إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تحقيق حول اخبار الطينة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تحقيق حول اخبار الطينة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين محمد النبي وعلى اله الهداة الاطهار

    اخبار الطينة رواها علماء اجلاء في مصنفاتهم الحديثية كالكافي والامالي والعلل وغيرها وتحدث عنها العلماء بشكل واسع ومستفيض ومنهم من افرد لها كتاب كبير لكن بعض الجهلة اتخذها ذريعة وتثليباً على الشيعة الامامية ايدهم الله تعالى فأحبننا ان نكتب في هذا العنوان ونستعرض اقوال الاعلام على تلك الروايات

    المصدر علل الشرائع /ج2/ص610

    سعد بن عبد الله عن محمد بن أحمد عن أحمد
    ابن محمد السياري قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الكوفي قال : حدثني حنان بن سدير عن أبيه عن أبي إسحاق الليثي قال : قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام يا بن رسول الله اخبرني عن المؤمن المستبصر إذا بلغ في المعرفة وكمل هل يزنى ؟ قال : اللهم لا ، قلت : فيلوط ؟ قال : اللهم لا ، قلت : فيسرق ؟ قال : لا ، قلت : فيشرب الخمر ؟ قال : لا ، قلت : فيأتي بكبيرة من هذه الكبائر أو فاحشة من هذه الفواحش ؟ قال : لا قلت : فيذنب ذنبا ؟ قال : نعم هو مؤمن مذنب ملم ، قلت ما معنى ملم قال : الملم بالذنب لا يلزمه ولا يصير عليه قال : فقلت سبحان الله ما أعجب هذا لا يزنى ولا يلوط ولا يسرق ولا يشرب الخمر ولا يأتي بكبيرة من الكبائر ولا فاحشة ، فقال : لا عجب من أمر الله ، ان الله تعالى يفعل ما يشاء ولا يسئل عما يفعل وهم يسئلون فمم عجبت يا إبراهيم ؟ سل ولا تستنكف ولا تستحي فان هذا العلم لا يتعلمه مستكبر ولا مستحي ، قلت : يا بن رسول الله اني أجد من شيعتكم من يشرب الخمر ويقطع الطريق ويخيف السبل ويزنى ويلوط ويأكل الربوا ويرتكب الفواحش ويتهاون بالصلاة والصيام والزكاة ويقطع الرحم ويأتي الكبائر ، فكيف هذا ولم ذاك ؟ فقال : يا إبراهيم هل يختلج في صدرك شئ غير هذا ، قلت : نعم يا بن رسول الله أخرى أعظم من ذلك ! فقال : وهو ما يا أبا إسحاق ؟ قال : فقلت يا بن رسول الله وأجد من أعدائكم ومنا صبيكم من يكثر من الصلاة ومن الصيام ويخرج الزكاة ويتابع بين الحج والعمرة ويحرص على الجهاد ويأثر على البر وعلى صلة الأرحام ويقضي حقوق اخوانه ويواسيهم من ماله ويتجنب شرب الخمر والزنا واللواط وسائر الفواحش فمم ذاك ؟ ولم ذاك ؟ فسره لي يا بن رسول الله وبرهنه وبينه ، فقد والله كثر فكري وأسهر ليلي وضاق ذرعي ، قال : فتبسم الباقر صلوات الله عليه ، ثم قال : يا إبراهيم خذ إليك بيانا شافيا فيما سألت وعلما مكنونا من خزائن علم الله وسره اخبرني يا إبراهيم كيف تجد اعتقادهما قلت : يا بن رسول الله أجد محبيكم وشيعتكم على ما هم فيه مما وصفته من أفعالهم لو أعطي أحدهما ما بين المشرق والمغرب ذهبا وفضة أن يزول عن ولايتكم ومحبتكم إلى موالاة غيركم وإلى محبتهم ما زال ولو ضربت خياشيمه بالسيوف فيكم ولو قتل فيكم ما ارتدع ولا رجع عن محبتكم وولايتكم ، ورأي الناصب على ما هو عليه مما وصفته من أفعالهم لو اعطى أحدكم ما بين المشرق والمغرب ذهبا وفضة أن يزول عن محبة الطواغيت وموالاتهم إلى موالاتكم ما فعل ولا زال ولو ضربت خياشيمه بالسيوف فيهم ولو قتل فيهم ما ارتدع ولا رجع وإذا سمع أحدهم منقبة لكم وفضلا اشمأز من ذلك وتغير لونه ورأي كراهية ذلك في وجهه بغضا لكم وحبة لهم ، قال فتبسم الباقر عليه السلام ، ثم قال : يا إبراهيم هاهنا ( هلكت العامة الناصبة