الامام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلاملا يتوقف القلم حيرة، ولا تتبعثر الافكار دهشة إلا عند ما تكون الكتابة عن عظيم أبدع في جانب من جوانب الحياة. ترى! ماذا سيكون الحال، وأمامنا عظيم برقت حروف اسمه في " حديث اللوح ": " علي سيد العابدين، وزين أولياء الماضين " (1)؟ أجل! هو ابن من علمه شديد القوى، هو ابن من دنا فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إليه ما أوحى، هو ابن من صلى بملائكة السماء مثنى مثنى، هو ابن محمد المصطفى صلى الله عليه وآله. هو ابن باب مدينة علوم الرسول صلى الله عليه وآله وحكمته، هو ابن من كان من المصطفى صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى عليهما السلام، هو ابن من كان مع الحق، أينما دار دار معه، هو ابن علي المرتضى عليه السلام. هو ابن بضعة رسول الله، وفلذة كبده، العالمة غير المعلمة، الفاهمة غير المفهمة، سيدة نساء العالمين، فاطمة الزهراء عليها السلام. هو ابن أخي الامام الثاني، ومخزن المعاني، وأحد سيدي شباب أهل الجنة، الحسن بن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم. هو ابن قتيل العبرات، وأسير الكربات، سيد الشهداء من الاولين والآخرين، أبو الأئمة التسعة الطاهرين، المعصومين، الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. هو ابن من اصطفاهم الله من عباده، واختارهم على علم على العالمين، ثم أورثهم الكتاب والحكمة، وجعل منهم مهدي هذه الامة عجل الله تعالى فرجه الشريف هو إمام العارفين، وقائد الزاهدين، وسيد الساجدين، وزين العابدين، ذو الثفنات، ورابع أئمة أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام.. ولا ريب أن البصير الواعي إذا أنعم الله عليه، وتدبر القرآن، أيقن بأنه لم ينزل من الآيات الباهرة في حق أحد كما نزل في العترة الطاهرة. فهل نطقت محكماته بذهاب الرجس عن غيرهم؟! وهل لاحد من العالمين آية كآية تطهيرهم؟! وهل فرض محكم التنزيل المودة لغيرهم؟! وهل هبط جبرئيل بآية المباهلة لسواهم؟! إذن فما عساي أن أقول بمن ينتهي إلى النبي في الانتماء، وبغصن شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء، وبمن تسجد عنده معاني العز والبهاء؟ فأي قول يفي بوصفه؟ وأي طول يقاس بفضله؟ وأيم الله إن في هذا كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. هذا وقد طوقت كتب التراجم والتاريخ والاخلاق هذه الشخصية الفذة بهالة من الجليل والتقدير - دراسة وتحليلا - كما أفردت لها مصنفات خاصة في محاولة للاحاطة بجوانب حياة هذا الامام المعصوم، مستخلصة تحركه الخطير، وأثره البارز في إرساء دعائم المجتمع الاسلامي، وتنزيهه من الشوائب في مرحلة هي من أصعب وأقسى وأدق المراحل التي مرت بها الامة الاسلامية - بعد شهادة أبيه الحسين عليه السلام - خلال النصف الثاني من القرن الاول. وأما جدارته في التصنيف، فقد كانت له الصدارة في ذلك(1) بعد جده سيد الاوصياء - أول جامع القرآن - علي عليه السلام الذي يعد بحق أول من صنف في الاسلام بلا منازع. فسلام على إمامنا السجاد يوم ولد، ويوم كان مكبلا بالحديد، وحوله حرم رسول الله صلى الله عليه وآله أسرى حاسرات، ويوم أدى ما حمله الله، ويوم اختاره العلي الاعلى إلى جواره متظلما إليه ظلامة أهله وأبيه، ويوم يبعث حيا شافعا، ومشفعا باذنه تبارك وتعالى ..
كان مِن دعائِه عليهالسلام اذا ابتَدأ بِالدّعاءِ بدأبالتحميد لِلَّه عزَّوجل و الثَّنَاءِاَلْحَمدُ لِلَّه الْاَوَّلِ بِلا اَوَّلٍ كانَ قَبْلَهُ، وَالْاخِرِ بِلا اخِرٍ يَكُونُ بَعْدَهُ، الَّذى قَصُرَتْ عَنْ رُؤْيَتِهِ اَبْصارُ النّاظِرينَ، وَعَجَزَتْ عَنْ نَعْتِهِ اَوْهامُ (1)الْواصِفينَ. اِبْتَدَعَ (2)بِقُدْرَتِهِ الْخَلْقَ ابْتِداعاً،وَاخْتَرَعَهُمْ(3) عَلى مَشِيَّتِهِ اخْتِراعاً، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمْ طَريقَ اِرادَتِهِ،وَ بَعَثَهُمْ فى سَبيلِ مَحَبَّتِهِ، لايَمْلِكُونَ تَأْخيراً عَمَّا قَدَّمَهُمْ اِلَيْهِ، وَ لايَسْتَطيعُونَ تَقَدُّماً اِلى ما اَخَّرَهُمْ عَنْهُ . وَجَعَلَ لِكُلِّ رُوحٍ مِنْهُمْ قُوتاً مَعْلوماً مَقْسُوماً مِنْ رِزْقِهِ، لايَنْقُصُ مَنْ زادَهُ ناقِصٌ، وَ لايَزيدُ مَنْ نَقَصَ مِنْهُمْ زائِدٌ. ثُمَّ ضَرَبَ لَهُ فِى الْحَيوةِ اَجَلاً مَوْقوُتاً، وَ نَصَبَ لَهُ اَمَداً مَحْدُوداً، يَتَخَطَّأُ(4) اِلَيْهِ بِاَيّامِ عُمُرِهِ،وَ يَرْهَقُهُ(5) بِاَعْوامِ دَهْرِهِ، حَتّى اِذا بَلَغَ قْصى اَثَرِهِ، وَ اسْتَوْعَبَ حِسابَ عُمُرِهِ، قَبَضَهُ اِلى ما نَدَبَهُ اِلَيْهِ مِنْ مَوْفُورِ____________ثَوابِهِ، اَوْ مَحْذُورِ عِقابِهِ، لِيَجْزِىَ الَّذينَ اَسآؤُا بِما عَمِلُوا، وَ يَجْزِىَ الَّذينَ اَحْسَنُوا بِالْحُسْنى،(1) عَدْلاً مِنْهُ، تَقَدَّسَتْ اَسْمآؤُهُ، وَ تَظاهَرَتْ الآؤُهُ، لايُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ.