إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

انقلاب المفاهيم

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • انقلاب المفاهيم

    انقلاب المفاهيم
    دراسة على ضوء نهج البلاغة
    الحلــــــــــــقة الاولى :
    تمهيـــــــــــــــد:
    قال تعالي في مح?م ?تابه ال?ريم: «فطرة الله التي فطرالناس عليها» ((الروم: 30))
    إنّ الانسان يولد علي الفطرة السليمة، و انّما ابواه يمجسانه او يهوّد انه ـ ?ما ورد في الحديث الشريف ـ ?ناية عن دور البيئة و المجتمع و الاسرة في صناعة شخصية الانسان و ت?وين منظومته الف?رية و المعرفية.
    و قال تعالي أيضا: «قل ?ل يعمل علي شا?لته» ((الاسراء: 84)) ممّا يعني انّ مدار العمل ـ بمعناه الواسع ليشمل عمل الجوارح و الجوانح معاً ـ هوشا?لة الانسان أي المنظومة الف?رية و المعرفية التي ي?تسبها الانسان بطرق مختلفة و يعتمد عليها في مجال عمله، فهذه الشا?لة هي التي تحدّد مسار الانسان من هداية أو ضلال، تقدّم أو تأخرّ، سعادة أو شقاء، و ذل? انّ من ?انت شا?لته مبتنية و منبعثة من الفطرة السليمة الالهية ?ان مهتدياً و علي خير، و من بني شا?لته علي الأهواء و الميول الباطلة، ابتعدت شاكلته شيئاً فشيئاً عن تلك الفطرة، و أصبح من?وس القلب بتبع تغيير المفاهيم عنده أو قل انقلابها، و ذلك انّ «من سلك الطريق الواضح ورد الماء، و من خالف وقع في التيه» (الخطبة: 201)
    وفي تمثيل جميل يقول اميرالمؤمنين(عليه السلام): « فاعلم انّ ل?ل عمل نباتاً، و ?ل نبات لاغني به عن الماء، و المياه مختلفة، فماطاب سقيه طاب غرسه و حلت ثمرته، و ما خبث سقيه خبث غرسه و أمرّت ثمرته» )الخطبة: 154( و هذا تمثيل لطيف عن طريقة ت?وين شا?لة الانسان، فالروافد المعرفية اذا ?انت نظيفة و سليمة أنتجت سلامة الموقف و صحته، أما لو ?انت خبيثة لم تنتج سوي الموقف السلبي و الانقلاب علي الظواهر و الثوابت.
    لو رجعنا الي التاريخ و درسنا مواطن النجاح أو الانهيار و الفشل بدقّة، لرأينا انّ السبب الرئيس هي المفاهيم التي اعتمد عليها الناس و بتبعها نجحوا أو فشلوا.
    و هناك نص عند اميرالمؤمنين(عليه السلام) يشير الي انّ الهدف الأساسي من ارسال الرسل و بعثة الانبياء انّما ?ان لتقويم و تصحيح المفاهيم بعد اندراسها، قال(عليه السلام): « واصطفي سبحانه من ولده أنبياء أخذ علي الوحي ميثاقهم، و علي تبليغ الرسالة أمانتهم، لما بدّل أ?ثر خلقه عهدالله اليهم، فجهلوا حقه، و اتخذوا الانداد معه، واجتالتهم الشياطين عن معرفته، واقتطعتهم عن عبادته، فبعث الله فيهم رسله، و واتر اليهم أنبياءه ليستأدوهم ميثاق فطرته، و يذ?ّروهم منسيّ نعمته، و يحتجّوا عليهم بالتبليغ، و يثيروا لهم دفائن العقول ...» ((الخطبة 1)).
    فالتذ?ير بميثاق الفطرة، و بالنعم المنسية، و إثارة دفائن العقول، عبارة اخري عن تقويم المفاهيم و تصحيحها و ت?وين شا?لة ف?رية جديدة تأخذ بيدالانسان نحو الحق و الفضيلة.