تصلى نارا حامية تسقى من عين آنية ) ومن أجل ذلك قال تعالى ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ) ويحك يا إبراهيم ، أتدري ما السبب والقصة في ذلك وما الذي قد خفي على الناس منه ، قلت : يا بن رسول الله فبينه لي واشرحه وبرهنه ، قال : يا إبراهيم ان الله تبارك وتعالى لم يزل عالما قديما خلق الأشياء لا من شئ ومن زعم أن الله تعالى خلق الأشياء من شئ فقد كفر لأنه لو كان ذلك الشئ الذي خلق منه الأشياء قديما معه في أزليته وهويته كان ذلك الشئ أزليا بل خلق الله تعالى الأشياء كلها لا من شئ ، فكان مما خلق الله تعالى أرضا طيبة ثم فجر منها ماء عذبا زلالا فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فقبلتها فاجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام طبقها وعمها ، ثم أنضب ذلك الماء عنها ، فاخذ من صفوة ذلك الطين طينا فجعله طين الأئمة عليهم السلام ، ثم أخذ ثفل ذلك الطين فخلق منه شيعتنا ولو ترك طينتكم يا إبراهيم على حاله كما ترك طينتنا لكنتم ونحن شيئا واحدا ، قلت : يا بن رسول الله فما فعل بطينتنا ؟ قال أخبرك يا إبراهيم خلق الله تعالى بعد ذلك أرضا سبخة خبيثة منتنة ، ثم فجر منها ماء أجاجا آسنا مالحا فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فلم تقبلها فاجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها ، ثم نضب ذلك الماء عنها ، ثم أخذ من ذلك الطين فخلق منه الطغاة وأئمتهم ، ثم مزجه بثفل طينتكم ولو ترك طينتهم على حالها ولم يمزج بطينتكم لم يشهدوا الشهادتين ولا صلوا ولا صاموا ولا زكوا ولا حجوا ولا أدوا الأمانة ولا أشبهوكم في الصور وليس شئ أكبر على المؤمن من أن يرى صورة عدوه مثل صورته ، قلت يا بن رسول الله فما صنع بالطينتين ، قال : مزج بينهما بالماء الأول والماء الثاني ، ثم عركها عرك الأديم ، ثم أخذ من ذلك قبضة ، فقال : هذه إلى الجنة ولا أبالي ، وأخذ قبضة أخرى ، وقال : هذه إلى النار ولا أبالي ثم خلط بينهما ووقع من سنخ المؤمن وطينته على سنخ الكافر وطينته ووقع من سنخ الكافر وطينته على سنخ المؤمن وطينته ، فما رأيته من شيعتنا من زنا أو لواط أو ترك صلاة أو صوم أو حج أو جهاد أو خيانة أو كبيرة من هذه الكبائر فهو من طينة الناصب وعنصره الذي قد مزج فيه لان من سنخ الناصب وعنصره وطينته اكتساب المآثم والفواحش والكبائر . وما رأيت من الناصب من مواظبته على الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد وأبواب البر فهو من طينة المؤمن وسنخه الذي قد مزج فيه لان من سنخ المؤمن وعنصره وطينته اكتساب الحسنات واستعمال الخير واجتناب المآثم فإذا عرضت هذه الأعمال كلها على الله تعالى قال : انا عدل لا أجور ومنصف لا أظلم وحكم لا أحيف ولا أميل ولا اشطط الحقوا الأعمال السيئة التي اجترحها المؤمن بسنخ الناصب وطينته ، وألحقوا الأعمال الحسنة التي اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن وطينته ردوها كلها إلى أصلها ، فانى أنا الله لا إله إلا أن عالم السر واخفى ، وأنا المطلع على قلوب عبادي لا أحيف ولا أظلم ولا الزم أحدا إلاما عرفته منه قبل ان أخلقه . ثم قال الباقر عليه السلام : اقرأ يا إبراهيم هذه الآية قلت : يا بن رسول الله أية آية ، قال ، قوله تعالى ( قال معاذ الله أن يأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون ) هو في الظاهر ما تفهمونه هو والله في الباطن هذا بعينه يا إبراهيم ان للقرآن ظاهرا وباطنا ومحكما ومتشابها وناسخا ومنسوخا ، ثم قال : أخبرني يا إبراهيم عن الشمس إذا طلعت وبدا شعاعها في البلدان أهو باين من القرص ؟ قلت : في حال طلوعه باين ، قال : أليس إذا غابت الشمس اتصل ذلك الشعاع بالقرص حتى يعود إليه ؟ قلت : نعم ، قال : كذلك يعود كل شئ إلى سنخه وجوهره وأصله ، فإذا كان يوم القيامة نزع الله تعالى سنخ الناصب وطينته مع أثقاله وأوزاره من المؤمن فيلحقها كلها بالناصب وينزع سنخ المؤمن وطينته مع حسناته وأبواب بره واجتهاده من الناصب فيلحقها كلها بالمؤمن ، افترى هاهنا ظلما أو عدوانا ؟ قلت : لا يا بن رسول الله ، قال : هذا والله القضاء الفاصل والحكم القاطع والعدل البين لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون هذا يا إبراهيم الحق من ربك فلا تكم من الممترين هذا من حكم الملكوت ، قلت : يا بن رسول الله وما حكم الملكوت ؟ قال : حكم الله حكم أنبيائه ، وقصة الخضر وموسى عليهما السلام حين استصحبه ، فقال : ( إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ) افهم يا إبراهيم واعقل أنكر موسى على الخضر واستفظع أفعاله ، حتى قال له الخضر يا موسى ما فعلته عن أمري إنما فعلته عن أمر الله تعالى ، من هذا ويحك يا إبراهيم قرآن يتلى وأخبار تؤثر عن الله تعالى من رد منها حرفا فقد كفر وأشرك ورد على الله تعالى .قال الليثي : فكأني لم أعقل الآيات وأنا أقرأها أربعين سنة إلا ذلك اليوم فقلت يا بن رسول الله ما أعجب هذا تؤخذ حسنات أعدائكم فترد على شيعتكم ، وتؤخذ سيئات محبيكم فترد على مبغضيكم ؟ ! قال : أي الله الذي لا إله إلا هو فالق الحبة وبارئ النسمة وفاطر الأرض والسماء ما أخبرتك إلا بالحق وما أنبئتك إلا الصدق وما ظلمهم الله ، وما الله بظلام للعبيد ، وان ما أخبرتك لموجود في القرآن كله ، قلت : هذا بعينه يوجد في القرآن ، قال : نعم يوجد في أكثر من ثلاثين موضعا في القرآن ، أتحب ان اقرأ ذلك عليك ؟ قلت بلى يا بن رسول الله ، فقال : قال الله تعالى ( وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شئ انهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ) الآية ، أزيدك يا إبراهيم قلت بلى يا بن رسول الله قال ( ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون ) أتحب ان أزيدك ؟ قلت : بلى يا بن رسول الله ، قال : ( فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) يبدل الله سيئات شيعتنا حسنات ، ويبدل الله حسنات أعدائنا سيئات ، وجلال الله ان هذا لمن عدله وانصافه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه وهو السميع العليم ، ألم أبين لك أمر المزاج والطينتين من القرآن ؟ قلت : بلى يا بن رسول الله ، قال : إقرأ يا إبراهيم : ( الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم ان ربك واسع المغفرة هو اعلم بكم إذا أنشأكم من الأرض ) يعنى من الأرض الطيبة والأرض المنتنة ( فلا تزكوا أنفسكم هو اعلم بمن اتقى ) يقول لا يفتخر أحدكم بكثرة صلاته وصيامه وزكاته ونسكه لان الله تعالى اعلم من اتقى منكم فان ذلك من قبل اللمم - وهو المزاج - أزيدك يا إبراهيم ، قلت : بلى يا رسول الله قال : ( كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ) يعني أئمة الجور دون أئمة الحق ( ويحسبون انهم مهتدون ) خذها إليك يا أبا إسحاق فوالله انه لمن غرر أحاديثنا وباطن سرايرنا ومكنون خزائننا ، وانصرف ولا تطلع على سرنا أحدا إلا مؤمنا مستبصرا فإنك إن أذعت سرنا بليت في نفسك ومالك وأهلك وولدك)) انتهى الحديث
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
    السيد الخميني حديث الطلب والارادة: ص143

