ترك السنة الصحيحة لمخالفة الروافض :
مع ثبوت السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأحاديث الثابتة عند أهل السنة ، إلا أنهم في بعض الأحكام الشرعية بدا لهم أن يتعمدوا تجنبها من أجل مخالفة الروافض .
قال ابن تيمية : ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات إذا صارت شعارا لهم [ أي للشيعة ] ، فإنه وإن لم يكن الترك واجبا لذلك ، لكن في إظهار ذلك مشابهة لهم ، فلا يتميز السني من الرافضي ، ومصلحة التميز عنهم لأجل
هجرانهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة هذا المستحب . وهذا الذي ذهب إليه يحتاج إليه في بعض المواضع إذا كان في الاختلاط والاشتباه مفسدة راجحة على مصلحة فعل ذلك المستحب ( 2 ) .
وهي موارد عديدة ، منها التختم باليمين ، وتسطيح القبور ، والصلاة على الآل ، وغيرها .
نماذج من فتاواهم :
قال ابن حجر في فتح الباري : اختلف في السلام على غير الأنبياء ، بعد الاتفاق على مشروعيته في تحية الحي ، فقيل : يشرع مطلقا ، وقيل : بل تبعا ، ولا يفرد لواحد ، لكونه صار شعارا للرافضة .
ونقله النووي عن الشيخ أبي محمد الجويني . وقال أيضا : قال ابن القيم : المختار أن يصلى على الأنبياء والملائكة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وآله وذريته وأهل طاعته على سبيل الإجمال ، وتكره في
* هامش *
(2) هذا حديث صحيح أيضا ، رواه ابن أبي شيبة في المصنف 1 / 26 ح 181 عن وكيع عن ابن علية ، وهو إسماعيل بن إبراهيم بن علية المتقدم ذكره ، عن داود ، وهو ابن أبي هند ، عن الشعبي ، وكلهم ثقات عندهم .
(3) منهاج السنة 2 / 147 . ( * )
غير الأنبياء لشخص مفرد بحيث يصير شعارا ، ولا سيما إذا ترك في حق مثله أو أفضل منه ( 1 ) كما يفعله الرافضة ( 2 ) .
وقال الزمخشري في الكشاف : القياس جواز الصلاة على كل مؤمن لقوله تعالى ( هو الذي يصلي عليكم ) وقوله تعالى ( وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) وقوله صلى الله عليه وسلم : اللهم صل على آل أبي أوفى .
ولكن للعلماء تفصيلا في ذلك ، وهو أنها إن كانت على سبيل التبع كقولك : ( صلى الله على النبي وآله ) فلا كلام فيها ، وأما إذا أفرد غيره من أهل البيت بالصلاة كما يفرد هو فمكروه ، لأن ذلك صار شعارا لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولأنه يؤدي إلى الاتهام بالرفض ( 3 ) .
قال مصنف كتاب الهداية وهو من الأحناف : المشروع التختم في اليمين ، لكن لما اتخذته الرافضة عادة جعلنا التختم في اليسار ( 4 ) .
وذكر الغزالي في الذخيرة والماوردي وهما من الشافعية أن تسطيح القبور هو المشروع ، ولكن لما اتخذته الرافضة شعارا لهم عدلنا عنه إلى التسنيم ( 5 ) .
وقال محمد بن عبد الرحمن الدمشقي في كتابه رحمة الأمة في اختلاف الأئمة : السنة في القبر التسطيح ، وهو أولى من التسنيم على الراجح من
* هامش *
(1) كما لو صلى على الإمام علي عليه السلام ، وترك الصلاة على من هو خير منه عندهم كأبي بكر وعمر .
(2) فتح الباري 11 / 142 . وقد ذكره ابن حجر بالمعنى ، وعبارة ابن القيم مذكورة في كتابه ( جلاء الأفهام على خير الأنام ) ، ص 663.
(3) الكشاف 3 / 246 في تفسير قوله تعالى ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) سورة الأحزاب ، الآية 56 .
(4) عن الصراط المستقيم 2 / 510 . ومنهاج الكرامة ، ص 108 . الغدير 10 / 210 .
(5) عن المصادر السابقة بأجزائها وصفحاتها . ( * )
مذهب الشافعي ، وقال الثلاثة [ أبو حنيفة ومالك وأحمد ] : التسنيم أولى ، لأن التسطيح صار من شعائر الشيعة ( 1 ) .
وقال الحافظ العراقي في بيان كيفية إسدال طرف العمامة : فهل المشروع إرخاؤه من الجانب الأيسر كما هو المعتاد ، أو الأيمن لشرفه ؟ لم أر ما يدل على تعيين الأيمن إلا في حديث ضعيف عند الطبراني ، وبتقدير ثبوته فلعله كان يرخيها من الجانب الأيمن ، ثم يردها إلى الجانب الأيسر كما يفعله بعضهم ، إلا أنه صار شعار الإمامية ، فينبغي تجنبه لترك التشبه بهم ( 2 ) .