(2) وَالْحَمْدُلِلَّهِ الَّذى لَوْ حَبَسَ عَنْ عِبادِهِ مَعْرِفَةَ حَمْدِهِ عَلى ما اَبْلاهُمْ (3)مِنْ مِنَنِهِ الْمُتَتابِعَةِ، وَاَسْبَغَ (4)عَلَيْهِمْ مِنْ نِعَمِهِ الْمُتَظاهِرَةِ، لَتَصَرَّفُوا فى مِنَنِهِ فَلَمْ يَحْمَدُوهُ، وَ تَوَسَّعُوا فى رِزْقِهِ فَلَمْ يَشْكُرُوهُ، وَ لَوْ كانُوا كَذلِكَ لَخَرَجُوامِنْ حُدُودِ الْاِنْسانِيَّةِ اِلى حَدِّ الْبَهيمِيَّةِ،فَكانُوا كَما وَصَفَ فى مُحْكَمِ كِتابِهِ: «اِنْ هُمْ اِلاّ كَالْاَنْعامِ بَلْ هُمْ اَضَلُّ سَبيلاً».(5) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى ما عَرَّفَنا مِنْ نَفْسِهِ، وَ اَلْهَمَنا مِنْ شُكْرِهِ، وَ فَتَحَ لَنا مِنْ اَبْوابِ الْعِلْمِ بِرُبُوبِيَّتِهِ، وَ دَلَّنا عَلَيْهِ مِنَ الْاِخْلاصِ لَهُ فى تَوْحيدِهِ، وَ جَنَّبَنا مِنَ الْاِلْحادِ وَالشَّكِّ فى اَمْرِهِ، حَمْداً نُعَمَّرُ بِهِ فيمَنْ حَمِدَهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَ نَسْبِقُ بِهِ مَنْ سَبَقَ اِلى رِضاهُ وَعَفْوِهِ، حَمْداً يُضىءُ لَنا بِهِ ظُلُماتِ الْبَرْزَخِ(6)، وَيُسَهِّلُ بِهِ سَبيلَ الْمَبْعَثِ، وَ يُشَرِّفُ بِهِ مَنازِلَنا عِنْدَ مَواقِفِ الْاَشْهادِ(7)، يَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَ هُمْ لايُظْلَمُونَ،(8) يَوْمَ لايُغْنى مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لاهُمْ يُنْصَرُونَ(حَمْداً يَرْتَفِعُ مِنّا اِلى اَعْلى عِلِّيّينَ فى كِتابٍ مَرْقُومٍ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ.(1) حَمْداً تَقَرُّ بِهِ عُيُونُنا اِذا بَرِقَتِ (2)الْاَبْصارُ،و تَبْيَضُّ بِهِ وُجُوهُنا اِذَا اسْوَدَّتِ الْاَبْشارُ.(3) حَمْداً نُعْتَقُ بِهِمِنْ اَليمِ ناراللَّهِ اِلى كَريمِ جِوارِاللَّهِ، حَمْداً - نُزاحِمُ بِهِ مَلآئِكَتَهُ الْمُقَرَّبينَ، وَنُضآمُّ(4) بِهِ اَنْبِياءَهُ الْمُرْسَلينَ فى دارِ الْمُقامَةِ (5)الَّتى لاتَزُولُ، وَ مَحَلِّ كَرامَتِهِ الَّتى لاتَحُولُ.(6) والْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى اخْتارَ لَنا مَحاسِنَ الْخَلْقِ،(7) وَ اَجْرى عَلَيْنا طَيِّباتِ الرِّزْقِ، وَ جَعَلَ لَنَا الْفَضيلَةَ بِالْمَلَكَةِ عَلى جَميعِ الْخَلْقِ، فَكُلُّ خَليقَتِهِ مُنْقادَةٌ لَنا بِقُدْرَتِهِ، وَصآئِرَةٌ اِلى طاعَتِنا بِعِزَّتِهِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذى اَغْلَقَ عَنّا بابَ الْحاجَةِ اِلاّ اِلَيْهِ، فَكَيْفَ نُطيقُ حَمْدَهُ؟