    نحن اليوم إذ نعيش المعتر? الثقافي في عصر تعدّد القراءات و الرؤي الف?رية المختلفة مع ما نحمله من رسالة خالدة تهدف الي نيل السعادة في الدارين، و ما نشاهده من أزمات يعيشها العالم الاسلامي، يلزم علينا الاهتمام بشأن المفاهيم و معرفة مواقع الخلل و الآفة، لنتم?ن من أن نرسم شا?لة المجتمع علي أساس مفاهيم صحيحة مستقاة من القرآن و العترة، ليصلح بها الفرد و المجتمع.
    انّ أعداء الاسلام بعد ما فشلوا في إطفاء نور الاسلام، عمدوا الي تغيير هوية المسلمين و افراغ المفاهيم الايجابية من محتواها بحجّة التقدّم و التطور و الحضارة، فهنا? اسلام و دين ل?نه فارغ، و ?ما قال أمير المؤمنين(عليه السلام): «و لبس الاسلام لبس الفرو مقلوباً». نحن هنا و لمعالجة هذه الظاهرة أي ظاهرة انقلاب المفاهيم و معرفة أسبابها، نتصفّح ?لام أميرالمؤمنين(عليه السلام) الوارد في نهج البلاغة، لنقف علي ماورد في ?لامه الشريف من معالجات و حلول لهذه الظاهرة، إذ ?ان هو (عليه السلام) مبتلي بها. و نحاول أن نوجز ال?لام في ثلاثة محاور.

    المحور الأوّل: الأسباب
    ــــــــــــــــــــــــــــــ
    الانحراف عن الفطرة الالهية و بتبعه انقلاب المفاهيم و اختلاط الأوراق، له أسباب و عوامل عدّة يتخذها الانسان و يتمس? بها عن عمد أو جهل، الي أن يصبح من?وساً يري الحق باطلاً و الباطل حقاً. و فيما يلي نشير الي أهم الاسباب النفسية و الاجتماعية ?ما ورد في نهج البلاغة
    1ـ إغواء الشيطان:
    يشير أميرالمؤمنين(عليه السلام) في نص جميل الي خطورة اغواء الشيطان و طريقة عمله الما?رة و يقول: «انّ الشيطان يسنّي ل?م طرقه، و يريد أن يحلّ دين?م عقدة عقدة، و يعطي?م بالجماعة الفرقة، و بالفرقة الفتنة...» ((الخطبة 120))
    فالشيطان يتقدّم خطوة خطوة الي أن يصل الي مراده، و هو العبث في المنظومة الف?رية و المعرفية للانسان حتي يقلبها، و بتبعها تتغير طريقة التف?ر و السلو?، ?ما قال(عليه السلام): « و يعطي?م بالجماعة الفرقة... »
    و يقول(عليه السلام) في م?ان آخر: «اتخذوا الشيطان لأمرهم ملا?اً، و اتخذهم له أشرا?اً، فباض و فرّخ في صدورهم، و دبّ و درج في حجورهم، فنظر بأعينهم، و نطق بألسنتهم، فر?ب بهم الزلل، و زيّن لهم الخطل، فعل من شر?ه الشيطان في سلطانه، و نطق بالباطل علي لسانه» ((الخطبة 7))
    و قال(عليه السلام): « و حذّر?م عدّواً نفذ في الصدور خفياً، و نفث في الآذان نجيّاً، فأضل و أردي و وعد فمنّي، و زين سيئات الجرائم، و هوّن موبقات العظائم» ((الخطبة: 82))
    إذاً من الاسباب الرئيسية في عملية استحالة المفاهيم و انقلابها، متابعة الشيطان و اغوائه بحيث تنقلب جميع الموازين فتصبح شيطانية بعد أن ?انت رحمانية
    2ـ هوي النفس:
    قال أميرالمؤمنين (عليه السلام) في ?تابه الي الامام الحسن (عليه السلام): «الهوي شري? العمي» ((ال?تاب 31))
    بمعني انّ صاحب الهوي أعمي عن الحق و عن المنهج القويم لانّه لايراه ?ما هو، و لذا ?ان أميرالمؤمنين(عليه السلام) يتخوّف من اتباع الهوي و يقول: «أيها الناس انّ أخوف ما أخاف علي?م اثنتان: اتباع الهوي، و طول الأمل. فأمّا اتباع الهوي فيصد عن الحق، و أما طول الأمل فينسي الآخرة».
