إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الكوثر والساقي والذبح العظيم - القسم الثالث

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكوثر والساقي والذبح العظيم - القسم الثالث

    الكوثر والساقي والذبح العظيم - القسم الثالث
    المهندس هادي جساس الذهبي 2011

    يوم يكشف عن ساق

    يقول الله تعالى: (يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ)[1].

    أورد المفسرون أقوالاً كثيرة في فهم هذه الآية الكريمة وذهبوا مذاهب شتّى في تفسيرها:

    1. أنّ المراد بالساق في الآية ساق الله تعالى عن ذلك علواً كبيراً وثبت لديهم ذلك عن ابن مسعود[2]. وقال ابن تيمية: (ليس في ظاهر القرآن أنَّ ذلك صفة لله تعالى، لأنه قال: «يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ»، ولم يقل: عن ساق الله، ولا قال: يكشف الرب عن ساقه، وإنما ذكر ساقًا منكَّرة غير معرفة ولا مضافة، وهذا اللفظ بمجرَّده لا يدلُّ على أنها ساق الله، والذين جعلوا ذلك من صفات الله تعالى أثبتوه بالحديث الصحيح المفسِّر للقرآن، وهو حديث أبي سعيد الخدري المخرَّج في الصحيحين الذي قال فيه: «فيكشف الرب عن ساقه»)[3].

    2. ذكر الرازي في تفسيره نقلاً عن الزمخشري في كشافه: (الكشف عن الساق مثل في شدة الأمر، فمعنى قوله: (يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ) يوم يشتد الأمر ويتفاقم، ولا كشف ثمّ، ولا ساق، كما تقول للأقطع الشحيح: يده مغلولة، ولا يد ثمّ ولا غل وإنما هو مثل في البخل)[4].

    3. قال ابن قتيبة أصل هذا أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى الجد فيه، يشمر عن ساقه، فلا جرم يقال في موضع الشدة: كشف عن ساقه، واعلم أنّ هذا اعتراف من أهل اللغة بأن استعمال الساق في الشدة مجاز، وأجمع العلماء على أنه لا يجوز صرف الكلام إلى المجاز إلا بعد تعذر حمله على الحقيقة، فإذا أقمنا الدلائل القاطعة على أنّه تعالى، يستحيل أنْ يكون جسماً، فحينئذ يجب صرف اللفظ إلى المجاز[5].(وقال أبو عبيدة: إذا اشتدّ الحرب والأمر قيل: كشف الأمر عن ساقه. والأصل فيه أن من وقع في شئ يحتاج فيه إلى الجد شمر عن ساقه، فاستعير الساق والكشف عنها في موضع الشدة)[6].

    4.عن ابن عباس في تفسير هذه الاية: (قال: يكشف عن شدة الآخرة وقال: هي أشد ساعة تكون يوم القيامة)[7].

    5. وفي مجمع البيان عن القتيبي: (أصل هذا انّ الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج الى الجد فيه يشمر عن ساقه، فاستعيرالكشف عن الساق في موضع الشدة)...تقول العرب: قامتْ الحرب على ساق، وكشفت عن ساق يريدون شدتها .. قال الشاعر: قد شمرت عن ساقها فشدوا * وجدتالحرب بكم فجدوا )[8]

    6. وقيل: (يريد وقت اقتراب الأجل وضعف البدن، أي يكشف المريض عن ساقه ليبصر ضعفه، ويدعوه المؤذن إلى الصلاة فلا يمكنه أن يقوم ويخرج)[9].

    7. ويمكن القول انه كناية عن تجلي اصول الحقائق، و انما استخدم القرآنالكشف عن الساق لان ساق الشيء أصله، و على هذا قيل ساق الشجرة. و يومالقيامة هو يوم الكشف عن أصل الحقائق فهنالك يكشف للناس الحق الأصل وأعمالهم)[10].

    8. وقيل: يكشف عن ساق جهنم. وقيل: عن ساق العرش[11].

    إثارة جديدة في معنى الساق

    يقول الله تعالى: (يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ 42 خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ وَقَدۡ كَانُواْ يُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَٰلِمُونَ 43)[12]. بعد دراسة وتأملٍ عميقين في الآية الكريمة ومتابعةٍ للروايات الشريفة المرتبطة بتفسير هذه الآية المباركة، تبلورتْ لديّ فكرة جديدة، أرى طريقها سالكاً وجوانبها ظليلة، تبلغ الهدف بيُسر وخير وسيلة. وقد انبثقت هذه الفكرة عند ملاحظتي لرقم الآية الكريمة وهو (42) إذْ هو بقدر عدد حروف الأئمة الإثني عشر(ع)، الذين يمثلون السقاة والذادة على حوض الكوثر كما مر علينا آنفاً. إضافة الى أنّ هذاالتعبير الشريف: (يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ) مؤلف من 12 حرفاً بعدد السقاة الإثني عشر(ع)، وقيمته بالحساب التكراري[13]= 110 وهذا بدوره = قيمة (علي) بحساب الجمّل!. كما إنّ ورود كلمة (علي) في الآية كاملة =12 وفي هذا إشارة الى عدد السقاة والذادة على حوض الكوثر كون الإمام علي(ع) أولهم وقائدهم.

