بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((وأعظم المتجبّرين في موضع الكبرياء والعظمة))
فقرة شريفة أخرى يعلّمنا الامام عليه السلام من خلالها كيفية مخاطبة الله تعالى باسمائه الحسنى التي هي تجلّ له تعالى بهذه الأسماء ووفق ما تقتضيه حكمته ومشيئته..
فالامام عليه السلام خاطب الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى التي وردت في القرآن الكريم وهي الجبّار والكبير والعظيم، وهو يعلّمنا انّه بالرغم من كثرة المظاهر إلاّ انّ هذا لا يعني انّ ذاته المقدّسة متكثّرة لأن صفاته هي عين ذاته..
وهنا الامام يعلّمنا بأنّ الله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئاً بمشيئته فانّه يقهر عباده عليه وفق ما تقتضيه حكمته، فلا يقاس بجبروته وعظمته أحد من خلقه..
وهذه الصفات المهيبة ينبغي للمؤمن أن يستشعر بها قلبه، لأنّ القلب يحتاج الى ما ينبّهه من غفلته، أو أن يجعله في حالة من الخشوع والخضوع لله تعالى، لأنّ صفة الجبّار والكبرياء والعظمة هي صفات يختلج لها القلب ويضطرب إذا ما تفكّر بها، فلا تجعل النفس تفكّر بالذنب أو المعصية إذا ما استحضرت تلك المعاني في القلب، فانّه (القلب) سيتأثّر حتما إذا ما تفكّر بهذه الصفات وبالتالي ستظهر آثاره على الجوارح والجوانح، فيظهر الخشوع والخضوع لله تعالى، فتكون هذه الصفات بمثابة الرادع لتلك النفس إذا ما استشعرت تلك المعاني السامية..
لذا فانّ الامام عليه السلام جاء بهذه الكلمات لتكون سبباً لتأثر القلب بها، وتكون سبباً لمنع العبد من التجرؤ على الله تعالى بارتكاب الذنوب أو انّه يفيق من غفلته فيسارع الى طلب التوبة والمغفرة، فلا يكون ممّن يتحدّى الله سبحانه وتعالى وهو جبّار السماوات والأرض بارتكاب المعاصي أو التمادي فيها..
لذا عمد أهل البيت عليهم السلام الى حثّ مواليهم للانشغال بذكر الله تعالى وخاصة بأسمائه الحسنى التي تجعل القلب يتأثّر بها، إذ لكلّ قلب مفتاح يمكن فتحه بأحد تلك الأذكار، وخاصة إذا ما استمر عليها المؤمن وهو في حالة تفكّر، حتى يصل الى مرحلة انّ اللسان يقوم بالترديد بعد القلب، أي انّها أصبحت ملكة قلبية، والمؤمن والحال هذه من الصعب أن يرتكب خطيئة أو معصية، وحتى ولو ألهاه الشيطان فانّه سرعان ما يبادر الى التوبة وتراه يذرف الدموع ويسجد ذليلاً منكسراً ليقبل خالقه توبته ويسامحه على هفوته..
نسأل الله تعالى أن نكون ممّن تملّك الذكر من قلوبهم وأظهر تأثيره على أخلاقهم وسلوكياتهم بجاه محمد وآل محمد عليهم السلام...
تعليق