    اقول : مضمون هذا الخبر بالغ حد التواتر المعنوي ، فراجع إلى أبواب الطينات من الأحاديث ، وما ينبو منها إلى الفهم الساذج هو نقل الأعمال والتبديل لها ، بأن يقال : كل عامل مضروب عليه عمله ، فلا معنى لأن يأكل زيد ويسمن عمرو ، فإنه يقال : إن الله تعالى بين في كتابه أن لجزاء الأعمال نظاما بديعا ، وأن بعض الأعمال السيئة ينقل إثم من وقع عليه العمل إلى العامل ، كقوله سبحانه : * ( إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك ) * ، فهذا كالصريح في أن إثم المقتول المظلوم يطير عنه إلى القاتل الظالم) والروايات الطينية كثيرة جدا لا يسع المجال وموضوع الرسالة نقل شطر منها ، إلا
    أن مدلولها الموافق ، بل وجهتها تدل على أن المادة الأرضية وما عليها من الأغذية حيوانا ونباتا - مع اختلاف أنواعها وأوصافها - لها ارتباط بأحوال الإنسان وأوصافه من حيث اللطافة والكثافة والحنين إلى السعادة والتسارع إلى الشقاوة . فوجهة تلك الروايات هي أن الإنسان تركبت أجزاء بدنه من المواد الأرضية ، إما طيبة أو سبخة خبيثة ، وتلك المواد والأغذية الحاصلة منها والمياه الجارية عليها عذبا أو أجاجا بما لها من الاقتضاءات الكامنة فيها مؤثرة في اختلاف الهيئات والصور العارضة له ، وفي اختلاف إدراكاته وخصاله وعواطفه مع ما للبيئة والمحيط وغيرهما من التأثيرات ، ولم يزل في سلوكه تحت العوامل المؤثرة حتى يبلغ الكتاب أجله فيتم إنسانا سعيدا أو شقيا على ما جرى في قضاء الله تعالى ، وما أوتينا العلم بالأسباب الدخيلة في هذا الأمر إلا قليلا ::: حديث الطلب والارادة

