصلّون ويسغفرون
    وأصبح عليه السلام فعبأ أصحابه بعد صلاة الغداة، وكان معه اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً، فجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه ، وحبيب بن مظاهر في ميسرة أصحابه ، وأعطى رايته العبّاس أخاه ، وجعلوا البيوت في ظهورهم ، وأمر بحطب وقصب كان من وراء البيوت أن يترك في خندق كان هناك قد حفر وأن يحرق بالنار مخافة أن ياتوهم من ورائهم .
    وأصبح عمربن سعد في ذلك اليوم ، وهو يوم الجمعة ـ وقيل : يوم السبت ـ فعبأ أصحابه ، فجعل على ميمنته عمرو بن الحجّاج ، وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشن ، وعلى الخيل عروة بن قيس ، وعلى الرجّالة شبث بن ربعي . ونادى شمر ـ لعنه الله ـ باعلى صوته : يا حسين ، تعجّلت النار قبل يوم القيامة، فقال الحسين عليه السلام : «يا ابن راعية المعزى أنت أولى بها صليّاً» ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه الحسين عليه السلام من ذلك ، فقال له : دعني حتّى أرميه ، فإنّ الفاسق من عظماء الجبّارين وقد أمكن الله منه ، فقال عليه السلام : «أكره أن أبدأهم ».
    ثمّ دعا الحسين عليه السلام براحلته فركبها ونادى بأعلى صوته ـ وكلّهم يسمعون ـ فقال : «أيّها الناس إسمعوا قولي ولا تعجلوا حتّى أعظكم بما يحقّ عليّ لكم وحتّى أعذر إليكم فإنّ أعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد وإن لم تعطوني النصف من أنفسكم فاجمعوا رأيكم ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّة ثمّ اقضوا إليّ ولا تنظرون ،إنّ وليّي الله الذي نزّل الكتاب وهو يتولّى الصالحين » .
    ثمّ حمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ عليه وآله السلام فلم يسمع متكلّم قطّ قبله ولا بعده أبلغ في منطق منه ، ثمّ قال : «أمّا بعد : فانسبوني وانظروا من أنا ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي ؟ ألست ابن بنت نبيّكم وابن وصيّه وابن عمّه وأوّل المؤمنين المصدّقين لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بماجاء به من عند ربّه ؟أو َليس حمزة سيّد الشهداء عمّ أبي ؟ أوَ ليس جعفر الطيّار في الجنة بجناحين عمّي ؟ أو َلم يبلغكم ما قال رسول اللهّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لي ولأخي :
    هذان سيّدا شباب أهل الجنّة؟ فإن صدقتموني بما أقول ـ وهو الحق ـ فوالله ما تعمّدت كذباً منذ علمت أنّ الله تعالى يمقت عليه <أهله>، وإن كذّبتموني فإنّ فيكم من إذا سألتموه عن ذلك أخبركم ، سلوا جابر بن عبدالله الأنصاريّ ، وأبا سعيد الخدريّ ، وسهل بن سعد الساعديّ ، وزيد بن أرقم ، وأنس بن مالك يخبرونكم أنّهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لي ولأخي ، أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي ؟».
    فقال له شمر لعنه الله : هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما يقول ،فقال له حبيب بن مظاهر: واللهّ إنّي لأراك تعبد الله على سبعين حرفاً، وأنا أشهد أنّك صادق ما تدري ما يقول ، قد طبع الله على قلبك .
    ثمّ قال لهم الحسين عليه السلام : «فإن كنتم في شكّ من هذا أفتشكّون أنّي ابن بنت نبيّكم ؟ ! فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري فيكم ولا في غيركم ، ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته ، أومال لكم استهلكته ، أو بقصاص جراحة؟ ! »فأخذوا لا يكلّمونه .
    فنادى عليه السلام : «يا شبث بن ربعي ، يا حجّار بن أبجر، يا قيس ابن الأشعث ، يا يزيد بن الحارث ، ألم تكتبوا إليّ : أن قد أينعت الثمار واخضرّ الجناب وإنّما تقدم على جند لك مجنّد؟».
    فقال له قيس بن الأشعث : ما ندري ما تقول ، ولكن انزل على حكم بني عمّك فإنّهم لم يريدوا بك إلاّ ما تحبّ.
    فقال الحسين عليه السلام : «لا والله لا اُعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفرّ فرار العبيد، ثمّ نادى : يا عباد الله (إنّي عُذتُ بِربّي وَرَبِّكم أنْ تَرجُمُونِ) (20) أعوذ (برّبي وربكمُ مِنْ كُلِّ مُتَكَبّرٍ لايُؤمِنُ بيَومِ الحِسإِب) (21)
    ثمّ إنّه أناخ راحلته وأمر عقبة بن سمعان فعقلها ، وأقبلوا يزحفون نحوه .
    فلمّا رأى الحرّ بن يزيد أنّ القوم قد صمّموا على قتال الحسين عليهالسلام قال : لعمر بن سعد : اي عمر، أتقاتل الحسين ؟ ! قال : إي والله قتالاً أيسره أن تسقط فيه الرؤوس وتطيح فيه الأيدي ، قال : أفما لكم فيما عرضه عليكم رضىً؟ قال : لو كان الأمر إليّ لفعلت ، ولكن أميرك قد أبى .
    فاقبل الحرّ ومعه رجل من قومه يقال له : قرّة بن قيس فقال له : يا قرّة هل سقيت فرسك اليوم ؟
    قال : لا. قال قرّة: فظننت أنّه يريد أن يتنحّى فلا يشهد القتال ، ولو أنّه اطلعني على الذي يريد لخرجت معه إلى الحسين عليه السلام ، فاخذ يدنو من الحسين عليه السلام قليلاً قليلاً فقال له رجلٌ : ماهذا الذي أرى منك ؟ فقال : إني والله أخيّر نفسي بين الجنّة والنار، فوالله ماأختارعلى الجنّة شيئاً ولو قُطعتُ وحُرّقتُ ، ثمّ ضرب فرسه فلحق بالحسين عليه السلام فقال له : جعلت فداك يا ابن رسول الله ، أنا صاحبك الذي جعجعت بك في هذا المكان ، وما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضته عليهم ولا يبلغون منك هذه المنزلة، والله لو علمت أنّ القوم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت منك الذي ركبت ، وإنّي تائب إلى الله تعالى ممّا صنعت ،فترى لي من ذلك توبة؟
    فقال الحسين عليه السلام : «نعم يتوب الله عليك فانزل » قال : فانا لك فارساً خيرٌ منّي راجلاً، اُقاتلهم لك على فرسي ساعة وإلى النزول يصير آخر أمري ، فقال له الحسين عليه السلام : «فاصنع ـ يرحمك الله ـ مابدا لك » .
    حسين منجل العكيلي

