إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التوكّل على الله...

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التوكّل على الله...


    بسم الله الرحمن الرحيم
    ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    التوكّل على الله..

    جاء في دعاء السراي الوارد في كتاب مهج الدعوات ((آمنا بك يا سيدي وتوكلنا عليك وسمعنا لك يا سيدي وفوضنا أمرنا إليك))..

    وكلته فتوكل لي، وتوكلت عليه بمعنى: اعتمدته/ مفردات الراغب..
    وقد أجاب جبرئيل عن تفسير التوكّل عندما سأله النبي (صلّى الله عليه وآله) عن التوكل على الله تعالى فقال: ((العلم بأن المخلوق لايضر ولاينفع، ولا يعطي ولايمنع، واستعمال اليأس من الخلق، فإذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى الله، ولم يرج ولم يخف سوى الله، ولم يطمع في أحد سوى الله، فهذا هو التوكل))..

    من هنا نفهم بأنّه لا يكتمل إيمان عبد ما لم يكن متوكّلاً على الله سبحانه وتعالى في كلّ أموره في صغيرها وكبيرها فعن الإمام الرضا (عليه السلام) ((الإيمان أربعة أركان: التوكل على الله عزوجل: والرضا بقضائه، والتسليم لأمر الله، والتفويض إلى الله))..
    وهذا يعني انّ العبد ينظر الى ما دون الله سبحانه وتعالى عاجزين لا يمكن الاعتماد عليهم من غير مشيئة وتدخل الباري عزّ وجلّ، فالله تعالى بيده رزق العباد ومؤونتهم، عن الامام علي (عليه السلام) ((حسبك من توكلك أن لاترى لرزقك مجريا إلا الله سبحانه))..

    وفي نفس الوقت لا يعني نفي الأسباب الطبيعية فلا يركن إليها، بل انّ المؤمن مطلوب منه أن يسعى في طلب الرزق وطلب المعونة من الغير في شؤون الحياة ولكن لا على نحو الاستقالية، بل انّ الأمر أولاً وآخراً بيد الله سبحانه وتعالى، وهذا ما يتّضح من جواب النبي (صلّى الله عليه وآله) عندما سأله أحدهم ((يا رسول اللَّه أعقلها وأتوكل، أو أطلقها وأتوكل؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: "اعقلها وتوكل"))، وعن الامام الصادق (عليه السلام) ((لا تدع طلب الرزق من حله فإنه أعون لك على دينك، وأعقل راحلتك وتوكل))..

    ومما تجدر الاشارة اليه هو ان قبال التوكّل التواكل، ويعني أن تجلس وتنتظر رزقك وتصبر فلا تسعى اليه وتستغني عن الناس، وهذا من الأمور المذمومة التي ينهى الاسلام عنه، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) - لقوم رآهم لا يزرعون – ((ما أنتم ؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: لا، بل أنتم المتكلون))، ويروى انّه لما نزل قوله تعالى: ((ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)) انقطع رجال من الصحابة في بيوتهم واشتغلوا بالعبادة وثوقا بما يضمن الله لهم، فعلم النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك فعاب ما فعلوه، وقال: إني لأبغض الرجل فاغرا فاه إلى ربه: "اللهم ارزقني" ويترك الطلب))..
    لذا فانّ الاسلام يحثّ على التوكل وينهى عن التواكل، وقد مدح الله سبحانه وتعالى المتوكلين بآيات عديدة كقوله تعالى ((فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ))آل عمران : 159، وقوله تعالى ((وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))الأنفال : 49..

    اللّهم اجعلنا من المتوكّلين عليك في جميع أمورنا..


    التعديل الأخير تم بواسطة المفيد; الساعة 20-01-2014, 12:54 PM.


  • #2
    (اللهم اجعلنا من المتوكلين عليك في جميع امورنا)
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    استاذنا الفاضل المفيد
    احسنت بارك الله فيك وجزيت خيرا
    حسين منجل العكيلي

    تعليق


    • #3
      عليك السلام والرحمة والمغفرة
      بما أنّ المتوكل على الله في الحقيقة يفوّض أمره وحاله وعمله إلى الله تعالى، ويعلّق أمله بالقدرة اللامتناهية والذات المقدسة العالمة بكلّ شيء، ويعتمد على الله الّذي بإمكانه أن يحلّ له جميع المشكلات ويسهل عليه ما عسر من الصعوبات، فإنّ أوّل أثر إيجابي يخلقه التوكل في واقع الإنسان هو أن يثير في نفسه مسألة الاعتماد على الذات ومقاومة المشكلات والوقوف على قدميه أمام سيل الحوادث الكبيرة في حركة الحياة.

