الأمهات.. وتحدي الأمية التكنولوجية!
تؤكد الدكتورة "منى البصيلي" المعالجة على أن تعلم الأم أمر في غاية الأهمية لا خلاف على ذلك، ولكن ما أود التأكيد عليه في البداية هو أن الأمومة على صعيد الممارسة ما هي إلا مهارة معينة من تمتلكها نطلق عليها أمًّا بالمعنى المحسوس للكلمة، وذلك لا علاقة له بالدرجة العلمية أو التعليمية لها، ولذا بإمكانك أن تجد أمًّا أمية لا تقرأ ولا تكتب وأبناؤها على أحسن هيئة في التدين والأخلاق، والتفوق الدراسي.
وتضيف د. البصيلي أنه مع قدوم ثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصال من إنترنت وفضائيات وغيرها من التقنيات التي يتعامل معها الطفل وتؤثر فيه؛ لا بد للأم من التعرف على هذه الأمور التي يتعاطاها طفلها، حتى تمارس دورها كمرشد وموجه ومقوم للسلوك، وكل هذه الأدوار في ظل هذه المعطيات تمكِّن الأم من المتابعة التي تجدد بها نفسها وثقافتها. متابعة أبنائها وهم يتعاملون مع هذه المستجدات، وقيادتهم إلى بر الأمان، وذلك شريطة أن يكون بينها وبين أولادها جسور من الود، بمعنى أن تكون قريبة منهم. وهنا لا بد أن نذكر أنه بالإمكان أن تكون الأم أستاذة جامعية أو مهندسة كمبيوتر، ولكنها بعيدة عن أبنائها، فبالتالي لن تستطيع أن تمارس أدوارها التوجيهية والتربوية المنوطة بها، وعلى الجانب الآخر قد تجد أمًّا لا تقرأ ولا تكتب ولكنها قريبة من أبنائها تشاركهم كل شيء، تجد ابنها يتعامل مع الحاسوب فتحاول أن تفهم منه طبيعة ما يقوم به، فيبدأ طفلها يقص عليها الأمر فتكون بذا متابعة إياه فلا يحيد عن الصواب.
المتعلمة = الأمية!
هناك خلط واضح في مجتمعاتنا بالنسبة لدور الأم بين دورها كمربية، والذي هو الأصل، وبين دورها كمدرسة باعتباره دورا جديدا تم إضافته إلى جملة أدوارها التربوية تجاه طفلها، على الرغم من أن خبراء مناهج التدريس في العالم كله يؤكدون أن من يقوم بالتدريس أناس لهم مواصفات معينة، خبراء بكيفية توصيل المعلومة للطفل، وبالتالي يصبح المجهود الذي تقوم به الأم حيال أطفالها قليل الفائدة في كثير من الأحيان. بالتالي لو نظرنا إلى الأم كمربية فسنجد أن الأمية تتساوى مع المتعلمة إذا ما استبعدنا دور المُدرّسة الذي فرضه الصراع على الدرجات في المؤسسات التعليمية. وفيما يتعلق بالمعطيات الحديثة من إنترنت وفضائيات وغيرها، أعتقد أن تعامل معظم الأمهات مع هذه المسألة يتسم بعدم الوعي سواء كانت متعلمة أو أمية، وعملية الرقابة الكاملة على الأبناء وفق هذه المعطيات أصبحت شبه مستحيلة، فضلا عن أن مستوى خريجات الجامعة هذه الأيام يدعو للحزن من ضحالة ثقافتهن، وبالتالي أم أمية متابعة وواعية لدورها التربوي قد تكون أفضل من أم جامعية غير متابعة.
ويتعين على مؤسسات المجتمع المدني من جمعيات أهلية ومؤسسات تربوية أن تهتم بتقديم برامج تساعد الأم على تربية الأبناء في ظل المستجدات العصرية، وهذا تحد جديد أمامها عليها أن تثبت وجودها فيه.