    وملخص الفكرة يمكن عرضه ضمن ثلاث إطروحات يصلح كل منها لأن يكون تفسيراً راجحاً للآية الشريفة:

    1.إنّ كلمة (ساق) هي في الأصل ساقي من السقاية وقد حذفت ياؤها، لأنّ الاسم المنقوص إذا جاء نكرة تُحذف ياؤه ، ويعوض عنها بتنوين العوض، أو التعويض نحو قوله تعالى: (وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥمِنۡ هَادٍ 23)[14] وقوله تعالى: (أَلَمۡ تَرَ أَنَّهُمۡ فِي كُلِّ وَادٖيَهِيمُونَ 225)[15]، وهي قاعدة نحوية معروفة[16] ، ولمّا كانت الأحاديث الشريفة تبيِّن أنّ ساقي الكوثر هو الأمام علي(ع)، بل الأئمة كلهم بين ساق وذائد، إتضح سبب الرهق والذلة من هول الصدمة التي تصيب المنحرفين عن خط الأئمة الإثني عشر(ع)، حين يُكشف عن هذه الحقيقة ويُدركون ذلك واقعاً، حيث يُدعون الى السجود كما دُعيَ الملائكة وإبليس للسجود لآدم: (وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ 34) ، ودعوة السجود الأخروية هذه سواءٌ كانت لله تعالى أو للرسول وآله(ع) في ذلك اليوم فهي بأمر الله وبالنتيجة فهي طاعة لله تعالى، ولمّا كانت الأعمال في ذلك اليوم هي نتاج وانعكاس لأعمال الدنيا وتجلٍ لها، حيث تُبلى السرائر وتُكشف الضمائر، فسيتمكن المؤمنون من إجابة الدعوة كما أجابوها في الحياة الدنيا، ولن يتمكن غيرهم من إجابة هذا الطلب الإرصادي نتيجة الكبر الذي كانوا عليه في الدنيا، حيث تُدمج أصلابهم فلا تنثني وتكون كالصياصي[17] فيختلج القرن منهم أي يُجذبون ويُقتطعون ويُؤخذ بهم الى ذات الشمال، الى النار.

    إنّ دعوّة السجود في الدنيا لها مفهوم واسع يمكن أنْ نجده في الصلاة المفروضة و النافلة ونجدها في سجود الشكر و التلاوة ، ولكن تخصيص السجود هنا وارتباطه بحوض الكوثر فيه إشارة بالغة الى أمر دخول باب حطة سجدّاً لبني إسرائيل: (وَٱدۡخُلُواْ ٱلۡبَابَ سُجَّدٗا وَقُولُواْ حِطَّةٞ نَّغۡفِرۡ لَكُمۡ خَطَٰيَٰكُمۡۚ وَسَنَزِيدُ ٱلۡمُحۡسِنِينَ 58)[18] ، فمن المعلوم أنّ أهل البيت (ع) هم باب حطة هذه الأمة كما جاء ذلك في الروايات الشريفة[19] ، لذا تجسدّتْ هذه الدعوة صريحاً في دخول باب حطة هذه الأمة سجدّاً ، فمن دخله في الدنيا ساجداً غُفرتْ خطاياه وتمكّن من إجابة داعي السجود الأخروي : (يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ ... ) ، ومنْ لم يدخله في الحياة الدنيا دُمج صلبه وأصبح كقرون البقر فلا يتمكن من السجود حينئذٍ فيؤخذ به الى النار . أجارنا الله وإياكم من سوء المنقلب والعاقبة. وسيتضح هذا المشهد أكثر لو تأملنا في الآية الشريفة: (فَلَمَّا رَأَوۡهُ زُلۡفَةٗ سِيٓ‍َٔتۡ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تَدَّعُونَ 27)[20] فقد جاء في تفسيرها: (فإذا كان يوم القيامة ونظر أعداء أمير المؤمنين(ع) ما أعطاه الله من المنزلة الشريفة العظيمة وبيده لواء الحمد وهو على الحوض يسقي ويمنع، تسوّد وجوه أعدائه فيقال لهم: (هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تَدَّعُونَ)، أي هذا الذي كنتم به تدّعون منزلته وموضعه واسمه وقوله)[21]. و قد (نقل الحاكم أبو القاسم الحسكاني بأسانيده الصحيحة عن شريك عن الأعمش أنّه قال لما رأوا ما لعلي بن أبي طالب عند الله من الزلفى سيئت وجوه الذين كفروا)[22].

    2. قد عرفتَ من الروايات الآنفة الذكر أنّ نهر الكوثر يُزود حوض الكوثر بالماء من خلال مثعبين يصبان فيه وهما تسنيم ومعين، والنهر أصله من تحت ساق العرش، وقد ذكر بعض المفسرين أنّ الساق الواردة في الآية هي ساق العرش[23]، وهنا سيكتمل المشهد حينما تجمع وتربط مع الروايات التي تشير الى أنّ اسم علي(ع) مكتوب على ساق العرش، فقد ورد عن النبي(ص) أنّه قال: (لما عُرج بي رأيتُ على ساق العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله ايّدته بعلي ونصرته به)[24].فيُصدم أعداءه ويسقط في أيديهم عندما يعرفون مقامه ومنزلته التي حباه الله تعالى بها، فلا يستطيعون السجود حينئذ وقد كانوا يُدعون وهم أصحاء معافون في الحياة الدنيا.

    3. جاء في مسند أبي يعلى: (لتجدنه مشمر الإزار على ساق يذود عنه رايات المنافقين ذود غريبة الإبل)[25]. والضمير في الرواية يرجع الى الإمام علي(ع) فيكون الكشف عن ساقه وهو يذود المنافقين عن الحوض، فتكون الصدمة والمفاجأة للمنحرفين عنه فلا يستطيعون السجود حينئذ وقد كانوا يُدعون وهم أصحاء معافون في الحياة الدنيا.

