بســـم الله الرحــــــمن الرحيــــــــم
الحمد لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يكن له ندٌّ ولا ولد , ثمَّ الصلاة على نبيه المصطفى ، وآله الميامين الشرفا ، الذين خصّهم الله بآية التطهير . يقول تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)
سلام من السلام عليكم
أن الدعاء الصادر من أهل البيت يتميز بخصائص و صفات لا تجدها في غيرها من الأدعية و الصادرة من غيرهم ، و علة ذلك أن الأدعية المنسوبة لأهل البيت هي أدعية صدرت من أشخاص اجتباهم الله و اختارهم فمنحهم العصمة و الطهارة و فضلهم بالعلم و الحكمة ، لذلك نرى أن هذه الأدعية هي تجسيد لعظمة تلك الشخصيات فلا يمكن بحال من الأحوال أن تصدر تلك الأدعية العظيمة التي تبهر الأذهان و العقول من مجرد أشخاص عاديين اكتسبوا درجة إيمانية معينة بل أن الأمر يتعدى ذلك بكثير ، فكما يقال ( كل إناء بالذي فيه ينضح ).
أما أهم الخصائص التي تميزت فيها أدعية أهل البيت و جعلتها تتربع على عروش عالم الذكر و المناجاة فهي كما يلي :
الذي يقرأ الأدعية الواردة عن أهل البيت و على الخصوص جامعة الدعاء الكبرى ( الإمام علي بن الحسين الملقب بزين العابدين ) يلاحظ الأدب الجم عند مخاطبة الله عز و جل فهي تحتوي على عبارات تجلل و تعظم الخالق و فيها من الثناء والتسبيح له ما يسلب الألباب و العقول و أقل ما يقال عنها أنها في غاية السمو و الرقي و الإبداع و التي لا تجد نظيراً لها في غيرها من الأذكار .
كان الإمام علي بن الحسين إذا ابتدأ بالدعاء بدأ بالتحميد لله عز وجل و الثناء عليه فقال : ( أَلْحَمْدُ للهِ الاوَّلِ بِلا أَوَّل كَانَ قَبْلَهُ، وَ الاخِر بِلاَ آخِر يَكُونُ بَعْدَهُ . الَّذِي قَصُرَتْ عَنْ رُؤْيَتِهِ أَبْصَارُ النَّاظِرِينَ، وَ عَجَزَتْ عَنْ نَعْتِهِ أَوهامُ اَلْوَاصِفِينَ . ابْتَدَعَ بِقُدْرَتِهِ الْخَلْقَ اَبتِدَاعَاً، وَاخْتَرَعَهُمْ عَلَى مَشِيَّتِهِ اخترَاعاً، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمْ طَرِيقَ إرَادَتِهِ، وَبَعَثَهُمْ فِي سَبِيلِ مَحَبَّتِهِ. لايَمْلِكُونَ تَأخِيراً عَمَا قَدَّمَهُمْ إليْهِ، وَلا يَسْتَطِيعُونَ تَقَدُّماً إلَى مَا أَخَّرَهُمْ عَنْهُ )
ويقول في موضع أخر : ( إلهِي أَحْمَـدُكَ ـ وَأَنْتَ لِلْحَمْدِ أَهْلٌ ـ عَلَى حُسْنِ صَنِيعِكَ إلَيَّ، وَسُبُـوغِ نَعْمَآئِكَ عَلَيَّ، وَجَزِيْلِ عَطَآئِكَ عِنْدِي، وَعَلَى ما فَضَّلْتَنِي مِنْ رَحْمَتِكَ، وَأَسْبَغْتَ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَتِكَ، فَقَدِاصْطَنَعْتَ عِنْدِي ما يَعْجِزُ عَنُهُ شُكْرِي، وَلَوْلاَ إحْسَانُكَ، إلَيَّ وَسُبُوغُ نَعْمَآئِـكَ عَلَيَّ مَا بَلَغْتُ إحْرازَ حَظِّي، وَلاَ إصْلاَحَ نَفْسِي، وَلكِنَّكَ ابْتَدَأْتَنِي بِالإحْسَانِ، وَرَزَقْتَنِي فِي أُمُورِي كُلِّهَا الْكِفَايَةَ، وَصَرَفْتَ عَنِّي جَهْدَ الْبَلاءِ، وَمَنَعْتَ مِنِّي مَحْذُورَ الْقَضَآءِ )
• التزام أدعية أهل البيت يجنب الإنسان العادي الوقوع في الخطأ أثناء دعاءه لله عزوجل فقد يتلفظ الداعي بجهل بعبارات قد تسيء إلى المقام الإلهي العظيم أو تخاطبه بأسلوب غير لائق و غير مهذب، فالمعلوم أن الإنسان في حالة اليأس أو الانفعال الشديد لأمر ما قد تخرج من فيه كلمات تعبر عن عدم الرضا لأمر الله و قضاءه و أن كانت بدون قصد منه لذلك عمد أئمتنا إلى تعليم أصحابهم و مواليهم كيفية الدعاء لتلافي الوقوع في هذا الأمر .
( اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ قَليلاً مِنْ كَثير، مَعَ حاجَة بي اِلَيْهِ عَظيمَة وَغِناكَ عَنْهُ قَديمٌ، وَهُوَ عِنْدي كَثيرٌ، وَهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسيرٌ، اَللّـهُمَّ اِنَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبي، وَتَجاوُزَكَ عَنْ خَطيـئَتي، وَصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمي وَسِتْرَكَ عَنْ قَبيحِ عَمَلي، وَحِلْمَكَ عَنْ كَثيرِ جُرْمي، عِنْدَ ما كانَ مِنْ خَطئي وَعَمْدي، اَطْمَعَني في اَنْ اَسْأَلَكَ ما لا اَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ، الَّذي رَزَقْتَني مِنْ رَحْمَتِكَ، وَاَرَيْتَني مَنْ قُدْرَتِكَ، وَعَرَّفْتَني مِنْ اِجابَتِكَ، فَصِرْتُ اَدْعُوكَ آمِناً، وَاَسْاَلُكَ مُسْتَأنِساً، لا خائِفاً وَلا وَجِلاً، مُدِلاًّ عَلَيْكَ فيـما قَصَدْتُ فيهِ اِلَيْكَ، فَاِنْ اَبْطأَ عَنّي عَتَبْتُ بِجَهْلي عَلَيْكَ، وَلَعَلَّ الَّذي اَبْطأَ عَنّي هُوَ خَيْرٌ لي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الاُْمُورِ، فَلَمْ اَرَ مَوْلاً كَريماً اَصْبَرَ عَلى عَبْد لَئيم مِنْكَ عَلَيَّ يا رَبِّ، اِنَّكَ تَدْعُوني فَاُوَلّي عَنْكَ، وَتَتَحَبَّبُ اِلَيَّ فَاَتَبَغَّضُ اِلَيْكَ، وَتَتَوَدَّدُ اِلَىَّ فَلا اَقْبَلُ مِنْكَ، كَاَنَّ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ لي، وَالاِْحْسانِ اِلَىَّ، وَالتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، فَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ وَجُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ اِحْسانِكَ اِنَّكَ جَوادٌ كَريمٌ )
• اشتمال الأدعية على جملة من النصائح و التوجيهات سواء التي تخص الفرد أو المجتمع ، الدين و الدنيا ، العلم و العمل و التي بمعرفتها و العمل بها تتحقق للإنسان السعادة في الدنيا و الآخرة و التي يجب أن يٌعنى بها جيدا و تدرس بدقة و ذلك للاستفادة البالغة منها (دعاء مكارم الأخلاق مثلا ) .