التفكير التكنولوجي
الدكتورة "هبة العيسوي" أستاذة الطب النفسي بجامعة عين شمس لها رؤية مغايرة لكل ما تم طرحه حيال الأم الأمية، وترى أنه لا بد أن تكون الأم متعلمة حتى تقوم بأدوارها التربوية على ما يرام، وفي هذا تقول: دعني أنطلق من مصطلح تربوي أنا أتبناه في التعامل مع الأبناء، هذا المصطلح هو "التفكير التكنولوجي" الذي يتواكب مع معطيات عصر المعلومات وكافة المتغيرات المستجدة على ساحة المجتمع المحلي والعالمي، وعندما نقول التفكير التكنولوجي لا أقصد به الكمبيوتر ولكني أعني به "النموذج المثالي الذي نربي به أبناءنا ونحل به مشكلاتهم"؛
لأن مشكلتنا الآن أنه لا يوجد لدينا نموذج يتم استدعاؤه عندما يتم تعرض أي من الأبناء لمشكلة للمساهمة أو للمساعدة في حلها، والتي قد تكون صغيرة يمكن السيطرة عليها، ولكنها قد تكبر بسبب عدم اتباع الآباء التفكير العلمي أو التكنولوجي في التعامل معها. وحتى يتم تطبيق التفكير التكنولوجي الذي يتلاءم مع الأطفال في العصر الحاضر لا بد من وجود أم على أقل تقدير تجيد القراءة والكتابة، ولعل ذلك يتضح أكثر من خلال عرض نموذج التفكير التكنولوجي الذي نحن بصدد الحديث عنه،
والذي له عدة مراحل نحددها في الآتي:
أولا:
تحديد المشكلة.
ثانيا:
التفكير في عدة حلول للمشكلة، وحتى تصل الأم إلى مجموعة من الحلول لمشكلة طفلها لا بد أن تكون ذات ثقافة متعددة المصادر، تتعامل مع الكتب الخاصة بالتربية وأساليبها، وهذا يتطلب منها أن تكون على الأقل تجيد القراءة والكتابة، أما الأمية فمصادر المعرفة لديها محدودة، وبالتالي الحلول المقترحة لعلاج مشكلة طفلها ستكون قليلة نظرا لقلة مصادرها التي تضيق الرؤية لديها.
ثالثا:
اختيار حل واحد لمشكلة الطفل من مجموعة الحلول التي تم التفكير فيها، وهذا لن يتأتى سوى بعد المفاضلة بين الحلول المختلفة بعقلية نقدية واعية لتبعات كل حل، ما له وما عليه، وهذا أمر يحتاج لإنجازه عقلية مطلعة، متمرسة في التفكير العلمي.
رابعا:
عرض النتائج: بعد اختيار حل للمشكلة من قبل الأم عليها أن تعرض على ابنها النتائج النهائية من المشكلة التي تعرض لها من خلال تحليل العوامل التي أدت إلى وقوعه فيها، وأنه أخطأ في كذا،
وكان يتعين عليه كذا.. وهنا الإفادة.
هذا هو التفكير التكنولوجي الذي لا بد أن يطبقه كل مرب في تعامله مع الأبناء، والذي كما رأينا لا يستطيع تطبيقه سوى شخص متعلم غير أمي.
وتضيف د. العيسوي قائلة: لا تقل لي إن هناك أمهات أميات قد أخرجن أعظم الشخصيات.. هذا ربما كان صحيحا في عصور سابقة، أما الآن فالطفل لا يقتنع إلا بالعلم، بمعنى أنه عندما تقول الأم لابنها: ذاكر، وهي غير متعلمة فسينظر إليها الطفل ويقول في باله:
"أنت فاشلة وغير متعلمة وتطالبينني بالتفوق.. والله لو حصلت على 50% فهذا شيء رائع بالنسبة لك"، وبالتالي اختلفت المعطيات عن الماضي، والبيئة اختلفت، التقدير من الطفل للأم اختلف. فالأم ال
أمية الآن في تصوري بالإمكان أن يعطف عليها ابنها ولكنه لا يأخذها كجزء من قدوته، وبالتالي الأم لا بد أن تكون على مستوى تفكير ابنها في العصر الحاضر.