    بعد أن تكاملتْ أركان هذه الفكرة وأسفرتْ عن وجه مليح، بدأتُ بالبحث عن مؤيدات روائية إضافية تدعمها، وتضفي عليها المعقولية والمقبولية، وإليك بعضاً من هذه الروايات الشريفة التي تُنظِّر و تُؤصِّل لهذه الفكرة:

    1. عن ابن عباس قال: قال رسول الله: من أحب علياً وأطاعه في دار الدنيا ورد على حوضي غداً، وكان معي في درجتي في الجنة. ومن أبغض علياً في دار الدنيا وعصاه، لم أره ولم يرني يوم القيامة، واختلج دوني وأخذ به ذات الشمال إلى النار)، تبين هذه الرواية الشريفة أنّ منْ إتبع علياً(ع) في الحياة الدنيا ورد الحوض ومن لم يتبعه ذيد عن الحوض، وتتضح الصورة أكثر إذا رُبطت مع هذه الرواية الشريفة في تفسير آية الساقي، حيث روى علي بن ابراهيم القمي مانصه: (يكشف عن الأمور التي خفيتْ وما غصبوا آل محمد حقهم. (وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) قال: يكشف لأمير المؤمنين(ع) فتصير أعناقهم مثل صياصي البقر يعني قرونها فلا يستطيعون أن يسجدوا و هي عقوبة لأنهم لم يطيعوا الله في الدنيا في أمره و هو قوله: (وَقَدۡ كَانُواْ يُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَٰلِمُونَ) قال إلى ولايته في الدنياو هم يستطيعون)[26]).

    2. ((خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ) أي ذليلة أبصارهم لايرفعون نظرهم عن الأرض ذلَّة ومهانة (تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ) أي تغشاهم ذلة الندامة والحسرة)[27]. ويمكن هنا أن نربط صفات الذلة الواردة في الآية والتي تصيبهم مع هذه الرواية التي تبين أنّ شفاههم ذابلة:فعن أنس بن مالك عن النبي(ص) قال: ليرفعن أناسٌ من أصحابي وأنا على الحوض فإذا عاينوني عرفتهم وأنا على الحوض قد ذبلت شفاههم فاختلجوا دوني)[28].

    3. ورد عن النبي(ص) أنه قال لعلي(ع): (والذي نبأ محمداً وأكرمه إنك الذائد عن حوضي تذود عنه رجالاً كما تُذاد البعير الصادي عن الماء، بيدك عصا من عوسج كأني أنظر الى مقامك من حوضي)[29].هذه الرواية مثل باقي الروايات في أنّ المنافقين يُطردون ويُذادون عن الحوض ، لكنها تميّزت بذكر صفة الأصيد، والأصيد في اللغة: (الرجل الذي به كبر)[30]،و (رافعُ رأَسِهِ كِبْراًوهو مَجَاز وإِنما قيل للمَلِكِ: أَصْيَدُلكَوْنه يَرفَعُ رأْسَه كِبْراً)[31]. يقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ رَأَيۡتَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودٗا 61)[32]، جاء في تفسيرها: (هم أعداء آل محمد (ص) كلهم جرتْ فيهم هذه الآية)[33]، وقال الله عزّ وجل أيضاً: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ يَسۡتَغۡفِرۡ لَكُمۡ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوۡاْ رُءُوسَهُمۡ وَرَأَيۡتَهُمۡ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ5)[34]، وقد جاء في تفسيرها: (وإذا قيل لهم ارجعوا إلى ولاية علي يستغفر لكم النبي من ذنوبكم « لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ » قال اللَّه تعالى « وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ » عن ولاية علي « وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ » عليه)[35]. وأساس المسألة هنا هو الكبر الذي أدّى بهم الى الصد وهذا الكبر هو الذي منع إبليس عليه اللعنة من أنْ يسجد لآدم (ع)، يقول تعالى: (قَالَ يَٰٓإِبۡلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ أَسۡتَكۡبَرۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡعَالِينَ 75)[36]، فالكبر مانع من السجود، وهنا تكرّر الأمر مع المنافقين، أتباع إبليس، حيث شُبِّهوا بالبعير الأصيد، فهم من كبرهم لم يسجدوا في دار الدنيا وهم أصحّاء معافون، أي لم يطيعوا أمر الرسول(ص) ولم يرقبوا قوله في أهل بيته(ع)، وتجلّى الأمر وبان عليهم في موقف الحوض حينما دُعوا الى السجود فلم يستطيعوا.

    4. بعد بحث طويل عن تفسير يؤيد ماتوصلتُ إليه وجدتُ بعض ضالتي عندالملا صدرا الشيرازي حيث يذكر مانصه: (الكشف عن الساق كناية عن الظهور كما في قول العرب كشف الحرب عن ساقها ويدور في خلدي ان يكون ساق مخفف ساقي أي يكشف عن ساقي الكوثر كما ورد انّه لا يعلم حقيقة علي بن أبي طالب(ع) الا الله ومحمد(ص) ويُدعون إلى السجود أي يُدعى كل من الامام والمأمومين إلى السجود لله الواحد المعبود وهذا المعنى جعله الله قسطي بمنه وجوده)[37].

    [1]. سورة القلم ، الآية 42.