  • #2
    بٌأًرًڳّ أِلٌلُهً فَيٌڳّ عِلٌى أَلِمًوُضِوًعَ أٌلّقِيُمّ ۇۈۉأٌلُمِمّيِزُ

    وُفّيُ أٌنِتُظٌأًرِ جّدًيًدّڳّ أِلّأَرّوّعٌ وِأًلِمًمًيِزَ

    لًڳَ مِنٌيّ أٌجَمًلٌ أِلًتَحِيُأٌتِ

    وُڳِلً أِلٌتَوَفّيُقٌ لُڳِ يّأِ رٌبِ


    تعليق


    • #3
      سلام من السلام على العطشان وعليك أستاذنا موفق بحق آل محمد
      sigpic
      إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
      ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
      ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
      لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة أنصار المذبوح مشاهدة المشاركة
        بٌأًرًڳّ أِلٌلُهً فَيٌڳّ عِلٌى أَلِمًوُضِوًعَ أٌلّقِيُمّ ۇۈۉأٌلُمِمّيِزُ

        وُفّيُ أٌنِتُظٌأًرِ جّدًيًدّڳّ أِلّأَرّوّعٌ وِأًلِمًمًيِزَ

        لًڳَ مِنٌيّ أٌجَمًلٌ أِلًتَحِيُأٌتِ

        وُڳِلً أِلٌتَوَفّيُقٌ لُڳِ يّأِ رٌبِ

        لبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــك ياحسين
        عظم الله لنا ولكم الاجر
        اللهم العن قتلة الحسين عليه السلام

        اشكرك اختي الفاضلة بارك الله فيك
        حسين منجل العكيلي

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة من نسل عبيدك احسبني ياحسين مشاهدة المشاركة
          سلام من السلام على العطشان وعليك أستاذنا موفق بحق آل محمد
          المشاركة الأصلية بواسطة أنصار المذبوح مشاهدة المشاركة
          بٌأًرًڳّ أِلٌلُهً فَيٌڳّ عِلٌى أَلِمًوُضِوًعَ أٌلّقِيُمّ ۇۈۉأٌلُمِمّيِزُ

          وُفّيُ أٌنِتُظٌأًرِ جّدًيًدّڳّ أِلّأَرّوّعٌ وِأًلِمًمًيِزَ

          لًڳَ مِنٌيّ أٌجَمًلٌ أِلًتَحِيُأٌتِ

          وُڳِلً أِلٌتَوَفّيُقٌ لُڳِ يّأِ رٌبِ

          لبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــك ياحسين
          عظم الله لنا ولكم الاجر
          اللهم العن قتلة الحسين عليه السلام

          اشكرك اختي الفاضلة بارك الله فيك
          حسين منجل العكيلي

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
          x
          يعمل...
          X