    وقال السيد عبد الله شبر في مصابيح الانوار ج1:

    اعلم ان هذه الخبر ونحوه من متشابهات الاخبار ومعضلات الاثار التي تحيرت بها الانظار وتصادمت فيها الافكار واختلفت في توجيهها كلمات علمائنا الابرار وقد تخرجوا عما يلزم من ظاهرها من الجبر ورفع الاختيار بوجوه:
    1ـ انها اخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً ورد عليهم قائلاً : ان هذه الروايات قد رواها العلماء الاعلام في جوامعهم العظام بأسانيد وطرق سديدة بل الاولى ان نقول انها من المتشابهات
    2ـ انها محمولة على التقية ورد عليه وهذا مشارك لما قبله من الضعف فأن الظاهر من بعضها انها من اسرار علومهم
    3ـ انها كناية عما علمه الله تعالى وقدره من اختلاط طينة المؤمن والكافر في الدنيا
    4ـ انها كناية عن علمه تعالى بما هم اليه صائرون
    5ـ انها كناية عن اختلاف استعداداتهم وتفاوت قابلياتهم
    6ـ ما اعتمده اكثر الاصحاب وعولوا عليه هو : ان ذلك منزل على العلم الالهي وهو ان الله تعالى عندما خلق الارواح كلها قابلة للخير والشر وقادرة على فعلهما وعلم ان بعضها يعود الى الخير المحض وهو الايمان وبعضها يعود الى الشر المحض وهو الكفر بأختيارها عاملها هذه المعاملة وقال: هذا معنى جيد تنطبق عليه اكثر اخبار الباب ويستنبط من أخبارهم كما اشير اليه في الحديث المذكور بقوله (انا المطلع على قلوب عبادي لا احيف ولا اظلم ...)
    قال العلامة المجلسي في البحار ج64

    واما البحث الثاني وهو ان اخبار الطينة تستلزم أن تكون السعادة والشقاء لازمين حتميين للانسان، ومعه لا يكون أحدهما اختياريا كسبيا للانسان وهو الجبر الباطل. فالجواب عنه أن اقتضاء الطينة للسعادة أو الشقاء ليس من قبل نفسها بل من قبل حكمه تعالى وقضائه ما قضى من سعادة وشقاء، فيرجع الاشكال الى سبق قضاء السعادة
    الشقاء في حق الانسان قبل أن يخلق، وأن ذلك يستلزم الجبر، والجواب أن القضاء متعلق
    بصدور الفعل عن اختيار العبد، فهو فعل اختياري في عين أنه حتمي الوقوع، ولم يتعلق بالفعل سواء اختاره العبد أو لم يختره حتى يلزم منه بطلان الاختيار

    وقال العلامة الطباطبائي:

    الاخبار مستفيضة في أن الله تعالى خلق السعداء من طينة عليين (من الجنة) وخلق الاشقياء من طينة سجين (من النار) وكل يرجع إلى حكم طينته من السعادة والشقاء وقد أورد عليهاأولا بمخالفة الكتاب وثانيا باستلزام الجبر الباطل، أما البحث الاول فقد قال الله تعالى: (هوالذى خلقكم من طين) وقال: (وبدأخلق الانسان من طين) فأفاد أن الانسان مخلوق من طين، ثم قال تعالى: (ولكل وجهة هو موليها - الاية) وقال: (ماأصاب من مصيبة في الارض ولافى أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها - الاية) فافاد أن للانسان غاية ونهاية من السعادة والشقاء، وهو متوجه إليها، سائر نحوها.
    وقال تعالى: (كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة - الاية " فأفاد أن ماينتهي إليه أمر الانسان من السعادة والشقاء هو ماكان عليه في بدء خلقه وقد كان في بدء خلقه طينا، فهذه الطينة طينة سعادة وطينة شقاء، وآخرالسعيد إلى الجنة وآخرالشقي إلى النار: فهما أولهما لكون الاخر هو الاول وحينئذ صح ان السعداء خلقوامن طينة الجنة والاشقياء خلقوامن طينة النار.
    وقال تعالى: " كلا ان كتاب الابرارلفى عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون، كلا إن كتاب الفجار لفى سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين - الايات " وهي تشعر بأن عليين وسجين هما ماينتهي اليه أمر الابرار والفجار من النعمة والعذاب فافهم.
    واما البحث الثانى وهو ان أخبار الطينة تستلزم أن تكون السعادة والشقاء لازمين حتميين للانسان ومعه لايكون أحدهما اختياريا كسبيا للانسان وهو الجبر الباطل.
    والجواب عنه أن اقتضاء الطينة للسعادة أو الشقاء ليس من قبل نفسها بل من قبل حكمه تعالى وقضائه ماقضى من سعادة وشقاء، فيرجع الاشكال إلى سبق قضاء السعادة والشقاء في حق الانسان قبل أن يخلق وان ذلك يستلزم الجبر وقد ذكرنا هذا الاشكال مع جوابه في باب المشيئة والارادة في المجلد الاول من الكتاب ص 150 وحاصل الجواب أن القضاء متعلق بصدورالفعل عن اختيار العبد فهو فعل اختيارى في عين أنه حتمى الوقوع ولم يتعلق بالفعل سواء اختاره العبد أولم يختره حتى يلزم منه بطلان الاختيار وأما شرح ماتشمل عليه هذه الاخبار تفصيلا فأمر خارج عن مجال هذا البيان المختصر فليرجع فيه إلى مطولات الشروح والتعاليق والله الهادى.
    قال الشيخ محمد حسين الغروي في الفصول الغروية في الاصول الفقهية :