    فالصدّ عن الحق عبارة ثانية لانقلاب المفاهيم و الموازين عند الانسان، و بتبعه يحصل الشقاء، فانّ «الشقي من انخدع لهواه و غروره» ((الخطبة: 85))
    و لذا ?ان(عليه السلام) ينصح معاوية و يقول له: «فنفسك نفسك، فقد بين الله لك سبيلك، ... و انّ نفسك قد أوحلتك شرّاً، و أقحمتك غياً، و أوردتك المهالك، و أوعرت عليك المسالك» ((ال?تاب 30))
    3ـ حب الدنيا:
    انّ حب الدنيا من أهم أسباب انحراف الانسان و انقلاب مفاهيمه شيئاً فشيئاً رغم وضوح البينات و اتمام الحجة.
    قال(عليه السلام): « أقبلوا علي جيفة قد افتضحوا بأ?لها، و اصطلحوا علي حبها، و من عشق شيئاً أعشي بصره و أمرض قلبه، فهو ينظر بعين غير صحيحة، و يسمع باذن غير سميعة، قد خرقت الشهوات عقله، و أماتت الدنيا قلبه، و ولهت عليها نفسه، فهو عبد لها و لمن في يديه شيء منها حيثما زالت زال اليها، و حيثما أقبلت أقبل عليها» ((الخطبة: 108))
    و بهذا الصدد يشير(عليه السلام) الي انّ السبب في انحراف البغاة و الخارجين عليه انمّا هو حب الدنيا، و يقول: «فلما نهضت بالأمر ن?ثت طائفة، و مرقت اخري، و فسق آخرون، ?أنّهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول: «تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لايريدون علواً في الأرض و لا فساداً و العاقبة للمتقين» بلي و الله لقد سمعوها و وعوها، و ل?نّهم حليت الدنيا في أعينهم و راقهم زبرجها» ((الخطبة: 3))
    و قال(عليه السلام) في م?ان آخر في ذم الدنيا و المتها ل?ين عليها، «قد تصافيتم علي رفض الآجل و حب العاجل، و صار دين أحد?م لعقة علي لسانه» ((الخطبة: 112)) أي انّ الظاهر هو الدين و الالتزام بالشعائر و المناس? و ل?ن الواقع شيء الآخر يخالف هذا الظاهر الفارغ، لم ي?ن هنا? سوي اصطلاحات و مفاهيم مقلوبة عن واقعها ليس لها أي أثر عملي.
    و قال مؤ?داً لهذا المعني ايضا: «و ل?ن?م نسيتم ما ذُ?ّرتم و أمنتم ماحذّرتم، فتاه عن?م رأي?م، و تشتّت علي?م أمر?م» ((الخطبة: 115))
    و ه?ذا يتقدّم الانسان الي أن يخرج من طاعة الله تعالي ـ رغم تمس?ه بالظواهر و المناس? ـ ليدخل في طاعة الدنيا: «و ?ذلك من عظمت الدنيا في عينه، و ?بر موقعها من قلبه، آثرها علي الله، فانقطع اليها و صار عبداً لها» ((الخطبة: 160))
    فمفهوم العبودية مع ما له من معني شريف، يصبح فارغاً و مقلوباً ليمثّل عبودية الدنيا و الهوي و الشيطان.