      ولو أنّ شخصاً وجد نفسه وحيداً في ميدان القتال مع الأعداء فإنه مهما كان قوياً ومستعداً للقتال فإنه سرعان ما يجد الضعف يدبّ في نفسه ويفقد اعتماده على نفسه، ولكن إذا أحسّ بأنّ جيشاً قوياً يدعمه من الخلف فإنه سيشعر بالقدرة الفائقة والشجاعة رغم عدم امتلاكه لأدوات القوّة ورغم ضعفه الذاتي.
      ففي الحديث الشريف عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «كَيْفَ اَخَافُ وَاَنْتَ اَمَلِي وَكَيْفَ اُضَامُ وَاَنْتَ مُتَّكَلِي»

      وفي حديث آخر عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال : «مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ لاَ يُغْلَبُ، وَمَنْ اِعْتَصَمَ بِاللهِ لاَ يُهْزَمُ»
      أجل فكلّ إنسان يتوكل على الله فإنه يعيش الغنى وعدم الحاجة ويشعر بالعزّة والكرامة كما ورد في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله : «اِنَّ الْغِنَى وَالْعِزَّ يَجُولاَنِ فَاِذَا ظَفَرَا
      بِمَوْضِعِ التَّوَكُّلِ اَوْطَنَا»

      ومضافاً إلى ذلك فإنّ التوكل يُبعد عن الإنسان كثير من الصفات الرذيلة من قبيل الحرص والحسد وحبّ الدنيا والبخل وغير ذلك، لأنّه عندما يفوض الإنسان أمره إلى الله تعالى ويعلم انه القادر على كلّ شيء والعالم بحاجته وفقره فإنه سوف لا يبقى أثر لهذه الحالات السلبية في واقعه ونفسه.
      فعندما يقرأ المؤمن هذه الآية الشريفة : (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) يجد نفسه غارقاً في أسر التوفيق وغير محتاج إلى أيّ إنسان، كما ورد في بعض الأدعية قوله : «اَللَّهُمَّ اَغْنِنِي بِالْيَقِينِ وَاكْفِنِي بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْكَ»

      ومن جهة رابعة فإنّ التوكل يزرع في قلب الإنسان نور الأمل الّذي بإمكانه أن يمنح الإنسان القدرة والقوّة في حركته ويذهب عنه عنصر التعب المسلط عليه، ويشعر بالاستقرار والهدوء النفسي في كلّ الأحوال، ولذلك يقول أميرالمؤمنين (عليه السلام) في كلام مختصر وعميق المعنى : «لَيْسَ لِمُتَوَكِّل عَنَاءُ»

