إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإمام الحسين (عليه السّلام) مشعل الهدى وسفينة الخلاص

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإمام الحسين (عليه السّلام) مشعل الهدى وسفينة الخلاص

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين الاشراف وعجل فرجهم يا كريم

    الإمام الحسين (عليه السّلام) مشعل الهدى وسفينة الخلاص


    ها هو يوم عاشوراء يلوح في الاُفق ليجعلنا نعيش عاشـوراء ببطولاتها وتضحياتها . وعظمة عاشوراء لم تسمح للزمان أن يطوي ذكرها النسيان ؛ وذلك لأنّ عاشوراء رسالة لكل الأجيال ؛ ومن هنا نتأمل في يوم عاشوراء ورسالته .

    ألف : يوم الحسين (عليه السّلام)

    1 ـ وجاء يوم الحسين (عليه السّلام) , جاء ميعاد اللقاء مع السبط الشهيد على مائدة الإحسان والإيثار , جاء يوم التحرر من إصر الهوى وأغلال الشهوات , وجاء يوم نتحسس فيه جميعاً بأننا بشر نحب الخير ، ونهوى الفضيلة ، ونلتذ بالعطاء ، ونتطلع إلى الشهادة بالحق , والموت في سبيله...

    بلى , في مثل هذه المناسبات العظيمة يكتشف أحدنا إنسانيته ، ويندمج مع فطرته ، وتنجلي عن بصيرته حجب الشهوات العاجلة والحميات الكاذبة .
    2 ـ إنّ للسبط الشهيد (سلام الله عليه) حرارة في أفئدة محبيه ، وولهـاً للاستماع إلى حماسة شهادته ؛ لأنه (سلام الله عليه) مثّل في يوم الطفِّ تلك



    الفطرة التي تنطوي عليها ضمائر البشرية جميعاً ، وجسّد قيم العطاء والفداء ، ومثّل الشجاعة والاستقامة والإيثار ؛ فهو ـ بكربلاء وعاشوراء ـ صورة مثلى لكلِّ إنسان كامل في إنسانيته ؛ ومن هنا ترى الناس جميعاً يتلهّفون إلى معرفة أخبار ملحمته . وكلما كان الواحد منهم أقرب الى الإنسانيّة كان أشوق الى عاشوراء الحسين (عليه السّلام).

    3 ـ إنّ عاشوراء وما كان فيها من قصص بطولية نادرة ، وتجليات إيمانية سامية ، وسبحات في آفاق المثل العليا هي إطلالة البشر على عالم الغيب ، وهي نافذة تُفتح أمام بصائرنا لنشاهد بأنفسنا ذلك العالم الآخر الذي لا بدّ لنا من العودة إليه في يوم قريب ؛ العالم الذي لا تتكلم فيه أرقام الأرصدة ، ولا أحجام الممتلكات ، ولا موازين القوة المادية ، وإنما الكلمة الصادقة ، والعمل الصالح ، ودرجة التقوى واليقين , إنها هي ميزان التفاضل هناك .

    وهكذا يتسنى لكل من يعيش أجواء عاشوراء أن يطلّ ولو للحظات على ذلك العالم ؛ ليضبط من جديد إتجاهه في الدنيا قبل أن يرحل عنها إلى عالم الآخرة ؛ عالم الغيب والحياة الأبدية .

    4 ـ عند الإدّعاء يزعم كلُّ فرد بأنه قد بلغ أداء الواجب ، ولكن عندما يستشرف على ملحمة عاشوراء ويراجع نفسه يعرف أنّ عطاءه محدود جداً ، ويتضاءل عند نفسه إلى درجة الندم ، ويجدد العزم بأن يضاعف عطاءه ويزداد عزماً على الإحسان والإيثار .

    5 ـ حوافز البشر وعزائمه هي وقود مسيرته الصاعدة ، ومَن فقد النية أضحى خاوياً على نفسه كشجرة مسوسة . ونحن نتزود في رحاب

    عاشوراء بالعزم ليس فقط لنواجه ضعف أنفسنا أمام شهواتنا ، وإنما أيضاً لنتحدّى ضعف اُمّتنا أمام المشاكل الحادّة .

