إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفَقرُ مرضُ العصرِ المُستعصي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفَقرُ مرضُ العصرِ المُستعصي

    الفَقرُ مرضُ العصرِ المُستعصي
    هو باب منه يدخل الكفر ويعدّه الشيطان أحد أفتك الأسلحة التي يحارب بها الإنسان، قال لقمان لابنه: (يا بني أكلتُ الحنظل وذقتُ الصبر فلم أرَ شيئاً أمرّ من الفقر) وهو كابوس جثم على قلوب العراقيين وما يزال.
    هو لوعة جثمت على قلب الفضيلة خوفاً وهلعاً من أنْ تمزّقها سنانه المشحوذة.. فبلاغة المتحذلقين عجزت عن رسم ضحكات الطفولة في عراق اليتامى والفقراء.. وغدا الواقع كصور تمرق أمامي، ليست خيالاً يصول في الخواطر، ولكنها حقيقة تغوص في أعماق النفس فتشجها لتغدو ملأى بجراح تحمل أسىً مدافاً بحزن و نحمل عجزنا ونحن نرى:
    صورة طفل يحمل أعباء المعيشة الشاقة بدل أنْ يحمل حقيبة المدرسة.
    صورة طفلة تحدّق في بقايا البؤس بنظرات انعكس فيها ألق يُتمها مرتين، مرة حين مات والدها ومرة حين خرجت أمها لتصارع الحياة لتجلب لهم ما يتقوتون به، ففقدت الأب وحنان الأم ووقتها.
    صورة ألم أراه في وجوه شباب حملوا معاولهم ومجارفهم وجلسوا على الأرصفة ينتظرون من يختارهم للعمل معه إلى المغيب.
    للفقر تأثيرات سلبية على الفرد والمجتمع أبرزها الجهل، وزيادة النسل، والمرض، والطلاق، والتفكك الأسري، تجولنا مع الفقراء وعشنا آلامهم ولمسنا معاناتهم فكان لابد من نشر هذه المعاناة كما هي وكان أول اللقاءات مع (أبو محمد) إذ يقول:
    بسبب أزمة السكن التي يعاني منها المجتمع العراقي بشكل عام اضطررتُ أن أتجاوز على قطعة أرض تابعة للدولة حالي حال الفقراء أمثالي، وبمساعدة الخيّرين استطعت أن أبني هذه الغرفة المتواضعة مع ملحقاتها وسقّفتها بجذوع النخيل، المهم أنني وجدتُ مأوىً لي ولعائلتي ولو أنني كنتُ أملك ما أستأجر به بيتاً لفعلت بدلاً من التجاوز على أراضي الدولة، والآن أنا أعتاش على ما تجود به أيدي الناس الطيبين؛ لأنني معوّق ولا أستطيع العمل، فتولى ابني الذي يبلغ العشر سنوات العمل في سوق شعبي ليبيع أكياس البلاستيك بعد أن ترك دراسته؛ لأجل المعيشة وما يجلبه لا يفي احتياجاتنا الضرورية حتى علاجي لا أستطيع جلبه فأنا أتحمل الآلام وأصبر لكي أوفر لهم، وهنا لمعت عينا أبي محمد بدمعات حزن وهو يقول: لا أخفيك سراً أنني أخاف عليه من السوق ومَن مرتاديه ومن يعملون فيه فهو ولد طيب.
    محطتنا الثانية مع (أم إيهاب):
    وهي امرأة خطّت فوادح الدهر في قسمات وجهها خطوطاً هي ليست تجاعيد وإنما هي آلام قهر وعذاب وتشققات حفرتها شمس هجير، وهي تكسب قوتها من خلال ما تلتقطه من أكوام القمامة غير آبهة بالأمراض والميكروبات التي من الممكن أن تنتقل إليها؛ لأن كفة المعيشة وكفة الموت تساوتا عندها، تحدثت عن آلامها قائلة: (توفي زوجي إثر مرض ألمّ به؛ لأننا لم نجد نقوداً لعلاجه وبقيتُ وحيدة أصارع الحياة لإعالة أطفالي الأربعة، آلام الجوع جعلتني أقف على القمامة باحثة فيها عن أيّ لقمة، ومن ثمّ وجدتُ بعض الأشياء التي من الممكن أن أجمعها وأبيعها بمبالغ زهيدة لقاء وجبة غداء أو عشاء أجلبها لأطفالي حين عودتي، وهكذا أصبحت هذه المهنة الوحيدة التي امتهنها).
    الحاج (س - ر):
    رجل كبير في السن يتجول في السوق ويطوف على المحلات ليكسب قوت يومه من خلال ما يستحصله من طعام وفواكه، يقول: (أنا رجل مسنّ ولا أستطيع العمل وأولادي لا يصرفون عليّ فأضطر إلى طلب الطعام من أصحاب المحلات وهم أرأف بحالي من أولادي).
    لماذا لم تذهب إلى دار المسنّين؟
    أولادي لا يقبلون بذلك ويهدّدوني خوفاً من كلام الناس.
    الأخت (ل – أ):
    هي أمّ لخمسة أطفال تضطر إلى أن تخرج صباحاً وتطرق الأبواب لكي تخدم عن طريق المعارف عند بعض العوائل، تقول: (زوجي مسجون ولا يوجد لدينا مورد نعيش منه فاضطررتُ إلى العمل كخادمة لكي أعيل أطفالي واحتياجاتهم ولا يهمّني أيّ شيء ما دام العمل شريفاً، قد ألاقي بعض الصعوبات من بعض العوائل ولكنني أجابهها بصبر وإيمان وما يهمّني إلّا أن أعود إلى منزلي وفي يديّ ما أسدّ به رمق أطفالي).
    تبقى أحلام الفقير في التخلّص من فقره هاجسه الأكبر، وتستطيع المجتمعات أن تترقّى بعد أن تقضي على الفقر الذي هو أساس مشاكل كلّ جيل وهذا يمكن أن يتحقق بعد أن تتظافر جهود الدولة في انتشالهم من واقعهم المزري وذلك بنشر لجان لتفقّد المعوزين وتوزيع المواد الغذائية عليهم وتقديم المساعدات أو توفير فرص عمل؛ لتغنيهم عن إراقة ماء وجوههم بالسؤال.

    التعديل الأخير تم بواسطة المرتجى; الساعة 10-06-2020, 04:58 PM.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X