إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإمام الكاظم عليه السلام في كتب أهل السنة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإمام الكاظم عليه السلام في كتب أهل السنة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك

    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله

    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته

    قول أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: 1 ـ قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، المتوفى سنة 310، في كتابه تاريخ الأمم والملوك، طبع مطبعة الاستقامة بالقاهرة مصر، سنة 1358هـ، ج6 ص472: "وفيها (أي: في سنة 183) مات موسى بن جعفر ابن محمد ببغداد)". وقال أيضاً في تاريخ الأمم والملوك طبع دار المعارف، ج8 ص177: "وذكر أبو الأشعث الكندي قال: حدثني سليمان بن عبدالله

    قال: قال الربيع: رأيت المهدي يصلي في بهو(1) له في ليلة مقمرة، فما ادري أهو أحسن أم البهو أم القمر أم ثيابه.
    قال: فقرأ هذه الآية: (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)(2).
    ____________
    1 ـ البهو: البيت الذي كانوا يقيمونه امام البيوت أو الخيام منزلا للغرباء والضيوف ويعبر عنه أيضاً: قاعة أو محل الاستقبال.
    2 ـ محمد: 22.
    قال: فتم صلاته والتفت الي فقال: يا ربيع.
    قلت: لبيك يا أمير المؤمنين.
    قال: علي بموسى، وقام إلى صلاته.
    قال: فقلت: من موسى؟ ابنه موسى، أو موسى بن جعفر، وكان مجوساً عندي، قال: فجعلت أفكر، قال: فقلت: ما هو إلاّ موسى بن جعفر، قال: فاحضرته.
    قال: فقطع صلاته وقال: يا موسى إني قرأت هذه الآية: (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)، فخفت أن أكون قد قطعت رحمك، فوثق لي انك لا تخرج علي.
    قال: فقال: نعم، فوثق له وخلاّه".
    قول أبو محمد التميمي الحنظلي الرازي
    2 ـ قال أبو محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر التميمي الحنظلي الرازي، المتوفى سنة 327هـ، في كتابه (الجرح والتعديل) طبع دار احياء التراث العربي في بيروت لبنان، أوفست من طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الركن الهند، سنة 1372هـ، ج8 ص139:
    "موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب.
    روى عن أبيه، وروى عنه ابنه علي بن موسى، وأخوه علي بن جعفر، سمعت أبي يقول ذلك.
    حديثا عبدالرحمن قال: سئل أبي عنه فقال: ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين".
    قول أبو الفرج الأصفهاني
    3 ـ قال أبو الفرج الأصفهاني علي بن الحسين، المتوفى سنة 356، في كتابه (مقاتل الطالبيين)، طبع دار المعرفة بيروت، ص499 ـ 505:
    "موسى بن جعفر بن محمد:
    وموسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ويكنّى أبا الحسن وأبا إبراهيم، وأمه أم ولد تدعى حميدة.
    حدثني أحمد بن محمد بن سعيد، قال حدثنا يحيى بن الحسن قال: كان موسى ابن جعفر إذا بلغه عن الرجل ما يكره بعث إليه بصرة دنانير، وكانت صراره ما بين الثلاثمائة إلى المائتين دينار، فكانت صرار موسى مثلا.
    حدّثني أحمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيى: أن رجلا من آل عمر بن الخطاب كان يشتم علي بن أبي طالب إذا رأى موسى بن جعفر، ويؤذيه إذا لقيه.
    فقال له بعض مواليه وشيعته: دعنا نقتله: فقال: لا.
    ثم مضى راكباً حتى قصده في مزرعة له، فتواطأها بحماره، فصاح: لا تدس زرعنا، فلم يصغ إليه، واقبل حتى نزل عنده فجلس معه وجعل يضاحكه.
    وقال له: كم غرمت على زرعك هذا؟ قال: مائة درهم، قال: فكم ترجوا ان تربح؟ قال: لا أدري، قال: إنما سألتك كم ترجو؟ قال: مائة اخرى.
    قال: فاخرج ثلاثمائة دينار فوهبها له، فقام فقبّل رأسه.
    فلمّا دخل المسجد بعد ذلك وثب العمري فسلّم عليه، وجعل يقول: الله أعلم حيث يجعل رسالته(1)، فوثب أصحابه عليه وقالوا: ما هذا؟ فشاتمهم.
    وكان بعد ذلك كلما دخل موسى خرج يسلّم عليه ويقوم له.
    فقال موسى لمن قال ذلك القول: أيما كان خيراً ما أردتم أو ما أردت؟
    حدّثني أحمد بن عبدالله بن عمار، قال: حدّثني محمد بن عبدالله المدائني، قال: حدّثني أبي، قال حدّثني بعض أصحابنا: أن الرشيد لما حجّ لقيه موسى بن جعفر على بغلة.
    فقال له الفضل ابن الربيع: ما هذه الدابة التي تلقيت عليها أمير المؤمنين فأنت وإن طلبت عليها لم تدرك وإن طلبت لم تفت.
    قال: إنها تطأطأت عن خيلاء الخيل وارتفعت عن ذلة العير، وخير الأمور أوسطها.
    ذكر السبب في أخذه وحبسه:
    حدثني بذلك أحمد بن عبيد الله بن عمار، قال: حدّثنا علي بن محمد النوفلي، عن أبيه.
    وحدثني أحمد ابن سعيد، قال: حدّثني يحيى بن الحسن العلوي.
    وحدّثني غيرهما ببعض قصته.
    فجمعت ذلك بعضه إلى بعض، قالوا:

    ____________
    1 ـ الأنعام: 124.
    كان السبب في أخذ موسى بن جعفر: ان الرشيد جعل ابنه محمداً في حجر جعفر بن محمد بن الأشعث، فحسده يحيى بن خالد بن برمك على ذلك وقال: ان أفضت الخلافة إليه زالت دولتي ودولت ولدي، فاحتال على جعفر بن محمد، وكان يقول بالإمامة، حتى داخله وانسى به وأسر إليه، وكان يكثر غشيانه في منزله، فيقف على أمره ويرفعه إلى الرشيد، ويزيد عليه في ذلك بما يقدح في قلبه.
    ثم قال يوماً لبعض ثقاته: اتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب ليس بواسع الحال يعرفني ما احتاج إليه من أخبار موسى بن جعفر؟ فدلّ على علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد، فحمل إليه يحيى بن خالد البرمكي مالا.
    وكان موسى يأنس إليه ويصله وربما أفضى إليه باسراره، فما طلب ليشخص بخ أحس موسى بذلك، فدعاه فقال: إلى أين يا بن أخي؟ قال: إلى بغداد قال: وما تصنع؟ قال: علي دين وأنا مملق، قال: فأنا اقضي دينك وافعل بك واصنع، فلم يلتفت إلى ذلك.
    فعمل على الخروج، فاستدعاه أبو الحسن موسى فقال له: أنت خارج فقال له: نعم لابدّ من ذلك، فقال له: انظر يا ابن أخي واتق الله لا توتم أولادي، وأمر له بثلاثمائة دينار وأربعة آلاف درهم.
    قالوا فخرج علي بن اسماعيل حتى أتى يحيى بن خالد البرمكي، فتعرف منه خبر موسى بن جعفر، فرفعه إلى الرشيد وزاد فيه، ثم أوصله إلى الرشيد فسأله عن عمه فسعى به إليه.
    فعرف يحيى جميع خبره وزاد عليه وقال له: إن الأموال تحمل إليه من المشرق والمغرب، وإن له بيوت أموال، وانه اشترى ضيعة بثلاثين ألف دينار فسمّاها اليسيرة، وقال له صاحبها وقد احضره المال: لا أخذ هذا النقد ولا أخذ إلاّ نقد كذا وكذا، فأمر بذلك فردّ واعطاه ثلاثين ألف دينار من النقد الذي سال بعينه.
    فسمع ذلك منه الرشيد، وأمر له بمائتي الف درهم نسبت له على بعض النواحي، فاختار كور المشرق، ومضت رسله لقبض المال، ودخل هو في بعض الأيام إلى الخلاء فزحر زحرة فخرجت حشوته كلها فسقطت، وجهدوا في ردها فلم يقدروا، فوقع ليما به، وجاءه المال وهو ينزع فقال: وما اصنع به وأنا أموت؟
    وحج الرشيد في تلك السنة، فبدأ بقبر النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله اني اعتذر إليك من شيء أريد أن أفعله: أريد أن أحبس موسى بن جعفر، فانه يريد التشتت بين أمتك وسفك دمائها(1).
    ثم أمر به فأخذ من المسجد، فادخل إليه فقيده، وأخرج من داره بغلان عليهما قبتان مغاطاتان هو في أحديهما، ووجه مع كل واحد منهما خيلا.
    فأخذوا بواحدة على طريق البصرة والأُخرى على طريق الكوفة، ليعمى على الناس أمره، وكان موسى في التي مضت إلى البصرة.
    فأمر الرسول أن يسلّمه إلى عيسى بن جعفر ابن المنصور، وكان على البصرة حينئذ، فمضى به فحبسه عنده سنة.
    ثم كتب إلى الرشيد: أن خذه مني وسلّمه إلى من شئت وإلاّ خلّيت سبيله، فقد اجتدهت أن أخذ عليه حجة فما أقدر على ذلك، حتى أني لاتسمع عليه إذا دعا لعله يدعوا علي أو عليك فما اسمعه يدعوا إلاّ لنفسه، يسأل الله الرحمة والمغفرة.
    ____________
    1 ـ مجيء هارون إلى قبر النبي (صلى الله عليه وآله) والاعتذار منه لحبس الإمام الكاظم (عليه السلام) لانه... ليس هو إلاّ من المكر والخديعة اللذين عرفا من هارون الرشيد لاستغلال عواطف الناس...
    فوجه من تسلمه منه، وحبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد، فبقى عنده مدة طويلة، وأراده الرشيد على شيء من أمره(1) فأبى، فكتب إليه ليسلّمه إلى الفضل بن يحيى، فتسلّمه منه، وأراد ذلك منه(2) فلم يفعل.
    وبلغه أنه عنده في رفاهية وسعة ودعة، وهو حينئذ بالرقة، فانفذ مسروراً الخادم إلى بغداد على البريد، وأمره أن يدخل من فوره إلى موسى فيعرف خبره فان كان الأمر على ما بلغه أوصل كتاباً منه إلى العباس بن محمد وأمره بامتثاله وأوصل كتاباً منه إلى السندي بن شاهك يأمره بطاعة العباس بن محمد.
    فقدم مسرور فنزل دار الفضل بن يحيى لا يدري أحد ما يريده ـ ثم دخل على موسى فوجده على ما بلغ الرشيد، فمضى من فوره إلى العباس بن محمد والسندي ابن شاهك، فاوصل الكتابين إليهما.
    فلم يلبث الناس أن خرج الرسول يركض ركضاً إلى الفضل بن يحيى، فركب معه وخرج مشدوهاً(3) دهشاً، حيت دخل على العباس، فدعا العباس بالسياط وعقابين فوجه بذلك إلى السدي، فأمر بالفضل فجرّد، ثم ضربه مائة سوط وخرج متغير اللون بخلاف ما دخل، فذهبت قوته، فجعل يسلم على الناس يميناً وشمالا.
    وكتب مسرور بالخبر إلى الرشيد، فأمر بتسليم موسى للسندي بن شاهك وجلس الرشيد مجلساً حافلا وقال: أيها الناس أن الفضل بن يحيى قد عصاني وخالف طاعتي ورأيت أن العنه فالعنوه، فلعنه الناس من كل ناحية، حتى ارتج البيت والدار بلعنه.
    ____________
    1 ـ أي أراده ليقتل الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام).
    2 ـ أي: قتل الإمام الكاظم (عليه السلام).
    3 ـ أي: مدهوشاً، كما في كتب اللغة.