    لذا ?ان أميرالمؤمنين(عليه السلام) يحذّر دوماً من هذا المزلق الخطير و يدعو الي استقامة المفاهيم و يقول: «و سابقوا فيها الي الدار التي دعيتم اليها، و انصرفوا بقلوب?م عنها، و لا يخننّ أحد?م خنين الأمة علي ما زوي عنه منها» ((الخطبة: 173))


    4ـ الفتن و الشبهات و البدع
    و من العوامل المهمة أيضاً لانقلاب المفاهيم و استحالتها، وقوع الفتن و الشبهات، قال(عليه السلام): « و الذي بعثه بالحق لتبلبلنّ بلبلة، و لتغربلن غربلة، و لتساطنّ سوط القدر، حتي يعود أسفل?م أعلا?م، و أعلا?م أسفل?م، و ليسبقنّ سابقون ?انو قصّروا، و ليقصّرن سباقون ?انوا سبقوا» ((الخطبة 16))
    و قال(عليه السلام) ايضاً: «ثم يأتي بعد ذل? طالع الفتنة الرجوف، و القاصمة الزحوف، فتزيغ قلوب بعد استقامة، و تضلّ رجال بعد سلامة، و تختلف الأهواء عند هجومها، و تلتبس الأراء عند نجومها... قد اضطرب معقود الحبل، و عمي وجه الأمر، تغيض فيها الح?مة، و تنطق فيها الظلمة .... و تثلم منار الدين، و تنقض عقد اليقين.... و يفارق عليها الاسلام» ((الخطبة: 151))
    و يقول(عليه السلام) في بداية وقوع الفتن و اسبابها: «انمّا بدء وقوع الفتن أهواء تتبع، و أح?ام تبتدع يخالف فيها ?تاب الله، و يتولي عليها رجال رجالاً، علي غير دين الله، فلو انّ الباطل خلص من مزاج الحق لم يخف علي المرتادين، و لو انّ الحق خلص من لبس الباطل انقطعت عنه ألسن المعاندين، و ل?ن يؤخذ من هذا ضغث، و من هذا ضغث فيمزجان، فهنال? يستولي الشيطان علي أوليائه، و ينجو الذين سبقت لهم من الله الحسني» ((الخطبة: 50))
    و ?ذلك الشبهة فانّها ?ما قال(عليه السلام): « انمّا سمّيت الشبهة شبهة لانّها تشبه الحق، فأمّا أولياء الله فضياؤهم فيها اليقين، و دليلهم سمت الهدي، و أما أعداء الله فدعاؤهم الضلال، و دليلهم العمي» ((الخطبة: 38))
    و في ?تابه(عليه السلام) لمعاوية: «فاحذر الشبهة و اشتمالها علي لبستها، فانّ الفتنة طالما أغدقت جلابيبها، و أعشت الأبصار ظلمتها» ((ال?تاب: 60))
    فالشبهة اذاً و الفتنة تسببان خلط الأوراق و العمي و الوقوع في التيه، و عدم القدرة علي تشخيص الحق من الباطل، و بعبارة اخري انقلاب المفاهيم.
    و للبدع أيضا، قسط وافر في هذا المجال، حيث قال(عليه السلام): « ما احدثت بدعة الاّ تر? بها سنة، فاتقوا البدع و ألزموا المهيع» ((الخطبة: 145)) و قال(عليه السلام): «انّ المبتدعات المشبهات هي المهل?ات» ((الخطبة: 169)).
    5ـ اختلاط المفاهيم و الزيغ:
    انّ الانسان الذي تختلط عليه المفاهيم بسبب الفتن والاهواء والشيطان، يزيغ ولا يتم?ن من تشخيص الحق عن الباطل، و بتبعه تنقلب عنده المفاهيم و يضل، ?ما قال(عليه السلام): «فلو انّ الباطل خلص من مزاج الحق لم يخف علي المرتادين، و لو انّ الحق خلص من لبس الباطل انقطعت عنه ألسن المعاندين» ((الخطبة: 50)) و قال(عليه السلام): « من زاغ ساءت عنده الحسنة، و حسنت عنده السيئة، و س?ر س?ر الضلالة » ((قصار الح?م: 27))
    و هذا هو حال مجموعة تر?ت أميرالمؤمنين(عليه السلام) و لم تنصره أيام البغاة، نتيجة الزيغ و اختلاط الاوراق عندهم، حتي جاء احدهم ـ و هو الحارث بن حوط ـ الي أميرالمؤمنين(عليه السلام) و قال له: أتراني أظن أصحاب الجمل ?انوا علي ضلالة فقال(عليه السلام): «يا حار انّ? نظرت تحت? و لم تنظر فوق? فحرت، انّ? لم تعرف الحق فتعرف من أباه، و لم تعرف الباطل فتعرف من أتاه» ((قصار الح?م: 253))
    6ـ الح?ومات المنحرفة:
    للح?ومة والحا?م دور مهم في استقامة الناس أو ضلالهم إذ ?ما قال أميرالمؤمنين(عليه السلام): « اذا تغير السلطان تغير الزمان» ((ال?تاب: 31)) و قال(عليه السلام): « و انمّا الناس مع الملو? و الدنيا الاّ من عصم الله» ((الخطبة: 210)) .
