إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عليٌّ يخطُب فاطمة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عليٌّ يخطُب فاطمة

    عليٌّ يخطُب فاطمة

    وتحلّ فاطمة بدار هجرتها ، وتنضمّ إلى بيت أبيها المتواضع في أرض الإسلام الجديدة ، فتنعَم بعنايته وحبّه هناك .. .
    ذلك الحُبّ ، وتلك الرعاية التي لم يحظَ بها أحدٌ من الناس سواها ، حتى أنّ زوجة أبيها عائشة كانت تتحدّث عن هذه العلاقة الأبوية الفريدة في دنيا الإنسان ، فتقول : ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاً وهدياً وحديثاً برسول الله في قيامه ، وقعوده ، من فاطمة بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، قالت : وكانت إذا دَخَلت على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قام إليها ، فقبّلها وأجلسها في مجلسه ، وكان النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إذا دخل عليها قامت من مجلسها ، فقبّلته وأجلسته في مجلِسها .
    وفي المدينة استمرّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في رعايته الفائقة لفاطمة ، وعنايته بها ، واكتسبت هي ، من هذه الرعاية والعناية، أدباً نبويّاً رفيعاً ، أهّلها لأن تكون في مستوىً عالٍ من الفضائل والأخلاق ، وهي بنت صغيرة بعد .
    فقد رُويَ عن أمّ سَلَمة أنّها قالت : تزوّجني رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بعدما دخل المدينة ، وفوّض أمر ابنته إليَّ ، فكنت أؤدّبها ، وكانت ـ والله ـ آدب منّي ، وأعرف بالأشياء كلّها .
    وها هي فاطمة الشابّة النضِرة ، ذات الشرف والجمال ، والمجد الرفيع ، تعيش في كنف أبيها ، فتتّجه الأنظار إليها ، ويحدّث بعض الصحابة نفسه بأن يحظى بالاقتران بها ، وينال شرف الانتساب إلى أبيها ؛ فهي أعظم امرأة في شرفها ، ودينها ، ومكانتها عند بارئها ، فهذا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) الناطق بلسان الوحي يخاطبها ويقول : ( يا فاطمة ، إنّ الله عزّ وجلّ يغضبُ لغضَبك ، ويرضى لِرضاك ) .
    ويحدّثها في مقامٍ آخر ، فيخبرها : بأنّها سيدة النساء وخيرتهن : ( ... أمَا تَرضَي أن تكوني سيدة نساء المؤمنين ، أو سيدة نساء هذه الأمّة ) .
    ويخاطب المسلمين في مقام آخر ـ معرّفاً بفاطمة ، ومخبِراً عنها ـ فيقول : ( أفضل نساء أهل الجنّة : خديجة بنت خُويلد ، وفاطمة بنت محمّد، ومريم بنت عِمران ، وآسية بنت مُزاحم ) .
    فإذا كانت هذه فاطمة ، وهذا مقامها عند بارئها ، وتلك مكانتها في بيت النبوّة ، فمن لا يحبّ شرف الاقتران بها من كبار الصحابة ، ووجهاء المسلمين ، والفوز بمصاهرة أبيها ؟!
    لذا ، فقد اتّجهت أنظار البعض منهم إلى فاطمة ، فحدّث نفسه بالمثول بين يدي أبيها ، وإعلان رغبته في التزوّج بها .. فَيُقدِم على ذلك أبو بكر، وعمر بن الخطّاب ، وغيرهما من أكابر قريش ، فيخطب كلّ واحدٍ منهم فاطمة لنفسه ، ولكنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يعتذر عن الاستجابة لطلبهم ؛ ويقول : ( لم ينزل القضاء بعد ) .
    وحين اعتذر رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) عن تزويج فاطمة ، لعمر ، أو لأبي بكرٍ ، اتَّجَها إلى الإمام علي ( عليه السلام ) وهو يسقي في بُستان نخلٍ ، فقالاً : ( قد عرفنا قرابتك من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وقِدَمك في الإسلام ، فلو أتيت إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فخطبت إليه فاطمة لزادك الله فضلاً إلى فضلك ، وشرفاً إلى شرفك ، فإنّا نرجو أن يكون الله ورسوله إنّما يحبسانها عليك .
    فانطلق ، فتوضأ ثمّ اغتسل ولَبِس كساءه ، وصلّى ركعتين ، ولبس نعليه ، وأقبل إلى النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وكان في منزل أُمّ سَلَمَة ، فسلّم عليه فردّ عليه السلام ، وجلس بين يديه ينظر إلى الأرض ، فقال له النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) :
    ( أتيت لحاجةٍ ؟ قال : نعم ، أتيتك خاطباً ابنتك فاطمة ، فهل أنت مزوّجي يا رسول الله ؟ قالت أُمّ سَلَمَة : فرأيت وجه رسول الله يتهلّل فرحاً وسروراً ، ثمّ يبتسم في وجه عليّ ، ودخل على فاطمة ، فقال لها : إنّ عليّ بن أبي طالب مَن قد عرفت قرابته ، وفضله في الإسلام ، وإنّي سألت ربي أن يزوّجك خير خَلْقِه ، وأحبّهم إليه ، وقد ذكر من أمرك شيئاً ، فما ترين ؟ فسكتت .