    وبلغ يحيى بن خالد الخبر، فركب إلى الرشيد، فدخل من غير الباب الذي يدخل منه الناس حتى جاءه من خلفه وهو لا يشعر، ثم قال له: التفت إلي يا أمير المؤمنين، فاصغى إليه فزعاً، فقال له: ان الفضل حدث وأنا اكفيك ما تريد(1) فانطلق وجهه وسرّه، فقال له يحيى: يا أمير المؤمنين، فقد غضضت من الفضل بلعنك إياه فشرفه بازالة ذلك.
    فاقبل على الناس فقال: ان الفضل قد عصاني في شيء فلعنته، وقد تاب وأناب إلى طاعتي فتولوه، فقالوا: نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت، وقد توليناه.
    ثم خرج يحيى ابن خالد بنفسه على البريد حتى وافى بغداد، فماج الناس وارجفوا بكل شيء، وأظهر انه ورد لتعديل السواد والنظر في أعمال العمال وتشاغل ببعض ذلك.
    ثم دخل ودعا بالسندي وأمره فيه بأمره(2)، فلفه على بساط، وقعد الفراشون النصارى على وجهه.
    وأمر السندي عند وفاته أن يحضر مولى لم ينزل عند دار العباس بن محمد في مشرعة القصب ليغسله ففعل ذلك.
    قال: وسألته(3) أن يأذن لي في أن أكفنه، فأبى وقال: أنا أهل بيت مهور نسائنا وحج صرورتنا واكفان موتانا من طاهر أموالنا، وعندي كفني.
    ____________
    1 ـ أي: ما تريد من قتل موسى بن جعفر.
    2 ـ أي: بقتل موسى بن جعفر.
    3 ـ أي: قال السندي: وسألت موسى بن جعفر.
    فلما مات ادخل عليه الفقهاء ووجوه أهل بغداد، وفيهم الهيثم بن عدي وغيره، فنظروا إليه لا أثر به، وشهدوا على ذلك.
    وأخرج فوضع على الجسر ببغداد، فنودي: هذا موسى بن جعفر قد مات فانظروا إليه، فجعل الناس يتفرسون في وجهه وهو ميت.
    وحدّثني رجل من أصحابنا عن بعض الطالبيين: انه نودي عليه: هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة(1) انه لا يموت، فانظروا إليه، فنظروا.
    قالوا: وحمل فدفن في مقابر قريش رحمه الله، فوقع قبره إلى جانب قبر رجل من النوفليين يقال له: عيسى بن عبدالله".
    ____________
    1 ـ الذين زعموا بأن موسى بن جعفر هو المهدي فرقة من الشيعة انقرضوا، ولم يدم بقاؤهم إلاّ قليلا.
    قول أحمد بن أبي يعقوب
    4 ـ قال أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح الكتاب العباسي المعروف باليعقوبي، في كتابه المعروف بتاريخ اليعقوبي صادر بيروت، صفحة 414 ـ 415:
    "وتوفى موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وأمه أم ولد يقال لها حميدة ـ سنة 183، وسنة ثمان وخمسون سنة.
    وكان ببغداد في حبس الرشيد قبل السندي بن شاهك، فأحضر مسروراً الخادم وأحضر القواد والكتاب والهاشميين والقضاة ومن حضر ببغداد من الطالبيين، ثم كشف عن وجهه فقال لهم: اتعرفون هذا؟ قالوا نعرفه حق معرفته، هذا موسى بن جعفر، فقال هارون: أترون أن به اثراً وما يدل على اغتيال؟ قالوا: لا.
    ثم غسل وكفن واخرج ودفن في مقابر قريش في الجانب الغربي.
    وكان موسى بن جعفر من أشد الناس عبادة.
    وكان قد روى عن أبيه.
    قال الحسن بن أسد: سمعت موسى بن جعفر يقول: ما أهان الدنيا قوم قط إلاّ هناهم الله إياها وبارك لهم فيها، وما أعزها قوم قط إلاّ نغّصهم الله إياها.
    وقال: إن قوماً يصحبون السلطان يتخذهم المؤمنون كهوفاً، فهم الآمنون يوم القيامة، إن كنت لأرى فلاناً(1) منهم.
    وذكر عنده بعض الجبابرة فقال: إما والله لئن عز بالظلم في الدنيا ليزلف بالعدل في الآخرة.
    وقيل لموسى بن جعفر وهو في الحبس: لو كتبت إلى فلان يدلم فيك الرشيد فقال: حدّثني أبي، عن آبائه: إن الله عزوجل أوحى إلى داود: يا داود، انه ما اعتصم به من عبادي بأحد من خلقي دوني عرفت ذلك إلاّ وقطعت عنه أسباب السماء واسخت الأرض من تحته.
    وقال موسى بن جعفر: حدّثني أبي: أن موسى بن عمران قال: يا رب أي عبادك شر؟ قال: الذي يتهمني، قال يا رب، وفي عبادك من يتهمك؟ قال: نعم، الذي يستجيرني ثم لا يرضى بقضائي.
    وكان له الولد ثمانية عشر ذكراً وثلاث وعشرون بنتاً.
    فالذكور: علي الرضي، وابراهيم، والعباس، والقاسم، واسماعيل، وجعفر وهارون، والحسن، وأحمد، ومحمد، وعبيد الله، وحمزة، وزيد، وعبدالله، واسحاق والحسين، والفضل، وسليمان.
    وأوصى موسى بن جعفر ألا تتزوج بناته(2)، فلم تتزوج واحدة منهن إلاّ أم سلمة، فانها تزوجت بمصر، تزوجها القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد فجرى في هذا بينه وبين أهله شيء شديد، حتى حلف انه ما كشف لها كنفاً، وانه ما اراد إلاّ أن يحج بها".
    ____________
    1 ـ الظاهر ان المراد من فلان: علي بن يقطين.
    2 ـ هذا المطلب تفرّد بنقله أحمد بن يعقوب، وهو غير كاف لاثباته وهو مخالف للسيرة والتاريخ، فتأمل.
    قول أبو الحسن المسعودي
    5 ـ قال ابو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي، المتوفى سنة 346 في كتابه مروج الذهب طبع منشورات دار الهجرة 1409، اوفست عن دار الكتب اللبنانية ج3 ص355:
    "موت موسى بن جعفر الطالبي:
    وقبض موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ببغداد مسموماً لخمسة عشرة سنة خلت من ملك الرشيد سنة ست وثمانين ومائة، وهو ابن اربع وخمسين سنة.
    وقد ذكرنا في رسالته بيان أسماء الأئمة القطعيه من الشيعة أسماؤهم واسماء امهاتهم ومواضع قبورهم ومقادير اعمارهم وكم عاش كل واحد منهم مع أبيه ومن ادرك من أجداده (عليهم السلام)".
    وقال أيضاً في مروج الذهب ج3 ص346:
    "رؤيا للرشيد يُؤمر بالتخلية عن موسى بن جعفر:
    وذكر عبدالله بن مالك الخزاعي ـ وكان على دار الرشيد وشرطته ـ قال: أتاني رسول الرشيد في وقت، ما جاءني فيه قط، فانتزعني من موضعي ومنعني من تغيير ثيابي، فراعني ذلك منه، فلما صرت إلى الدار سبقني الخادم، فعرف الرشيد خبري، فإذن لي في الدخول عليه، فدخلت، فوجدته قاعداً على فراشه، فسلمت فسكت ساعة، فطار عقلي وتضاعف الجزع علي، قال لي: يا عبدالله اتدري لم طلبتك في هذا الوقت؟ قلت: لا والله يا أمير المؤمنين، قال: اني رأيت الساعة في منامي كان جيشاً(1) قد أتاني ومعه حربة، فقال لي: ان لم تخجل عن موسى بن جعفر الساعة وإلاّ نحرتك بهذه الحربة.
    فاذهب فخل عنه.
    ____________
    1 ـ كذا في الكتاب، والظاهر حبشياً كما في بقية المصادر.
    فقلت: يا أمير المؤمنين، اطلق موسى بن جعفر؟ ثلاثاً، قال: نعم امض الساعة حتى تطلق موسى بن جعفر واعطه ثلاثين الف درهم، وقل له: ان احببت المقام قبلنا فلك عندي ما تحب، وان أحببت المضي إلى المدينة فالإذن في إليك.
    قال فمضيت إلى الحبس لاخرجه، فلما رآني موسى وثب إلي قائماً وظن اني قد امرت فيه بمكروه، فقلت: لا تخف، وقد امرني أمير المؤمنين باطلاقك وان ادفع اليك ثلاثين الف درهم وهو يقول لك: ان احببت المقام قبلنا فلك ما تحب، وان احببت الانصراف إلى المدينة فالأمر في ذلك مطلق إليك، واعطيته الثلاثين ألف درهم، وخليت سبيله.
    وقلت: لقد رأيت من أمرك عجباً، قال: فاني اخبرك: بينما أنا نائم اذ أتاني النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا موسى حبست مظلوماً، فقال هذه الكلمات فانك لا تبيت هذه الليلة في الحبس، فقلت: بأبي وأمي ما أقول؟ فقال: قل: يا سامع كل صوت(1)، ويا سابق الفوت، ويا كاسي العظام لحماً ومنشرها بعد الموت، اسألك باسمائك الحسنى وباسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين، يا حليماً ذا اناة لا يقوى على اناته، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبداً ولا يحصى عدداً فرج عني، فكان ماترى".
    قول الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي
    6 ـ قال الحافظ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، المتوفى سنة 463، في كتابه تاريخ بغداد أو مدينة السلام، الطبعة الأولى 1349هـ، الموافق 1931م، مكتبة الخانجي بالقاهرة والمكتبة العربية ببغداد، ج13 ص27 ـ 32:
    "(موسى بن جعفر الهاشمي) موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسن الهاشمي.
    يقال انه ولد بالمدينة في سنة ثمان وعشرين، وقيل: سنة تسع وعشرين ومائة.
    ____________
    1 ـ في نسخة: يا سامع الصوت.
    واقدمه المهدي بغداد، ثم ردّه إلى المدينة، وأقام بها إلى أيام الرشيد، فقدم هارون منصرفاً من عمرة شهر رمضان سنة تسع وسبعين(1)، فحمل موسى معه إلى بغداد وحبسه بها إلى أن توفي في محبسه.
    اخبرنا الحسن بن أبي بكر، اخبرنا الحسن بن محمد بن حيى بن الحسن بن الحسن العلوي حدثني جدي قال: كان موسى بن جعفر يدّعى بالعبد الصالح من عبادته واجتهاده.
    روى اصحابنا انه دخل مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسجد سجدة في أول الليل، وسمع وهو يقول في سجوده: عظم الذنب عندي فليحسن العفو عندك، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة، فجعل يردّدها حتى أصبح.
    وكان سخياً كريماً، وكان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه، فبعث إليه بصرة فيها ألف دينار، وكان يصر الصرر ثلاثمائة دينار، واربعمائة دينار، ومائتي دينار ثم يقسّمها بالمدينة، وكان مثل صرر موسى بن جعفر إذا جاءت الإنسان الصرة فقد استغنى.
    اخبرنا الحسن، حدثني جدي، حدّثنا اسماعيل بن يعقوب، حدّثني محمد بن عبدالله البكري، قال: قدمت المدينة اطلب بها ديناً، فأعياني، فقلت لو ذهبت إلى أبي الحسن موسى بن جعفر فشكوت ذلك إليه، فأتيته بنقمي(2)في ضيعته، فخرج إلي ومعه غلام له منسف فيه قديد مجزع ليس معه غيره، فأكل واكلت معه، ثم سألني عن حاجتي، فذكرت له قصتي، فدخل، فلم يقم إلاّ يسيراً حتى خرج إلي، فقال لغلامه: اذهب، ثم مد يده إلي فدفع إلي صرة فيها ثلاثمائة دينار، ثم قام فولى، فقمت فركبت دابتي وانصرفت.