    وذل? انّ الح?ومة بما تمتل? من قوّة و مال و وسائل الاعلام بام?انها صناعة عقول الناس ?يف ما شاءت، فاذا ?انت صالحة فانّها ستسوق الناس نحو الصلاح، و بخلافه لو ?انت فاسدة، إذ انّها تخلط الأوراق و تقلب المفاهيم و تغير المنظومة الف?رية و المعرفية لدي الانسان و قال(عليه السلام): « انّ شر الناس عندالله امام جائر ضَلّ و ضُلّ به، فأمات سنة مأخوذة، و أحيا بدعة مترو?ة» ((الخطبة: 164))
    و هذا هو الهاجس المهم عند الأنبياء و الأولياء من تولّي الظالمين لدفة الح?م، قال(عليه السلام) بالنسبة الي موسي(عليه السلام)، « لم يوجس موسي خيفة علي نفسه، أشفق من غلبة الجهّال و دول الضلال» ((الخطبة: 4))
    و?ان يقول(عليه السلام)في توجسه من غلبة بني امية: «ألا و انّ أخوف الفتن عندي علي?م فتنة بني امية، فانّها فتنة عمياء مظلمة، عمت خطتها، و خصت بليتها» ((الخطبة: 92))
    و قال(عليه السلام)فيها أيضاً: «و الله لا يزالون حتي لايدعولله محرّماً الاّ استحلّوه، و لا عقداً الاّ حلّوه، ... و حتي يقوم البا?يان يب?يان: باك يب?ي لدينه، و باك يب?ي لدنياه...» ((الخطبة: 97))
    و قال(عليه السلام) في سبب ?ثرة توبيخه و استنهاضه المسلمين: «و ل?نني آسي أن يلي أمر هذه الامة سفهاؤها و فجارها... فولا ذلك لما أ?ثرت تأليب?م و جمع?م و تحريض?م، و لتر?ت?م إذ أبيتم و ونيتم» ((ال?تاب: 62))
    فهو(عليه السلام) يعلم بخطورة الموقف، و ما يعمله الحا?م المنحرف من اللعب بعقول الناس و استحالة مفاهيمهم و معارفهم، و لذا يعرّض بالح?ومات التي سبقته و يقول: « فمني الناس ـ لعمر الله ـ بخبط و شماس و تلوّن و اعتراض» ((الخطبة: 3)) و عند ما هجم عليه المسلمون ليبايعوه بعد مقتل عثمان قال: «دعوني و التمسوا غيري، فانّا مستقبلون أمراً له وجوه و ألوان، لا تقوم له القلوب و لا تثبت عليه العقول، و انّ الآفاق قد أغامت، و المحجة قد تن?ّرت» ((الخطبة 91))
    فنحن نتساءل: لماذا لاتقوم القلوب و لا تثبت العقول لما يريد أن يصنعه أميرالمؤمنين(عليه السلام) هل هو يريد أن يغير الدين و الشريعة حتي لا تستقيم له الناس؟! ام انّ هناك شيء آخر، و هو التلاعب الذي حصل جرّاء ح?م السابقين بالمنظومة الف?رية و المعرفية لدي المسلمين بحيث انقلبت المفاهيم الصحيحة الي ضدّها و لا يستطيع عدل القرآن أن يغيرها إذ انّ الآفاق قد أغامت و المحجة تن?رت، و الافاق هي آفاق عقول الناس أغامتها الشبهة و الفتنة فانقلبت رأساً علي عقب.