    فنحن نقرأ قصة ذلك الفتى الهاشمي (قاسم بن الحسن عليهما السّلام) كيف يستهين بالموت , ويراه في نصرة عمّه أحلى من العسل ، ونرى ذلك الشهم العلوي (علي الأكبر بن الحسين عليهما السلام) كيف يركب مطية الشهادة ويقتحم غمار الأعداء حتّى تمزّق جسده الشريف بحرابهم المسعورة ، ثم شرب من يدي جده كأساً روياً لا يظمأ بعده أبداً .

    أمّا عمّه العباس (عليه السّلام) كبش الكتيبة ، وقمر بني هاشم ، فإنّه يحلق عالياً في سماء الوفاء ، حتّى إذا ملك الشريعة وتاقت نفسه إلى شربة ماء تذكّر عطش أخيه الإمام الحسين (عليه السّلام) ؛ فرمى الماء على الماء ، وتمنّى لو يستطيع أن يحمل إلى مخيم آل الرسول (صلّى الله عليه وآله) قليلاً من الماء . وحطّم أمله ذلك السهم الذي أصاب القربة , ولكنه لم يستسلم , وتحدى أمواج الهم بجبال العزم حتّى التحق بركب الشهداء . إنّ كل صورة في هذه الملحمة درس عظيم في معاني العزم والاستقامة .

    6 ـ كما القطرة المتواضعة حين تلتحق ببحر زاخر فتصبح عظيمة النفع ، كذلك الفرد حين يندمج بتيار المجتمع فيصبح أعظم وأقوى . وملحمة عاشوراء بوتقة تعد الأفراد ليتلاحموا ويصبحوا قوة هائلة .

    7 ـ حينما تتحطّم النفس البشرية على صخرة الكوارث والويلات ، وتنطوي على ذاتها لتحيط بها الكآبة , وتنخر فيها السلبية , فإن عاشوراء وبما فيها من شجاعة التحدي ، وبطولة المواجهة ، وبما فيها من الإيجابية

    الطافحة تعالج مثل هذه النفسية ، والتي ـ مع الأسف ـ أصبحت شائعة في بعض المجتمعات التي تعيش ظروفاً صعبة .

    8 ـ عاشوراء تساهم في تربية إنسان يرفض الحصار ، ويتحدى اليأس ، ويهزأ من العقبات ؛ إنسان يتّصل قلبه بنور ربه فيتوكل على الله ، ويقول كما قالت سيدتنا زينب (عليها السّلام) للطاغية يزيد : أظننت يا يزيد أنّك حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء ، فأصبحنا نُساق كما تُساق الاُسارى أنّ بنا على الله هواناً ، وبك عليه كرامة ، وأنّ ذلك لِعظم خَطَرك عنده ؟! فشمخت بأنفك , ونظرت في عِطفك جذلان مسروراً , حين رأيت الدنيا لك مستوسقة , والاُمور متّسقة ، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا …(1) .

    وهكذا كانت ولا تزال عاشوراء السبط الشهيد (عليه السّلام) إشراقة الأمل في ضمير البؤساء ؛ لأنّ عاشوراء نفحة إلهية على أهل الأرض . أوَليس الإمام الحسين (عليه السّلام) مصباح هدىً وسفينة نجاة ؟

    باء : رسالة عاشوراء

    1 ـ ورسالة عاشوراء هي رسالة المنبر الحسيني الذي لم يزل باقياً منذ ارتقاء زين العابدين وسيد الساجدين الإمام علي بن الحسين (عليه السّلام) أعواد مسجد الشام في أوّل مواجهة ضد الطاغية يزيد في العاصمة الاُمويّة ، وفضحه آل أبي سفيان , وبيّن فضائل العترة الطاهرة .

    منذ ذلك اليوم وحتّى هذا اليوم , وعبر (1361) عاماً لم يزل للمنبر الحسيني شعاع من مصباح الإمام الحسين (عليه السّلام) ، وقبس من نار ثورته اللاهبة .

    ــــــــــــــ

    (1) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ـ باقر شريف القرشي 3 / 378 .