اَمْ مَتى نُؤَدّى شُكْرَهُ؟! لا، مَتى!(8) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذى رَكَّبَ فينا الاتِ الْبَسْطِ، وَ جَعَلَ لَنا اَدَواتِ الْقَبْضِ، وَ مَتَّعَنا بِاَرْواحِ الْحَيوةِ، وَاَثْبَتَ فينا جَوارِحَ الْاَعْمالِ، وَ غَذّانا بِطَيِّباتِ الرِّزْقِ، وَ اَغْنانا بِفَضْلِهِ، وَ اَقْنانا(9) بِمَنِّهِ، ثُمَّ اَمَرَنا لِيَخْتَبِرَ طاعَتَنا، وَنَهانا لِيَبْتَلِىَ شُكْرَنا، فَخالَفْنا عَنْطَريقِ اَمْرِهِ،وَ رَكِبْنا مُتُونَ9 زَجْرِهِ،(1) فَلَمْ يَبْتَدِرْنا (2)بِعُقُوبَتِهِ، وَ لَمْ يُعاجِلْنا بِنِقْمَتِهِ، بَلْ تَاَنّانا (3) بِرَحْمَتِهِ تَكَرُّماً، وَانْتَظَرَ مُراجَعَتَنا بِرَاْفَتِهِ حِلْماً. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذى دَلَّنا عَلَى التَّوْبَةِ الَّتى لَمْنُفِدْها اِلاّ مِنْ فَضْلِهِ،فَلَوْ لَمْ نَعْتَدِدْ مِنْ فَضْلِهِ اِلاّ بِها لَقَدْ حَسُنَ بَلآؤُهُ عِنْدَنا، وَ جَلَّ اِحْسانُهُ اِلَيْنا، وَ جَسُمَ فَضْلُهُ عَلَيْنا، فَماهكَذا كانَتْ سُنَّتُهُ فِى التَّوْبَةِ لِمَنْ كانَ قَبْلَنا، لَقَدْ وَضَعَ عَنَّا مالا طاقَةَ لَنا بِهِ، وَلَمْيُكَلِّفْنا اِلاّ وُسْعاً، وَ لَمْ يُجَشِّمْنا(4) اِلاّ يُسْراً، وَ لَمْ يَدَعْ لِأَحَدٍ مِنّا حُجَّةً وَ لا عُذْراً، فَالْهالِكُ مِنّا مَنْ هَلَكَ عَلَيْهِ، وَالسَّعيد مِنّا مَنْ رَغِبَ اِلَيْهِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ بِكُلِّ ما حَمِدَهُ بِهِ اَدْنى(5) مَلآئِكَتِه اِلَيْهِ، وَاَكْرَمُ خَليقَتِهِ عَلَيْهِ، وَاَرْضى حامِدِيهِ لَدَيْهِ، حَمْداً يَفْضُلُ سآئِرَ الْحَمْدِ كَفَضْلِ رَبِّنا عَلى جَميعِ خَلْقِهِ. ثم الْحَمْدُ مَكانَ كُلِّ نِعْمَةٍ لَهُ عَلَيْنا وَ عَلى جَميعِ عِبادِهِ الْماضينَ وَالْباقينَ، عَدَدَ ما اَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ مِنْ جَميعِ الْاَشْيآءِ، وَمَكانَ كُلِّ واحِدَةٍ مِنْها عَدَدُها اَضْعافاً مُضاعَفَةً اَبَداً سَرْمَداً(6) اِلى يَوْمِ الْقِيمَةِ . حَمْداً لامُنْتَهى لِحَدِّهِ، وَ لاحِسابَ لِعَدَدِهِ، وَلا مَبْلَغَ لِغايَتِهِ، وَ لاَانْقِطاعَ لِأِمَدِهِ، حَمْداً يَكُونُ وُصْلَةً(7) اِلى طاعَتِهِ وَ عَفْوِهِ، وَ سَبَبَاً اِلى رِضْوانِهِ، وَ ذَريعَةً(8) اِلى مَغْفِرَتِهِ وَ طَرِيقاً اِلى جَنَّتِهِ، وَ خَفيراً (9)مِنْنَقِمَتِهِ، وَ اَمْناً مِنْ غَضَبِهِ، وَ ظَهيراً (1)عَلى طاعَتِهِ، وَ حاجِزاً عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَ عَوْناً عَلى تَاْدِيَةِ حَقِّهِ وَ وَظآئِفِهِ . حَمْداً نَسْعَدُ بِهِ فِى السُّعَدآءِ مِنْ اَوْلِيآئِهِ، وَ نَصيرُ بِهِ فى نَظْمِ الشُّهَدآءِ بِسُيُوفِ اَعْدآئِهِ، اِنَّهُ وَلِىٌّ حَميدٌ.
كان مِن دعائِه عليهالسلام اذا ابتَدأ بِالدّعاءِ بدأبالتحميد لِلَّه عزَّوجل و الثَّنَاءِاَلْحَمدُ لِلَّه الْاَوَّلِ بِلا اَوَّلٍ كانَ قَبْلَهُ، وَالْاخِرِ بِلا اخِرٍ يَكُونُ بَعْدَهُ، الَّذى قَصُرَتْ عَنْ رُؤْيَتِهِ اَبْصارُ النّاظِرينَ، وَعَجَزَتْ عَنْ نَعْتِهِ اَوْهامُ (1)الْواصِفينَ. اِبْتَدَعَ (2)بِقُدْرَتِهِ الْخَلْقَ ابْتِداعاً،وَاخْتَرَعَهُمْ(3) عَلى مَشِيَّتِهِ اخْتِراعاً، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمْ طَريقَ اِرادَتِهِ،وَ بَعَثَهُمْ فى سَبيلِ مَحَبَّتِهِ، لايَمْلِكُونَ تَأْخيراً عَمَّا قَدَّمَهُمْ اِلَيْهِ، وَ لايَسْتَطيعُونَ تَقَدُّماً اِلى ما اَخَّرَهُمْ عَنْهُ . وَجَعَلَ لِكُلِّ رُوحٍ مِنْهُمْ قُوتاً مَعْلوماً مَقْسُوماً مِنْ رِزْقِهِ، لايَنْقُصُ مَنْ زادَهُ ناقِصٌ، وَ لايَزيدُ مَنْ نَقَصَ مِنْهُمْ زائِدٌ. ثُمَّ ضَرَبَ لَهُ فِى الْحَيوةِ اَجَلاً مَوْقوُتاً، وَ نَصَبَ لَهُ اَمَداً مَحْدُوداً، يَتَخَطَّأُ(4) اِلَيْهِ بِاَيّامِ عُمُرِهِ،وَ يَرْهَقُهُ(5) بِاَعْوامِ دَهْرِهِ، حَتّى اِذا بَلَغَ قْصى اَثَرِهِ، وَ اسْتَوْعَبَ حِسابَ عُمُرِهِ، قَبَضَهُ اِلى ما نَدَبَهُ اِلَيْهِ مِنْ مَوْفُورِ____________ثَوابِهِ، اَوْ مَحْذُورِ عِقابِهِ، لِيَجْزِىَ الَّذينَ اَسآؤُا بِما عَمِلُوا، وَ يَجْزِىَ الَّذينَ اَحْسَنُوا بِالْحُسْنى،(1) عَدْلاً مِنْهُ، تَقَدَّسَتْ اَسْمآؤُهُ، وَ تَظاهَرَتْ الآؤُهُ، لايُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ.(2) وَالْحَمْدُلِلَّهِ الَّذى لَوْ حَبَسَ عَنْ عِبادِهِ مَعْرِفَةَ حَمْدِهِ عَلى ما اَبْلاهُمْ (3)مِنْ مِنَنِهِ الْمُتَتابِعَةِ، وَاَسْبَغَ (4)عَلَيْهِمْ مِنْ نِعَمِهِ الْمُتَظاهِرَةِ، لَتَصَرَّفُوا فى مِنَنِهِ فَلَمْ يَحْمَدُوهُ، وَ تَوَسَّعُوا فى رِزْقِهِ فَلَمْ يَشْكُرُوهُ، وَ لَوْ كانُوا كَذلِكَ لَخَرَجُوامِنْ حُدُودِ الْاِنْسانِيَّةِ اِلى حَدِّ الْبَهيمِيَّةِ،فَكانُوا كَما وَصَفَ فى مُحْكَمِ كِتابِهِ: «اِنْ هُمْ اِلاّ كَالْاَنْعامِ بَلْ هُمْ اَضَلُّ سَبيلاً».