    [2]. روى في البخاري ومسلم ، وأخرج ابن مندة في الرد على الجهمية عن أبي هريرة قال: قال رسول الله(ص) (يوم يكشف عن ساق) قال: يكشف الله عز وجل عن ساقه.
    [3]. بيان تلبيس الجهمية - ابن تيمية ج5 ص473 ، وانظر: مجموع الفتاوى، له ج6 ص394- 395.
    [4]. تفسير الرازي ج30 ص93.
    [5]. تفسير الرازي ج3 ص93.
    [6]. تفسير القرطبي ج18 ص248.
    [7]. الدر المنثور – جلال الدين السيوطي ج6 ص249.
    [8]. تفسير مجمع البيان – الشيخ الطبرسي ج10 ص94.
    [9]. تفسير القرطبي ج18 ص248.
    [10]. من هدي القران – محمد تقي المدرسي في تفسيره للآية 42 من سورة القلم.
    [11]. تفسير القرطبي ج18 ص248.
    [12]. سورة القلم ، الآيتان 42 و 43 .
    [13].انظر الملحق بجداول الحساب وأسلوب ورود الحروف في نهاية البحث ، للإستعانة به في فهم الإشارات العددية المذكورة في البحث ، وللإستزادة انظر الفصل الثاني من كتابي الذرية الخاتمة – بحوث في الإعجاز العددي.
    [14]. سورة الزمر ، الآية 23.
    [15]. سورة الشعراء ، الآية 225 .
    [16]. المقصور والممدود للفراء ص45 .
    [17]. أي كقرون البقر.
    [18]. سورة البقرة ، الآية 58 .
    [19]. تفسير فرات الكوفي ص367 ، بصائر الدرجات للصفار ص317 ، أمالي الشيخ الصدوق ص133.
    [20]. سورة الملك ، الآية 27.
    [21]. تفسير القمي – علي بن إبراهيم القمي -ج2 ص379.
    [22]. شرح اصول الكافي – مولى محمد صالح المازندراني ج7 ص51.
    [23]. انظر مثلاً تفسير الرازي 30 ص93.
    [24]. تاريخ دمشق ج47 ص344 و ج42 ص336.
    [25].مسند أبي يعلى: 6/174.
    [26] . تفسير القمي – علي بن ابراهيم القمي ص162 ، بحارالأنوار – العلامة المجلسي ج7 ص131.
    [27]. مجمع البيان – الشيخ الطبرسي ج10 ص94.
    [28]. فردوس الأخبار ج3 ص444.
    [29]. بحار الأنوار ج39 ص 213 ، مناقب الخوارزمي ص65 ، مناقب ابن شهر آشوب ج2 ص 162.
    [30]. الكنز اللغوي- ابن السكيت في مادة صيد.
    [31]. فقه اللغة – الثعالبي في مادة صيد.
    [32]. سورة النساء ، الآية 61.
    [33]. تفسير البرهان – البحراني ج2 ص116.
    [34]. سورة المنافقون الآية 5.
    [35]. البرهان - البحراني ج5 ص337. الوافي للفيض الكاشاني ج3 ص916.
    [36]. سورة ص ، الآية 75.
    [37]. الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة صدر الدين محمد الشيرازي ج5 ص311 – 312.

  • #2
    الكوثر والساقي والذبح العظيم - القسم الرابع وهو الأخير
    المهندس هادي جساس الذهبي
    بغداد - 2011

    فــــصل لــــربك وانـــــحر
    من المعلوم أنّ كل نعمة من نعم الله تعالى تستدعي منا أنْ نحمد الله ونشكره وهذا جزء من أداء حق المعطي وحفظ النعم فبالشكر تدوم النعم و(لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ) ، ومن هنا جاءت الآية الكريمة: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ) تعبيراً عن الإمتنان والشكر الأمثل، وقد ذكر المفسرون أقوالاً عدة في معنى النحر:
    1. روي عن الإمام علي(ع) أنه قال: لما نزلتْ هذه السورة على النبي(ص) ( إِنَّآ أَعۡطَيۡنَٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ ) قال النبي(ص) لجبريل: ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي؟ قال: إنها ليست بنحيرة ولكن يأمرك إذا تحرّمتَ للصلاة أن ترفع يديك إذا كبّرتَ وإذا ركعتَ وإذا رفعتَ رأسك من الركوع ...) .
    2. (فصل لربك فدم على الصلاة وانحر وفي المجمع عن الصادق(ع) هو رفع يديك حذاء وجهك وفي رواية فقال بيده هكذا يعني استقبل بيده حذاء وجهه القبلة في افتتاح الصلاة) .
    3. وفي الكافي عن الباقر(ع) أنّه سُئل عنه فقال النحر الاعتدال في القيام أن يقيم صلبه ونحره. أقول: وفي تفسير العامة إنّ المراد بالصلاة صلاة العيد وبالنحر نحر الهدي والأضحية) .
    4. ذكر السيد أبو القاسم الخوئي (قده) في معنى النحر بأنّه: ( النحر بمنى ، أو نحر الأضحية في الأضحى ، أو رفع اليدين إلى النحر في تكبير الصلاة ، أو استقبال القبلة بالنحر ، والاعتدال في القيام ، وجميع ذلك يناسب المقام لأنه نحو من الشكر لتلك النعم) .
    5. ذكر السيد الشهيد محمد الصدر في جوابه عن معنى النحر مانصه: (أقول: والذي أفهمه أمران:
    الأمر الأول: وهو الأمر الظاهر: فالمطلوب هو الصلاة والنحر. وذلك لا يختص بالعيد بل هو ممكن في سبيل الله في سائر أيام السنة. كما إنّه لا يختص بالبدن . وإنْ أختص بالنحر (والنحر لا يكون إلا للجمال) ولكن يمكن التجريد عن الخصوصية لكل ذبح وجريان دم، او لكل صدقة على المحتاجين. والصدقات له سبحانه، وهو يقبضها ... وإن فهمنا من قوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ): رفع اليد في الصلاة أو رفع الجسم بعد الركوع، فهذا وان كان موافقاً مع الصلاة، إلا أنّ فيه أخذُ الآية مستقلةً عن السورة، وهو باطل جزماً. اذ لا يكون لذكرها وجه معتّد به. لأنّ شكر النعمة لا يكون بذلك (أي بحركة اليد أو رفع الجسم). أو أنه أقل من ان يكون بمنزلة الشكر. بخلاف ما اذا كان يراد بالنحر: نحر البدن او نحوها او يُراد به نحر الباطل في النفس أو في الغير. والله سبحانه يُرشدنا الى الشكر الأمثل من الشكر على إعطاء الكوثر، بطبيعة الحال. لا إلى صورة ضئيلة منه) .
    6. النحر في التفسير المشهور هو نحر الذبيحة، لأنّ الذبيحة واجبة في عيد الأضحى للحجّاج، ومستحبة لكل شخص يصلّي صلاة العيد، فيكون المعنى: قدّم قرباناً وذبيحة إعلاناً بأنّك لا تبالي بنفسك، فتستسلم أمام الله بالصلاة، وقد نُقل في بعض الكتب عن الإمام علي(ع) أنه قال: ضع يدك عند نحرك في الصلاة، ولكن أعتقد أنّ هذا الحديث غير صحيح، و من الناحية اللغوية،إذا أردنا أن نقول: ضع يديك قرب نحرك فيجب أن نقول: تنحّر وليس إنحر .