    فخرج رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وهو يقول : الله أكبر ، سُكُوتُها إقرارها ، فقال : يا عليّ ، هل معك شيءٌ أُزوّجك به ؟ قال : سَيْفِي ، ودِرعي ، وناضحي ، ( وفي رواية : وفرسي ) ، فقال : أمّا سيفك فلا غنى بك عنه ؛ تجاهد به في سبيل الله ، وتقاتل به أعداء الله ، وناضحك تنضح به على نخلك ، وتحمل عليه رحلك في سفرك ، وأمّا دِرعك فشأنك بها ) .
    فانطلق علي وباع دِرعه إلى عثمان بن عفّان ، بأربعمئة وثمانين درهماً ، فصبّها بين يدي النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) .
    وبعد أن قرّت عين رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بهذه الخطبة السعيدة ، وزوّج الله فاطمة علياً ( عليه السلام ) .. أراد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أن يُعلن لمجتمع المسلمين ، ولصحابته المحيطين به هذا النبأ ، فيضيف مكرِمة جديدة إلى سجلّ عليٍّ ، وفضيلة أخرى إلى فضائل فاطمة ، فأمر أنس بن مالك أن يجمع فئة من الصحابة (رض) ليعلن عليهم نبأ تزويج فاطمة لعليٍّ ..
    قال أنس بن مالك : فدعوتهم ، فلمّا اجتمعوا عنده كلّهم ، وأخذوا مجالسهم ، وكان عليّ غائباً في حاجة للنبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فقال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) :
    ( الحمد لله المحمود بنعمته ، المعبود بقُدرته ، المطاع بسلطانه ، المرهوب من عذابه وسطواته ، النافذ أمره في سمائه وأرضه ، الذي خلق الخلق بقدرته ، وميّزهم بأحكامه ، وأعزّهم بدينه ، وأكرمهم بنبيه محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، إنّ الله تبارك اسمه ، وتعالت عَظَمتُه ، جعل المصاهرة نسباً لاحقاً ، وأمراً مفترضاً ، أوشجَ به الأرحام ، وألزم الأنام ، قال عزّ مِن قائلٍ : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً ) ، فأمر الله يجري إلى قضائه ، وقضاؤه يجري إلى قَدَره ، ولكلٍّ قضاءٍ قَدَر ، ولكلّ قَدر أجل ، ولكلّ أجلٍ كتاب ، يمحو الله ما يشاء ويُثبِت وعنده أمّ الكتاب ، ثمّ إنّ الله تعالى أمرني أن أزوّج فاطمة بنت خديجة من عليٍّ بن أبي طالب ... ) .
    ثمّ دعا بطبقٍ من بَسَر فوضعت بين أيدينا ، ثمّ قال : ( انتهبوا ، فانتهبنا ) ، فبينما نحن ننتهب إذ دخل علي ( عليه السلام ) على النبيّ فتبسّم النبيُّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في وجهه ، ثمّ قال : ( إنّ الله قد أمرني أن أزوّجك فاطمة على أربعمئةِ مثقالٍ فِضة ، إن رضيت بذلك ، فقال : قد رضيت بذلك يا رسول الله ، قال أنس بن مالك ، فقال النبي : جَمع الله شمْلَكُما ، وأسعد جَدّكما ، وبارك عليكما ، وأخرج منكما كثيراً طيِّباً ) .
    قال أنس : فوالله ، لقد أخرج الله منها الكثير الطيب .
    وهذا الموقف النبويّ المرتبط بالمشيئة والوحي ـ الأمر الإلهي ـ يلفت أنظارنا ، ويستوقف خُطانا ، ويلقي سؤالاً هاماً وخطيراً علينا ، وهو :
    لماذا لم يرخَّص لفاطمة بتزويج نفسها ؟ بل ، ولِمَ لَمْ يرخّص لرسول الله ، وهو أبوها ، ونبيّها ، بتزويجها ـ والنبيُّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم ـ إلاّ بعد أن نزل القضاء بذلك ؟ ولماذا خُصّ زواج فاطمة بهذه الميزة ؟
    فلا بدّ ـ إذن ـ وأن يكون هناك سرٌّ وحِكمةٌ إلهيةٌ ، ترتبط بهذا الزواج ، وتتوقّف على هذه العلاقة الإنسانية الخطيرة ، علاقة فاطمة بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بابن عمّه وأخيه ، علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) كما كان يسمّيه رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) نفسه ، وهو الذي تربّى في بيت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وعاش معه ، وشبّ في ظِلال الوحي ، ونَما في مدرسة النبوّة حتى حقّ له أن يصف هذه العلاقة بقوله :
    ( وقد علمتم موضعي من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بالقرابة القريبة ، والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا ولد ، يضمّني إلى صدره ، ويكنفني في فراشه ، ويمسّني جسده ، ويشمّني عرفه ، وكان يمضغ الشيء ثمّ يُلقمنيه ، وما وجد لي كَذبةً في قولٍ ، ولا خَطلةٍ في فعل ) .
    ( ... ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل إثر أمّه ، يرفع لي في كلِّ يومٍ من أخلاقه علماً ، ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور كل سنة بحرّاء ، فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد ـ يومئذٍ ـ في الإسلام غير رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشمّ ريح النبوّة ... ) .
    إنّ هذا السرّ والإعداد لم يكن غامضاً ، وهذه العناية لم تكن مجرّد علاقة رَحمٍ وقرابة ، فالأمر ذو علاقةٍ بحياة هذه الأمّة ، والعلاقة ترتبط بامتداد فرع النبوّة ، والإمامة ، فشاء الله أن يزوّج خِيرة نساء هذه الأمّة ـ بِضعة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ـ بخِيرة رجالها ، فعليّ هو الذي قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فيه لفاطمة :
    ( إنيّ سألت ربّي أن يزوّجك خير خَلَقه ) ، وقال له : ( أَمَا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ؟! إلاّ إنّه لا نبيَّ بعدي ) . وفاطمة هي التي قال لها : ( أَمَا ترضي أن تكوني سيدة نساء المؤمنين ) .
    وبذا ، كانا أحبّ الناس لرسول الله وأقربهم إلى نفسه ، ( سُئِلت عائشة : أيّ الناس أحبّ إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ؟ قالت : فاطمة . قيل : من الرجال ؟ قالت : زوّجها ، إن كان ما علمت صوّاماً قوّاماً ) .
    وينعقد الزواج ، ويبنى بيت أهل بيت النبوّة ، ويرعاه رسول الله ، ويعرِّف به ، ويؤكّد أنّ علياً وفاطمة وذرِّيتهما هم أهل بيته ، ومن عليٍّ وفاطمة ذرّيته وأبناؤه ، وعصبته .
    روى ابن عبّاس ، قال : كنت أنا والعبّاس جالسين عند رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إذ دخل عليّ بن أبي طالب فسلّم فردّ عليه رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) السلام ، وقام إليه وعانقه وقبّله بين عينيه وأجلسه عن يمينه ، فقال العبّاس : يا رسول الله ، أتحبّ هذا ؟ فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) :
    ( يا عمّ ـ والله ـ الله أشدّ حبّاً له منّي ، إنّ الله جعل ذرّية كلِّ نبيٍّ في صُلبه ، وجعل ذرّيتي في صُلب هذا ) .
    وهكذا شاء الله أن تمتدَّ ذرية رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) عن طريق عليٍّ وفاطمة ، ويكون منهما الحسن والحسين (عليهما السلام) والذرّية الطاهرة ، أئمةً ، وهداةً ، لهذه الأُمّة .. ولهذا الأمر ، والسرّ الخطير ، كان زواج فاطمة أمراً إلهياً لم يَسبق رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إليه ، ولم يتصرّف حتّى نزل القضاء ، كما صرّح هو نفسه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بذلك .


    منقـــــــــــــــــول


    حسين منجل العكيلي

  • #2
    وفقك الباري أستاذنا
    sigpic
    إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
    ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
    ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
    لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة من نسل عبيدك احسبني ياحسين مشاهدة المشاركة
      وفقك الباري أستاذنا
      اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن اعدائهم
      اشكر مرورك الكريم... بارك الله فيك

      حسين منجل العكيلي

      تعليق


      • #4
        يعطيك العافية على روعة طرحك
        سلمت أناملك بانتظار
        جديدك
        لروحك
        الياسمين والجوري



        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة أنصار المذبوح مشاهدة المشاركة
          يعطيك العافية على روعة طرحك
          سلمت أناملك بانتظار
          جديدك
          لروحك
          الياسمين والجوري


          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          اشكر مرورك المبارك جزيت خيرا
          حسين منجل العكيلي

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
          x
          يعمل...
          X