(5) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى ما عَرَّفَنا مِنْ نَفْسِهِ، وَ اَلْهَمَنا مِنْ شُكْرِهِ، وَ فَتَحَ لَنا مِنْ اَبْوابِ الْعِلْمِ بِرُبُوبِيَّتِهِ، وَ دَلَّنا عَلَيْهِ مِنَ الْاِخْلاصِ لَهُ فى تَوْحيدِهِ، وَ جَنَّبَنا مِنَ الْاِلْحادِ وَالشَّكِّ فى اَمْرِهِ، حَمْداً نُعَمَّرُ بِهِ فيمَنْ حَمِدَهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَ نَسْبِقُ بِهِ مَنْ سَبَقَ اِلى رِضاهُ وَعَفْوِهِ، حَمْداً يُضىءُ لَنا بِهِ ظُلُماتِ الْبَرْزَخِ(6)، وَيُسَهِّلُ بِهِ سَبيلَ الْمَبْعَثِ، وَ يُشَرِّفُ بِهِ مَنازِلَنا عِنْدَ مَواقِفِ الْاَشْهادِ(7)، يَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَ هُمْ لايُظْلَمُونَ،(8) يَوْمَ لايُغْنى مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لاهُمْ يُنْصَرُونَ(حَمْداً يَرْتَفِعُ مِنّا اِلى اَعْلى عِلِّيّينَ فى كِتابٍ مَرْقُومٍ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ.(1) حَمْداً تَقَرُّ بِهِ عُيُونُنا اِذا بَرِقَتِ (2)الْاَبْصارُ،و تَبْيَضُّ بِهِ وُجُوهُنا اِذَا اسْوَدَّتِ الْاَبْشارُ.(3) حَمْداً نُعْتَقُ بِهِمِنْ اَليمِ ناراللَّهِ اِلى كَريمِ جِوارِاللَّهِ، حَمْداً - نُزاحِمُ بِهِ مَلآئِكَتَهُ الْمُقَرَّبينَ، وَنُضآمُّ(4) بِهِ اَنْبِياءَهُ الْمُرْسَلينَ فى دارِ الْمُقامَةِ (5)الَّتى لاتَزُولُ، وَ مَحَلِّ كَرامَتِهِ الَّتى لاتَحُولُ.(6) والْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى اخْتارَ لَنا مَحاسِنَ الْخَلْقِ،(7) وَ اَجْرى عَلَيْنا طَيِّباتِ الرِّزْقِ، وَ جَعَلَ لَنَا الْفَضيلَةَ بِالْمَلَكَةِ عَلى جَميعِ الْخَلْقِ، فَكُلُّ خَليقَتِهِ مُنْقادَةٌ لَنا بِقُدْرَتِهِ، وَصآئِرَةٌ اِلى طاعَتِنا بِعِزَّتِهِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذى اَغْلَقَ عَنّا بابَ الْحاجَةِ اِلاّ اِلَيْهِ، فَكَيْفَ نُطيقُ حَمْدَهُ؟اَمْ مَتى نُؤَدّى شُكْرَهُ؟! لا، مَتى!