    وفديـــــــــناه بذبــــح عــــــظيم
    يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (فَلَمَّآ أَسۡلَمَا وَتَلَّهُۥ لِلۡجَبِينِ ١٠٣ وَنَٰدَيۡنَٰهُ أَن يَٰٓإِبۡرَٰهِيمُ ١٠٤
    قَدۡ صَدَّقۡتَ ٱلرُّءۡيَآۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ ١٠٥ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلۡبَلَٰٓؤُاْ ٱلۡمُبِينُ ١٠٦ وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيمٖ ١٠٧ وَتَرَكۡنَا عَلَيۡهِ فِي ٱلۡأٓخِرِينَ ١٠٨) ، تحكي هذه الآيات المباركة قصة الذبيح وهي أشهر من أن نخوض في تفاصيلها، وقد شرع إبراهيم(ع) بالتنفيذ مع مايكتنف هذا الأمر من بلاءٍ وُصف بالمبين: (إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلۡبَلَٰٓؤُاْ ٱلۡمُبِينُ)، لهذا كان أوّل المسلمين زمنياً كما في قوله تعالى: (وَأُمِرۡتُ لِأَنۡ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ ١٢) فهو اول من حظى بأعلى مراتب الإيمان، وقد فدى الله تعالى اسماعيل(ع) بذبح عظيم، وجاء في معنى فداه : أعطى فداءً فأنقذه، و فداه بنفسه (وفداه تفديةً) قال له: جُعلتَ فداك.