    ومن عوامل بقاء المنبر الحسيني بهذه الصفة طيلة القرون المتمادية هو الحماس الذي يلعب دوراً هاماً في بيان عاشوراء ، كما يجلي البصائر ببيان أهدافها التي هي حقائق الدين .

    2 ـ واليوم حيث يتعرّض المسلمون لأقسى الهجمات الثقافية ، والتي تتسلح بالمزيد من وسائل العصر ؛ اليوم حيث يتّسم العصر بسمة الإعلام علينا أن نجتهد في سبيل جعل المنبر الحسيني قادراً ليس فقط على صد هجمات الأعداء على قيم الدين ، بل وأيضاً على اختراق حصون الأعداء , وبث القيم الدينية بين شعوب العالم . أليست كلمة الله هي العليا ؟ ألم يقل ربنا سبحانه : (وَقُلْ جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً)(الإسراء/81) ؟

    3 ـ من هنا كان على الخطباء وعلى المعاهد الدينية التي يتخرّج منها الخطباء أن يبذلوا قصارى جهدهم لتحقيق تحوّل كبير في مناهج المنبر وبرامجه ، وجعله أقرب إلى حقائق العصر ؛ وذلك عبر السبل التي سوف نتحدث عنها لاحقاً إن شاء الله . وهذا الجهد قد يكون فردياً ، وقد يكون عبر تشكيل مؤتمرات ومراكز بحث وإشراك أكبر قدر ممكن من الآراء فيها ، وبالذات آراء المستمعين .

    4 ـ المنبر ينبغي أن ينطق عن ضمير الجماهير ، ويستجيب لحاجاتهم ، وبالذات ضمير الجيل الصاعد الذي سوف يستلم أزمة المجتمع بيده . فإذا كان المنبر متجاوباً مع الناس كان الناس أوعى له ، وأطوع لتوجيهاته .

    5 ـ المنبر رسالة عاشوراء ، وعاشوراء بحر زاخر لا بدّ أن نستخرج منه ما يناسب ظروفنا ، ويلبّي حاجات عصرنا . وهكذا ينبغي أن يستنطق الخطيب حوادث كربلاء فيما يتّصل بيوميات المجتمع , فإذا كان المجتمع

    يعاني تفككاً اُسرياً , فإنّ المنبر يستهدي من تفاني أهل البيت (عليهم السّلام) في سبيل قضيتهم ، ومدى وفاء كلِّ فرد منهم ؛ لشيخهم وسيدهم وإمامهم الحسين (عليه السّلام) .

    وإذا كان المجتمع يعاني خواءً في الأهداف , وفراغاً في الغايات ، فإنّ هدفية أنصار الإمام الحسين (عليه السّلام) ؛ كباراً وصغاراً ، رجالاً ونساء هي محور أساسي للمنبر .

    وإذا كان المجتمع يعاني أمراضاً مزمنة ؛ مثل السلبية والتواكل ، والذاتية والحمية ، والفواحش الظاهرة منها والباطنة , فإنّ كلَّ حادثةٍ حدثت في ملحمة كربلاء تستطيع أن تكون ملهمة لعلاج تلك الأمراض .

    6 ـ الإمام الحسين (عليه السّلام) درّة في تاج الرسالة ، وعلينا أن ندعو الناس من خلال المنبر إلى منظومة الدرر التي يتشكّل منها هذا التاج الكريم ؛ فجده الرسول ، وأبوه الوصي ، واُمّه الصديقة ، وأخوه الزكي ، وولده الأئمة الهداة (صلّى الله عليهم جميعاً) . كلّ اُولئك هم محاور المنبر الحسيني ، وعلينا من خلاله أن نرسي قواعد الإيمان بهم , والوله بحبهم , والاستماع إلى وصاياهم ، وقراءة سيرهم ، وبالذات الإمام الثاني عشر المنتظر القائم (عجّل الله فرجه) ؛ فإنه خاتم الأوصياء ، والآخذ بثأر جده الحسين (عليه السّلام) .

