إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أضواء عرفانية على دعاء كميل

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أضواء عرفانية على دعاء كميل

    هذه الأيام هي أيام مصاب أهل البيت (ع) ، يفترض أن يُراجع أحدُنا قلبه ، ويرى تأثر قلبه في المناسبات ، هذه القلوب تكشف عَمًّا ورائها . الإنسان الذي يمرُّ عليه شهر رمضان بلا تأثر ، يذهب إلى الحج بلا تأثر ، يمر عليه شهرا محرم وصفر بلا تأثر ... فعليه أن يعيد حساباته إذا كان عدم التأثر مستمرا. عليه أن يتساءل : ماالذي جرى في هذا القلب الذي لا يؤثر فيه ذكرُ الله عزوجل وذكر أوليائه ؟... عليه ألا يمر على هذه الحالة مرور الكرام ... ليتَّهم نفسَه . قد يكون الأمرُ طبيعيا ، عندما يسمع مصائب أهل البيت مرة أو مرتين ولا يتفاعل ، ولكن مع استمرارية عدم التفاعل مع المصائب التي يذكرها الخطيب ، والتي تفت الصخور فليتهمَ نفْسَه . عن الإمام الصادق (ع) : ( الذي يتلى عليه مصيبة وداع جديَ الحسين (ع) ولا يتأثر عليه أنْ يراجع قلبه ). كذلك الأمر بالنسبة لدعاء كميل ، في كل ليلة جمعة نقرأ دعاء كميل ، ولكن للأسف أصبح دعاء كميل طقسا من الطقوس ، رغم أنه ليس مجرد دعاء ... إنه قمة التفاعل بين رجل هوالثاني في تاريخ البشرية بعد الرسول (ص) وبين الله عزوجل ، فكيف يخاطب أمير المؤمنين (ع) رب العالمين ؟ لنا اليوم مجموعة من الوقفات مع دعاء كميل : ( فَهَبْني يا إلـهي وَ سَيِّدِي وَ مَوْلايَ وَ رَبّي صَبَرْتُ عَلى عَذابِكَ ، فَكَيْفَاَصْبِرُ عَلى فِراقِكَ ؟ )المعنى : ياإلهي ، لو أدخلتني النار تبقى هذه المحبة ثابتة لا دخل لها بالنار ، فالعلاقة بيني وبينك يارب ثابتة ... علاقة العبودية بالربوبية فأنا عبدٌٌك وأنت ربي ، ولا شأن لذلك بدخولي الجنة أوالنار ، فكون جسمي يحترق بالنار لا ارتباط لذلك بعلاقة القلب مع رب العالمين . هذا هو مفهوم العبودية عند أمير المؤمنين (ع) ، أما أحدنا إذا ركب في الفلك و جاءه الموج من كل مكان إذ هو انسان متضرع ولكن﴿فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ– العنكبوت 65 ، هذه هي العبودية المتأرجحة بين المصائب ؛ عندما يكون في أزمة يناجي أفسق الفاسقين ربه بدموع جارية وكأنه أقدس القديسين ، وإذا زالت الأزمة وانتهت وكأنه لا شيء . كذلك الأمر في حال الأزمات في حياة الأمم والشعوب ، وكأن هذه العلاقة علاقة المصالح ، وكأن لسان الحال يقول : أنا يارب أحبك إذا أدخلتني الجنة ، ولكن لو أدخلتني النار فلا علاقة بيني وبينك ، أهذا منطق أمير المؤمنين ( ع) الذي نتعلمه من دعاء كميل ؟ ... الصورة التي يجسدها أمير المؤمنين (ع) هي العبودية الكاملة ... على وتيرة واحدة في السراء والضراء... في الشدة والرخاء ... في الجنة والنار ... في الحاجة وعدم الحاجة . لماذا نتعلم أن ندعو في وقت الحاجة والأزمات والمصائب فقط ؟ ورد في بعض الروايات عن أمير المؤمنين(ع) : ( ما المبتلى الّذي قد اشتدّ به البلاء بأحوج إلى الدّعاء من المعافى الّذي لا يأمن البلاء ) الإنسان المبتلى في معرض الرحمة والقرب من رب العالمين وإن لم يدعو ، أما الإنسان المعافى في بدنه المستغني بماله فهو يحتاج إلى حديث مع رب العالمين .