إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الامام الثائر وطريق الارتقاء الروحي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الامام الثائر وطريق الارتقاء الروحي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وال محمد

    للأيام في مجرى الزمن نفحات قدس وسوانح أفراح وأحزان، يرسلها التأريخ عبر العصور فتوحي بالذكريات الطيبة الى القلوب المريضة فتهبها شفاء بعد سقم، وراحة بعد عناء وعزة بعد ذلة، وحياة بعد موت. إنها ذكريات الأبطال الذين صنعوا التأريخ المشرف فراحوا الى عالمهم العلوي ينتهون عزا وفخرا، ويطلون على هذه الدنيا الهزيلة من وراء حجب الخلود ساخرين من مهازلها، ضاحكين من ألاعيبها وأباطيلها، إنهم أولياء الله (الا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون). ففي عاشوراء نتواصل مع الإمام سيد الشهداء -الذي نحن في ذكراه الخالدة... نعيش روحها ونستمد من معطياتها الثرة، وما أكثر معطيات هذه الذكرى وأمثالها من ذكريات أهل البيت عليهم السلام فنجدد الصلة بقادتنا وأئمتنا، ونلتقي بهم عبر الفاصل الزمني عاطفيا وفكريا، وهي تبعث في حياتنا الروح الهادفة والمعاني البطولية والأفكار والقيم التي يوحيها هذا الاستذكار...

    وفي هذه الذكرى نسترجع تأريخهم بكل أبعاده، لنستجلي واقع شخصياتهم، وأعمالهم، وأفكارهم، ولنعرف على هذه الأضواء حقيقة الرابطة التي تشدنا اليهم، وتجمعناهم ومدى الفارق في الفكر والسلوك الذي نتبناه ونمارسه على الصعيد العملي والفكري والروحي. ومن معطيات الذكرى أن نرتفع ساعة من ساعات واقعنا المعاش من ناحية روحية وأخلاقية واجتماعية لنستروح شذى المستويات العالية والتي تعيش بمستوى القيم والمثل والمبادئ السامية، ونتعلم في مثل هذه المناسبة كيف تسلخ العاطفة جمهرة الناس -من أعمالهم وشواغلهم- فتجمعهم في مهب الذكرى ليعرفوا اسلامهم الذي لا يجهلون شيئا جهلهم به ولا يستهينون بشيء استهانتهم بتعلمه.. ومن معطياتها أن نتعرف معيارا نقيس به مستوى ايمان الناس وصدق انتمائهم لمبدأ أهل البيت عليهم السلام، ومقياسا نعرف به مستوى التضحية التي تفرضها مسؤولية الحفاظ على النهج والدفاع عن أسسه ومبادئه في مجال الفكر والتطبيق. ومن معطيات الذكرى يتضح لنا ما قدمه وأداه أهل البيت عليهم السلام للمبدأ الاسلامي رغم اقصائهم عن الحكمة ورغم اضطهادهم وسد كل المنافذ أمامهم.

    كلنا يعلم قصة وجسامة التضحية التي قدمها الحسين عليه السلام، فمنذ مئات السنين والواقعة تعاد من قبل الخطباء في المآتم والمناسبات الدينية، فحفظها الناس ولم يحفظوا غيرها.. فهل أن قصة التضحية هي غايتها؟. إن الواقع يكاد يثبت -على رغمنا جميعا- أن علاقة أغلب المسلمين بالواقعة وفهمهم لها -من ناحية الدوافع والأهداف- لا يتجاوز من حيث الأثر المستوى العاطفي العادي، فالرد الذي تراه ولا ترى غيره كلما تليت المأساة -الحزن والدموع- ولا شيء غيرها، لدرجة أصبح ذلك بنظر البعض هدفا لأجله يحضر المستمعون، وفي سبيله ترقى المنابر ويصاغ الشعر وتنظم الخطب. إن ذلك منهم فيه شيء من البعد عن الغاية الحقيقية والهدف الأصيل لهذه النهضة، وذلك يعود لأسباب تتعلق بمظاهر وعي الأمة ونضجها الفكري والسياسي. إن كل حركة اصلاحية او ثورية انما يتم تقييمها على أساس من دوافعها وأهدافها، وان دوافع وأهداف الحركة هي محتواها الفكري -الاجتماعي، وكل ارتباط وكل صلة وراء فهم ذلك انما هو ارتباط ساذج وصلة كاذبة، لذلك نرى -وبكل صراحة ان ارتباط الاغلب من محبي اهل البيت عليهم السلام بأئمتهم يشبه أن يكون ارتباطا شخصيا عاطفيا وليس ارتباطا مبدئيا عقيديا.

    علينا أن نفهم نهضة الامام الحسين عليه السلام من خلال دوافعها واهدافها، وان الذين وقفوا في وجه الظلم وناصبوا الطغاة المستبدين في الدنيا كثار، ولكن قل منهم من استطاع ان يشق صدور الظالمين ويستخرج من أجوافها قلوبهم النتنة ليكشف للناس ما فيها من جرائم وآثام. كان عهد الحسين عليه السلام عهدا تقابلت فيه الفضيلة والرذيلة في ميدان صراع عنيف تجلت فيه الفضيلة بأبهى صورها، وبرزت فيه الرذيلة بأقبح وجوهها، وقدر للأولى أن تفوز بنصرها الخالد، وللثانية أن تفوز بنصرها الموقوت، وشاء الله أن تكون الحياة الخالدة نصيب أولئك الذين كتبوا بدمائهم الغالية للأجيال المؤمنة آيات المجد والخلود. لقد كانت حياة الحسين عليه السلام مدرسة خط بها للأجيال المتعاقبة نهجا يعمره الايمان الصادق، وينيره الجهاد المقدس، وتزين جوانبه مثل نادرة من الشمم والمروءة والنبل والإباء والبطولة قل ان نجد لها مثلا في تاريخ الأباة الأبطال.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X