      ومن جهة خامسة فإنّ التوكل على الله يزيد من ذكاء الإنسان وقدرة الذهن على التفكير الخلاّب، ويفتح آفاقه المعرفية، فيرى الأشياء من موقع الوضوح في الرؤية، لأنّه ومع غضّ النظر عن البركات المعنوية لهذه الفضيلة الأخلاقية فإنّ التوكل يتسبب في أنّ الإنسان لا يجد في نفسه قلقاً واضطراباً مقابل المشكلات الّتي تفرزها الظروف الصعبة في حركة الواقع، وبذلك تحفظ له قدرته على التصميم الجدّي والهادف الّذي ينطلق من موقع التفكير المتّزن بحيث يجد طريق الحلّ أمامه بسهولة.
      ومن ذلك نقرأ في الحديث الشريف عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) قوله : «مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ اَضَائَتْ لَهُ الشُّبُهَاتِ وَكَفَى الْمَؤُونَاتِ وَاَمِنَ التَّبِعَاتِ»ـ ما ورد في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «مَنْ سَرَّهُ اَنْ يَكُونَ اَقْوَى النَّاسِ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ»
      ونقرأ في حديث آخر عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «فِي التَّوَكُّلِ حَقِيقَةُ الاِْيقَانِ»
      ـ وفي حديث آخر عميق المعنى ما ورد في قصة إبراهيم (عليه السلام) في تفسير علي بن إبراهيم حيث تقول الرواية : أنّه لما وضعوا إبراهيم في المنجنيق، جاءه عمه آذر وصفعه على وجهه بشدة وقال له: ارجع عما أنت عليه، ولم يبق شيء إلاّ طلب إلى ربه، أن ينجي ابراهيم وقالت الأرض يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره فيحرق، وقالت الملائكة مثل ذلك وجاء إليه جبرئيل في الهواء، وقد وضع في المنجنيق، فقال يا إبراهيم هل لك إليّ من حاجة ؟ فقال إبراهيم أما إليك فلا، وأما إلى ربّ العالمين فنعم. فدفع إليه خاتماً عليه مكتوب : «لاَ اِلَهَ اِلاَّ اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، اَلْجَأْتُ ظَهْرِي اِلَى اللهِ، اَسْنَدْتُ اَمْرِي اِلَى اللهِ، وَفَوَّضْتُ اَمْرِي اِلَى اللهِ» فأوحى الله إلى النار (كوني برداً وسلاماً) فاضطربت اسنان إبراهيم من البرد حتّى قال (سلاماً على إبراهيم) فهبط جبرئيل وجلس معه يحدثه في النار وفي روضة خضراء، ونظر إليه نمرود فقال : «مَنِ اِتَّخَذَ اِلَهاً فَلْيَتَّخِذْ مِثْلَ اِلَهِ اِبْرَاهيمَ»
      أجل فإنّ التوكل على الله تعالى قد حوّل النار إلى بستان جميل وجنّة خلابة، هذا التوكل الّذي منح إبراهيم القوّة على ضبط النفس والهدوء والسكينة حتّى انه لم يجد حاجة إلى
      التوسل بجبرئيل واعتبر ذلك ابتعاداً عن الله وخلافاً لمقتضى الإيمان والتوكل وانه لابدّ من تحصيل الماء من العين الصافية نفسها.
      ـ ويقول الإمام الصادق (عليه السلام) في تعبير آخر : «اِنَّ الْغِنَى وَالْعِزَّ يَجُولاَنِ فَاِذَا ظَفَرَا بِمَوْضِعِ التَّوَكُّلِ اَوْطَنَاهُ»
      وهذا يعني أنّ القلب الّذي تحوّل إلى مركز للتوكل على الله فإنه يشعر بالغنى وعدم الحاجة لما سوى الله تعالى، وكذلك فإنّ مثل هذا الإنسان يعيش العزّة والقدرة لأنّه يتحرّك من موقع الاعتماد على القدرة المطلقة الّتي تتعالى على جميع القدرات الاُخرى ولا تقبل الضعف والتردد والإهتزاز.
      ـ ونقرأ في حديث آخر بهذا المعنى عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال : «مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ لاَ يُغْلَبُ وَمَنْ اِعْتَصَمَ بِاللهِ لاَ يُهْزَمُ»
      ـ وورد في حديث آخر عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه قال : «مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ ذَلَّتْ لَهُ الصِّعَابُ وَتَسَهَّلَتْ عَلَيْهِ الاَْسْبَابُ»
      وكيف لايكون كذلك في حين أنّ (مسبّب الأسباب) هو الله تعالى وكلّ شيء خاضع وخاشع له.
      ـ وفي حديث آخر عن هذا الإمام انه أشار في كلامه إلى هذه الحقيقة، وهي أنّ التوكل ليس فقط يُعدّ من العوامل الخفيّة في باطن الكون بل من العوامل المؤثرة في نفس الإنسان وباطنه أيضاً حيث يمنحه القوّة الّتي تنجيه من الوساوس والشبهات فقال : «مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ اَضَائَتْ لَهُ الشُّبَهَاتُ»
      ـ وأيضاً ورد عن هذا الإمام في خطابه للناس جميعاً «يَا اَيُّهَا النَّاسُ تَوَكَّلُوا عَلَى اللهِ
      واتَّقُوا بِهِ فَاِنَّهُ يَكْفِي مِمَّنْ سِوَاهُ»
      ـ وعن جابر بن يزيد الجعفي أنّه قال : خدمت سيّد الأنام أبا جعفر محمّد بن علي (عليه السلام)ثمانية عشرة سنة فلما أردت الخروج ودعته فقلت له : افدني، فقال : بعد ثمانية عشر سنة يا جابر ؟ قلت : «نَعَمْ اِنَّكُمْ بَحْرٌ لاَ يُنْزَفُ وَلاَ يُبْلَغُ قَعْرُهُ».
      قال (عليه السلام) : يا جابر بلغ شيعتي عني السلام وأعلمهم أنّه لا قرابة بيننا وبين الله عزّوجلّ، ولا يتقرب إليه إلاّ بالطاعة له، يا جابر من أطاع الله وأحبنا فهو ولينا، ومن عصى الله لم ينفعه حبنا. يَا جَابِرُ مَنْ هَذَا الّذي سَألَ اللهَ فَلَمْ يُعْطِهِ ؟ اَوْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكْفِهِ ؟ اَوْ وَثَقَ بِهِ فَلَمْ يُنْجِهِ ؟».
      ونجد في هذا الحديث الشريف أنّ التوكل على الله والثقة بوعده وكرمه، ودعاءه والطلب منه بعنوان ثلاث وسائل للنجاة والفلاح.
      أجل فإنّ الإنسان إذا توجّه إلى العين الصافية واغترف منها الماء الزلال فلا حاجة له لأن يمدّ يده إلى هذا وذاك.
      أستاذي أعانك الباري على كل شيء
      ياالله على دررأهل البيت والكنوز الثمينة
      التي تركوها لناوالتي لاتقدربثمن
      !!!
      sigpic
      إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
      ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
      ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
      لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة ابوعلاء العكيلي مشاهدة المشاركة
        (اللهم اجعلنا من المتوكلين عليك في جميع امورنا)
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        استاذنا الفاضل المفيد
        احسنت بارك الله فيك وجزيت خيرا
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
        أحسن الله اليكم وجزاكم كلّ خير وأحسنه..
        شاكر لكم هذا المرور الكريم...