    ____________
    1 ـ ومائة.
    2 ـ نقمي بالتحريك والمد: موضع من اعراض المدينة إلى جنب احد، كان لآل أبي طالب.
    قال جدي يحيى بن الحسن وذكر لي غير واحد من أصحابنا ـ ان رجلا من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذيه ويشتم علياً، قال: وكان قد قال له بعض حاشيته: دعنا نقتله، فنهاهم عن ذلك أشد النهي، وزجرهم أشد الزجر وسأل عن العمري فذكر له انه يزدرع بناحية من نواحي المدينة، فركب إليه في مزرعته فوجده فيها، فدخل المزرعة بحماره، فصاح به العمري: لا تطأ زرعنا فوطأه بالحمار حتى وصل إليه، فنزل فجلس عنده وضاحكه وقال له: كم غرمت في زرعك هذا؟ قال له: مائة دينار، قال: فكم ترجو أن يصيب؟ قال: أنا لا أعلم الغيب، قال: انما قلت لك كم ترجوا أن يجيئك فيه؟ قال: أرجو أن يجيئني مائتا دينار، قال: فأعطاه ثلاثمائة دينار وقال: هذا زرعك على حاله، قال: فقام العمري فقبّل رأسه وانصرف.
    قال: فراح المسجد فوجد العمري جالساً، فلما نظر إليه قال: (الله اعلم حيث يجعل رسالته)(1)، قال: فوثب أصحابه فقالوا له: ما قصك؟ قد كنت تقول خلاف هذا، قال: فخاصمهم وشائمهم، قال: وجعل يدعو لأبي الحسن موسى كلما دخل وخرج.
    ____________
    1 ـ الأنعام 6: 124.
    قال: فقال أبو الحسن موسى لحاشيته الذين أرادوا قتل العمري: أيما كان خير: ما أردتم، أو ما أردت أن أصلح امره بهذا المقدار؟
    اخبرنا سلامة بن الحسين المقري وعمر بن محمد بن عبيدالله المودب قالا: اخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدثنا القاضي الحسين ابن اسماعيل، حدّثنا عبدالله بن أبي سعد، حدّثني محمد بن الحسين بن محمد بن عبدالمجيد الكناني الليثي، قال حدثني عيسى بن محمد مغيث القرطي ـ وبلغ تسعين سنة قال: زرعت بطيخاً وقثاء وقرعاً في موضع بالجوانية على بئر يقال لها أم عظام، فلما قرب الخير واستوى الزرع بغتني الجراد، فأتى على الزرع كله، وكنت غرمت إلى الزرع وفي ثمن جملين مائة وعشرين ديناراً.
    فبينما أنا جالس طلع موسى بن جعفر فسلّم، ثم قال: ايش حالك؟ فقلت اصبحت كالصريم بغتني الجراد فأكل زرعي، قال: وكم غرمت فيه؟ قلت مائة وعشرين ديناراً مع ثمن الجملين، فقال: يا عرفة، زن لابي المغيث مائة وخمسين ديناراً، فربحك ثلاثين ديناراً والجملين، فقلت: أيا مبارك ادخل وادع لي فيها فدخل ودعا وحدثني عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال: (تمسكوا ببقايا المصائب).
    ثم علقت عليه الجملين وسقيته، فجعل الله فيها البركة، زكت فبعت منها بعشرة آلاف.
    اخبرنا الحسين أبي بكر، اخبرنا الحسن بن محمد العلوي، حدثنا جدي قال: وذكر ادريس بن أبي رافع عن محمد بن موسى قال: خرجت مع أبي إلى ضياعه بسارية(1) فاصبحنا في غداة باردة وقد دنونا منها، واصبحنا على عين من عيون سارية، فخرج إلينا من تلك الضياع عبد زنجي فصيح مستنذر بخرقة على رأسه قدر فخار يفور، فوقف على الغلمات فقال: أين سيدكم؟ قالوا هو ذاك قال: أبو مَنْ يكنّى؟ قالوا له: أبو الحسن، قال: فوقف عليه، فقال يا سيدي يا أبا الحسن هذه عصيدة أهديتها إليك، قال ضعها عند الغلمان فأكلوا منها قال ثم ذهب، فلم نقل: بلغ، حتى خرج على رأسه حزمة حطب، حتى وقف فقال له يا سيدي هذا حطب أهديت اليك، قال: ضعه عند الغلمان وشب لنا ناراً فذهب فجاء بنار، قال وكتب أبو الحسن اسمه واسم مولاه فدفعه إلي وقال: يا بني، احتفظ بهذه الرقعة حتى أسألك عنها.
    ____________
    1 ـ واد من حدود الحجاز فيه مزارع.
    قال: فوردنا إلى ضياعه، وأقام بها ما طاب له، ثم قال: امضوا بنا إلى زيارة البيت.
    قال: فخرجنا حتى وردنا مكة، فلما قضى أبو الحسن عمرته دعا صاعداً فقال: اذهب فاطلب لي هذا الرجل، فإذا علمت بموضعه فاعلمني حتى امشي إليه، فاني أكره أن ادعوه والحاجة لي.
    قال لي صاعد: فذهبت حتى وقفت على الرجل فلما رآني عرفني ـ وكنت اعرفه وكان يتشيع ـ فلما رآني سلم علي وقال: أبو الحسن قدم؟ قلت: لا، قال فايش اقدمك؟ قلت حوائج، وقد كان ملم بمكانه بساية، فتتبعني، وجعلت اتقصى منه ويلحقني بنفسه، فلما رأيت اني لا انفلت منه مضيت إلى مولاي ومضى معي حتى اتيته، فقال: ألم أقل لك لا تعلمه؟ فقلت: جعلت فداك لم أعلمه، فسلّم عليه، فقال له أبو الحسن: غلامك فلان تبيعه؟ قال له جعلت فداك الغلام لك والضيعة وجميع ما أملك، قال: أما الضيعة فلا أحب أن اسلبكها.
    وقد حدّثني أبي عن جدي: إن بائع الضيعة ممحوق ومشتريها مرزوق ـ قال: فجعل الرجل يعرضها عليه مدلا بها، فاشترى أبو الحسن الضيعة والرقيق منه بألف دينار، واعتق العبد ووهب له الضيعة.
    قال ادرى بن أبي رافع: فهو ذا ولده في الصرافين بمكة.
    حدّثني الحسن بن محمد الخلال، حدّثنا الحديث محمد بن عمران، حدّثنا محمد بن يحيى الصولي، حدّثنا عون بن محمد قال: سمعن اسحاق الموصلي غير مرة يقول: حدّثني الفضل بن الربيع، عن أبيه: انه لما حبس المهدي موسى بن جعفر رأى المهدي في النوم علي بن أبي طالب وهو يقول: يا محمد (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)(1)، قال الربيع: فأرسل إلي ليلا فراعني ذلك، فجئته فإذا هو يقرأ هذه الآية ـ وكان أحسن الناس صوتاً ـ وقال: علي بموسى بن جعفر. فجئته به فعانقه واجلسه إلى جانبه وقال: يا أبا الحسن اني رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في النوم يقرأ علي كذا، فتؤمنني ان تخرج علي أو على أحد من ولدي؟ فقال: الله لا فعلت ذلك ولا هو من شأني، قال: صدقت، يا ربيع اعطه ثلاثة آلاف دينار ورده إلى أهله إلى المدينة، قال الربيع: فأحكمت امره ليلا، فلما أصبح إلاّ وهو في الطريق خوف العوائق.
    ____________
    1 ـ محمد 47: 22.
    اخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، حدّثنا عمر بن أحمد الواعظ، حدّثنا الحسين بن القاسم، حدّثني أحمد بن وهب، اخبرنا عبدالرحمن بن صالح الأزدي، قال: حج هارون الرشيد، فأتى قبر النبي (صلى الله عليه وآله)زائراً له وحوله قريش وافياء القبائل، ومعه موسى بن جعفر، فلمّا انتهى إلى القبر قال: السلام عليك يا رسول الله يا ابن عمي ـ افتخاراً على من حوله ـ فدنا موسى بن جعفر، فقال: السلام عليك يا ابه، فتغير وجه هارون وقال: هذا الفخر يا ابا الحسن حقاً.
    اخبرنا الحسن بن أبي بكر، اخبرنا الحسن بن محمد العلوي، حدّثني جدي، حدّثني عمار بن أبان قال: حبس أبو الحسن موسى ابن جعفر عند السندي فسألته اخته ان تتولى حبسه ـ وكانت تتدين ـ ففعل، فكانت تلي خدمته فحكي لنا أنها قالت: كان إذا صلى العتمة حمد الله ومجده ودعاه، فلم يزل كذلك حتى يزول الليل، فإذا زال الليل قام يصلي حتى يصلي الصبح، ثم يذكر قليلا حتى تطلع الشمس، ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى، ثم يتهيأ ويستاك ويأكل ثم يرقد إلى قبل الزوال، ثم يتوضأ ويصلي حتى يصلي العصر، ثم يذكر في القبلة حتى يصلي المغرب، ثم يصلي ما بين المغرب والعتمة، فكان هذا دأبه، فكانت أخت السندي إذا نظرت إليه قالت: خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل.
    وكان عبداً صالحاً.
    اخبرنا الجوهري، حدّثنا محمد بن عمران المرزباني، حدّثنا عبدالواحد بن محمد الخصيبي، حدّثني محمد بن اسماعيل قال: بعث موسى بن جعفر إلى الرشيد من الحبس رسالة كانت: انه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلاّ انقضي عنك معه يوم من الرخاء، حتى نقضي جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء يسخر فيه المبطلون.
    اخبرنا الحسن بن أبي بكر، اخبرنا الحسن بن محمد بن العلوي، قال حدّثني جدي قال: قال أبو موسى العباسي: حدّثني ابراهيم بن عبدالسلام بن السندي بن شاهك، عن أبيه قال: كان موسى بن جعفر عندنا محبوساً، فلمّا مات بعثنا إلى جماعة من العدول من الكرخ فادخلناهم عليه فاشهدناهم على موته، واحسبه قال: ودفن بمقابر الشونيزي.
    اخبرنا أبو سعيد الحسن بن محمد بن عبدالله الأصبهاني، حدّثنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن مسلم الحافظ، حدّثني عبدالله بن أحمد بن عامر، حدّثنا علي بن محمد الصنعاني، قال: قال محمد بن صدقة العنبري: توفي موسى بن جعفر بن محمد بن علي سنة ثلاث وثمانين ومائة.
    وقال غيره: توفى لخمس بقين من رجب".
    وقال أيضاً في تاريخ بغداد ج1 ص120:"باب ما ذكره في مقابر بغداد المخصوصة بالعلماء والزهاد:
    بالجانب الغربي في أعلا المدينة، مقابر قريش، دفن بها موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وجماعة من الأفاضل معه.
    اخبرنا القاضي أبو محمد الحسن بن الحسين بن محمد بن رامين الاسترابادي قال: أنبأنا أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، قال: سمعت الحسن بن ابراهيم أبا علي الخلال يقول: ماهمتي أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسّلت به إلاّ سهّل الله تعالى لي ما أحب".
    وقال أيضاً في كتاب موضح أوهام الجمع والتفريق، طبع مجلس دائرة المعارف بحيدرآباد سنة 1379، ج2 ص403:
    "ذكر موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.
    قد ذكرنا بعض حديثه فيما تقدّم.
    وهو موسى بن أبي عبدالله الذي روى عنه محمد بن اسماعيل ابن أبي قديك.
    اخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن اسماعيل الداوري، اخبرنا عمر بن أحمد بن عثمان الواعظ، حدثنا عبدالله بن محمد البغوي حدثنا علي بن مسلم، حدثنا ابن أبي قديك، حدّثنا موسى بن أبي عبدالله(1)، عن عون بن محمد بن علي بن أبي طالب(رضي الله عنه)، عن أمه أم جعفر ابنة محمد بن جعفر بن أبي طالب(رضي الله عنه)، عن أسماء ابنة عميس:
    ____________
    1 ـ أي: موسى بن جعفر الكاظم.
    ان فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما حضرتها الوفاة قالت يا أمه أني لاستحي مما يصنع بالنساء، فقالت لها: إني قد رأيت بأرض الحبشة شيئاً يصنع على النساء، فأمرتها أن تصنعه عليها ولا يلي غسلها إلاّ هي وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
    قالت أسماء فعملت نعشاً وغسلتها عليه أنا وعلي.
    قال ابن أبي فديك: ففاطمة أول من عمل عليها النعش".
    قول عز الدين الشيباني (إبن أثير)
    7 ـ قال عزالدين أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبدالكريم بن عبدالواحد الشيباني المعروف بابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ، طبعة دار صادر بيروت لبنان عام 1399هـ، ج6 ص164:
    "وفيهما (أي: سنة 183هـ) مات موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ببغداد في حبس الرشيد.
    وكان سبب حبسه: ان الرشيد اعتمر في شهر رمضان من سنة 179هـ، فلما عاد إلى المدينة على ساكنها السلام دخل إلى قبر النبي (صلى الله عليه وآله) يزوره ومعه الناس، فلما انتهى إلى القبر وقف فقال السلام عليك يا رسول الله يا ابن العم ـ افتخاراً على من حوله ـ فدنا موسى بن جعفر فقال: السلام عليك يا ابه، فتغير وجه الرشيد وقال: هذا الفخر يا ابا الحسن جداً، ثم أخذه معه إلى العراق فحبسه عند السندي بن شاهك، وتولت حبسه اخت السندي بن شاهك، وكانت تتدين، فحكت عنه انه كان إذا صلى العتمة حمد الله ومجّده ودعاه إلى أن يزول الليل، ثم يقوم فيصلي، حتى يصلي الصبح، ثم يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ـ ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى ـ ثم يرقد ويستيقظ قبل الزوال، ثم يتوضأ ويصلي، حتى يصلي العصر، ثم يذكر الله حتى يصلي المغرب، ثم يصلي ما بين المغرب والعتمة، فكان هذا دأبه إلى أن مات.
    وكانت إذا رأته قالت: خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل الصالح.
    وكان يلقّب بالكاظم، لانه كان يحسن إلى من يسيء إليه، كان هذا عادته ابداً.
    ولما كان محبوساً بعث إلى الرشيد برسالة انه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلاّ ينقضي عنك معه يوم من الرخاء، حتى ينقضيا جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء، يخسر فيه المبطلون".
    قول محمد بن عمر الزمخشري
    8 ـ قال محمد بن عمر الزمخشري، المتوفى سنة 538، في كتابه ربيع الأبرار ونصوص الأخبار، طبع منشورات الشريف الرضي 1410هـ، اوفست طبعة بغداد، ج1 ص315 ـ 316:
    "كان الرشيد يقول لموسى الكاظم بن جعفر: يا ابا الحسن خذ فدك حتى أردها عليك، فيأبى، حتى الح عليه، فقال: لا أخذها إلاّ بحدودها، قال وما حدودها؟ قال: يا أمير المؤمنين أن حددتها لم تردها، قال: بحق جدك إلاّ فعلت، قال:
    أما الحد الأول فعدن، فتغير وجه الرشيد وقال: هيه.
    قال والحد الثاني: سمرقند، فأربد وجهه.
    قال: والحد الثالث افريقيه، فاسود وجهه، وقال: هيه.
    قال: والرابع سيف البحر مما يلي الخزر وأرمينية.
    قال الرشيد: فلم يبق لنا شيء، فتحول في مجلسي.
    قال موسى: قد اعلمتك أني إن حددتها لم تردها.
    فعند ذلك عزم على قتله، واستكفى امره يحيى بن خالد، فاراه بثرة(1)فرجت في كفه وقال: هذه علامة أهل بيتنا قد ظهرت بي، وأنا أقضي عن قرب، فقد كفيت امري، فتركه يحيى ومات بعد أيام".

    ____________
    1 ـ أي: فارى الإمام الكاظم يحيى بن خالد بثرة، وهذا المطلب تفرّد بنقله الزمخشري وهو مخالف لكتب التاريخ من استشهاد الإمام الكاظم بالسم، لا أن سبب وفاته بثرة فرجت في يده.
    وقال أيضاً في ربيع الأبرار ج2 ص211:
    "سمع موسى بن جعفر يقول في سجوده آخر الليل: يا رب عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك".
    وقال أيضاً في ربيع الأبرار ج3 ص553:"قال الرشيد لموسى بن جعفر: اني قاتلك، قال لا تفعل، فإني سمعت أبي يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن العبد يكون واصلا لرحمه وقد بقى من أجله ثلاث سنين فيمدّها الله له حتى ثلاثين سنة، ويكون العبد قاطعاً لرحمه وقد بقي من أجله ثلاثون سنة فيعصرها الله حتى يجعلها ثلاث سنين".
    قول جمال الدين إبن الجوزي
    9 ـ قال جمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي، المتوفى سنة 597هـ، في كتاب صفة الصفوة، الطبعة الثانية 1399هـ، دار المعرفة بيروت لبنان، ج2 ص184 ـ 187 رقم 191:
    "موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي، أبو الحسن الهاشمي (عليهم السلام).
    كان يدعى العبد الصالح لأجل عبادته واجتهاده وقيامه بالليل، وكان كريماً حليماً إذا بلغه عن رجل أنه يؤذيه بعث إليه بمال.
    عن الفضل بن ربيع عن أبيه: انه لما حبس المهدي موسى بن جعفر رأى المهدي في النوم علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يقول: يا محمد (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)(1)، قال الربيع: فأرسل إلي ليلا فراعني، فجئته فإذا هو يقرأ هذه الآية، وكان أحسن الناس صوتاً فقال: علي بموسى بن جعفر، فجئته به، فعانقه واجلسه إلى جانبه وقال:
    ____________
    1 ـ محمد 47: 22.

  • #2
    يا ابا الحسن رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في النوم يقرأ علي كذا، فتؤمنني أن تخرج علي أو على أحد من ولدي؟ فقال: والله لا فعلت ذلك ولا هو من شأني، قال: صدقت، يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار ورده إلى أهله إلى المدينة.
    قال الربيع: فأحكمت أمره ليلا، فما أصبح إلاّ وهو في الطريق خوف العوائق.
    وعن شقيق بن ابراهيم البلخي قال: خرجت حاجاً في سنة 249، فنزلت القادسية، فبينا أنا انظر في زينتهم وكثرتهم، فنظرت إلى فتى أحسن الوجه شديد السمرة يعلو فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة، في رجليه نعلان وقد جلس منفرداً، فقلت في نفسي: هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس في طريقهم، والله لامضين له ولابخنه، فدنوت منه، فلما رآني مقبلا قال يا شقيق (اجتنوبا كثيراً من الظن أن بعض الظن إثم)(1)، ثم تركني ومضى.
    فقلت في نفسي: إن هذا الأمر عظيم ـ قد تكلّم على ما في نفسي ونطق باسمي، وما هذا إلاّ عبد صالح لألحقنه ولاسألنه أن يحللني، فأسرعت في أثره فلم الحقه وغاب عن عيني، فلما نزلنا واقصة إذ به يصلي واعضاؤه تضطرب ودموعه تجري، فقلت هذا صاحبي أمضي إليه واستحله، فبصرت حتى جلس وأقبلت نحوه فلمّا رآني مقبلا قال: يا شقيق إنك: (واني لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحاً ثم اهتدى)(2) ثم تركني ومضى.
    ____________
    1 ـ الحجرات 49: 12.
    2 ـ طه 20: 82.
    فقلت ان هذا الفتى لمن الابدال وقد تكلّم على سري مرتين، فلما تزلنا رمالا إذا بالفتى قائم على البئر وبيده ركوه يريد أن يستقي الماء، فسقطت الركوة من يده في البئر، وأنا انظر إليه، فرأيت قد رمق السماء وسمعته يقول:
    أنت ربي إذا ظمئت من الماء وقوتي إذا أردت الطعاما
    اللهم سيدي مالي سواها تعد منيها.
    قال شقيق: فوالله لقد رأيت البئر قد ارتفع ماؤها، فمد يده فأخذ الركوة وملأها ماء وتوضأ وصلى أربع ركعات، ثم مال إلى كثيب رمل فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويحركه ويشرب.
    فاقبلت إليه وسلمت عليه فرد علي السلام، فقلت اطعمني من فضل ما انعم الله به عليك.
    فقال: يا شقيق لم تزل نعمة الله علينا ظاهرة وباطنة فاحسن ظنك بربك، ثم ناولني الركوة فشربت منها، فإذا سويق وسكر، فوالله ما شربت قط الذّ منه ولا أطيب ريحاً منه فشبعت، فاقمت أياماً لا اشتهي طعاماً ولا شراباً.
    ثم لم أره حتى دخلنا مكة، فرأيته ليلة إلى جنب قبة الشراب في نصف الليل يصلي بخشوع وأنين وبكاء، فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل، فلما رأى جلس في مصلاه يسبّح الله، ثم قام فصلّى الغداة، وطاف بالبيت اسبوعاً ـ وخرج فتتبعته فإذا له حاشية وأموال، وهو على خلاف ما رأيته في الطريق، ودار به الناس من حوله يسلّمون عليه، فقلت لبعض رأيته يقرب منه: من هذا الفتى؟ فقال هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).
    فقتل: قد عجبت أن تكون هذه العجائب إلاّ لمثل هذا السيد.
    وعن أحمد بن اسماعيل قال: بعث موسى بن جعفر إلى الرشيد من الحبس رسالته كانت: انه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلاّ انقضى عنك معه يوم من الرخاء، حتى نقضي جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون.
    ولد موسى بن جعفر (عليه السلام) بالمدينة في سنة 128هـ، وقيل 129هـ، واقدمه المهدي بغداد، ثم رده إلى المدينة، فأقام بها إلى أن توفى بها لخمس بقين من رجب في سنة 183هـ ".
    قول أحمد بن محمد بن خلكان
    10 ـ قال أبو العباس أحمد بن محمد بن خلكان، المتوفى سنة 608، في كتابه وفيات الأعيان، طبع دار صادر بيروت، ج5 ص308 ـ 310 رقم 746:
    "موسى الكاظم: أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق ابن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، أحد الأئمة الاثني عشر رضي الله عنهم.
    وقال الخطيب في تاريخ بغداد: كان موسى يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده، وروى انه دخل مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسجد سجدة في أول الليل وسمع وهو يقول في سجوده: عظم الذنب عندي فليحسن العفو من عندك، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة، فجعل يردّدها حتى أصبح.
    وكان سخياً كريماً، وكان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار، وكان يصر الصرر ثلاثمائة دينار وأربعمائة دينار ومائتي دينار ثم يقسّمها بالمدينة.
    وكان يسكن المدينة، فأقدمه المهدي بغداد وحبسه، فرأى في(1) النوم علي بن أبي طالب(رضي الله عنه) وهو يقول: يا محمد (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)(2).
    ____________
    1 ـ أي: المهدي.
    2 ـ محمد 47: 22.
    قال الربيع: فأرسل إلي ليلا، فراعني ذلك، فجئته فإذا هو يقرأ هذه الآية، وكان أحسن الناس صوتاً، وقال: علي بموسى بن جعفر، فجئته به فعانقه وأجلسه إلى جنبه وقال: يا أبا الحسن أني رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(رضي الله عنه) في النوم يقرأ علي كذا، فتؤمنني أن تخرج علي أو على أحد من أولادي؟ فقال: والله لا فعلت ذلك ولا هو من شأني، قال: صدقت، اعطه ثلاث آلاف دينار وردّه إلى أهله إلى المدينة، قال الربيع: فأحكمت أمره ليلا فما أصبح إلاّ وهو في الطريق فوق العوائق.
    وأقام بالمدينة إلى أيام هارون الرشيد، فقدم هارون منصرفاً من عمرة شهر رمضان سنة تسع وسبعين ومائة، فحمل موسى معه إلى بغداد وحبسه بها إلى أن توفى في محبسه.
    وذكر أيضاً أن هارون الرشيد حج فأتى قبر النبي (صلى الله عليه وآله) زائراً وحوله قريش ورؤساء القبائل، ومعه موسى بن جعفر، فقال: السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم، افتخاراً على من حوله، فقال موسى: السلام عليك يا ابت، فتغيّر وجه هارون الرشيد وقال: هذا هو الفخر يا ابا الحسن حقّاً، انتهى كلام الخطيب.
    وقال أبو الحسن علي بن علي المسعودي في كتاب مروج الذهب في أخبار هارون الرشيد: ان عبدالله بن مالك الخزاعي كان على دار هارون الرشيد وشرطته، فقال: أتاني رسول الله الرشيد وقتاً ما جائني فيه قط، فانتزعني من موضعي، ومنعني من تغيير ثيابي فراعني ذلك، فلما صرت إلى الدار سبقني الخادم فعرف الرشيد خبري، فاذن لي في الدخول، فدخلت فوجدته قاعداً على فراشه فسلّمت عليه فسكت ساعة، فطار عقلي وتضاعف الجزع علي، ثم قال: يا عبدالله اتدري لم طلبتك في هذا الوقت، قلت: لا والله يا أمير المؤمنين، قال: اني رأيت الساعة في منامي كان حبشياً قد أتاني ومعه حربة، فقال ان خليت عن موسى بن جعفر الساعة وإلاّ نحرتك بهذه الحربة، فاذهب فخل عنه، قال: قلت: يا أمير المؤمنين اطلق موسى بن جعفر؟ ثلاثاً، قال: نعم امض الساعة حتى يطلق موسى ابن جعفر واعطه ثلاثين ألف درهم، وقل له: ان احببت المقام قبلنا فلك عندي ما تحب، وان احببت المضي إلى المدينة فالاذن في ذلك لك.
    قال: فمضيت إلى الحبس لاخرجه، فلما رآني موسى وثب إلي وظن اني قد امرت فيه بمكروه، فقلت: لا تخف، فقد امرني باطلاقك وان ادفع لك ثلاثين ألف درهم، وهو يقول لك: ان احببت المقام قبلنا فلك كل ما تحب، وان احببت الانصراف إلى المدينة فالأمر في ذلك مطلق لك، واعطيته ثلاثين ألف درهم وخليت سبيله.
    وقلت له: لقد رأيت من أمرك عجباً، قال: فاني اخبرك: بينا أنا نائم إذ أتاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا موسى حبست مظلوماً، فقل هذه الكلمات فانك لا تبيت هذه الليلة في الحبس، فقلت: بابي وأمي ما أقول؟ قال: قل يا سامع كل صوت، ويا سابق الفوت، ويا كاسي العظام لحماً ومنثرها بعد الموت أسألك باسمائك الحسنى وباسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين يا حليماً ذا اناة لا يقوى على اناته، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع ابداً ولا يحصى عدداً فرج عني، فكان ما ترى.
    وله اخبار ونوارد كثيرة.
    وكانت ولادته يوم الثلاثاء قبل طلوع الفجر سنة تسع وعشرين ومائة.
    وقال الخطيب: سنة ثمان وعشرين بالمدينة.
    وتوفى لخمس بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة، وقيل سنة ست وثمانين ببغداد، وقيل انه توفي مسموماً، وقال الخطيب توفي في الحبس ودفن في مقابر الشونيزيين خارج القبة، وقبره هناك مشهور يزال، وعليه مشهد عظيم فيه قناديل الذهب وافضة وأنواع الآلات والفرش ما لا يحد، وهو في الجانب الغربي، وقد سبق ذكر ابيه وأجداده وجماعة من أحفاده، رضي الله عنهم وارضاهم.
    وكان الموكّل به مدة حبسه السندي بن شاهك جد كشاجم الشاعرة المشهور".
    وقال أيضاً في وفيات الأعيان ج1 ص434 ـ 435:
    "قال الهيثم: حدّثني بعض أصحاب جعفر الصادق قال: دخلت على جعفر وموسى بين يديه وهو يوصيه بهذه الوصية، فكان مما حفظت منها ان قال:
    يا بني واقبل وصيتي واحفظ مقالتي فانك وان حفظتها تعيش سعيداً وتمت حميداً.
    يا بني انه من (قنع بما قسم له استغنى، ومن مد عينيه إلى ما في يده غيره مات فقيراً، ومن لم يرض) بما قسم الله له اتهم الله في قضائه، ومن استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه.
    يا بني من كشف حجاب غيره انكشف عورات بيته، ومن سل سيف البغي قتل به ومن احتفر لأخيه بئراً سقط فيها، ومن داخل السفهاء حقره، ومن خالط العلماء وقّر، ومن دخل مداخل التهم اتهم.
    يا بني قل الحق لك وعليك وإياك والنميمة فانها تزرع الشحناء في قلوب الرجال، يا بني ان طلبت الجود فعليك بمعادنه".
    قول سبط بن الجوزي

    تعليق


    • #3
      11 ـ قال شمس الدين يوسف بن مرغلي المعروف بسبط بن الجوزي، المتوفى سنة 654، في كتابه تذكرة الخواص، طبع مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام) بيروت 1401هـ، ص312 ـ 315:
      "فصل في ذكر ولده (أي جعفر) موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).

      ويلقّب بالكاظم والمأمون والطيب والسيد، وكنيته أبو الحسن، ويدعى بالعبد الصالح لعبادته واجتهاده وقيامه بالليل، وامه أم ولد اندلسيه، وقيل بربريه، اسمها حميدة.
      وكان موسى جواداً حليماً، وانما سمي الكاظم لانه كان إذا بلغه عن أحد شيء بعث إليه بمال.
      ومولده بالمدينة سنة ثمان وعشرين ومائة، وقيل سنة تسع وعشرين ومائة وهو من الطبقة السابعة من أهل المدينة من التابعين.
      اخبرنا أبو محمد البزاز، أنبأنا أبو الفضل بن ناصر، أنبأنا محمد بن عبدالملك والمبارك بن عبدالجبار الصيرفي قالا: أنبأنا عبدالله بن أحمد بن عثمان أنبأنا محمد بن عبدالرحمن الشيباني: ان علي بن محمد بن الزبير البجلي حدّثهم قال: حدّثنا هشام بن حاتم الأصم عن أبيه قال: حدّثني شقيق البلخي قال: خرجت حاجاً في سنة تسع وأربعين ومائة، فنزلت القادسية، وإذا بشاب حسن الوجه شديد السمرة عليه ثوب صوف مشتمل بشملة، في رجليه نعلان وقد منفرداً عن الناس.
      فقلت في نفسي: هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس والله لأمضين إليه ولابخنه، فدنوت منه، فلمّا رآني مقبلا قال: يا شقيق (اجتنوبا كثيراً من الظن)(1) الآية، فقتل في نفسي: هذا عبد صالح قد نطق على ما في خاطري، لالحقنه ولاسألنه أن يحالني، فخاب عن عيني.
      ____________
      1 ـ الحجرات 49: 12.
      فلما نزلنا واقصة إذا به يصلي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تتحادر، فقلت امضي إليه واعتذر، فاوجز في صلاته وقال: يا شقيق: (واني لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحاً ثم اهتدى)(1)، فقلت: هذا من الأبدال قد تكلم على سري مرتين.
      فلما نزلنا زبالا إذا به قائم على البئر وبيده ركوة يريد أن يستسقي الماء، فسقطت الركوة في البئر، فرفع طرفه إلى السماء وقال:
      أنت ربي إذا ظمئت من الماء وقوتي إذا أردت الطعاما
      يا سيدي مالي سواها
      قال فوالله لقد رأيت البئر قد ارتفع ماؤها فأخذ الركوة وملأها وتوضأ وصلى أربع ركعات، ثم مال إلى كثيب رمل هناك فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويشرب، فقلت: اطعمني من فضل ما رزقك الله وما أنعم الله عليك، فقال: يا شقيق لم تزل نعم الله علينا ظاهرة وباطنة، فاحسن ظنك بربك، ثم ناولني الركوة فشربت منها، فإذا سويق وسكر ما شربت والله الذّ منه ولا أطيب ريحاً، فشبعت ورويت واقمت أياماً لا اشتهي طعاماً ولا شراباً.
      ثم لم أره حتى دخلت مكة، فرأيته ليلة إلى جانب قبة الشراب نصف الليل يصلي بخشوع وأنين وبكاء، فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل، فلما طلع الفجر جلس في مصلاه يسبّح، ثم قام إلى صلاة الفجر وطاف بالبيت أُسبوعاً، وخرج فتبعته وإذا له غاشية وأموال وغلمان، وهو على خلاف ما رأيته في الطريق ودار به الناس يسلمون عليه ويتبرّكون به، فقلت لبعضهم: من هذا؟ فقال: موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).
      فقلت: قد عجبت أن تكون هذه العجائب إلاّ لمثل هذا السيد.
      ____________
      1 ـ طه 20: 82.
      قال أهل السير: كان مقام موسى بالمدينة، لانه ولد بها، فأقدمه محمد المهدي بغداد فحبسه بها ثم ردّه إلى المدينة لمنام رآه، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد عن الفضل بن الربيع، عن أبيه قال: لما حبس المهدي موسى بن جعفر رأى المهدي علياً (عليه السلام) في المنام فقال له: يا محمد (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)(1) الآية.
      قال الربيع: فأرسل إليَّ المهدي ليلا، فراعني ذلك فجئته، فإذا هو يقرأ الآية ـ وكان أحسن الناس صوتاً ـ فقال: علي بموسى بن جعفر، قال فجئته به، فعانقه واجلسه إلى جنبه وقال: يا أبا الحسن رأيت الساعة أمير المؤمنين وهو يقرأ علي هذه الآية، افتؤمنني أن لا تخرج علي ولا على أحد من ولدي بعدي؟ فقال: والله لا فعلت ذلك أبداً ولا هو من شيمتي، فقال: صدقت، ثم قال: يا ربيع اعطه ثلاثة آلاف دينار ورده إلى أهله.
      قال الربيع: فأحكمت امره ليلا، فما أصبح إلاّ وهو على الطريق مخافة العوائق.
      قال المدائني: أقام موسى بالمدينة حتى توفي المهدي والهادي وحج هارون الرشيد، فاجتمع بموسى بن جعفر عند قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال هارون للنبي (صلى الله عليه وآله) السلام عليك يا ابن العم افتخاراً على من حوله، فدنى موسى من القبر وقال: السلام عليك يا ابة، فتغير وجه هارون ثم قال: والله يا أبا الحسن هذا هو الفخر والشرف حقاً، ثم حمله معه إلى بغداد فحبسه بها سنة سبع وسبعين ومائة، فأقام في حبسه إلى سنة ثمان وثمانين ومائة في رجب فتوفى بها.
      وذكر الزمخشري في ربيع الأبرار: ان هارون كان يقول لموسى: خذ فدكاً
      ____________
      1 ـ محمد 47: 22.