    والسؤال الملح هنا هو ماوجه التميز في هذا الفداء كي يصفه الله عز وجل بالعظيم ؟
    (عن الإمام الرضا(ع) قال: لما أمر الله تبارك وتعالى ابراهيم(ع) أنْ يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه تمنّى إبراهيم(ع) أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل(ع) بيده وأنّه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذى يذبح أعزّ ولده بيده فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب فأوحى الله عزّ وجل إليه: يا إبراهيم منْ أحب خلقي إليك ؟ فقال: يا رب ما خلقتَ خلقاً هو أحب إلى من حبيبك محمد(ص). فأوحى الله عز وجل إليه: يا إبراهيم أفهو أحب إليك أم نفسك ؟ قال: بل هو أحب إليّ من نفسي قال: فولده أحب إليك أو ولدك، قال بل ولده، قال: فذبح ولده ظلماً على ايدى أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي، قال: يا رب بل ذبحه على أيدى أعدائه أوجع لقلبي، قال: يا إبراهيم فإنّ طائفة تزعم أنّها من أمة محمد(ص) ستقتل الحسين(ع) ابنه من بعده ظلما وعدواناً كما يُذبح الكبش فيستوجبون بذلك سخطي . فجزع إبراهيم(ع) لذلك وتوجّع قلبه وأقبل يبكي، فأوحى الله عزّ وجل إليه: يا إبراهيم قد فديّتُ جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك، بجزعك على الحسين(ع) وقتله، وأوجبتُ لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، وذلك قول الله عز وجل: (وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيمٖ ١٠٧)) .
    فاذا تبيّن لك ذلك عرفتَ وجه العظمة والتضحية في هذا الفداء والقربان ، إذْ مثّله الإمام الحسين(ع) أجلى تمثيل فكان المصداق الحق للآية الكريمة: (وَتَرَكۡنَا عَلَيۡهِ فِي ٱلۡأٓخِرِينَ ١٠٨) فأحيّى بذلك ذكر إبراهيم وإسماعيل بالذكر الجميل والحسن ولاغرو فهو من بقية تلك الذرِّيّة التي جاء ذكرها على لسان ابراهيم(ع): (رَّبَّنَآ إِنِّيٓ أَسۡكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيۡرِ ذِي زَرۡعٍ عِندَ بَيۡتِكَ ٱلۡمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱجۡعَلۡ أَفۡ‍ِٔدَةٗ مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهۡوِيٓ إِلَيۡهِمۡ وَٱرۡزُقۡهُم مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَشۡكُرُونَ ٣٧) ، كما بيّنت الروايات الشريفة ذلك مفصّلاً، حيث تعرّض الإمام الحسين(ع) الى صنوف الابتلاءات والمحن ازاء دعوته الى الإصلاح في أمة جده رسول الله(ص)، ورفع راية الدين القيّم، ملة أبيه إبراهيم(ع). فكأن الدين ينادي من أنصاري الى الله؟ ويأتي الجواب من الحسين(ع) نحن أنصار الله، ومن قبله جاء النداء من أبيه علي(ع) في مسجد الكوفة المبارك، ومن الحسن(ع) في المدينة االمنورة، ويمكن القول إنّ الأئمة الإثني عشر(ع) هم من لبّى النداء وهم أنصار الله فـ (مامنا إلا مقتول أو مسموم) . فكان هذا الذبح العظيم هو الفداء العظيم لهذا الدين العظيم كي يستمد بقاءه واستمراريته حتى ورود الحوض، ومن هنا يمكن أن نفهم معنى الحديث الشريف: (حسين مني وأنا من حسين) بل و (الأئمة مني وأنا منهم) ، فالإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء. والآيات الشريفة يدل بعضها على بعض فيقودنا معنى الآية الأخيرة ورقمها (وَتَرَكۡنَا عَلَيۡهِ فِي ٱلۡأٓخِرِينَ ١٠٨) في مشهد تقديم القربان الى سورة الكوثر المباركة والتي ترتيبها بنفس الرقم أي 108 وبذا يمكن أن نستشف أنّ أمر النحر الموجه الى الرسول(ص) هو أسوة بالأمر الذي صدر الى إبراهيم(ع) في أنْ يذبح إبنه اسماعيل(ع) وهو شبيه بالأمر الذي ألزم عبد المطلب به نفسه، حيث كان الفداء الحقيقي على يد الرسول الخاتم(ص) في ابنه الحسين(ع)، فبعد أنْ طلب ابراهيم(ع) الولد الصالح: (رَبِّ هَبۡ لِي مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ١٠٠) منّ الله تعالى عليهفَبَشَّرۡنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٖ ١٠١) وهو اسماعيل(ع) ثم ابتلاه الله عزّ وجل بذبحه، وكذلك الحال مع عبد المطلب، فبعد أنْ عاهد الله تعالى أنْ إذا رزقه بعشرة أولاد فسيذبح أحدهم فلما رزق، أسهم بينهم فخرج سهم عبد الله أبي رسول الله(ص) وهو أحبّهم الى قلبه، و كذا الحال مع الرسول(ص) فبعد أنْ تألّم من تشفي الشانيء له بعد دفن ولده القاسم ، منّ الله عليه بأنْ أعطاه الكوثر وهم الأئمة الإثني عشر(ع) فهم كوثر الحياة الدنيا المستمر حتى ورود الحوض ، ثم إبتلاه بأنْ أعلمه بأنّهم بين مقتولٍ ومسمومٍ على أيدي أعدائهم، فأمرُ النحر هنا تحصيل حاصل بأن هذه الذرية الخاتمة ستُنحر كونها تمثل أحد طرفي الدين القيم إذْ هم الثقل الأصغر ولسان حال أمة الإسلام يقول: ( أما الأكبر: ففرّقناه ومزّقناه وبرئنا منه، وأما الأصغر: فقاتلناه و قتلناه) ، فتفسير الآية على ظاهرها في قصة ذبح إسماعيل(ع) وفداء الله له بكبش عظيم لا ينافي كون هذا الذبح العظيم قد تجسّد في تضحية الإمام الحسين(ع) وفدائه بنفسه وأهله لتثبيت هذا الدين الحنيف وحفظه من تحريف الطغاة وكيدالظالمين. فالإمام الحسين(ع) هو قربان حفظ الدين في صراطه المستقيم، وكأني بالعقيلة زينب(ع) تشير الى هذه المعاني الجليلة بعد استشهاد أخيها الحسين(ع) لمّا وضعتْ يديها تحته وهومسجى على أرض الطف، ورمقتْ السماء بطرفها، وقالت كلمتها الخالدة: (اللّهمّ تقبّل منّا هذا القربان) .ألا ساعد الله قلبك ياسيدي يارسول الله على هذا البلاء المبين.
    وسيتضح الأمر أكثر فيما لو تأملنا في قول رسول الله(ص) لعلي(ع): (من أشقى الأولين؟ قال: عاقر الناقة، قال: فمن أشقى الآخرين؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: قاتلك) فكان علي(ع) كثيرا ما يقول: (ما يمنع أشقاها، أو ما ينتظر أشقاها، أنْ يخضب هذه من دم هذا؟ و يقول: والله لتخضبن هذه من دم هذا، ويشير إلى لحيته ورأسه، خضاب دم، لا خضاب عطر ولا عبير) ، حيث شبّه الإمام علي(ع) نفسه بناقة صالح(ع) من حيث أنّها آية الله وأنّ عقرها على يد أشقى الأولين. وكذا قول الإمام الحسين(ع) يوم الطف يوم ذُبح طفله عبد الله الرضيع بين يديه: (اللهم لا يكون أهون عليك من فصيل ناقة صالح)، فقد شبّه نفسه أيضاً بناقة صالح(ع)، وقد علمتَ أنّ النحر هو ذبح الناقة وهو يحتاج الى إيثار كبير، لما للإبل من مكانة وأهمية كبيرة عند العرب، وبذا يتبين لنا مصداق أمر النحر الموجه الى الرسول الأكرم(ص).
    ومن نافلة القول هنا أنْ نذكر قول رسول الله(ص): (أنا ابن الذبيحين) ، فقد سُئل الإمام الرضا(ع)عن معنى هذا الحديث فقال: (يعني إسماعيل بن إبراهيم الخليل، وعبدالله بن عبدالمطلب أما إسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشّرالله به إبراهيم: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡيَ قَالَ يَٰبُنَيَّ إِنِّيٓ أَرَىٰ فِي ٱلۡمَنَامِ أَنِّيٓ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ) ولم يقل له يا أبت افعل ما رأيت، (سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ١٠٢) ... وأما الآخر فإنّ عبد المطلب كان تعلق بحلقة باب الكعبة ودعا الله عزّ وجل أنْ يرزقه عشرة بنين ونذر لله عزّ وجل، أنْ يذبح واحداً منهم متى أجاب الله دعوته فلما بلغوا عشرة أولاد قال: قد وفى الله لي فلأفيّن لله عزّ وجل فأدخل ولده الكعبة وأسهم بينهم فخرج سهم عبد الله أبي رسول الله(ص) وكان أحب ولده إليه ثم أجالها ثانية فخرج سهم عبد الله ثم أجالها ثالثة فخرج سهم عبد الله فأخذه وحبسه وعزم على ذبحه فاجتمعتْ قريش ومنعته من ذلك واجتمع نساء عبد المطلب يبكين ويصحن فقالتْ له ابنته عاتكة: يا أبتاه أعذر فيما بينك وبين الله عزّ وجل في قتل ابنك: قال: فكيف أعذر يا بنية فإنك مباركة قالتْ: إعمد إلى تلك السوائم التي لك في الحرم فاضرب بالقداح على ابنك وعلى الإبل وأعطِ ربك حتى يرضى.
    فبعث عبد المطلب إلى إبله فأحضرها وعزل منها عشرا وضرب السهام فخرج سهم عبد الله فما زال يزيد عشراً عشراً حتى بلغت مائة فضرب فخرج السهم على الإبل فكبّرت قريش تكبيرة ارتّجت لها جبال تهامة فقال عبد المطلب لا حتى أضرب بالقداح ثلاث مرات فضرب ثلاثاً كل ذلك يخرج السهم على الإبل فلما كان في الثالث إجتذبه الزبير وأبو طالب وإخوانه من تحت رجليه . والعلّة التي من أجلها رفع الله عزّ وجل الذبح عن إسماعيل(ع) هي العلّة التي من أجلها رفع الذبح عن عبد الله وهي كون النبي(ص) والأئمة(ع) في صلبهما فببركة النبي والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين رفع الله الذبح عنهما فلم تجرِ السنّة في الناس بقتل أولادهم ولولا ذلك لوجب على الناس كل أضحى التقرب إلى الله تعالى ذكره بقتل أولادهم وكل ما يتقرب الناس به إلى الله عزّ وجل من أضحية فهو فداء لإسماعيل إلى يوم القيامة) .