• كثير منا قد يعجز لسانه عن سرد عبارات تعبر من عما يعتمل في صدره من الندم على الأخطاء و الذنوب التي ارتكبناه و ذكر التبريرات أو المسوقات التي دفعتنا لذلك ثم الاستغفار منه لطلب العفو و الغفران لكننا نجد علاج تلك الحالة في أدعية الأئمة فهي تصف الإنسان المذنب و ما يعتريه من ذلك الذنب وصفا دقيقاً، وبالرغم من كونهم معصومين من الخطأ و الذنب إلا أن لعلمهم بطبيعة الفطرة الإنسانية و ما ينتابها حين تعصي الخالق عز وجل دفعتهم للدعاء بلسان العاصي و المذنب ليزدادوا قربا إلى الله و لتكون لغيرهم طريق هدى و توبة .
( رَبِّ أَفْحَمَتْنِيْ ذُنُوبِي، وَانْقَطَعَتْ مَقَالَتِي، فَلاَ حُجَّةَ لِي، فَأَنَا الأَسِيـرُ بِبَلِيَّتِي، الْمُـرْتَهَنُ بِعَمَلِي، الْمُتَرَدِّدُ فِي خَطِيئَتِي، الْمُتَحَيِّرُ عَنْ قَصْدِي، الْمُنْقَطَعُ بِي، قَدْ أَوْقَفْتُ نَفْسِي مَوْقِفَ الأَذِلاَّءِ الْمُذْنِبِينَ، مَوْقِفَ الأَشْقِيآءِ الْمُتَجَرِّينَ عَلَيْكَ، الْمُسْتَخِفِّينَ بِوَعْدِكَ. سُبْحَانَكَ! أَيَّ جُرْأَة اجْتَرَأْتُ عَلَيْكَ؟ )
( إلهِي أَلْبَسَتْنِي الْخَطايا ثَوْبَ مَذَلَّتِي، وَجَلَّلَنِي التَّباعُدُ مِنْكَ لِباسَ مَسْكَنَتِي، وَأَماتَ قَلْبِي عَظِيمُ جِنايَتِي، فَأَحْيِه بِتَوْبَة مِنْكَ يا أَمَلِي وَبُغْيَتِي، وَيا سُؤْلِي وَمُنْيَتِي، فَوَ عِزَّتِكَ ما أَجِدُ لِذُنُوبِي سِواكَ غافِراً، وَلا أَرى لِكَسْرِي غَيْرَكَ جابِراً، وَقَدْ خَضَعْتُ بِالإنابَةِ إلَيْكَ وَعَنَوْتُ بِالاسْتِكانَةِ لَدَيْكَ، فَإنْ طَرَدْتَنِي مِنْ بابِكَ فَبِمَنْ أَلُوذُ؟ وَإنْ رَدَدْتَنِي عَنْ جَنابِكَ فَبِمَنْ أَعُوذُ؟ فَوا أَسَفاهُ مِنْ خَجْلَتِي وَافْتِضَاحِي، وَوالَهْفاهُ مِنْ سُوءِ عَمَلِي وَاجْتِراحِي. )
• وصف عظمة الله عزوجل و تجلي تلك العظمة في خلق الإنسان و السموات و الأرض و سائر المخلوقات الأخرى و التي بذكرها في مضامين الدعاء يزيد الداعي خشوعا لرب العالمين و إيمانا بقدرته ، فيزداد تبع لذلك أيمانه على أن الله لا يبخل على عباده و هو المتفضل عليهم الذي يسبقهم بالنعم و الإحسان و يبادرهم بالشكر و العرفان و هو المتجاوز عن خطاياهم و معاصيهم إذا اقبلوا عليه بقلوب صافية و تائبة و نفوس طامعة في كرمه ألامتناهي .