      وهو يمتنع ـ فلما ألح عليه قال: ما أخذها إلاّ بحدودها، قال: وما حدودها قال:
      الحد الأول عدن، فتغير وجه الرشيد. والحد الثاني؟
      قال: سمرقند، فأربد وجهه. قال: والحد الثالث؟
      قال افريقيه، فاسود وجهه، قال والحد الرابع؟
      قال: سيف البحر مما يلي الخزر وأرمينيه.
      فقال هارون: فلم يبق لنا شيء فتحول في مجلسي.
      فقال موسى: قد اعلمتك أني إن حددتها لم تردها، فعند ذلك عزم على قتله واستكفى أمره.
      وذكر الخطيب في تاريخه قال: بعث موسى من الحبس رسالة إلى هارون يقول له: ان(1) ينقضي عني يوم من البلاء حتى ينقضي عنك يوم من الرخاء، حتى نقضي جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون.
      واختلفوا في سنه على أقوال:
      أحدها: خمس وخمسون سنة.
      والثاني: أربع وخمسون.
      والثالث: سبع وخمسون.
      والرابع: ثمان وخمسون.
      والخامس: ستون.
      ودفن بمقابر قريش وقبره ظاهر يزار.
      وقيل: مات سنة ثلاث وثمانين ومائة.
      ذكره أولاده:
      قال علماء السيد: وله عشرون ذكراً وعشرون انثى: علي الإمام، وزيد.
      ____________
      1 ـ كذا، والظاهر: لن.
      وهذا زيد كان قد خرج على المأمون، فظفر به فبعث به إلى أخيه علي بن موسى الرضا!، فوبّخه وجرى بينهما كلام ذكره القاضي المعافي في الجليس والأنيس، فيه: ان علياً قال له: سواه لك يا زيد، ما أنت قائل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ سفكت الدماء وأخفت السبل وأخذت المال من غير حله، غرك حمقاء أهل الكوفة، وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان فاطمة احصنت فرجها فحرم الله ذريتهما على النار، وهذا لمن خرج من بطنها مثل الحسن والحسين فقط، لا لي ولا لك، والله ما نالوا بذلك إلاّ بطاعة الله، فان أردت أن تنال بمعصية الله ما نالوه بطاعته انك اذن لاكرم الله منهم.
      وابراهيم، وعقيل، وهارون، والحسن، وعبدالله، وعبيدالله، واسماعيل وعمر، واحمد، وجعفر، ويحيى، واسحاق، والعباس، وحمزة، وعبدالرحمن، والقاسم وجعفر الاصغر وقيل محمد.
      وخديجة، وام فروة، واسماء، وعليه، وفاطمة الكبرى، والصغرى، والوسطى وفاطمة اخرى ـ فالفواطم اربع ـ وام كلثوم، وامنة، وزينب، وأم عبدالله، وزينب الصغرى، وأم القاسم، وحكيمة، وأسماء الصغرى، ومحمودة، وإمامة، وميمونة لامهات شتى".
      قول صفي الدين الخزرجي
      12 ـ قال صفي الدين أحمد بن عبدالله الخزرجي، في خلاصة تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال، طبع مكتبة القاهرة بالقاهرة، ج3 ص63 ـ 64 رقم 7257:
      "موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو الحسن الكاظم المدني.
      عن أبيه، وعنه ابنه علي الرضا وأخواه علي ومحمد ابنا جعفر بن محمد وطائفة.
      قال أبو حاتم: ثقة امام من أئمة المسلمين.
      قال يحيى بن الحسين العلوي: بلغه عن رجل انه يؤذيه فبعث إليه بصرة فيها ألف دينار.
      حبسه المهدي ثم اطلقه.
      ومات سنة ثلاث وثلاثين ومائة".
      قول شمس الدين الذهبي
      13 ـ قال أبو عبدالله شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748هـ، في كتابه ميزان الاعتدال في نقد الرجال، طبع دار المعرفة بيروت لبنان، ج4 ص201 ـ 202 رقم 8855:
      "موسى بن جعفر بن محمد بن علي العلوي الملقّب بالكاظم، عن أبيه.
      قال ابن أبي حاتم: صدوق امام من أئمة المسلمين.
      وقال أبوه حاتم الرازي: ثقة إمام من أئمة المسلمين.
      قلت: روى عنه بنوه: علي الرضا ـ وابراهيم، واسماعيل، وحسين، واخواه علي، ومحمد.
      وانما أوردته لأن العقيلي ذكره في كتابه وقال: حديثه غير محفوظ يعني في الايمان.
      قال: الحمل فيه على أبي الصلت الهروي.
      قلت: فإذا كان الحمل فيه على أبي الصلت فما ذنب موسى تذكروه؟ وفي مسند الشهاب باسناد مظلم إلى سهل بن ابراهيم، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده ـ متصلا ـ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر ـ وبعده ينفي الهم ويصح الصبر.
      وجاء عن موسى، عن آبائه ـ مرفوعاً: نعم المال النخل الراسخات في الوحل المطعمات في المحل.
      وقد كان موسى من أجود الحكماء ومن العباد الاتقياء، وله مشهد معروف ببغداد.
      مات سنة 183هـ، وله خمس وخمسون سنة، وحديثه قليل جداً".
      وقال أيضاً في كتابه دول الإسلام، طبع منشورات الأعلمي بيروت 1405 ص105:
      "وفيها (أي: سنة ثلاث وثمانين ومائة) مات موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي من سادات أهل البيت".
      وقال أيضاً في كتابه سير أعلام النبلاء، طبع مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى سنة 1401هـ، ج6 ص270 ـ 274:
      "موسى الكاظم، الامام القدوة، السيد أبو الحسن العلوي، والد الإمام علي بن موسى الرضي، مدني نزل بغداد، وحدث بأحاديث عن أبيه، وقيل: انه روى عن عبدالله بن دينار وعبدالملك بن قدامة، حدث عنه أولاده: علي، وابراهيم واسماعيل، وحسين، وأخواه علي بن جعفر، ومحمد بن جعفر، ومحمد بن صدقة العنبري، وصالح بن يزيد، وروايته يسيرة، لانه مات قبل أوان الرواية، رحمه الله.
      ذكره ابو حاتم فقال: ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين.
      قلت: له عند الترمذي وابن ماجة حديثان.
      قيل انه ولد سنة 128هـ بالمدنية.
      قال الخطيب: اقدمه المهدي بغداد، ورده، ثم قدمها، وأقام بغداد في أيام الرشيد، قدم في صحبة الرشيد سنة 179هـ، وحبسه بها إلى أن توفى في محبسه.
      ثم قال الخطيب: أنبأنا الحسن بن أبي بكر، أنبأنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، حدّثني جدي يحيى بن الحسن بن عبيدالله ابن الحسين بن علي بن الحسين قال: كان موسى بن جعفر يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده روى اصحابنا انه دخل مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسجد سجدة في أول الليل، فسمع وهو يقول في سجوده: عظم الذنب عندي فليحسن العفو من عندك، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة، فجعل يردّدها حتى أصبح.
      وكان سخياً كريماً، يبلغه عن الرجل انه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار، وكان يصر الصرر ثلاث مائة دينار، وأربع مائة، ثم يقسمها بالمدينة فمن جائته صرة استغنى.
      حكاية منقطعة، مع أن يحيى بن الحسن متهم.
      ثم ذكر يحيى هذا:
      حدّثنا اسماعيل بن يعقوب، حدّثنا محمد بن عبدالله البكري، قال قدمت المدينة اطلب بها ديناً فقلت: لو أتيت موسى بن جعفر فشكوت إليه، فاتيته بنقمي في ضيعته، فخرج إلي، وأكلت معه، فذكرت له قصتي فأعطاني ثلاث مائة دينار.
      ثم قال يحيى: وذكر لي غير واحد أن رجلا من آل عمر كان بالمدينة يؤذيه ويشتم علياً، وكان قد قال له بعض حاشيته: دعنا نقتله، فنهاهم وزجرهم.
      وذكر له ان العمر يزدرع بأرض، فركب إليه في مزرعته، فوجده فدخل بحماره، فصاح العمري: لا توطىء زرعنا، فوطىء بالحمار حتى وصل إليه، فنزل عنده وضاحكه وقال: كم غرمت في زرعك هذا؟ قال مائة دينار، قال فكم ترجو؟ قال: لا أعلم بالغيب وأرجو أن يجيئني مائتا دينار، فأطاه ثلاث مائة دينار، وقال: هذا زرعك على حاله، فقام العمري فقبّل رأسه وقال: (الله اعلم حيث يجعل رسالته)(1) وجعل يدعو له كل وقت، فقال أبو الحسن لخاصته الذين أرادوا قتل العمري: أينما هو خبير؟ ما أردتم أو ما أردت أن أصلح أمره بهذا المقدار؟ قلت: ان صحت فهذا غاية الحلم والسماحة.
      ____________
      1 ـ الانعام 6: 124.
      قال أبو عبدالله المحاملي: حدّثنا عبدالله بن أبي سعد، حدّثني محمد بن الحسين الكتاني، حدّثني عيسى بن محمد بن مغيث القرشي وبلغ تسعين سنة، قال: زرعت بطيخا وقثاء وقرعاً بالجوانية، فلما قرب الخير بيتني الجراد فأتى على الزرع كله، وكنت غرمت عليه وفي ثمن جملين مائة وعشرين ديناراً، فبينما أنا جالس طلع موسى بن جعفر، فسلم ثم قال: أيش حالك؟ فقلت: أصبحت كالصريم قال وكم غرمت فيه؟ قلت: مائة وعشرين ديناراً مع ثمن الجملين، وقلت: يا مبارك ادخل وادع لي فيها، فدخل ودعا، وحدّثني عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال: تمسّكوا ببقايا المصائب.
      ثم علقت عليه الجملين وسقيته، فجعل الله فيها البركة زكت، فبعت منها بعشرة آلاف.
      الصولي، حدّثنا عون بن محمد، سمعت اسحاق الموصلي غير مرة يقول: حدّثني الفضل بن الربيع، عن أبيه قال: لما حبس المهدي موسى بن جعفر رأى في النوم علياً يقول: يا محمد (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)(1) قال الربيع: فأرسل إلي ليلا، فراعني، فجئته، فإذا هو يقرأ هذه الآية ـ وكان أحسن الناس صوتاً ـ وقال: علي بموسى بن جعفر، فجئته به، فعانقه وأجلسه إلى جنبه وقال: يا أبا الحسن أني رأيت أمير المؤمنين يقرأ على كذا، فتؤمني أن تخرج علي أو على أحد من ولدي؟ فقال: لا والله لا فعلت ذلك ولا هو من شأني، قال: صدقت، يا ربيع اعطه ثلاثة آلاف دينار ورده إلى اهله إلى المدينة، فأحكمت أمره ليلا، فما أصبح إلاّ وهو في الطريق خوف العوائق.
      ____________
      1 ـ محمد 47: 22.
      وقال الخطيب: أنبأنا أبو العلاء الواسطي، حدّثنا عمر بن شاهين حدّثنا الحسين بن القاسم، حدّثني أحمد بن وهب، أخبرني عبدالرحمن ابن صالح الازدي قال: حج الرشيد فأتى قبر النبي (صلى الله عليه وآله) ومعه موسى بن جعفر فقال: السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم، افتخاراً على من حوله، فدنا موسى وقال: السلام عليك يا ابه، فتغير وجه هارون وقال: هذا الفخر يا أبا الحسن حقاً.
      قال يحيى بن الحسن العلوي: حدّثني عمار بن أبان قال: وحبس موسى بن جعفر عند السندي بن شاهك، فسألته اخته أن تولى حبسه وكانت تدين(1)ففعل، فكانت على خدمته فحكى لنا أنها قالت: كان إذا صلى العتمة حمد الله ومجده ودعاه، فلم يزل كذلك حتى يزول الليل، فإذا زال الليل قام يصلي حتى صلي الصبح، ثم يذكر حتى تطلع الشمس، ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى، ثم يتهيأ ويستاك ويأكل، ثم يرقد إلى قبل الزوال ثم يتوضأ ويصلي العصر، ثم يذكر في القبلة حتى يصلي المغرب، ثم يصلي ما بين المغرب إلى العتمة.
