إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا .. الجزء الأول

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا .. الجزء الأول

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلِّ على محمد وآل محمد


    قال تعالى

    وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا[1]

    الجزء الأول

    يقول ابن منظور في معنى الوفاء هو: " الخلق الشريف العالي الرفيع"[2]
    وقال الجرجاني الوفاء هو : " ملازمة طريق المواساة ومحافظة عهود الخلطاء "[3]

    الوفاء بالعهد حالة حضارية صحية ، حيث ان نظام المجتمعات متوقف على الوفاء بالالتزام التعاقدي ، فهذا يجعل المجتمعات يسودها الأمن والاستقرار والازدهار والوعي ، وبـ عكسه تعم الفوضى وضياع الانسان .......
    فالاحترام التعاقدي يشمل كل الابعاد الحياتية ، كالبعد الأخلاقي والبعد الحربي والبعد المدني وهكذا كل الأبعاد يدخل فيها الالتزام التعاقدي .

    إذن الوفاء بالعهد يترتب عليه بناء صرح الدولة وبناء صرح المجتمع وبناء الصرح الأخلاقي عند الانسان ، وعلى هذا النحو رفع رسول الله صلى الله عليه وآله شعار: ( إنّما بُعُثتُ لإُتَمم مكارَم الأخلاق ) ، لقد حاول جاهداً بناء مجتمع فاضل يتحمل المسؤولية في التقدم والنمو الحضاري والآخلاقي . واستطاع (صلّى الله عليه وآله) أن يبني مجتمعاً متماسكاً تسوده المحبّة والأمان، وزرع لدى الإنسان المسلم شخصية فريدة من نوعها بين المجتمعات الأخرى .

    الله تعالى يأمر المسلمين بالالتزام بالعهد ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ) ، وأيضاً قال تعالى: { بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَىٰ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ }[4] وقال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}[5] هذه الآيات المباركة وغيرها حالها كحال الآيات الاخرى التي فيها أوامر من الله تعالى الى عبيده كـ قوله تعالى: ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ )[6] وغيرها الكثير من ايات الامر ، وعلى المسلمين الطاعة والتنفيذ بدون قيد ولا شرط ، اي ان المسلم اذا لم يلتزم بتنفيذ هذه الآية المباركة فقد أخل في جانب كبير من إسلامه .

    ولم يقتصر على كتاب الله الالتزام بالوفاء بالعهد ، وانما السنة النبوية والأئمة الاطهار ذكروا بأحاديثهم الشريفة على أهمية التمسك بالوفاء بالعهد والعمل بها مع البر والفاجر على حد سواء ..

    عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) -رغم وجود أحاديث كثيرة في هذا الباب- حيث قال: " إِذا نقّضّوا العَهدَ سَلَّطَ اللهُ عَلَيهِم عّدُوِّهِم "[7].

    ووِرد في حديث مختصر وعميق المحتوى عن أمير المؤمنين (سلام الله عليه) أنّه فال: " أَشَرَفُ الخَلائِقِ الَوفــاء "[8].

    عن الإمام الباقر (عليه السلام) قوله: " ثَلاثٌ لَم يَجعَلِ اللهُ عّزَّوَجَلَّ لاِحَد فِيهِنَّ رّخصَةً أَداءِ الأَمــانِةِ إِلَى البَرِّ وَالفــاجِرِ ، وَالوَفــاءِ بِالعَهدِ للِبَرِّ وَالفــاجِرِ، وَبِرَّ الوالِدينِ برِّينَ كــانا أَو فـاجِرينِ "
    [9].


    قبل ان نأخذ انماذج حول الوفاء بالعهد ، نذكر لكم بيعة الانصار لرسول الله (صلى الله عليه وآله): عندما عرض نفسه عليهم، قالوا: (يا رسول الله ؛ دمنا بدمك ، وأنفسنا بنفسك ، فاشترط لربك ولنفسك ما شئت) .[10]

    وناقض العهد والميثاق إنسان منحط القيم والأخلاق، بهيمي الطبع، لا يوثق بقوله، ولا يؤمن جانبه، كما كان من غدر معاوية لعنه الله في صلح الامام الحسن عليه السلام ، وانتهى الصلح بكتابة عهد او اتفاقية وختمها الطرفان مع من شهد على كتابتها ، فكانت النتيجة ان معاوية وقف في النخيلة وقال: ( ألا وان كلّ شيء أعطيت الحسن بن علي تحت قدميّ هاتين لا أفي به !! )[11] ، لم يرعى ولا يحترم على اقل تقدير اسم الله الذي استهل به بنود العقد ، وهذه ليست الخيانة الاولى فقد سبقتها خيانة الأمة الاسلامية لعلي بن ابي طالب سلام الله عليه عندما نكثوا بيعتهم له يوم الغدر الأغر .