يقول أمير البلغاء في دعاءه المشهور بدعاء الصباح : ( اللهم يا من دَلَعَ لسان الصباح بِِنُطْقِ تبَلُّجِهِ، وسَرَّح قِطع الليل المظلم بغياهب تلجلُجه، وأتقن صنع الفََلك الدوّار في مقادير تبرُّجه، وشعشع ضياء الشمس بنور تأججه، يا من دل على ذاته بذاته، وتنزه عن مجانسة مخلوقاته، وجلّ عن ملاءمة كيفياته، يا من قَرُبَ من خطرات الظُنون، وبَعُدَ عن لحظات العيون، وعلم بما كان قبل أن يكون، يا من أرقدني في مِهَادِ أمنهِ وأمانه، وأيقظني إلى ما منحني به من مِنَنِهِ وإحسانه، وكَفّ أكُفَّ السوءِ عني بيده وسلطانه. )
• تعدد و تنوع الأدعية بتعدد الحالات التي يبتلى فيها البشر ، فليس الدعاء فقط للمذنب و العاصي بل هناك أدعية أخرى للمريض و المهموم و الذي لديه حاجة يطلب قضائها و الأسير و المدين و ضد الحاكم الجائر وهناك أوراد مخصصة لمناسبات معينة أو أماكن لها قدسية ما أو زمان يخصص فيه الدعاء وغيرها الكثير الكثير و لذلك تجد أن أتباع أهل البيت يمتلكون ذخيرة واسعة من الأدعية و الأوراد و المناجاة و التي لا تدانيها من حيث العدد و المضمون أي مدرسة دينية أخرى .
• لا ننسى أهم تلك السمات و هو الأثر الغيبي من حلول البركة و غفران الذنوب و قضاء الحوائج لقارئ تلك الأذكار و الأدعية ، فهناك أوراد لا تتعدى الثلاثة أسطر و لكن لها من القدرة العجيبة على غفران الكثير من الذنوب التي قد تكون كالزبد البحر، فالإمام المعصوم يختار كلمات الدعاء والتي تكون مفاتيح الاستجابة و يربطها بالمكان و الزمان المناسبين فتحمل كل تلك الطاقة الهائلة و التي لها القدرة على تحقيق الهدف الذي يراد من ذلك الدعاء .
الحمد لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يكن له ندٌّ ولا ولد , ثمَّ الصلاة على نبيه المصطفى ، وآله الميامين الشرفا ، الذين خصّهم الله بآية التطهير . يقول تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)
سلام من السلام عليكم
أن الدعاء الصادر من أهل البيت يتميز بخصائص و صفات لا تجدها في غيرها من الأدعية و الصادرة من غيرهم ، و علة ذلك أن الأدعية المنسوبة لأهل البيت هي أدعية صدرت من أشخاص اجتباهم الله و اختارهم فمنحهم العصمة و الطهارة و فضلهم بالعلم و الحكمة ، لذلك نرى أن هذه الأدعية هي تجسيد لعظمة تلك الشخصيات فلا يمكن بحال من الأحوال أن تصدر تلك الأدعية العظيمة التي تبهر الأذهان و العقول من مجرد أشخاص عاديين اكتسبوا درجة إيمانية معينة بل أن الأمر يتعدى ذلك بكثير ، فكما يقال ( كل إناء بالذي فيه ينضح ).
أما أهم الخصائص التي تميزت فيها أدعية أهل البيت و جعلتها تتربع على عروش عالم الذكر و المناجاة فهي كما يلي :
الذي يقرأ الأدعية الواردة عن أهل البيت و على الخصوص جامعة الدعاء الكبرى ( الإمام علي بن الحسين الملقب بزين العابدين ) يلاحظ الأدب الجم عند مخاطبة الله عز و جل فهي تحتوي على عبارات تجلل و تعظم الخالق و فيها من الثناء والتسبيح له ما يسلب الألباب و العقول و أقل ما يقال عنها أنها في غاية السمو و الرقي و الإبداع و التي لا تجد نظيراً لها في غيرها من الأذكار .