      فكانت تقول: خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل. وكان عبداً صالحاً.
      وقيل بعث موسى الكاظم إلى الرشيد برسالة من الحبس يقول: انه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلاّ انقضى عنك يوم من الرخاء، حتى نقضي جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون.
      ____________
      1 ـ أي: تأخذ ديناً.
      وعن عبدالسلام بن السندي قال: كان موسى عندنا محبوساً، فلما مات بعثنا إلى جماعة من العدول من الكرخ فادخلناهم عليه فاشهدناهم على موته، ودفن في مقابر الشونيزيه.
      قلت: له مشهد عظيم مشهور ببغداد، دفن معه حفيده الجواد ولولده علي بن موسى مشهد عظيم بطوس، وكانت وفاة موسى الكاظم في رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة، عاش خمساً وخمسين سنة وخلف عدة أولاد، الجميع من من اماء: علي والعباس، واسماعيل، وجعفر، وهارون، وحسن، وأحمد، ومحمد، وعبيدالله، وحمزة وزيد، واسحاق، وعبدالله، والحسين، وفضل، وسليمان، سوى البنات، سمى الزبير في (النسب)".
      وقال أيضاً في كتابه تاريخ الاسلام ووفيات المشاهير والأعلام طبع دار الكتاب العربي بيروت 1410هـ 1990م، حوادث ووفيات 181 ـ 190هـ، ص10 ـ 11:
      "سنة ثلاث وثمانين ومائة توفى فيها... وموسى الكاظم بن جعفر".
      وقال أيضاً في تاريخ الإسلام، ص417 ـ 419.
      "موسى الكاظم: هو الإمام أبو الحسن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب العلوي الحسيني والد علي بن موسى الرضا.
      وببغداد مشهد موسى والجواد.
      روى عن أبيه وعن عبدالملك بن قدامة الجمحي.
      روى عنه بنوه: علي، وابراهيم، واسماعيل، وحسين، وأخواه: محمد وعلي ابنا جعفر.
      مولده كان في سنة ثمان وعشرين ومائة.
      قال أبو حاتم: ثقة إمام.
      وقال غيره: حج الرشيد فحمل معه موسى من المدينة إلى بغداد وحبسه إلى أن توفى غير مضيق عليه.
      وكان صالحاً عالماً عابداً متالها.
      بلغنا أنه بعث إلى الرشيد برسالة يقول: انه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلاّ وانقضى عنك معه يوم من الرخاء، حتى نقضي جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون.
      قال عبدالرحمن بن صالح الأزدي: زار الرشيد قبر النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم يفتخر بذلك، فتقدّم موسى بن جعفر فقال السلام عليك يا ابة، فتغير وجه الرشيد وقال: الفخر حقاً يا أبا حسن.
      وقال النسابة يحيى بن جعفر العلوي المدني، وكان موجوداً بعد الثلاثمائة كان موسى يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده، وكان سخياً يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها الألف دينار، وكان يصرر الصرر مائتي دينار وأكثر ويرسل بها، فمن جاءته صرة استغنى.
      قلت: هذا يدلّ على كثرة اعطاء الخلفاء العباسيين له، ولعل الرشيد ما حبسه إلاّ لقولته تلك: السلام عليك يا ابة، فان الخلفاء لا يحتملون مثل هذا.
      روى الفضل بن الربيع، عن أبيه: ان المهدي حبس موسى بن جعفر، فرأى في المنام علياً وهو يقول: (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)(1) قال: فأرسل إلي ليلا، فراعني ذلك، وقال: علي بموسى، فجئته به، فعانقه وقص عليه الرؤيا وقال تؤمنني أن تخرج علي وعلى ولدي؟ فقال: والله لا فعلت ذلك ولا هو من شأني، قال: صدقت، واعطاه ثلاثة آلاف دينار وجهزه إلى المدينة.
      ____________
      1 ـ محمد 47: 22.
      عبدالله بن أبي سعد الوراق، حدّثني محمد بن الحسين الكناني، حدّثني عيسى بن مغيب القرطي قال: زرعت بطيخاً وقثاء في موضع بالجوانيه على بئر، فلما استوى بيته الجراد فأتى عليه كله، وكنت عرضت عليه مائة وعشرين ديناراً، فبينما أنا جالس إذ طلع موسى بن جعفر فسلم ثم قال: ايش حالك؟ فقلت: اصبحت كالعديم بيتني الجراد، فقال: يا عرفة ـ علامه ـ زن له مائة وخمسين ديناراً ثم دعا لي فيها، فبعث منها بعشرة آلاف درهم.
      مات موسى(رضي الله عنه) في شهر رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة، وقيل سنة ست، والأول أصح.
      وعاش بعضاً وخمسين سنة كأبيه وجده وجد أبيه وجد جده، ما في الخمسة من بلغ الستين".
      وقال أيضاً في كتابه العبر في خبر من غبر، طبع معهد المخطوطات في الكويت 1960، ج1 ص287:
      "وفيها (أي سنة ثلاث وثمانين ومائة توفى) السيد أبو الحسن موسى الرضا، ولد سنة ثمان وعشرين ومائة، روى عن أبيه.
      قال أبو حاتم: ثقة امام من أئمة المسلمين.
      وقال غيره: اقدمه الرشيد معه من المدينة فحبسه ببغداد ومات في الحبس(رحمه الله).
      وكان صالحاً عابداً جواداً حليماً كبير القدر".
      قول عماد الدين القرشي الدمشقي
      14 ـ قال الحافظ عماد الدين أبي الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، المتوفى سنة 774، في كتاب البداية والنهاية في التاريخ، مطبعة السعادة مصر، ج10 ص183:
      "موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو الحسن الهاشمي، ويقال له الكاظم، ولد سنة ثمان أو تسع وعشرين ومائة.
      وكان كثير العبادة والمروءة، إذا بلغه عن أحد انه يؤذيه ارسل إليه بالذهب والتحف، ولد له من الذكور والاناث أربعون نسمة.
      واهدى له مرة عبد عصيدة، فاشتراه واشترى المزرعة التي هو فيها بألف دينار واعتقه ووهب المزرعة له.
      وقد استدعاه المهدي إلى بغداد فحبسه، فلما كان في بعض الليالي رأى المهدي علي بن أبي طالب وهو يقول له: يا محمد (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)(1)، فاستيقظ مذعوراً وأمر به خارج من السجن ليلا، فاجلسه معه وعانقه وأقبل عليه وأخذ عليه العهد أن لا يخرج عليه ولا على أحد من أولاده، فقال: والله ما هذا من شأني ولا حدثت فيه نفسي، فقال: صدقت، وأمر له بثلاثة آلاف دينار، وأمر به فرد إلى المدينة فما أصبح الصباح إلاّ وهو على الطريق.
      فلم يزل بالمدينة حتى كانت خلافة الرشيد فحج، فلما دخل ليسلم على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) ومعه موسى بن جعفر الكاظم، فقال الرشيد: السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم، فقال موسى: السلام عليك يا ابت، فقال الرشيد: هذا هو الفخر يا ابا الحسن.
      ثم لم يزل ذلك في نفسه حتى استدعاه في سنة تسع وستين وسجنه فأطال سجنه، فكتب إليه موسى رسالة يقول فيها: أما بعد يا أمير المؤمنين انه لم يقتص عني يوم البلاء إلاّ انقضى عنك يوم من الرخاء، حتى يقضي بنا ذلك إلى يوم يخسر فيه المبطلون.
      توفى لخمس بقين من رجب من هذه السنة ببغداد، وقبره هناك مشهور".
      ____________
      1 ـ محمد 47: 22.
      قول محمد بن شاكر الكتبي
      15 ـ قال محمد بن شاكر الكتبي المتوفى سنة 764 في كتابه فوات الوفيات طبع دار صادر بيروت، ج1 ص297 ـ 298:"جعيفران الموسوس بن علي بن اصفر بن السرى بن عبدالرحمن الانباري من ساكني سامراء، ومولده ببغداد، وكان أبوه من أبناء جند خراسان، وظهر لابيه انه يختلف إلى بعض سراريه، فطرده، وحج تلك السنة، وشكا ولده إلى موسى بن جعفر الكاظم، فقال له موسى: ان كنت صادقاً عليه فليس يموت حتى يفقد عقله، وان كنت قد تحققت ذلك عليه فلا تساكنه في منزلك ولا تطعمه شيئاً من مالك في حياتك وأخرجه عن ميراثك.
      وسأل الفقهاء ممن حيله تخرجه عن ميراثه فدلوه على الطريق في ذلك، فاشهد عليه أبا يوسف القاضي.
      فلما مات أبوه احضر القاضي الوصي وسأل جعيفران عن نسيه وتركه أبيه وأقام بينة عدولا، فاحضر الوصي بينة عدولا فشهد على أبيه بما كان احتال على منعه ميراثه، فلم ير أبو يوسف ذلك، وعزم على ان يورثه، فقال الوصي: أنا ادفع هذا عن الميراث بحجة واحدة، فأبى أبو يوسف أن يسمع منه، وجعيفران يقول قد ثبت عندك أمري فلا تدفعني، فاستمهل الوصي إلى غد، وكتب في رقعة خبره ما قاله موسى بن جعفر، ودفعها لمن دفعها إلى القاضي، فلما قراها دعا الوصي فاستحلفه على ذلك، فحلف باليمين الغموس، فقال: تعال غدا مع صاحبك فحضرا إليه، فحكم أبو يوسف للوصي، فلما امض الحكم وسوس جعيفران واختلط، وكان إذا تاب إليه عقله قال الشعر الجيد...".
      قول أبو محمد اليافعي اليمني المكي
      16 ـ قال أبو محمد بن عبدالله بن أسعد بن علي بن سليمان اليافعي اليمني المكي، المتوفى سنة 767هـ، في كتابه مراة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان، طبع منشورات الأعلمي للمطبوعات بيروت لبنان، الطبعة الثانية 1390هـ، اوفست عن الطبعة الأولى بمطبعة دائرة المعارف النظامية الكائنة بمدينة حيدرآباد الركن سنة 1337هـ، ج1 ص394:
      "وفيها (أي: سنة 183هـ) توفى السيد أبو الحسن موسى الكاظم ولد جعفر الصادق.
      كان صالحاً عابداً جواداً حليماً كبير القدر، وهو أحد الائمة الاثني عشر المعصومين في اعتقاد الامامية.
      وكان يدعى بالعبد الصالح من عبادته واجتهاده، وكان سخياً كريماً كان يبلغه عن الرجل انه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيما الف دينار، وكان يسكن المدينة، فاقدمه المهدي بغداد فحبسه، فرأى في النوم ـ اعني: المهدي ـ علي بن أبي طالب(رضي الله عنه) وهو يقول: يا محمد (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)(1).
      قال الربيع: وارسل الى المهدي ليلا، فراعني ذلك فجئته فإذا هو يقرأ هذه الآية ـ وكان أحسن الناس صوتاً ـ وقال: علي بموسى بن جعفر فجئته به، فعانقه واجلسه إلى جانبه وقال: يا ابا الحسن أني رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(رضي الله عنه) في النوم يقرأ علي كذا، فتومنني ان تخرج علي أو على أحد من أولادي، فقال: والله لا فعلت ذلك وما هو من شأني قال: صدقت، اعطوه ثلاثة آلاف دينار، وردوه إلى أهله إلى المدينة، قال الربيع فأحكمت أمره ليلا، فما أصبح إلاّ وهو في الطريق خوف العوائق.