    بينما النخبة التي نصرة الامام الحسين سلام الله عليه فقد عاهدت أبا عبد الله سلام الله عليه وأفوا بالعهد ، والوفاء بالعهد كلفهم ان بذلوا مهجهم لنصرته عليه السلام ، في المقابل هناك من يدعي من الأوفياء لـ آل البيت عليهم السلام مستعد للقتال والقتل دونهم نظرياً فقد جاء في البحار ؛ عن أبي حمزة، عن مأمون الرقي قال: كنت عند سيدي الصادق عليه السلام إذ دخل سهل بن الحسن الخراساني فسلم عليه ثم جلس فقال له: يا ابن رسول الله لكم الرأفة والرحمة، وأنتم أهل بيت الإمامة ما الذي يمنعك أن يكون لك حق تقعد عنه!؟ وأنت تجد من شيعتك مائة ألف يضربون بين يديك بالسيف!؟ فقال له عليه السلام: اجلس يا خراساني رعى الله حقك ، ثم قال: يا حنيفة أسجري التنور فسجرته حتى صار كالجمرة وابيض علوه ، ثم قال: يا خراساني! قم فاجلس في التنور، فقال الخراساني: يا سيدي يا ابن رسول الله لا تعذبني بالنار، أقلني أقالك الله قال: قد أقلتك ، فبينما نحن كذلك إذ أقبل هارون المكي، ونعله في سبابته فقال: السلام عليك يا ابن رسول الله فقال له الصادق عليه السلام: ألق النعل من يدك، واجلس في التنور، قال: فألقى النعل من سبابته ثم جلس في التنور ........ فقال له الإمام عليه السلام: كم تجد بخراسان مثل هذا؟ فقال: والله ولا واحدا .... نكتفي بهذا القدر[12] .

    أقول: ان سهل بن الحسن الخراساني عندما دخل على الامام الصادق عليه السلام يخبره بوجود مائة الف مقاتل من شيعة الامام وأمره الامام عليه السلام الجلوس في التنور فإمتنع ! لماذا هذا الامتناع ألست جندي ؟ عار على الجندي يعصي أمر قائده وهو في حالة الدفاع عن مقدساته . فكيف اذا كان القائد أمام زمانك وفي عنقك بيعة له .
    الشيء الآخر؛ انت تريد ان تنصر الامام وتريد ان تعيد الحق الى أهله ومستعد للموت فلا يهمك اذا كان الموت بالسيف او بالحرق .

    هذا انموذج لا يتحمل ان يفي بالعهد ، ولا يتحمل الموت من اجل طاعة الامام و الانتصار لكلمة الحق ، بينما الانموذج الآخر هم الأشخاص الذين نصروا الأمام ابا عبد الله الحسين سلام الله عليه .. لبسوا القلوب على الدروع مستبشرين للشهادة مطيعين للامام سلام الله عليه ، عارفين معنى أوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤلا ، فالوفاء كلفهم ازهاق ارواحهم والفوز برضى الله ورسوله
    .....


    للموضوع بقية في الجزء الثاني


    بقلمي

    لاتنسوني ووالدي من دعــائكم



    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
    [1] الأسراء: 34 .
    [2] لسان العرب لابن منظور 15/ 398.
    [3] (كتاب معجم التعريفات للجرجاني ص212 )
    [4] (آل عمران: 76).
    [5] البقرة: 40
    [6] البقرة: 43 .
    [7] بحار الانوار، ج97، ص46، ح3.
    [8] حكم الامام علي (ع) عبد الواحد الآمدي التميمي، مؤسسة الاعلمي بيروت ـــ لبنان، الطبعة الأولى 1422هـ ـــ 2002م، ح783 ص34.
    [9] اصول الكافي، ج2، ص162، ح15.
    [10] إعلام الورى بأعلام الهدى، المؤلف: الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي: ج1 ص141- 142 .
    [11] (كتاب صلح الحسن عليه السلام ، سملحة الشيخ المجاهد راضي آل ياسين ، مؤسسة الرافد للمطبوعات ، الطبعة الاولى 1430هـ ـ 2009م ، ص303).
    [12] (مناقب آلِ بي طالب تأليف ابي جعفر محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني ، الطبعة الثانية 1991م ــ 1412هـ ، دار الأضواء للطباعة والنشر بيروت لبنان ، ج4 ص257 .
    sigpic
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X