بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
ما هي أسس العلاقة الخارجية بين المرأة والرجل؟ وما هي شروط الاختلاط المحتشم؟
للإجابة نستعين بقوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن…) النور/ 30 ـ 31.
هذه الكلمات العالية الناهية تستبطن إشارات وإيحاءات عديدة، من هذه الإشارات والإيحاءات أن (من) في قوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) قيل هي للتبعيض أي أن يغضوا بعضاً من أبصارهم، أي أن غض البصر ليس مطلوباً بالشكل الكامل أو بشكل مطلق، فهو أحياناً يكون مطلوباً وأحياناً يكون النظر حلالاً غير محظور، ون الغض هنا ليس كلياً، بل المقصود أن يغض بعض البصر أو في بعض الأحيان كحالات الريبة وخوف التحرش وثورة الرغبة الجنسية.
ثم إن غض البصر بين المرأة والرجل ليس مختصاً بأحدهما دون الآخر. كثيرون يقولون إن الدين يخنق المرأة، ويجعل كل الالتزامات عليها! أما الرجل فهو حر طليق لا يحمله الاسلام شيئاً. كلا! هؤلاء الذين يقولون هذا الكلام في كتب حديثة تصدر من دور نشر تعتبر نفسها متطورة ومتقدمة، يجهلون الاسلام ولا يعترفون بجهلهم .. إن الاسلام لم يحمل المرأة أعباء دون الرجل، إنما حمّلها مسؤوليات وحمّله مسؤوليات حفظاً للطرفين، ولتتوازن الحياة.
القرآن هنا أمر الرجل بغض البصر كما أمر المرأة.. والقرآن حينما يتعرض للمؤمن يتعرض للمؤمنة.. ويتكلم عن السارق والسارقة، والزاني والزانية، والسائحين والسائحات، والقانتين والقانتات، والصائمين والصائمات، والحافظين فروجهم والحافظات.
ويقدم القرآن أحكامه أحياناً بشكل شمولي كقوله تعالى: (وأقيموا الصلاة…)، (وآتوا الزكاة…)، (كتب عليكم الصيام…) إلا حينما يختص الحكم بالمرأة وحدها أو بالرجل وحده، فيتم التخصيص لأن هناك قضايا تتعلق بالرجل كرجل، وقضايا تتعلق بالمرأة كمرأة. مثلاً قضية الحمل والدورة الشهرية والنفاس تتعلق بالمرأة كمرأة، والاسلام في غير هذه الجوانب التي تتعلق بالمرأة كمرأة وبالرجل كرجل، يبني أحكامه على أساس متساو بين الجنسين. وفي هذه الآية التي نحن بصددها: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم) يقول تعالى كلك: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن) فهذه الآية الكريمة ألزمت المرأة وألزمت الرجل وأشارت ضمناً إلى صحة الاختلاط بشروطه.
لأن الغض إنما يجب حين تكون المرأة مختلطة في حياة الرجال ويكون الرجل مختلطاً في حياة النساء، وإلا فما معنى الأمر بغض النظر إذا لم يجز الاختلاط المحتشم بين الرجال والنساء في حياتهم الاجتماعية الاسلامية؟
وهنا يثور سؤال: هل إن الأصل في الأحكام الشرعية بالنسبة إلى المرأة أن تكون في بيتها، ويكون الخروج من البيت استثناء وحالة ضرورية؟ أم إن الأصل أن تكون المرأة خارج البيت، وأن التزامها بالبيت حالة استثنائية؟
بعضهم يقول إن الأصل أن تكون المرأة رهينة البيت، ومشاركتها في أنشطة الحياة في الخارج استثناء، وينسون هذه الآية التي تشير إلى الغض، مما يوحي باختلاط الحياة الاجتماعية بين الجنسين، كما ينسون الدور السياسي للمرأة في حياة الاسلام، وكيف أشار القرآن إلى مبايعة المرأة لرسول الله (ص) ودورها في عملية المبايعة ودعم الاسلام بوقوفها إلى جانب المسلمين، كما إنهم ينسون مشاركتها في صلوات الجمعة والجماعة والأعياد وما إلى ذلك، ويقولون إن خروج المرأة فرع وجزء، والتزامها في البيت هو الأصل، وآخرون يقولون كلا إن خروج المرأة هو الأصل، أما التزام البيت ففرع وجزء، ويستدلون بما ذكرناه.
الأولون يستدلون بآية الحجاب: (… وإذا سألتموهن متعاً فسألوهن من وراء حجاب…) الأحزاب/ 53، وبالخبر بأن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها خارج البيت، إلى ما هنالك
تعليق