وقال عبد الله المغربي المالكي في كتابه ( المعلم بفوائد مسلم ) : إن زيدا كبر خمسا على جنازة ، قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبرها . وهذا المذهب الآن متروك ، لأنه صار علما على القول بالرفض ( 3 ) .
وفي التذكرة : قال الشافعي وأحمد والحكم : المسح على الخفين أولى من الغسل ، لما فيه من مخالفة الشيعة ( 4 ) .
وقال إسماعيل البروسوي في تفسيره ( روح البيان ) عند ذكر يوم عاشوراء : قال في عقد الدرر واللئالي ( 5 ) : ولا ينبغي للمؤمن أن يتشبه بيزيد الملعون في بعض الأفعال ، وبالشيعة الروافض والخوارج أيضا ، يعني لا يجعل ذلك اليوم يوم عيد أو يوم مأتم ، فمن اكتحل يوم عاشوراء فقد تشبه بيزيد
* هامش *
(1) رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ، ص 155 .
(2) شرح المواهب للزرقاني 5 / 13 .
(3) عن الصراط المستقيم 2 / 510 .
(4) عن المصدر السابق .
(5) في فضل الشهور والأيام والليالي ، للشيخ شهاب الدين أحمد بن أبي بكر الحموي ، الشهير بابن الرسام ( عن الغدير 10 / 211 ) . ولد بحماة سنة 773 ه ، ولي قضاء حماة ثم قضاء حلب ، وتوفي سنة 844 ه تقريبا ، له ترجمة في شذرات الذهب 7 / 252 ،
الضوء اللامع 1 / 249 ، ومعجم المؤلفين 1 / 174 . ( * )
الملعون وقومه ، وإن كان للاكتحال في ذلك اليوم أصل صحيح ، فإن ترك السنة سنة إذا كانت شعارا لأهل البدعة ، كالتختم باليمين ، فإنه في الأصل سنة ، لكنه لما صار شعار أهل البدعة والظلمة صارت السنة أن يجعل الخاتم في خنصر اليد اليسرى في زماننا ، كما في شرح القهستاني ( 1 ) . إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة .
* هامش *
(1) روح البيان 4 / 142 - عن كتاب الغدير 10 / 211 . ( * )
مع ثبوت السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأحاديث الثابتة عند أهل السنة ، إلا أنهم في بعض الأحكام الشرعية بدا لهم أن يتعمدوا تجنبها من أجل مخالفة الروافض .
قال ابن تيمية : ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات إذا صارت شعارا لهم [ أي للشيعة ] ، فإنه وإن لم يكن الترك واجبا لذلك ، لكن في إظهار ذلك مشابهة لهم ، فلا يتميز السني من الرافضي ، ومصلحة التميز عنهم لأجل
هجرانهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة هذا المستحب . وهذا الذي ذهب إليه يحتاج إليه في بعض المواضع إذا كان في الاختلاط والاشتباه مفسدة راجحة على مصلحة فعل ذلك المستحب ( 2 ) .
وهي موارد عديدة ، منها التختم باليمين ، وتسطيح القبور ، والصلاة على الآل ، وغيرها .
نماذج من فتاواهم :
قال ابن حجر في فتح الباري : اختلف في السلام على غير الأنبياء ، بعد الاتفاق على مشروعيته في تحية الحي ، فقيل : يشرع مطلقا ، وقيل : بل تبعا ، ولا يفرد لواحد ، لكونه صار شعارا للرافضة .
ونقله النووي عن الشيخ أبي محمد الجويني . وقال أيضا : قال ابن القيم : المختار أن يصلى على الأنبياء والملائكة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وآله وذريته وأهل طاعته على سبيل الإجمال ، وتكره في
* هامش *
(2) هذا حديث صحيح أيضا ، رواه ابن أبي شيبة في المصنف 1 / 26 ح 181 عن وكيع عن ابن علية ، وهو إسماعيل بن إبراهيم بن علية المتقدم ذكره ، عن داود ، وهو ابن أبي هند ، عن الشعبي ، وكلهم ثقات عندهم .
(3) منهاج السنة 2 / 147 . ( * )
غير الأنبياء لشخص مفرد بحيث يصير شعارا ، ولا سيما إذا ترك في حق مثله أو أفضل منه ( 1 ) كما يفعله الرافضة ( 2 ) .
وقال الزمخشري في الكشاف : القياس جواز الصلاة على كل مؤمن لقوله تعالى ( هو الذي يصلي عليكم ) وقوله تعالى ( وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) وقوله صلى الله عليه وسلم : اللهم صل على آل أبي أوفى .