(8) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذى رَكَّبَ فينا الاتِ الْبَسْطِ، وَ جَعَلَ لَنا اَدَواتِ الْقَبْضِ، وَ مَتَّعَنا بِاَرْواحِ الْحَيوةِ، وَاَثْبَتَ فينا جَوارِحَ الْاَعْمالِ، وَ غَذّانا بِطَيِّباتِ الرِّزْقِ، وَ اَغْنانا بِفَضْلِهِ، وَ اَقْنانا(9) بِمَنِّهِ، ثُمَّ اَمَرَنا لِيَخْتَبِرَ طاعَتَنا، وَنَهانا لِيَبْتَلِىَ شُكْرَنا، فَخالَفْنا عَنْطَريقِ اَمْرِهِ،وَ رَكِبْنا مُتُونَ9 زَجْرِهِ،(1) فَلَمْ يَبْتَدِرْنا (2)بِعُقُوبَتِهِ، وَ لَمْ يُعاجِلْنا بِنِقْمَتِهِ، بَلْ تَاَنّانا (3) بِرَحْمَتِهِ تَكَرُّماً، وَانْتَظَرَ مُراجَعَتَنا بِرَاْفَتِهِ حِلْماً. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذى دَلَّنا عَلَى التَّوْبَةِ الَّتى لَمْنُفِدْها اِلاّ مِنْ فَضْلِهِ،فَلَوْ لَمْ نَعْتَدِدْ مِنْ فَضْلِهِ اِلاّ بِها لَقَدْ حَسُنَ بَلآؤُهُ عِنْدَنا، وَ جَلَّ اِحْسانُهُ اِلَيْنا، وَ جَسُمَ فَضْلُهُ عَلَيْنا، فَماهكَذا كانَتْ سُنَّتُهُ فِى التَّوْبَةِ لِمَنْ كانَ قَبْلَنا، لَقَدْ وَضَعَ عَنَّا مالا طاقَةَ لَنا بِهِ، وَلَمْيُكَلِّفْنا اِلاّ وُسْعاً، وَ لَمْ يُجَشِّمْنا(4) اِلاّ يُسْراً، وَ لَمْ يَدَعْ لِأَحَدٍ مِنّا حُجَّةً وَ لا عُذْراً، فَالْهالِكُ مِنّا مَنْ هَلَكَ عَلَيْهِ، وَالسَّعيد مِنّا مَنْ رَغِبَ اِلَيْهِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ بِكُلِّ ما حَمِدَهُ بِهِ اَدْنى(5) مَلآئِكَتِه اِلَيْهِ، وَاَكْرَمُ خَليقَتِهِ عَلَيْهِ، وَاَرْضى حامِدِيهِ لَدَيْهِ، حَمْداً يَفْضُلُ سآئِرَ الْحَمْدِ كَفَضْلِ رَبِّنا عَلى جَميعِ خَلْقِهِ. ثم الْحَمْدُ مَكانَ كُلِّ نِعْمَةٍ لَهُ عَلَيْنا وَ عَلى جَميعِ عِبادِهِ الْماضينَ وَالْباقينَ، عَدَدَ ما اَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ مِنْ جَميعِ الْاَشْيآءِ، وَمَكانَ كُلِّ واحِدَةٍ مِنْها عَدَدُها اَضْعافاً مُضاعَفَةً اَبَداً سَرْمَداً(6) اِلى يَوْمِ الْقِيمَةِ . حَمْداً لامُنْتَهى لِحَدِّهِ، وَ لاحِسابَ لِعَدَدِهِ، وَلا مَبْلَغَ لِغايَتِهِ، وَ لاَانْقِطاعَ لِأِمَدِهِ، حَمْداً يَكُونُ وُصْلَةً(7) اِلى طاعَتِهِ وَ عَفْوِهِ، وَ سَبَبَاً اِلى رِضْوانِهِ، وَ ذَريعَةً(8) اِلى مَغْفِرَتِهِ وَ طَرِيقاً اِلى جَنَّتِهِ، وَ خَفيراً (9)مِنْنَقِمَتِهِ، وَ اَمْناً مِنْ غَضَبِهِ، وَ ظَهيراً (1)عَلى طاعَتِهِ، وَ حاجِزاً عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَ عَوْناً عَلى تَاْدِيَةِ حَقِّهِ وَ وَظآئِفِهِ . حَمْداً نَسْعَدُ بِهِ فِى السُّعَدآءِ مِنْ اَوْلِيآئِهِ، وَ نَصيرُ بِهِ فى نَظْمِ الشُّهَدآءِ بِسُيُوفِ اَعْدآئِهِ، اِنَّهُ وَلِىٌّ حَميدٌ.