        تعليق


        • #5
          بسم الله الرحمن الرحيم
          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته سماحة الشيخ القدير المفيد،

          لم تبقوا شيئا فيما يخص التوكل وجوانبه وشروطه وكيف يكون، والفهم الخاطئ عند البعض لمعنى التوكل على الله الا و وضحتموه !

          فلابد ان يسعى الفرد بالاسباب ويطعم سعيه بالتوكل على القادر ربّ العزة والجلالة
          لأن لا بركة في عمل ما دون توفيق وتسديد من الله
          اللهم توكلنا عليك في كل امورنا فانت نعم الوكّيل
          نسأل الله لكم ولنا بأن يكون هو حسبنا في كل امورنا
          اللهمّ اجْعَلْني عِنْدَكَ وَجِيهاً بِالحُسَيْنِ عَلَيهِ السَّلأم فِي الدُّنْيا وَالاخِرَةِ


          تعليق


          • #6

            بسم الله الرحمن الرحيم
            الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين

            قال : ( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) التوبة : 51 .
            قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو انّ العبد يتوكل على الله حق توكّله لجعله كالطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً، ومن انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤونة، ومن انقطع إلى الدنيا وكّله الله إليها، ومن أراد أن يرزقه الله من حيث لا يحتسب فليتوكل على الله.


            وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إنّ الغنى والعز يجولان ، فإذا ظفرا بموضع التوكّل أوطنا )


            اللهم أجعلنا من المتوكلين عليك دائما وأبدا وفي كل وقت وحين يارب ياكريم.

            احسنتم على الطرح القيم والهام جدا بارك الله فيكم ...ووفقكم الله لمرضاته سدد خطاكم بنوره وقضى حوائجكم بمنه وكرمه بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة من نسل عبيدك احسبني ياحسين مشاهدة المشاركة
              عليك السلام والرحمة والمغفرة
              بما أنّ المتوكل على الله في الحقيقة يفوّض أمره وحاله وعمله إلى الله تعالى، ويعلّق أمله بالقدرة اللامتناهية والذات المقدسة العالمة بكلّ شيء، ويعتمد على الله الّذي بإمكانه أن يحلّ له جميع المشكلات ويسهل عليه ما عسر من الصعوبات، فإنّ أوّل أثر إيجابي يخلقه التوكل في واقع الإنسان هو أن يثير في نفسه مسألة الاعتماد على الذات ومقاومة المشكلات والوقوف على قدميه أمام سيل الحوادث الكبيرة في حركة الحياة.