ولكن للعلماء تفصيلا في ذلك ، وهو أنها إن كانت على سبيل التبع كقولك : ( صلى الله على النبي وآله ) فلا كلام فيها ، وأما إذا أفرد غيره من أهل البيت بالصلاة كما يفرد هو فمكروه ، لأن ذلك صار شعارا لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولأنه يؤدي إلى الاتهام بالرفض ( 3 ) .
قال مصنف كتاب الهداية وهو من الأحناف : المشروع التختم في اليمين ، لكن لما اتخذته الرافضة عادة جعلنا التختم في اليسار ( 4 ) .
وذكر الغزالي في الذخيرة والماوردي وهما من الشافعية أن تسطيح القبور هو المشروع ، ولكن لما اتخذته الرافضة شعارا لهم عدلنا عنه إلى التسنيم ( 5 ) .
وقال محمد بن عبد الرحمن الدمشقي في كتابه رحمة الأمة في اختلاف الأئمة : السنة في القبر التسطيح ، وهو أولى من التسنيم على الراجح من
* هامش *
(1) كما لو صلى على الإمام علي عليه السلام ، وترك الصلاة على من هو خير منه عندهم كأبي بكر وعمر .
(2) فتح الباري 11 / 142 . وقد ذكره ابن حجر بالمعنى ، وعبارة ابن القيم مذكورة في كتابه ( جلاء الأفهام على خير الأنام ) ، ص 663.
(3) الكشاف 3 / 246 في تفسير قوله تعالى ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) سورة الأحزاب ، الآية 56 .
(4) عن الصراط المستقيم 2 / 510 . ومنهاج الكرامة ، ص 108 . الغدير 10 / 210 .
(5) عن المصادر السابقة بأجزائها وصفحاتها . ( * )
مذهب الشافعي ، وقال الثلاثة [ أبو حنيفة ومالك وأحمد ] : التسنيم أولى ، لأن التسطيح صار من شعائر الشيعة ( 1 ) .
وقال الحافظ العراقي في بيان كيفية إسدال طرف العمامة : فهل المشروع إرخاؤه من الجانب الأيسر كما هو المعتاد ، أو الأيمن لشرفه ؟ لم أر ما يدل على تعيين الأيمن إلا في حديث ضعيف عند الطبراني ، وبتقدير ثبوته فلعله كان يرخيها من الجانب الأيمن ، ثم يردها إلى الجانب الأيسر كما يفعله بعضهم ، إلا أنه صار شعار الإمامية ، فينبغي تجنبه لترك التشبه بهم ( 2 ) .
وقال عبد الله المغربي المالكي في كتابه ( المعلم بفوائد مسلم ) : إن زيدا كبر خمسا على جنازة ، قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبرها . وهذا المذهب الآن متروك ، لأنه صار علما على القول بالرفض ( 3 ) .
وفي التذكرة : قال الشافعي وأحمد والحكم : المسح على الخفين أولى من الغسل ، لما فيه من مخالفة الشيعة ( 4 ) .
وقال إسماعيل البروسوي في تفسيره ( روح البيان ) عند ذكر يوم عاشوراء : قال في عقد الدرر واللئالي ( 5 ) : ولا ينبغي للمؤمن أن يتشبه بيزيد الملعون في بعض الأفعال ، وبالشيعة الروافض والخوارج أيضا ، يعني لا يجعل ذلك اليوم يوم عيد أو يوم مأتم ، فمن اكتحل يوم عاشوراء فقد تشبه بيزيد
* هامش *
(1) رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ، ص 155 .
(2) شرح المواهب للزرقاني 5 / 13 .
(3) عن الصراط المستقيم 2 / 510 .
(4) عن المصدر السابق .
(5) في فضل الشهور والأيام والليالي ، للشيخ شهاب الدين أحمد بن أبي بكر الحموي ، الشهير بابن الرسام ( عن الغدير 10 / 211 ) . ولد بحماة سنة 773 ه ، ولي قضاء حماة ثم قضاء حلب ، وتوفي سنة 844 ه تقريبا ، له ترجمة في شذرات الذهب 7 / 252 ،
الضوء اللامع 1 / 249 ، ومعجم المؤلفين 1 / 174 . ( * )
الملعون وقومه ، وإن كان للاكتحال في ذلك اليوم أصل صحيح ، فإن ترك السنة سنة إذا كانت شعارا لأهل البدعة ، كالتختم باليمين ، فإنه في الأصل سنة ، لكنه لما صار شعار أهل البدعة والظلمة صارت السنة أن يجعل الخاتم في خنصر اليد اليسرى في زماننا ، كما في شرح القهستاني ( 1 ) . إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة .
* هامش *
(1) روح البيان 4 / 142 - عن كتاب الغدير 10 / 211 . ( * )