    تأريـــــــــخ واقـــعة الـــــــــــــطف
    بعد أنْ عرفنا أنّ النحر في سورة الكوثر له علاقة بنحر الحسين(ع) يمكن القول أن عدد حروف السورة المباركة وهو 61 فيه اشارة الى سنة حدوث هذه الفاجعة وأنّ عدد كلماتها وهو10 فيه اشارة الى يوم عاشوراء الأليم وهو العاشر من محرم وهذه من عجائب الأمور إذْ توحي هذه الإشارات العددية الى أنّ هذه الواقعة قد أُرخ لها قرانياً وفي سورة إشترك في معناها الماء والذرية المباركة، في مشهد عظيم حيث الشهيد الذي لم يُسقَ الماء ونحر عطشاناً وهذا أعظم معنى للشكر على نعمة الكوثر إذ قُدِّم أبو الائمة التسعة قرباناً في قبال عطاء الذرية ونُحر عطشاناً في قبال حوض الكوثر الذي إذا شرب منه أحد شربة لم يظمأ بعدها أبداً . ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.
    وتفكرْ في العلاقة بين الرقم (10) ومسألة النحر والقربان في سورة الكوثر من خلال هذه الرواية الشريفة، عن رسول الله(ص) قال: (منْ قرأ هذه السورة (يعني الكوثر) سقاه الله تعالى من نهر الكوثر، ومن كل نهر في الجنة وكتب له عشر حسنات بعدد كلّ من قرّب قرباناً من الناس يوم النحر) . ولايغيب عنا أنّ نحر الأضاحي يكون في العاشر من ذي الحجة الشهر الحرام وهنا كان في العاشر من محرم الحرام.