    7 ـ المنبر الحسيني زخم عاطفي هائل ، وهو يفجّر ينابيع المودة في أفئدة العارفين بأهل البيت (عليهم السّلام) , ولكن في ذات الوقت ينبغي أن يستثير دفائن العقل ، ويستجلي مشاعل البصيرة ، ويزين للناس مكارم الأخلاق وحلل الآداب ؛ ذلك لأنّ العواطف من دون بصائر العقل أشبه ما تكون بسيل هادر لا تستوعبه قنوات الري .


    إنّ مذهب أهل البيت (عليهم السّلام) يعرج بالبشرية بجناحي العاطفة والعقل ؛ فظلامة الصدّيقة الزهراء (عليها السّلام) ، ومصائب سيد الأوصياء الإمام علي (عليه السّلام) ، ومراثي السبط الأول الإمام الحسن (عليه السّلام) ، وعاشوراء السبط الشهيد الإمام الحسين (عليه السّلام) ، وما جرى على الأئمة من ولده (عليهم السّلام) , كل ذلك جناح العروج الأوّل .

    أمّا الجناح الآخر فيتمثّل في الخطبة الفدكية لفاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (عليها السّلام) ، وبنهج البلاغة للإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، وكلمات السبطين (عليهما السّلام) ، والصحيفة السجادية زبور آل محمّد (صلّى الله عليه وآله) الذي جرى على لسان خيار المتهجّدين الإمام السجاد (عليه السّلام) ، ووصايا ودروس الباقرين الصادقين , ثمّ الكاظم والرضا , وسائر كلمات الأئمة (عليهم السّلام) الرشيدة .

    وإذا رأيت خللاً في حياة بعض أتباع أهل البيت (عليهم السّلام) فلأنهم قد ابتعدوا عن كلمات قادتهم التي هي مناهج حياة ، وبرامج جهاد ، وسبل هدى ، ووسائل تقدم .

    إنني أدعو الخطباء الكرام , وبكل إصرار , إلى إعادة الناس إلى رحاب أهل البيت (عليهم السّلام) ، والانتفاع بكلِّ كلمة من تراثهم العظيم ؛ لكي يوحّدوا جهودهم ، وينظموا حياتهم على اُسس عقلانيّة رشيدة في ضوء وصاياهم ، وليتحمّل كلُّ فردٍ منهم مسؤولياته من دون تبريرات واهية فيزداد همة وعزماً .

    وإنّ لي كذلك دعوة متواضعة للفقهاء والمفكرين أن يستنبطوا من آيات الكتاب , وأحاديث السنة , وكلمات أهل البيت (عليهم السّلام) أحكاماً واضحة في قضايا حياتية كما أنهم قد استنبطوا منها أحكاماً في قضايا دينية ، ولهم من الله

    الأجر العظيم . ويومئذ ينبغي للخطباء والكتّاب أن يتبعوهم في تلك الإرشادات ، وينشروها على أوسع اُفق .

    إننا اليوم بحاجة ماسة إلى تلك الحكمة التي ترشدنا كيف نعيش ، وكيف نتحدّى المشاكل ، وكيف نساهم في تطبيق الحياة . وإنها لحكمة بالغة لا بدّ أن نستوحيها من مصادر الوحي ، ومن تجارب العقول ، وآراء العرف الرشيد ؛ والله المستعان .

    _________________________________________
    الإمام الحسين (عليه السلام) قدوة الصديقين
    المؤلف:سماحة آية الله السيد محمد تقي المدرسي

  • #2
    اختي الفاضلة
    طرح رائع وموفق
    احسنت بارك الله فيك وجزيت خيرا
    حسين منجل العكيلي

    تعليق


    • #3
      السلام عليك يابن رسول الله السلام عليك يابن سيد المرسلين وابن سيد الوصيين وابن سيدة نساء العالمين
      السلام عليك يامولاي ياابا عبد
      الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك لعن الله امت أسرجت وألجمت وتهيأت لقتالك
      يامولاي ياأباعبدالله عليك مني سلام
      الله أبدا مابقيت وبقي الليل والنهار
      بارك
      الله فيك و جزاك الله خير الجزاء
      و رزقك الله شفاعة الحسين يوم لا ينفع مال و لا بنين الا من اتى الله بقلب سليم

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X