كان الإمام علي بن الحسين إذا ابتدأ بالدعاء بدأ بالتحميد لله عز وجل و الثناء عليه فقال : ( أَلْحَمْدُ للهِ الاوَّلِ بِلا أَوَّل كَانَ قَبْلَهُ، وَ الاخِر بِلاَ آخِر يَكُونُ بَعْدَهُ . الَّذِي قَصُرَتْ عَنْ رُؤْيَتِهِ أَبْصَارُ النَّاظِرِينَ، وَ عَجَزَتْ عَنْ نَعْتِهِ أَوهامُ اَلْوَاصِفِينَ . ابْتَدَعَ بِقُدْرَتِهِ الْخَلْقَ اَبتِدَاعَاً، وَاخْتَرَعَهُمْ عَلَى مَشِيَّتِهِ اخترَاعاً، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمْ طَرِيقَ إرَادَتِهِ، وَبَعَثَهُمْ فِي سَبِيلِ مَحَبَّتِهِ. لايَمْلِكُونَ تَأخِيراً عَمَا قَدَّمَهُمْ إليْهِ، وَلا يَسْتَطِيعُونَ تَقَدُّماً إلَى مَا أَخَّرَهُمْ عَنْهُ )
ويقول في موضع أخر : ( إلهِي أَحْمَـدُكَ ـ وَأَنْتَ لِلْحَمْدِ أَهْلٌ ـ عَلَى حُسْنِ صَنِيعِكَ إلَيَّ، وَسُبُـوغِ نَعْمَآئِكَ عَلَيَّ، وَجَزِيْلِ عَطَآئِكَ عِنْدِي، وَعَلَى ما فَضَّلْتَنِي مِنْ رَحْمَتِكَ، وَأَسْبَغْتَ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَتِكَ، فَقَدِاصْطَنَعْتَ عِنْدِي ما يَعْجِزُ عَنُهُ شُكْرِي، وَلَوْلاَ إحْسَانُكَ، إلَيَّ وَسُبُوغُ نَعْمَآئِـكَ عَلَيَّ مَا بَلَغْتُ إحْرازَ حَظِّي، وَلاَ إصْلاَحَ نَفْسِي، وَلكِنَّكَ ابْتَدَأْتَنِي بِالإحْسَانِ، وَرَزَقْتَنِي فِي أُمُورِي كُلِّهَا الْكِفَايَةَ، وَصَرَفْتَ عَنِّي جَهْدَ الْبَلاءِ، وَمَنَعْتَ مِنِّي مَحْذُورَ الْقَضَآءِ )
• التزام أدعية أهل البيت يجنب الإنسان العادي الوقوع في الخطأ أثناء دعاءه لله عزوجل فقد يتلفظ الداعي بجهل بعبارات قد تسيء إلى المقام الإلهي العظيم أو تخاطبه بأسلوب غير لائق و غير مهذب، فالمعلوم أن الإنسان في حالة اليأس أو الانفعال الشديد لأمر ما قد تخرج من فيه كلمات تعبر عن عدم الرضا لأمر الله و قضاءه و أن كانت بدون قصد منه لذلك عمد أئمتنا إلى تعليم أصحابهم و مواليهم كيفية الدعاء لتلافي الوقوع في هذا الأمر .
( اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ قَليلاً مِنْ كَثير، مَعَ حاجَة بي اِلَيْهِ عَظيمَة وَغِناكَ عَنْهُ قَديمٌ، وَهُوَ عِنْدي كَثيرٌ، وَهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسيرٌ، اَللّـهُمَّ اِنَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبي، وَتَجاوُزَكَ عَنْ خَطيـئَتي، وَصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمي وَسِتْرَكَ عَنْ قَبيحِ عَمَلي، وَحِلْمَكَ عَنْ كَثيرِ جُرْمي، عِنْدَ ما كانَ مِنْ خَطئي وَعَمْدي، اَطْمَعَني في اَنْ اَسْأَلَكَ ما لا اَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ، الَّذي رَزَقْتَني مِنْ رَحْمَتِكَ، وَاَرَيْتَني مَنْ قُدْرَتِكَ، وَعَرَّفْتَني مِنْ اِجابَتِكَ، فَصِرْتُ اَدْعُوكَ آمِناً، وَاَسْاَلُكَ مُسْتَأنِساً، لا خائِفاً وَلا وَجِلاً، مُدِلاًّ عَلَيْكَ فيـما قَصَدْتُ فيهِ اِلَيْكَ، فَاِنْ اَبْطأَ عَنّي عَتَبْتُ بِجَهْلي عَلَيْكَ، وَلَعَلَّ الَّذي اَبْطأَ عَنّي هُوَ خَيْرٌ لي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الاُْمُورِ، فَلَمْ اَرَ مَوْلاً كَريماً اَصْبَرَ عَلى عَبْد لَئيم مِنْكَ عَلَيَّ يا رَبِّ، اِنَّكَ تَدْعُوني فَاُوَلّي عَنْكَ، وَتَتَحَبَّبُ اِلَيَّ فَاَتَبَغَّضُ اِلَيْكَ، وَتَتَوَدَّدُ اِلَىَّ فَلا اَقْبَلُ مِنْكَ، كَاَنَّ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ لي، وَالاِْحْسانِ اِلَىَّ، وَالتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، فَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ وَجُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ اِحْسانِكَ اِنَّكَ جَوادٌ كَريمٌ )
• اشتمال الأدعية على جملة من النصائح و التوجيهات سواء التي تخص الفرد أو المجتمع ، الدين و الدنيا ، العلم و العمل و التي بمعرفتها و العمل بها تتحقق للإنسان السعادة في الدنيا و الآخرة و التي يجب أن يٌعنى بها جيدا و تدرس بدقة و ذلك للاستفادة البالغة منها (دعاء مكارم الأخلاق مثلا ) .
• كثير منا قد يعجز لسانه عن سرد عبارات تعبر من عما يعتمل في صدره من الندم على الأخطاء و الذنوب التي ارتكبناه و ذكر التبريرات أو المسوقات التي دفعتنا لذلك ثم الاستغفار منه لطلب العفو و الغفران لكننا نجد علاج تلك الحالة في أدعية الأئمة فهي تصف الإنسان المذنب و ما يعتريه من ذلك الذنب وصفا دقيقاً، وبالرغم من كونهم معصومين من الخطأ و الذنب إلا أن لعلمهم بطبيعة الفطرة الإنسانية و ما ينتابها حين تعصي الخالق عز وجل دفعتهم للدعاء بلسان العاصي و المذنب ليزدادوا قربا إلى الله و لتكون لغيرهم طريق هدى و توبة .
( رَبِّ أَفْحَمَتْنِيْ ذُنُوبِي، وَانْقَطَعَتْ مَقَالَتِي، فَلاَ حُجَّةَ لِي، فَأَنَا الأَسِيـرُ بِبَلِيَّتِي، الْمُـرْتَهَنُ بِعَمَلِي، الْمُتَرَدِّدُ فِي خَطِيئَتِي، الْمُتَحَيِّرُ عَنْ قَصْدِي، الْمُنْقَطَعُ بِي، قَدْ أَوْقَفْتُ نَفْسِي مَوْقِفَ الأَذِلاَّءِ الْمُذْنِبِينَ، مَوْقِفَ الأَشْقِيآءِ الْمُتَجَرِّينَ عَلَيْكَ، الْمُسْتَخِفِّينَ بِوَعْدِكَ. سُبْحَانَكَ! أَيَّ جُرْأَة اجْتَرَأْتُ عَلَيْكَ؟ )