      ____________
      1 ـ محمد 47: 22.

      تعليق


      • #4
        ثم ان هارون الرشيد حبسه في خلافته إلى أن توفى في حبسه.
        وروى ان هارون كان زار النبي (صلى الله عليه وآله) قال: السلام عليك يا ابن العم مفتخراً بذلك، فقال موسى الكاظم: السلام عليك يا ابة، فتغير وجه هارون.

        وروى ان هارون الرشيد قال: رأيت في المنام كان حسيناً(1) قد أتاني ومعه حربة وقال: ان خليت عن موسى بن جعفر الساعة وإلاّ نحرتك بهذه الحربة، فاذهب فخل عنه واعطه ثلاثين الف درهم، وقل له: ان احببت المقام قبلنا فلك ما تحب وان احببت المضي إلى المدينة فالاذن في ذلك لك، فلمّا اتاه واعطاه ما أمره به قال له موسى الكاظم: رأيت في منامي ان رسول الله (صلى الله عليه وآله)أتاني فقال: يا موسى حبست مظلوماً فقل هذه الكلمات فانك لا تبيت هذه الليلة في الحبس فقلت: بأبي وأمي ما أقول؟ قال لي: قل يا سامع كل صوت، ويا سابق الفوت، وياكسي العظام لحماً، ويا منشرها بعد الموت أسألك باسمائك الحسنى وباسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين، يا حليماً ذا اناءة لا يقوى على اناءته، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع ابداً ولا يحصى عدداً، فرج عني.
        ____________
        1 ـ في المصدر الناقلة لهذه القصة: حبشياً.
        وله اخبار شهيرة ونوارد كثيرة".
        قول شهاب الدين التويري
        17 ـ قال شهاب الدين أحمد بن عبدالوهاب التويري، المتوفى سنة 733، في كتابه نهاية الأرب في فنون الأدب، طبع المجلس الاعلى للثقافة القاهرة 1404هـ، ج22 ص133 ـ 134:
        "وفيها (أي: سنة ثلاث وثمانين ومائة) توفى موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ببغداد في حبس الرشيد، وكان سبب حبسه: ان الرشيد اعتمر في شهر رمضان سنة تسع وسبعين ومائة، فلما عاد إلى المدينة دخل قبر النبي (صلى الله عليه وآله) ومعه الناس، فلما انتهى إلى القبر الشريف وقف فقال: السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم ـ قال ذلك افتخاراً على من حوله ـ فدنا موسى بن جعفر فقال: السلام عليك يا ابت، فتغير وجه الرشيد وقال: هذا الفخر يا ابا الحسن جداً، ثم أخذه معه إلى العراق فحبسه عند السندي بن شاهك حتى مات.
        وكان رجلا صالحاً خيراً ديناً يقوم الليل كله، وهو الملقّب بالكاظم، لقب بذلك لاحسانه لمن أساء إليه".
        قول شهاب الدين العسقلاني
        18 ـ قال شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، في كتابه تهذيب التهذيب(1)، الطبعة الأولى سنة 1327 بمطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية الكائنة في الهند بمحروسة حيدرآباد الدكن ج10 ص339 ـ 340 رقم 597:
        "موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي العلوي أبو الحسن المدني الكاظم، روى عن أبيه وعبدالله بن دينار وعبدالملك بن قدامة الجمحي، وعنه أخواه علي ومحمد، وأولاده: ابراهيم وحسين واسماعيل وعلي الرضي، وصالح بن يزيد، ومحمد بن صدقة العنبري.
        قال أبو حاتم: ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين.
        قال يحيى بن الحسن بن جعفر النسابة: كان موسى بن جعفر يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده.
        وقال الخطيب: يقال: انه ولد بالمدينة في سنة 128هـ واقدمه المهدي إلى بغداد ثم رده إلى المدينة، وأقام بها إلى أيام الرشيد، فقدم هارون منصرفاً من عمرة رمضان سنة 79، فحمله معه إلى بغداد وحبسه بها إلى أن توفى في محبسه.
        ____________
        1 ـ هذا الكتاب مختصر لكتاب تهذيب الكمال، وتهذيب الكمال مختصر لكتاب الكمال في أسماء الرجال.
        وقال محمد بن صدقة العنبري: توفى سنة 183، وقال غيره: في رجب ومناقبه كثيرة.
        قلت: ان ثبت ان مولده سنة 8 فروايته عن عبدالله بن دينار منقطعة عبدالله بن دينار توفى سنة 27".
        وقال ايضاً في كتابه تقريب التهذيب(1)، طبع المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، ج2 ص280 رقم 1444:
        "موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي، أبو الحسن الهاشمي، المعروف بالكاظم، صدوق عابد، من السابعة، مات سنة ثلاث وثمانين"(2).
        قول جمال الدين الأتابكي
        19 ـ قال جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي الاتابكي المتوفى سنة 874هـ، في كتابه النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، طبعة مصورة عن طبعة دار الكتب في مصر، ج2 ص112:
        "وفيها (أي في سنة 183هـ) توفى الامام موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن السيد الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
        كان موسى المذكور يدعى العبد الصالح لعبادته، وبالكاظم لعلمه ولد بالمدينة سنة ثمان أو تسع وعشرين ومائة، وكان سيداً عالماً فاضلا سنياً جواداً ممدوحاً مجاب الدعوة".
        قول الداعي إدريس عماد الدين
        20 ـ قال الداعي ادريس عماد الدين المتوفى سنة 872، في كتابه تاريخ الخلفاء الفاطميين بالمغرب (القسم الخاص من كتاب عيون الأخبار) طبعة دار المغرب الاسلامي بيروت 1985م ص46 ـ 47:
        ____________
        1 ـ هذا الكتاب هو مختصر لكتاب تهذيب التهذيب للمؤلف، فيه زيادات في رجاب مصنفات أصحاب الكتب الستة غير الاصول.
        2 ـ ومائة.
        "روى عن عبدالرحمن بن بكار انه قال: حججت فدخلت المدينة فأتيت مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرأيت الناس مجتمعين على مالك بن أنس يسألونه ويفتيهم، فقصدت نحوه، فإذا أنا برجل وسيم حاضر في المسجد وحوله حفدته يدفعون الناس عنه، فقلت لبعض من حوله: من هذا؟ قالوا موسى بن جعفر فتركت مالكاً وتبعته، ولم ازل اتطلف حتى لصقت به، فقلت: يا ابن رسول الله، اني رجل من المغرب من شيعتكم وممن يدين الله بولايتكم قال لي: اليك عني يا رجل فانه قد وكل بنا حفظة اخافهم عليك.
        قلت: يسلم الله وانما أردت أن أسألك، فقال: سل عما تريد، قلت: انا قد روينا عن(1) المهدي منكم، فمتى يكون قيامه؟
        قال: ان مثل من سألت عنه كمثل عمود سقط من السماء رأسه في المغرب واصله في المشرق، فمن أين ترى العمود يقوم إذا أقيم؟ قلتد من قبل رأسه، قال: فحشبك من المغرب يقوم واصله من المشرق، وهناك يستوي قيامه ويتم أمره".
        قول أبو الفلاح الحنبلي
        21 ـ قال أبو الفلاح عبدالحي بن العماد الحنبلي، المتوفى سنة 1089هـ في كتابه شذرات الذهب في أخبار من ذهب، منشورات دار الآفاق الجديدة بيروت لبنان، ج1 ص304 ـ 305:
        "وفيها (أي: في سنة 183هـ) توفى السيد الجليل أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق ووالد علي بن موسى الرضا، ولد سنة 128هـ، روى عن أبيه.
        ____________
        1 ـ كذا، الظاهر: ان.
        قال أبو حامد: ثقة إمام من أئمة المسلمين.
        وقال غيره: كان صالحاً عابداً جواداً حليماً كبير القدر، بلغه عن رجل الاذى له فبعث بألف دينار، وهو أحد الأئمة الاثني عشر المعصومين على اعتقاد الامامية.
        سكن المدينة، فأقدمه المهدي بغداد وحبسه، فرأى المهدي في نومه علياً كرم الله وجهه وهو يقول له: يا محمد (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)(1) فاطلقه على ان لا يخرج عليه ولا على أحد من بنيه واعطاه ثلاث آلاف ورده إلى المدينة.
        ثم حبسه هارون الرشيد في دولته، ومات في حبسه.
        وقيل: ان هارون قال: رأيت حسيناً في النوم قد اتى بالحربة وقال: ان خليت عن موسى هذه الليلة وإلاّ نحرتك بها فخلاه واعطاه ثلاثين ألف درهم.
        وقال موسى: رأيت النبي (صلى الله عليه وآله) وقال لي: يا موسى حبست ظلماً، فقل هذه الكلمات لا تبت هذه الليلة في الحبس:
        يا سامع كل صوت، يا سائق(2) الفوت، ياكسي العظام لحماً ومنشرها بعد الموت، أسألك باسمائك الحسنى وباسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين، يا حليماً ذا أناة، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع ابداً فرج عني.
        واخباره كثيرة شهيرة(رضي الله عنه)".
        ____________
        1 ـ محمد 47: 22.
        2 ـ كذا، وفي بعض المصادر: يا سابق.
        قول الشيخ سيد الشبلنجي
        22 ـ قال الشيخ سيد الشبلنجي المدعو بمومن، في كتابه نور الأبصار في مناقب آل البيت المختار، طبع مكتبة الجمهورية العربية مصر، ص148 ـ 152:
        "فصل: في ذكر مناقب سيدنا موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم:
        أمه أم ولد يقال لها حميدة البربرية.
        ولد موسى الكاظم بالابواء سنة ثمان وعشرين ومائة من الهجرة.
        وكنيته أبو الحسن.
        والقابه كثيرة، اشهرها الكاظم، ثم الصابر، والصالح، والامين.
        صفته: اسمر عقيق.
        شاعره: السيد الحميري.
        بوابه محمد بن الفضل.
        نقش خاتمه: الملك لله وحده.
        قال بعض أهل العلم: الكاظم هو الإمام الكبير القدر، الأوحد الحجة الساهر ليله قائماً، القاطع نهاره صائماً، المسمى لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين كاظماً، وهو المعروف عند أهل العراق بباب الحوائج إلى الله، وذلك لنجح حوائج المتوسلين به، ومناقبه(رضي الله عنه) كثيرة شهيرة.
        يحكى ان الرشيد سأله يوماً فقال: كيف قلتم نحن ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله)وانتم بنو علي، وانما ينسب الرجل إلى جده لابيه دون جده لامه؟
        فقال الكاظم: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم (ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك يجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى)(1)، وليس لعيسى اب، وانما الحق بذرية الأنبياء من قبل أمه وكذلك الحقنا بذرية النبي (صلى الله عليه وآله) من قبل امنا فاطمة.
        ____________
        1 ـ الانعام 6: 84 ـ 85.
        وزيادة اخرى يا امير المؤمنين: قال الله عزوجل (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندعوا ابناءنا وابنائكم ونساءنا ونسائكم وانفسنا وانفسكم نبتهل...)(1)، ولم يدع (صلى الله عليه وآله) عند مباهلة النصارى غير علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، وهم الابناء.
        روى موسى الكاظم ـ صاحب الترجمة ـ عن آبائه مرفوعاً قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نظر الولد إلى والديه عبادة.
        وعن اسحاق بن جعفر قال: سألت أخي موسى الكاظم بن جعفر قلت: أصلحك الله أيكون المؤمن بخيلا قال: نعم، فقلت: أيكون خائناً قال: ولا يكون كذّاباً، ثم قال: حدثني أبي جعفر الصادق عن آبائه رضي الله عنهم قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: كل خلة يطوى المؤمن عليها ليس الكذب والخيانة.

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
        x
        يعمل...
        X