تؤكد الدكتورة "منى البصيلي" المعالجة على أن تعلم الأم أمر في غاية الأهمية لا خلاف على ذلك، ولكن ما أود التأكيد عليه في البداية هو أن الأمومة على صعيد الممارسة ما هي إلا مهارة معينة من تمتلكها نطلق عليها أمًّا بالمعنى المحسوس للكلمة، وذلك لا علاقة له بالدرجة العلمية أو التعليمية لها، ولذا بإمكانك أن تجد أمًّا أمية لا تقرأ ولا تكتب وأبناؤها على أحسن هيئة في التدين والأخلاق، والتفوق الدراسي.
وتضيف د. البصيلي أنه مع قدوم ثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصال من إنترنت وفضائيات وغيرها من التقنيات التي يتعامل معها الطفل وتؤثر فيه؛ لا بد للأم من التعرف على هذه الأمور التي يتعاطاها طفلها، حتى تمارس دورها كمرشد وموجه ومقوم للسلوك، وكل هذه الأدوار في ظل هذه المعطيات تمكِّن الأم من المتابعة التي تجدد بها نفسها وثقافتها. متابعة أبنائها وهم يتعاملون مع هذه المستجدات، وقيادتهم إلى بر الأمان، وذلك شريطة أن يكون بينها وبين أولادها جسور من الود، بمعنى أن تكون قريبة منهم. وهنا لا بد أن نذكر أنه بالإمكان أن تكون الأم أستاذة جامعية أو مهندسة كمبيوتر، ولكنها بعيدة عن أبنائها، فبالتالي لن تستطيع أن تمارس أدوارها التوجيهية والتربوية المنوطة بها، وعلى الجانب الآخر قد تجد أمًّا لا تقرأ ولا تكتب ولكنها قريبة من أبنائها تشاركهم كل شيء، تجد ابنها يتعامل مع الحاسوب فتحاول أن تفهم منه طبيعة ما يقوم به، فيبدأ طفلها يقص عليها الأمر فتكون بذا متابعة إياه فلا يحيد عن الصواب.
المتعلمة = الأمية!
هناك خلط واضح في مجتمعاتنا بالنسبة لدور الأم بين دورها كمربية، والذي هو الأصل، وبين دورها كمدرسة باعتباره دورا جديدا تم إضافته إلى جملة أدوارها التربوية تجاه طفلها، على الرغم من أن خبراء مناهج التدريس في العالم كله يؤكدون أن من يقوم بالتدريس أناس لهم مواصفات معينة، خبراء بكيفية توصيل المعلومة للطفل، وبالتالي يصبح المجهود الذي تقوم به الأم حيال أطفالها قليل الفائدة في كثير من الأحيان. بالتالي لو نظرنا إلى الأم كمربية فسنجد أن الأمية تتساوى مع المتعلمة إذا ما استبعدنا دور المُدرّسة الذي فرضه الصراع على الدرجات في المؤسسات التعليمية. وفيما يتعلق بالمعطيات الحديثة من إنترنت وفضائيات وغيرها، أعتقد أن تعامل معظم الأمهات مع هذه المسألة يتسم بعدم الوعي سواء كانت متعلمة أو أمية، وعملية الرقابة الكاملة على الأبناء وفق هذه المعطيات أصبحت شبه مستحيلة، فضلا عن أن مستوى خريجات الجامعة هذه الأيام يدعو للحزن من ضحالة ثقافتهن، وبالتالي أم أمية متابعة وواعية لدورها التربوي قد تكون أفضل من أم جامعية غير متابعة.
ويتعين على مؤسسات المجتمع المدني من جمعيات أهلية ومؤسسات تربوية أن تهتم بتقديم برامج تساعد الأم على تربية الأبناء في ظل المستجدات العصرية، وهذا تحد جديد أمامها عليها أن تثبت وجودها فيه.