    وقال(عليه السلام) أيضا: «و ?انت امور الله علي?م ترد و عن?م تصدر، و الي?م ترجع، فم?نّتم الظلمة من منزلت?م، و ألقيتم اليهم أزمت?م، و أسلمتم امور الله في أيديهم يعملون بالشبهات، و يسيرون في الشهوات» ((الخطبة: 105))
    و لذا قام(عليه السلام) بعملية اصلاحية ?بري لتقويم المفاهيم و ارجاعها الي نصابها الأول و قال لهم: «فان أطعتموني فانّي حامل?م إن شاء الله علي سبيل الجنة، و إن ?ان ذامشقة شديدة و مذاقة مريرة» ((الخطبة: 156))
    و ?ان يقول(عليه السلام) : « اللهم انّك تعلم انّه لم ي?ن الذي ?ان منّا منافسة في سلطان، و لا التماس شيء من فضول الحطام، و ل?ن لنرد المعالم من دينك و نظهر الاصلاح في بلادك» ((الخطبة: 131))
    و قال(عليه السلام): « و ما أردت الاّ الاصلاح ما استطعت و ما توفيقي الاّ بالله عليه تو?لت» ((ال?تاب: 28))
    و هناك نموذج آخر يذ?ره أميرالمؤمنين(عليه السلام) لدور الح?ومة المنحرفة في انقلاب المفاهيم، و هي ح?ومة معاوية، قال(عليه السلام): « ألا انّ معاوية قاد لمّة من الغواة و عمّس عليهم الخبر، حتي جعلوا نحورهم أغراض المنية» ((الخطبة: 51)) و قال(عليه السلام) في أهل الشام و جهلهم و مدي استحالة المفاهيم عندهم بسبب تضليل معاوية: «و أقرب بقوم من الجهل بالله قائدهم معاوية و مؤدّبهم ابن النابغة» ((الخطبة: 180))
    7ـ علماء السوء:
    لعلماء السوء دور بالغ الأهمية في استحالة المفاهيم عند الناس، إذ انّ الانسان بحسب فطرته يرجع فيما لا علم له الي من يعلم، فالناس بالنسبة الي امور دينهم يرجعون الي العلماء ليأخذوا منهم معالم دينهم، فلو?ان العالم منحرفاً، لم تنتج هذه المراجعة سوي الانحراف و الضلال.
    قال أميرالمؤمنين(عليه السلام) في دور علماء السوء من أهل الشام أيام معاوية: «و ألّب عالم?م جاهل?م» ((ال?تاب: 55))
    وقال(عليه السلام): في علماء السوء عموماً: «انّ أبغض الخلائق الي الله تعالي رجلان: رجل و?له الله الي نفسه، فهو جائر عن قصد السبيل، مشغوف ب?لام بدعة و دعاء ضلالة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدي من ?ان قبله، مضلّ لمن اقتدي به في حياته و بعد وفاته...» ((الخطبة: 17))
    و قال(عليه السلام) أيضا: «و آخر قدتسمّي عالماً و ليس به، فاقتبس جهائل من جهّال، و أضاليل من ضلاّل، و نصب للناس أشرا?اً من حبال غرور، و قول زور، قد حمل ال?تاب علي آرائه، و عطف الحق علي أهوائه، يؤمّن من العظائم و يهوّن من الجرائم، يقول: أقف عند الشبهات و فيها وقع، و يقول: أعتزال البدع و بينها اضطجع، فالصورة صورة انسان و القلب قلب حيوان، لايعرف باب الهدي فيتبعه، و لاباب العمي فيصدّ عنه، فذل? ميت الأحياء» ((الخطبة: 86))
    و قال(عليه السلام): « رجل منافق مظهر للايمان، متصنع بالاسلام، لايتأثمّ و لا يتحرّج، ي?ذب علي رسول الله ~ متعمداً، فلوعلم الناس انّه منافق ?اذب لم يقبلوا منه و لم يصدّقوا قوله». ((الخطبة: 210))

  • #2

    اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    احسنت جزيت خيرا في ميزان حسناتك

    حسين منجل العكيلي

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X