    إشـــــــــــارات عــــــــــددية
    هنالك مجموعة من النكات العددية المتعلقة بموضوع البحث ندرجها فيما يأتي:
    1. عدد حروف السورة المباركة من غير البسملة = 42 = عدد حروف الأئمة الإثني عشر الذين يمثلون الكوثر.
    2. عدد كلمات السورة من غير البسملة = 10 وفيه إشارة الى يوم حدوث النحر والفداء بالذبح العظيم وهو يوم عاشوراء من شهر محرم الحرام.
    3. عدد حروف السورة كاملة مع البسملة = 61 وفيه إشارة الى سنة حدوث النحر والفداء بالذبح العظيم.
    4. ورود (وليال عشر) في سورة الكوثر = 42 بعدد حروف الأئمة الإثني عشر(ع).
    5. ورود التعبير الشريف (كرام برره) في سورة الكوثر = 42 بعدد حروف الأئمة الإثني عشر(ع).
    6. الآية الشريفة: (وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيم) مؤلفة من 12 حرفاً غير مكررة.
    7. ورود (الحسين) في الآية الشريفة: (وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيم) وكذلك ورود اسمعيل فيها = 4
    8. ورود الآية الشريفة: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ) في سورة الكوثر المباركة = 61 فسبحان الله ! فهذه اشارة دقيقة الى أن النحر قد حصل بهذا التأريخ.
    9. الآية الكريمة رقم 108 من سورة الصافات ذات الترتيب 37: (وَتَرَكۡنَا عَلَيۡهِ فِي ٱلۡأٓخِرِينَ) فيها مايلي:
    أ. مؤلفة من 12 حرفاً غير مكررة.
    ب. قيمة الحساب التكراري لها = 123 و عند تجزئة هذا الرقم سينتج مايلي: (61 +1 + 61) فهل في هذا اشارة الى الشهر والسنة التي حدثت فيها واقعة الطف، باعتبار هذا الأمر في الآخرين ومن هم خير الآخرين غير الإثني عشر(ع) و لاننسى أنّ الآية مكونة من 12 حرفاً غير مكررة ؟ ! .
    ج. ورود لفظة (الحسين) فيها = 10 وكذلك ورود (عاشوراء) فيها = 10
    د. ورود الآية الشريفة: ( وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيم ) فيها = 12 وهي مؤلفة من 12 حرفاً غير مكررة، كما مر آنفاً.
    10. الفرق بين ترتيب سورة الكوثر 108 وترتيب سورة الصافات 37 = 71 وهذا الرقم هو 10 + 61 فكأنما الفترة الزمنية من صدور الأمر بالذبح والفداء العظيم والترك في الآخرين الذي ذكر في سورة الصافات الى زمن نزول سورة الكوثر والأمر بالنحر، كأنما استبطنت الإشارة الى تأريخ هذه الواقعة الأليمة، علماً أنّ قيمة التعبير الشريف: (أهل البيت) (ع) بالحساب التكراري = 37 = ترتيب سورة الصافات!.
    11. ورود كلمة (كربلاء) في سورة الكوثر = ورود (الحسين) في سورة الكوثر = 33 وفيه اشارة الى آية التطهير ذات الرقم33 في سورة الأحزاب ذات الترتيب 33.
    12. ورود الآية: (يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ) في الآية: (إِنَّآ أَعۡطَيۡنَٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ) = 42 = عدد حروف الأئمة الإثني عشر(ع). فكأنما الآية الشريفة استبطنت أسماء الأئمة الإثني عشر(ع) وهم السقاة والذادة على حوض الكوثر.
    13.الفترة الزمنية منذ ولادة الرسول(ص) ولغاية استشهاد الإمام الحسين(ع) هي 114 سنة = عدد سور القرآن الكريم، فهل في هذا إشارة الى الإصلاح الذي قصده الإمام الحسين(ع) في أمة جده رسول الله(ص) ، ودفع كيد محرفي الكتاب ومحاربي عترة رسوله الأطياب.
    14. ورود كلمة (علي) في سورة الكوثر = 12 وفي هذا إشارة الى قائد الإثني عشر ذرية الرسول(ص).
    15. ورود كلمة (عترتي) في سورة الكوثر = 12 وهم عترة الرسول(ص) وهم السقاة والذادة على حوض الكوثر.
    16. من اللطائف الملفتة للنظر، اشتراك حرف وحيد وهو حرف الـ (ح) في الكلمات الثلاث: (حسين)، (انحر) و (أذبحك). ولايغيب عن فكرك أنّ كلمة أذبحك وردتْ على لسان إبراهيم(ع) وهو يحاور إبنه إسماعيل: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡيَ قَالَ يَٰبُنَيَّ إِنِّيٓ أَرَىٰ فِي ٱلۡمَنَامِ أَنِّيٓ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ١٠٢) وأما كلمة إنحر فقد وردت في الآية الشريفة: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ) .
    17. ورود سورة الكوثر في البسملة = 110 = قيمة حساب الجمّل لكلمة (علي) وقد يكون في هذا إشارة وتأكيد الى أنّ المقصود بالكوثر هم الأئمة الإثني عشر(ع) باعتبار أنّ الإمام علي(ع) هو أولهم وهو قائدهم، كما إنّ البسملة هي الصورة المركزة والمجملة لسورة الفاتحة والتي هي بدورها الصورة المركزة والمجملة للقرآن الكريم وهي أم الكتاب كما ورد في الروايات الشريفة . وقد يكون لها علاقة بتاريخ نحر الحسين(ع) إذْ أنّ الرقم 110 يشير الى 10/ 1 وهو تأريخ عاشوراء وشهر محرم الحرام في السنة الهجرية المصطلح عليها.

    ملحـق البـحث

    1. جدول حساب الجمَّل ـ الأبجد الكبير : الترتيب الأبجدي المستخدم في حساب الجُمَّل هو: (أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ) حيث تعطى لكل حرف قيمة عددية محددة وكما يلي:

    أ1/ ب2/ ج3/ د4/ هـ5/ و6/ ز7/ ح8/ ط9/ي10/ ك20/ ل30/ م40/ ن50 /س 60/ ع70/ ف80/ ص90/ق100/ ر200/ ش300/ ت400/ ث500/ خ600/ ذ700/ ض800/ ظ900/ غ1000/

    2. جدول الحساب التكراري: قمتُ بإعطاء قيم للحروف حسب عدد مرات تكرارها في كتاب الله حيث تم إعطاء القيمة العددية (1) للحرف الأكثر تكراراً و القيمة (2) للحرف الذي يليه و هكذا حتى القيمة (28) للحرف الأقل تكراراً، وكما يلي:

    أ1/ ب9/ ج19/ د16/ هـ7/ و6/ ز24/ ح18/ ط26/ ي5/ ك11/ ل2/ م4/ ن3/س15/ ع12/ ف13/ ص22/ ق14/ ر8/ ش21/ت10/ ث25/ خ20/ ذ17/ ض23/ ظ28/ غ27/

    3. ورود الحروف: ونقصد به مجموع مرات ورود حروف كلمة أو تعبير من آية أو آية من سورة أو حديث أو جزء منه في نص ما قطعي الصدور، له علاقة ما بتلك الكلمة أو التعبير أو الآية أو الحديث، والنتيجة تكون منطقية باعتبار أن المجموع المستخرج يرتبط بعلاقة ما مع النص المستخرج منه، وقد أتتْ هذه العملية الإحصائية أُكلُها استقرائياً، وكما مبين في المثال الآتي:

    عدد مرات ورود أحرف التعبير الشريف (ليلة القدر) في الآية: (انا انزلنه في ليله القدر) = 23 وكما مبين فيما يلي:

    تقسيم حروف الآية (انا انزلنه في ليله القدر)

    أ = 4 /د = 1/ ر = 1/ ز = 1/ ف = 1/
    ق = 1/ ل = 4/ ن = 3/ هـ = 2/ ي = 2/

    مجموع أحرف التعبير الشريف (ليلة القدر) من الجدول السابق = 23 وكما يلي :

    ليلة القدر = ل4/ ي2/ ل4/ هـ2/ أ4/ ل4/ ق1/ د1/ ر1/
    المجموع = 23

    تعليق


    • #3
      بحث شيق...
      sigpic
      إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
      ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
      ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
      لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X