التفكير التكنولوجي
الدكتورة "هبة العيسوي" أستاذة الطب النفسي بجامعة عين شمس لها رؤية مغايرة لكل ما تم طرحه حيال الأم الأمية، وترى أنه لا بد أن تكون الأم متعلمة حتى تقوم بأدوارها التربوية على ما يرام، وفي هذا تقول: دعني أنطلق من مصطلح تربوي أنا أتبناه في التعامل مع الأبناء، هذا المصطلح هو "التفكير التكنولوجي" الذي يتواكب مع معطيات عصر المعلومات وكافة المتغيرات المستجدة على ساحة المجتمع المحلي والعالمي، وعندما نقول التفكير التكنولوجي لا أقصد به الكمبيوتر ولكني أعني به "النموذج المثالي الذي نربي به أبناءنا ونحل به مشكلاتهم"؛
لأن مشكلتنا الآن أنه لا يوجد لدينا نموذج يتم استدعاؤه عندما يتم تعرض أي من الأبناء لمشكلة للمساهمة أو للمساعدة في حلها، والتي قد تكون صغيرة يمكن السيطرة عليها، ولكنها قد تكبر بسبب عدم اتباع الآباء التفكير العلمي أو التكنولوجي في التعامل معها. وحتى يتم تطبيق التفكير التكنولوجي الذي يتلاءم مع الأطفال في العصر الحاضر لا بد من وجود أم على أقل تقدير تجيد القراءة والكتابة، ولعل ذلك يتضح أكثر من خلال عرض نموذج التفكير التكنولوجي الذي نحن بصدد الحديث عنه،
والذي له عدة مراحل نحددها في الآتي:
أولا:
تحديد المشكلة.
ثانيا:
التفكير في عدة حلول للمشكلة، وحتى تصل الأم إلى مجموعة من الحلول لمشكلة طفلها لا بد أن تكون ذات ثقافة متعددة المصادر، تتعامل مع الكتب الخاصة بالتربية وأساليبها، وهذا يتطلب منها أن تكون على الأقل تجيد القراءة والكتابة، أما الأمية فمصادر المعرفة لديها محدودة، وبالتالي الحلول المقترحة لعلاج مشكلة طفلها ستكون قليلة نظرا لقلة مصادرها التي تضيق الرؤية لديها.
ثالثا:
اختيار حل واحد لمشكلة الطفل من مجموعة الحلول التي تم التفكير فيها، وهذا لن يتأتى سوى بعد المفاضلة بين الحلول المختلفة بعقلية نقدية واعية لتبعات كل حل، ما له وما عليه، وهذا أمر يحتاج لإنجازه عقلية مطلعة، متمرسة في التفكير العلمي.
رابعا:
عرض النتائج: بعد اختيار حل للمشكلة من قبل الأم عليها أن تعرض على ابنها النتائج النهائية من المشكلة التي تعرض لها من خلال تحليل العوامل التي أدت إلى وقوعه فيها، وأنه أخطأ في كذا،
وكان يتعين عليه كذا.. وهنا الإفادة.
هذا هو التفكير التكنولوجي الذي لا بد أن يطبقه كل مرب في تعامله مع الأبناء، والذي كما رأينا لا يستطيع تطبيقه سوى شخص متعلم غير أمي.
وتضيف د. العيسوي قائلة: لا تقل لي إن هناك أمهات أميات قد أخرجن أعظم الشخصيات.. هذا ربما كان صحيحا في عصور سابقة، أما الآن فالطفل لا يقتنع إلا بالعلم، بمعنى أنه عندما تقول الأم لابنها: ذاكر، وهي غير متعلمة فسينظر إليها الطفل ويقول في باله:
"أنت فاشلة وغير متعلمة وتطالبينني بالتفوق.. والله لو حصلت على 50% فهذا شيء رائع بالنسبة لك"، وبالتالي اختلفت المعطيات عن الماضي، والبيئة اختلفت، التقدير من الطفل للأم اختلف. فالأم ال
أمية الآن في تصوري بالإمكان أن يعطف عليها ابنها ولكنه لا يأخذها كجزء من قدوته، وبالتالي الأم لا بد أن تكون على مستوى تفكير ابنها في العصر الحاضر.
تعليق