    روي من أن السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه وليست الطينة جابرة على الفعل الجميل أو القبيح وإنما هي مستلزمة لصدوره عنهم بالاختيار عند عدم المانع فالمخلوق من طينة العليين يأتي عند استجماعه للشرائط المعتبرة بالافعال الجميلة باختياره على حسب ما فيه من الدواعي الناشئة من تلك الطينة الطيبة بواسطة الملكات الجميلة المفاضة عليها لأهليتها لذلك والمخلوق من طينة السجين يأتي بالافعال القبيحة باختياره على حسب ما فيه من الدواعي الناشئة من تلك الطينة الخبيثة بواسطة الملكات الرذيلة المفاضة عليها لأهليتها لذلك والمخلوق من الطينتين يأتي بما يناسبهما من الافعال كما مر باختياره وعلى هذا البيان ينزل ما ورد في ولد الزنا من أنه يدخل النار وأنه لا يكون إلا مبغضا لأهل البيت عليهم السلام ومثله ما ورد في ولد الحيض فإن المراد أنه يدخل النار بأعماله التي تصدر عنه باختياره وأما وجود البغض المذكور فيه فهو وإن كان في أول الامر اضطراريا إلا أنه لما مكن من رفعه وقلبه بالمحبة الواجبة بالمجاهدات الشرعية فهو معاقب على تقصيره في ذلك

    قال الشيخ حسين انصاريان :

