يقول أحد الآباء :
ابني محمد منذ نعومة أظفاره ومستواه الدراسي بين الستين والسبعين بالمائة ، وفي الصف الرابع الابتدائي كنت اضغط عليه كثيرا ليتفوق ، وفي كثير من الأوقات كانت أمه تقارنه بزملائه وإخوته وأقاربه ، لدرجة أنه تأزم نفسيا وبدأ يكلم نفسه كثيرا ويبكي وهو نائم ، ومر المسكين بحالة اكتئاب شديد ، وذهبنا لأكبر طبيب نفسي ، واشتكت أمه للطبيب قلة حفظ محمد ، فأعطانا الطبيب دواء لتقوية الذاكرة ، تسبب لاحقا في تكوين ماء على المخ ، وذات يوم أحسست أننا نقود محمد نحو الجنون ، نريد أن نحقق فيه حلم التفوق الدراسي فقط ، كأننا نطلب من حصان أن يمشي بسرعة القطار ، أحسست أن ابني بدأ يضيع مني ، فقررت تغيير طريقتي القاتلة معه وفعلت الآتي :
ذهبت لزيارته في المدرسة ، واستأذنت من مدرس فصل محمد في أنني أريد أن أقول كلمة لابني أمام زملائه ، ووقفت أمام التلاميذ وناديت على محمد ليقف جواري ، وأحطته بذراعي ، وقلت لزملائه : اسمعوا يا شباب ، محمد هذا ابني ، وأنا أحبه كثيرا ، وهو يجتهد كثيرا ويذاكر ، ومهما كانت درجاته قليلة فحبه في قلبي كبير ، ومهما فعل فهو ابني وحبيبي ، ومن اليوم سأطبق عليه القاعدة التي تقول (( على المرء أن يعمل وليس عليه إدراك النجاح )) ومن اليوم إن ذاكر وكان الأول فهو ابني وحبيبي ، وإن ذاكر ورسب فهو ابني وحبيبي ، أريد أمامكم أن أتأسف لمحمد عما فعلته معه فيما مضى ، ...وقبلت رأس محمد أمامهم ، وانهمرت الدموع من عيني ومن عين محمد ، وأخذته في حضني وصفق جميع تلامذة الصف ، وعدت يومها إلى البيت مرتاحا ، وعاد محمد سعيدا وقال لي : لقد رفعت رأسي اليوم يا أبي ، لقد قال لي زميلي الأول على الفصل : (( ليت لي أبا مثل أبيك))
ومرت الأيام وانا أطبق قاعدة (( على المرء أن يعمل وليس عليه إدراك النجاح )) وجاءت امتحانات الشهر الأول والتزمت بالقاعدة مع ولدي محمد ، وبمرور الوقت بدأ محمد يطمئن في نومه ، وتوقف عن الكلام مع نفسه واختفى عنه التبول اللا إرادي الذي كان عنده ، لقد تحسن محمد وهدأت نفوسنا من حوله ، ولكن مستواه الدراسي لم يتحسن ، ونحن نقبله اليوم كما هو لأن هذه هي قدراته .
ونصيحتي لكل أب بعد تلك التجربة : لا تضغط على ابنك كثيرا ، فربما يتعب نفسيا ، فتنفق في علاجه كل ما تملك ليعود طبيعيا كما كان وقد لا تنجح، ..استمتع بابنك كما هو .
تعليق