( إلهِي أَلْبَسَتْنِي الْخَطايا ثَوْبَ مَذَلَّتِي، وَجَلَّلَنِي التَّباعُدُ مِنْكَ لِباسَ مَسْكَنَتِي، وَأَماتَ قَلْبِي عَظِيمُ جِنايَتِي، فَأَحْيِه بِتَوْبَة مِنْكَ يا أَمَلِي وَبُغْيَتِي، وَيا سُؤْلِي وَمُنْيَتِي، فَوَ عِزَّتِكَ ما أَجِدُ لِذُنُوبِي سِواكَ غافِراً، وَلا أَرى لِكَسْرِي غَيْرَكَ جابِراً، وَقَدْ خَضَعْتُ بِالإنابَةِ إلَيْكَ وَعَنَوْتُ بِالاسْتِكانَةِ لَدَيْكَ، فَإنْ طَرَدْتَنِي مِنْ بابِكَ فَبِمَنْ أَلُوذُ؟ وَإنْ رَدَدْتَنِي عَنْ جَنابِكَ فَبِمَنْ أَعُوذُ؟ فَوا أَسَفاهُ مِنْ خَجْلَتِي وَافْتِضَاحِي، وَوالَهْفاهُ مِنْ سُوءِ عَمَلِي وَاجْتِراحِي. )
• وصف عظمة الله عزوجل و تجلي تلك العظمة في خلق الإنسان و السموات و الأرض و سائر المخلوقات الأخرى و التي بذكرها في مضامين الدعاء يزيد الداعي خشوعا لرب العالمين و إيمانا بقدرته ، فيزداد تبع لذلك أيمانه على أن الله لا يبخل على عباده و هو المتفضل عليهم الذي يسبقهم بالنعم و الإحسان و يبادرهم بالشكر و العرفان و هو المتجاوز عن خطاياهم و معاصيهم إذا اقبلوا عليه بقلوب صافية و تائبة و نفوس طامعة في كرمه ألامتناهي .
يقول أمير البلغاء في دعاءه المشهور بدعاء الصباح : ( اللهم يا من دَلَعَ لسان الصباح بِِنُطْقِ تبَلُّجِهِ، وسَرَّح قِطع الليل المظلم بغياهب تلجلُجه، وأتقن صنع الفََلك الدوّار في مقادير تبرُّجه، وشعشع ضياء الشمس بنور تأججه، يا من دل على ذاته بذاته، وتنزه عن مجانسة مخلوقاته، وجلّ عن ملاءمة كيفياته، يا من قَرُبَ من خطرات الظُنون، وبَعُدَ عن لحظات العيون، وعلم بما كان قبل أن يكون، يا من أرقدني في مِهَادِ أمنهِ وأمانه، وأيقظني إلى ما منحني به من مِنَنِهِ وإحسانه، وكَفّ أكُفَّ السوءِ عني بيده وسلطانه. )
• تعدد و تنوع الأدعية بتعدد الحالات التي يبتلى فيها البشر ، فليس الدعاء فقط للمذنب و العاصي بل هناك أدعية أخرى للمريض و المهموم و الذي لديه حاجة يطلب قضائها و الأسير و المدين و ضد الحاكم الجائر وهناك أوراد مخصصة لمناسبات معينة أو أماكن لها قدسية ما أو زمان يخصص فيه الدعاء وغيرها الكثير الكثير و لذلك تجد أن أتباع أهل البيت يمتلكون ذخيرة واسعة من الأدعية و الأوراد و المناجاة و التي لا تدانيها من حيث العدد و المضمون أي مدرسة دينية أخرى .
• لا ننسى أهم تلك السمات و هو الأثر الغيبي من حلول البركة و غفران الذنوب و قضاء الحوائج لقارئ تلك الأذكار و الأدعية ، فهناك أوراد لا تتعدى الثلاثة أسطر و لكن لها من القدرة العجيبة على غفران الكثير من الذنوب التي قد تكون كالزبد البحر، فالإمام المعصوم يختار كلمات الدعاء والتي تكون مفاتيح الاستجابة و يربطها بالمكان و الزمان المناسبين فتحمل كل تلك الطاقة الهائلة و التي لها القدرة على تحقيق الهدف الذي يراد من ذلك الدعاء .
تعليق