              ولو أنّ شخصاً وجد نفسه وحيداً في ميدان القتال مع الأعداء فإنه مهما كان قوياً ومستعداً للقتال فإنه سرعان ما يجد الضعف يدبّ في نفسه ويفقد اعتماده على نفسه، ولكن إذا أحسّ بأنّ جيشاً قوياً يدعمه من الخلف فإنه سيشعر بالقدرة الفائقة والشجاعة رغم عدم امتلاكه لأدوات القوّة ورغم ضعفه الذاتي.
              ففي الحديث الشريف عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «كَيْفَ اَخَافُ وَاَنْتَ اَمَلِي وَكَيْفَ اُضَامُ وَاَنْتَ مُتَّكَلِي»

              وفي حديث آخر عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال : «مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ لاَ يُغْلَبُ، وَمَنْ اِعْتَصَمَ بِاللهِ لاَ يُهْزَمُ»
              أجل فكلّ إنسان يتوكل على الله فإنه يعيش الغنى وعدم الحاجة ويشعر بالعزّة والكرامة كما ورد في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله : «اِنَّ الْغِنَى وَالْعِزَّ يَجُولاَنِ فَاِذَا ظَفَرَا
              بِمَوْضِعِ التَّوَكُّلِ اَوْطَنَا»

              ومضافاً إلى ذلك فإنّ التوكل يُبعد عن الإنسان كثير من الصفات الرذيلة من قبيل الحرص والحسد وحبّ الدنيا والبخل وغير ذلك، لأنّه عندما يفوض الإنسان أمره إلى الله تعالى ويعلم انه القادر على كلّ شيء والعالم بحاجته وفقره فإنه سوف لا يبقى أثر لهذه الحالات السلبية في واقعه ونفسه.
              فعندما يقرأ المؤمن هذه الآية الشريفة : (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) يجد نفسه غارقاً في أسر التوفيق وغير محتاج إلى أيّ إنسان، كما ورد في بعض الأدعية قوله : «اَللَّهُمَّ اَغْنِنِي بِالْيَقِينِ وَاكْفِنِي بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْكَ»

              ومن جهة رابعة فإنّ التوكل يزرع في قلب الإنسان نور الأمل الّذي بإمكانه أن يمنح الإنسان القدرة والقوّة في حركته ويذهب عنه عنصر التعب المسلط عليه، ويشعر بالاستقرار والهدوء النفسي في كلّ الأحوال، ولذلك يقول أميرالمؤمنين (عليه السلام) في كلام مختصر وعميق المعنى : «لَيْسَ لِمُتَوَكِّل عَنَاءُ»

              ومن جهة خامسة فإنّ التوكل على الله يزيد من ذكاء الإنسان وقدرة الذهن على التفكير الخلاّب، ويفتح آفاقه المعرفية، فيرى الأشياء من موقع الوضوح في الرؤية، لأنّه ومع غضّ النظر عن البركات المعنوية لهذه الفضيلة الأخلاقية فإنّ التوكل يتسبب في أنّ الإنسان لا يجد في نفسه قلقاً واضطراباً مقابل المشكلات الّتي تفرزها الظروف الصعبة في حركة الواقع، وبذلك تحفظ له قدرته على التصميم الجدّي والهادف الّذي ينطلق من موقع التفكير المتّزن بحيث يجد طريق الحلّ أمامه بسهولة.
              ومن ذلك نقرأ في الحديث الشريف عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) قوله : «مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ اَضَائَتْ لَهُ الشُّبُهَاتِ وَكَفَى الْمَؤُونَاتِ وَاَمِنَ التَّبِعَاتِ»ـ ما ورد في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «مَنْ سَرَّهُ اَنْ يَكُونَ اَقْوَى النَّاسِ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ»
              ونقرأ في حديث آخر عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «فِي التَّوَكُّلِ حَقِيقَةُ الاِْيقَانِ»