    مـا اثـر عـن رسـول اللّه6 قـال : ((الـشـقـي مـن شـقى في بطن امه والسعيد من سعد في بطن امه )) وفي رواية اخرى (الشقي شقي في بطن امه , والسعيد سعيد في بطن امه ))
    ولا دلالـة لـلـحـديـث عـلـى ما يرتئيه الجبري , وذلك لان النفس المفاضة على المادة المستعدة الـنـورانـية , طاهرة وسعيدة منذاول امرها لعدم تدنسها من ناحية العوامل المدنسة كالاباوالاجداد وغـيـرهما, ولكن النفس المفاضة على المواد الكثيفة دنسة ونجسة وشقية منذ بدوها واول نشوئها لـكـن لا طـهارة النطفة موجبة الى الخيرات والسعادات , ولا قذارة المادة وكثافتها موجبة لاختيار الشرور والشقا, بل كل يحن الى مايناسبه من الخيرات والشرور ولكن الميل شي والالجا شي آخر.
    ويمكن ان يكون الحكم بالسعادة او الشقا باعتبار ما يؤول اليه امر الشخص فمن ينتهي مل امره الى الجنة , فهو محكوم بالسعادة منذ اوان حياته , فكني عن اوان الحياة ببطن الام , ولعله الى ذلك يشير الـحـديث الشريف الذي رواه الصدوق باسناده عن محمد بن ابي عمر, قال : سالت ابا الحسن موسى بـن جعفر7 عن معنى قول رسول اللّه6 : ((الشقي من شقي في بطن امه والسعيد من سعد في بطن امـه )) فـقال : الشقي من علم اللّه وهو في بطن امه انه سيعمل اعمال الاشقيا, والسعيد من علم اللّه وهـو في بطن امه انه سيعمل اعمال السعدا, قلت له : ومامعنى قوله6 : ((اعملوا فكل ميسر لما خلق له ))؟.
    فقال : ((ان اللّه عز وجل خلق الجن والانسن ليعبدوه ولم يخلقهم ليعصوه وذلك قوله عز وجل : (وما خـلقت الجن والانس الا ليعبدون ) فيسر كلا لما خلق له , فالويل لمن استحب العمى على الهدى )) ((58)) .
    فـتـرى انـه سـلام اللّه عـلـيه دفع الشبهه كلها بان العباد مختارون وان ما خلقوا لاجله من العبادة مـيـسـور لهم , وان علمه تعالى بعمل السعدا والاشقيا او اتخاذ النطف من الامور الصفوة والكدرة لا تسلب الاختيار.
    هذا بعض ما يمكن ان يقال في اخبار الطينة وما يشبهها


  • #2
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين محمد النبي وعلى اله الهداة الاطهار

    نرفع عزائنا الى سيدنا وموﻻنا اﻷمام علي والى سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء والى أهل بيت النبوة بمناسبة أستشهاد الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى أله وسلم .

    لا يوم كيومك يا ابا عبدالله الحسين
    ابو قاسم الشبكي

    تعليق


    • #3
      أحسنت بارك الله فيك وجزيت خيرا
      حسين منجل العكيلي

      تعليق


      • #4
        بسم الله الرحمن الرحيم
        وبه تبارك وتعالى نستعين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين
        الأخ الفاضل حسن الجوادي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        وبارك الله بك على هذا الموضوع القيم.
        في الواقع حديث الطينة من الاحاديث التي روته العامة والخاصة وهو حديث مشهور .
        فرواه من علماء اهل السنة كثير منهم :ما رواه الذهبي والشافعي وابن عساكر وغيرهم .
        (...فيها طينة خلقنا الله تعالى منها وخلق منها شيعتنا ، فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منّا ولامن شيعتنا...) (كفاية الطالب للكنجي الشافعي / 179 ط الغري - ميزان الاعتدال للذهبي 2/147 ط القاهرة - لسان الميزان 4/124 ط حيدر آباد - تاريخ دمشق لابن عساكر 1/129 ط بيروت ).
        و(انّ الله عزّوجل خلق علييّن، وخلق طينتنا منها ، وخلق طينة محبّينا منها ، وخلق سجّين وخلق طينة مبغضينا منها ، فأرواح محبّينا تتوقّف إلى ما خلقت منه) (ذيل اللئالي للسيوطي / 66 ).
        ووردت غير هذه الروايات أحاديث كثيرة فيها مضامين دالّة على معنى الطينة في كتب اهل السنة .
        ـــــ التوقيع ـــــ
        أين قاصم شوكة المعتدين، أين هادم أبنية الشرك والنفاق، أين مبيد أهل الفسوق
        و العصيان والطغيان،..
        أين مبيد العتاة والمردة، أين مستأصل أهل العناد
        والتضليل والالحاد، أين معز الاولياء ومذل الاعداء.

        تعليق


        • #5

          تعليق


          • #6
            يرفع ببركة الصلاة على محمد وآل محمد




            إذا شئت أن ترضى لنفسك مذهباً ينجيك يوم الحشر من لهب النار
            فدع عنك قول الشافعي ومالك وأحمد والمروي عن كعب احبار

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
            x
            يعمل...
            X