              ـ وفي حديث آخر عميق المعنى ما ورد في قصة إبراهيم (عليه السلام) في تفسير علي بن إبراهيم حيث تقول الرواية : أنّه لما وضعوا إبراهيم في المنجنيق، جاءه عمه آذر وصفعه على وجهه بشدة وقال له: ارجع عما أنت عليه، ولم يبق شيء إلاّ طلب إلى ربه، أن ينجي ابراهيم وقالت الأرض يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره فيحرق، وقالت الملائكة مثل ذلك وجاء إليه جبرئيل في الهواء، وقد وضع في المنجنيق، فقال يا إبراهيم هل لك إليّ من حاجة ؟ فقال إبراهيم أما إليك فلا، وأما إلى ربّ العالمين فنعم. فدفع إليه خاتماً عليه مكتوب : «لاَ اِلَهَ اِلاَّ اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، اَلْجَأْتُ ظَهْرِي اِلَى اللهِ، اَسْنَدْتُ اَمْرِي اِلَى اللهِ، وَفَوَّضْتُ اَمْرِي اِلَى اللهِ» فأوحى الله إلى النار (كوني برداً وسلاماً) فاضطربت اسنان إبراهيم من البرد حتّى قال (سلاماً على إبراهيم) فهبط جبرئيل وجلس معه يحدثه في النار وفي روضة خضراء، ونظر إليه نمرود فقال : «مَنِ اِتَّخَذَ اِلَهاً فَلْيَتَّخِذْ مِثْلَ اِلَهِ اِبْرَاهيمَ»

              أجل فإنّ التوكل على الله تعالى قد حوّل النار إلى بستان جميل وجنّة خلابة، هذا التوكل الّذي منح إبراهيم القوّة على ضبط النفس والهدوء والسكينة حتّى انه لم يجد حاجة إلى
              التوسل بجبرئيل واعتبر ذلك ابتعاداً عن الله وخلافاً لمقتضى الإيمان والتوكل وانه لابدّ من تحصيل الماء من العين الصافية نفسها.
              ـ ويقول الإمام الصادق (عليه السلام) في تعبير آخر : «اِنَّ الْغِنَى وَالْعِزَّ يَجُولاَنِ فَاِذَا ظَفَرَا بِمَوْضِعِ التَّوَكُّلِ اَوْطَنَاهُ»

              وهذا يعني أنّ القلب الّذي تحوّل إلى مركز للتوكل على الله فإنه يشعر بالغنى وعدم الحاجة لما سوى الله تعالى، وكذلك فإنّ مثل هذا الإنسان يعيش العزّة والقدرة لأنّه يتحرّك من موقع الاعتماد على القدرة المطلقة الّتي تتعالى على جميع القدرات الاُخرى ولا تقبل الضعف والتردد والإهتزاز.
              ـ ونقرأ في حديث آخر بهذا المعنى عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال : «مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ لاَ يُغْلَبُ وَمَنْ اِعْتَصَمَ بِاللهِ لاَ يُهْزَمُ»

              ـ وورد في حديث آخر عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه قال : «مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ ذَلَّتْ لَهُ الصِّعَابُ وَتَسَهَّلَتْ عَلَيْهِ الاَْسْبَابُ»

              وكيف لايكون كذلك في حين أنّ (مسبّب الأسباب) هو الله تعالى وكلّ شيء خاضع وخاشع له.
              ـ وفي حديث آخر عن هذا الإمام انه أشار في كلامه إلى هذه الحقيقة، وهي أنّ التوكل ليس فقط يُعدّ من العوامل الخفيّة في باطن الكون بل من العوامل المؤثرة في نفس الإنسان وباطنه أيضاً حيث يمنحه القوّة الّتي تنجيه من الوساوس والشبهات فقال : «مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ اَضَائَتْ لَهُ الشُّبَهَاتُ»

              ـ وأيضاً ورد عن هذا الإمام في خطابه للناس جميعاً «يَا اَيُّهَا النَّاسُ تَوَكَّلُوا عَلَى اللهِ
              واتَّقُوا بِهِ فَاِنَّهُ يَكْفِي مِمَّنْ سِوَاهُ»

              ـ وعن جابر بن يزيد الجعفي أنّه قال : خدمت سيّد الأنام أبا جعفر محمّد بن علي (عليه السلام)ثمانية عشرة سنة فلما أردت الخروج ودعته فقلت له : افدني، فقال : بعد ثمانية عشر سنة يا جابر ؟ قلت : «نَعَمْ اِنَّكُمْ بَحْرٌ لاَ يُنْزَفُ وَلاَ يُبْلَغُ قَعْرُهُ».

              قال (عليه السلام) : يا جابر بلغ شيعتي عني السلام وأعلمهم أنّه لا قرابة بيننا وبين الله عزّوجلّ، ولا يتقرب إليه إلاّ بالطاعة له، يا جابر من أطاع الله وأحبنا فهو ولينا، ومن عصى الله لم ينفعه حبنا. يَا جَابِرُ مَنْ هَذَا الّذي سَألَ اللهَ فَلَمْ يُعْطِهِ ؟ اَوْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكْفِهِ ؟ اَوْ وَثَقَ بِهِ فَلَمْ يُنْجِهِ ؟».

              ونجد في هذا الحديث الشريف أنّ التوكل على الله والثقة بوعده وكرمه، ودعاءه والطلب منه بعنوان ثلاث وسائل للنجاة والفلاح.
              أجل فإنّ الإنسان إذا توجّه إلى العين الصافية واغترف منها الماء الزلال فلا حاجة له لأن يمدّ يده إلى هذا وذاك.
              أستاذي أعانك الباري على كل شيء
              ياالله على دررأهل البيت والكنوز الثمينة
              التي تركوها لناوالتي لاتقدربثمن
              !!!
              اللّهم صلّ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم يا كريم..
              سلمت يداكم على هذه الاضافة النورانية الرائعة وهي لا تختلف عن سابقاتها من روائع الاضافات التي تضعونها فتزيّن صفحات هذا القسم المبارك..
              شاكر لكم هذا المرور المبارك...

              تعليق


              • #8
                المشاركة الأصلية بواسطة رحيق الزكية مشاهدة المشاركة
                بسم الله الرحمن الرحيم
                وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته سماحة الشيخ القدير المفيد،

                لم تبقوا شيئا فيما يخص التوكل وجوانبه وشروطه وكيف يكون، والفهم الخاطئ عند البعض لمعنى التوكل على الله الا و وضحتموه !

                فلابد ان يسعى الفرد بالاسباب ويطعم سعيه بالتوكل على القادر ربّ العزة والجلالة
                لأن لا بركة في عمل ما دون توفيق وتسديد من الله
                اللهم توكلنا عليك في كل امورنا فانت نعم الوكّيل
                نسأل الله لكم ولنا بأن يكون هو حسبنا في كل امورنا
                لو أخذنا شاهداً من حياتنا بأن يلجأ أحد الناس الى سلطان له القوة والنفوذ في دولته فوعده هذا السلطان بتكفّل جميع أموره فبالتأكيد انّ كلّ عمّال السلطان سينفذون أمره ويحققوا جميع طلبات هذا الانسان..
                فكيف بمن توكّل على الله سبحانه وتعالى وهو له مقاليد الدنيا والآخرة وبيده ملكوتهما، وهو العطوف الرحيم على عباده..

                لنا ولكم مثلما دعوتم لنا وبشفاعة الشافعين محمد وآله الطاهرين (عليهم السلام)..
                شاكر لكم طيب المرور وجميل المشاركة...

                تعليق


                • #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة عطر الولايه مشاهدة المشاركة

                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين

                  قال : ( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) التوبة : 51 .
                  قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو انّ العبد يتوكل على الله حق توكّله لجعله كالطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً، ومن انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤونة، ومن انقطع إلى الدنيا وكّله الله إليها، ومن أراد أن يرزقه الله من حيث لا يحتسب فليتوكل على الله.


                  وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إنّ الغنى والعز يجولان ، فإذا ظفرا بموضع التوكّل أوطنا )


                  اللهم أجعلنا من المتوكلين عليك دائما وأبدا وفي كل وقت وحين يارب ياكريم.

                  احسنتم على الطرح القيم والهام جدا بارك الله فيكم ...ووفقكم الله لمرضاته سدد خطاكم بنوره وقضى حوائجكم بمنه وكرمه بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
                  اللّهم صلّ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم يا كريم..
                  إذا توكّل العبد على خالقه سبحانه وتعالى فمن المستحيل أن يتركه من غير أن يكون بجانبه ويسدّد خطواته، على أن يكون ذلك التوكّل فعلياً لا مجرد قول من غير إعتقاد حقيقي به..
                  أختنا القديرة لكم البصمة الواضحة في إضافاتكم القيّمة التي تنير كلّ موضوع تشاركون فيه..
                  شاكر لكم تشريفي بهذا المرور المبارك...

                  تعليق


                  • #10
                    السلام عليكم ورحمة الله وفقكم الباري.
                    ومن يتوكل علي الله فهو حسبه
                    فماذا فقدالذي جعل الله حسبه
                    sigpicمتي ترانا ونراك مولاي[/SIZE]

                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                    x
                    يعمل...
                    X