من صور علاقة أمير المؤمنين (ع ) مع رب العالمين عندما يخبر أحدهم الزهراء (ع) أن عليا قد مات في نخيل المدينة ، فتقول ( ع): ( إنْ هي إلا الغشوات التي تنتاب الأمير في مناجاته مع رب العالمين ) ... يصبح كالميت عندما يناجي رب العالمين . نحن ما عرفنا قدر أئمتنا (ع) ما عرفنا أبعادهم في الوجود ، هذا السجاد والصحيفة السجادية ، وهذا أمير المؤمنين والصحيفة العلوية ، وهذا الصادق والصحيفة الصادقية ، أين فهمُنا لأئمتنا (ع) ؟ ... والبعض يتحرج من أن ينسب لهذه الذوات المقدسة ، وشرفنا وشرفكم أن نكون تراب أقدامهم .يستهل أمير المؤمنين(ع) الدعاء بالثناء على الله عزوجل ، يعرف رب العالمين للمسلمين عندما يقول :بِجَبَرُوتِكَ الَّتي غَلَبْتَ بِها كُلَّ شَيء ، وَ بِعِزَّتِكَ الَّتي لايَقُومُ لَها شَيءٌ)الإنسان الذي يعتز بعز الله و يركن إلى عزة رب العالمين لا يخاف من شيء ، أي عزيز أي ذليل يقاوم عزة رب العزة والجلال ؟!. (وَ بِعِزَّتِكَ الَّتي لايَقُومُ لَها شَيءٌ) ، الإنسان الذي يعتقد بأن الله قوي عزيز ذو قوة متين فعال لما يريد ذو البطش الشديد لا يخاف من مخلوق ، ( لو كادت المؤمن السماوات والأرض إلا جعلت له الفرج والمخرج من بينهم ) أين نحن ومضامين دعاء كميل ؟... لو كانت هذه الفقرة شعارا للأمة الإسلامية لما قاومهم شيء ولما وقف أمامهم شيء، مضامين دعاء كميل أسسٌ لحياة الأمة والفرد معا . ( وبعزتك التي لا يقوم لها شيء ) نكرة في سياق النفي تفيد العموم ، أي شيء يقف أمام عزة رب العالمين ؟.(وَ بِعَظَمَتِكَ الَّتي مَلأَتْ كُلَّ شَيء) القوة النووية فيها عظمة رب العالمين ، الجبارون ربهم رب العالمين ، ما الذي تخاف منه وأنت تعلم أن عظمته ملأت كل شيء .(بِوَجْهِكَ الْباقي بَعْدَ فَناءِ كُلِّ شَيء)إخواني ارتبطوا بهذا الوجه ، عندك مال قدمه لهذا الوجه الكريم ، لتكون له صفة الخلود ، تنفق الألف والألفين في طعام أو سفر فإذا به يفنى ويزول لعدم ارتباطه برب العالمين ، أين المتع التي تمتعتم بها في صيف العام الماضي عندما ذهبت إلى الأماكن الخلابة الجميلة ؟... خيال في خيال . الذكريات الماضية بمثابة شريط مختزل في الذاكرة ، وكأنها فيلم . ماالفرق بين ذهابك جبال الهملايا وبين الفيلم الذي رأيته في التلفزيون ، الصورة هي الصورة عدم في عدم .الذي يبقى هو الدرهم الذي قدمته في سبيل رب العالمين ، نقرأ ﴿هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاًمَّذْكُوراً– الإنسان 1 أقراص من الخبز ، لو بيعت لما ساوت شيئا ، ما قيمة هذا الخبز في عالم الوجود ؟ ما قيمة الخبز عند الله تعالى الذي يقول : ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍمَّعْلُومٍ - الحجر 21 عنده عزوجل خزائن الذهب والمال والطاقة ... ورغم ذلك كُتب لهم الخلود ، وأي خلود ؟ الخلود ليس في أقراص الخبز ، ولكن الخلود في قوله تعالى ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَشُكُوراً – الإنسان 9 أقراص الخبز الفانية الرخيصة عندما ترتبط بالوجه الباقي تتحول إلى طاقة باقية لا تنقطع أبدا ﴿وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيراً– الإنسان 12 الجزاء هو الخلود في الجنة مقابل هذه الاقراص لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام أجمعين . وهذا الدرس نتعلمه من دعاء كميل (بِوَجْهِكَ الْباقي بَعْدَ فَناءِ كُلِّ شَيء) فيا أيها العبد إذا كنت تريد الخلود والبقاء ارتبط بهذا الباقي الذي لافناء له .( اَللّهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تَهْتِكُ الْعِصَمَ )يبين أمير المؤمنين (ع) أن علاقة ارتكاب الذنوب بهتك العصمة ... وإنزال البلاء ... وحبس الدعاء علاقة وثيقة جدا ، بعض الناس يرتكب خطيئة أو فاحشة في خلوة وكأنه لا يوجد من يطلع عليه . وحساب رب العالمين دقيق ، بعض الذنوب تهتك العصم ، وبعض الذنوب تغير النعم ... يشتكي بعض الناس من تغير النعم كيف كان وكيف أصبح ، هذا العتب جيد ، وهذه النفس اللَّوَّامة محترمة ، ولكن ابحث عن السبب ، ما الذي غيَّر النعمة لديك ؟... كنت في العام الماضي تتأثر بمصائب سيد الشهداء (ع ) في شهري محرم وصفر ، والآن الخطيب يقرأ وأنت تنظر إليه ، ما الذي تغير في وجودك ؟... هذا القلب لم يعد يلتقط الإشارات ... علينا النظر في موجبات التغير في حياتنا ، لم هتكت عصمتي ؟...لم وقعت في ضائقة مالية ؟...لم أصبت بصدمة اجتماعية ؟... و قبل أن أبحث عن زيد وعمرو وألقي اللوم عليهم لأبحث في نفسي . هذه النفس هي منشؤ المصائب ( أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك ) ، قال الصادق (ع): (إنّ الرجل يذنب الذنب، فيُحرم صلاة الليل)..و أنت لا تعلم أي بلاء كانت ستدفعه عنك هذه الصلاة لو صليتها ، إنها معادلة في عالم مَحَبُوك عالم منتظم ، رب العالمين يضع معادلة فلان لولم يرتكب ذنبا يقوم الليل ، وإذا قام الليل سأدفع عنه كذا وكذا من البلاء ، ولكنه ارتكب الذنب فحرم صلاة الليل وفقد المسكين ما فقد .المطلعين على عالم الذرة والنبات والفلك والمجرات يرون المعادلات العجيبة في هذا الوجود ، والارتباط القائم ، غلاف الأوزون ينثقب فإذا بالحرارة تزيد ... عَاَلمٌ مترابط ... عَاَلمٌ متقن ... عالم دقيق ، فهل يعقل أن يكون الإنسان خليفة الله على الأرض مُهْمَلا يعمل مايشاء ؟.. ويكون عالم الذرة والفضاء والغلاف الغازي عالم متتقن ، يقول تعالى : ( إني جاعل في الأرض خليفة فهذا الخليفة ليس في حلٍ يفعل ما يشاء إنه محكوم : وفي الأحاديث القدسية :( خلقت الأشياء لأجلك وخلقتك لأجلي ) وفي حديث آخر : ( لاتسعني أرضي ولا سمائي ولكن يسعني قلبُ عبدي المؤمن ) و ( قلب المؤمن عرش الرحمن ) فأين هذه الأوصاف من واقع حياتنا ؟(اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لي الذُّنُوبَالَّتي تَحْبِسُ الدُّعاءَ ) البعض في شهر رمضان على الخصوص يسأل : أنا دعوت الله ... استغفرت ربي ... تصدقت ... بكيت ... خشعت... تضرعت ... ولكن أين الإجابة ؟ قد يكون الدعاء جيدا ... ولكنك خلقت الموانع بيدك فإذا وجد المانع فالمؤثر لا يعطي أثره ، فلذلك الدعاء لا يؤثر. خذ عودا رطبة واجعلها في نارا مستعرة ، الخشب لا يحترق مع وجود الرطوبة فيه ، هناك سقف على رأسك ، ما صعد منك شيء جيد لا نقص فيه ، ولكن هذه المظلة هي التي حالت بينك وبين صعود الدعاء إلى رب العزة والجلال ، إذن كم خطيرة هي الذنوب ؟ ونحن نقرأ دعاء كميل قراء سطحية وكأنه وِرْد نريد أن ننتهي من قراءته رغم المعاني السامية فيه. ( اِلهي وَ مَوْلاي اَجْرَيْتَ عَلَي حُكْماًاِتَّبَعْتُ فيهِ هَوى نَفْسي ، وَ لَمْ اَحْتَرِسْ فيهِ مِنْ تَزْيينِ عَدُوّي ) إذا أردنا تجسيم هذه الفقرة سينتاب أحدَنا شعورٌ بالذهول والقلق والاضطراب ، إنَّ في مملكة وجود الإنسان قوة هي الطابور الخامس ، قوة الأهواء ... قوة الشهوات وهي بمثابة جواسيس للشياطين ، وما أعظمها من قوى ! قوة هائلة ... قوة الهوى ليست قوة هينة ، تتجلى هذه القوة عندما تختلي زليخة مع الصديق يوسف (ع) في ذلك الموقف ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ ربه – يوسف 24 كان يوسف (ع) يحتاج إلى مدد من رب العالمين ، فكيف بنا نحن ؟ الهوى بهذه القوة ، يضاف إلى ذلك أن الشيطان يزين للإنسان المعصية ﴿قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِوَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ- الحجر 39﴾إن في أصحاب الهوى والمجون والعشاق مثالا واضحا ، لنحلل عمل هؤلاء ... سنوات وهم يخططون ليصلوا لما يريدوا ، يرى من يعشقها في يقْضَتِهِ و في نومه ، ثم بعد حصوله على ما يريد ، وإذا بهذه الطاقة المتجمعة عبر فترة من الزمن يجدها رخيصة جدا ، وليست بالمثابة التي يتوقعها . أرأيتم شهوة الشبع وشهوة الغرائز كيف تنطفئ في لحظات معدودة ؟... هذه هي الزينة (لأزَيِّنَنَّ) . بذلت من عمرك ... من مالك ... من وجاهتك ... من شرفك ... من دينك لأجل لحظات تمر مرور الكرام ، ويتعقبها الكسل والتعب والنوم ، هذه هي النموذج الأعلى من شهوات الدنيا ، ﴿لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ– الحجر 39﴾إنها زينة ، كإنسان يريد أن يزوج شابا هو أجمل ما يكون على عجوزة في الثمانين ، ولكنها في قناع جميل ، سرعان ما يسقط هذا القناع ليعلم أنه عَقَدَ زواجَه على أية قبيحة !!... هذا هو واقع الحياة الدنيا ، وأحدنا في حياته كممرَّ في حياته على حالات ندامة من هذا القبيل ، وهذا الإنسان يعترف بينه وبين المقربين بضياع العمر وتلفه في السفر وغيرها دون أن يحصل على شيء يُعْتَدُ به . لفتة :1 .في أشهر الصيف في الأسفار ، الناس يبيعون شيئا من دينهم لدنياهم ، فهو في الطائرة يعفي نفسه عن الصلاة في وقتها أوحتى في غير وقتها ، والحال أن التكليف لا يسقط بحال .2. زوجته في بلده لايكاد يراها أحد ، وفي بلاد الغربة تصبح وكأنها امرأة مختلفة .إخوتي لنحذر من تزيين الشيطان لنا في حياتنا ، لنحلل كل أمر ، لهذا المؤمن عندما يُقْدِم على أمر لابد أن يفكر في عواقب ذلك الأمر ، ما الدافع ؟ ... ولا أبيحكم سرا عندما أقول منطلقاتنا في أغلب أعمالنا حتى التي فيها صبغة الدِّين ، وفيها خدمة مذهب سيد المرسلين ، عندما نلاحظ الدواعي الخفية هناك دوافع أخرى ، كما يقول الأمير ( ع) : ( وَ كَمْ مِنْ ثَناءٍ جَميلٍ لَسْتُ اَهْلاً لَهُ نَشَرْتَهُ ) الناس يرون ظاهر الأمر ، يرون الخطابة الجيدة ، يرون الوجاهة ..... ولكن ما هي الدوافع ؟ لا يعلم ذلك إلا ستَّار العيوب وغفَّار الذنوب ، و المؤمن الذي لا يفك هذه المعادلات في نفسه يبقى كما هو إلى أبد الآبدين .( اَتُسَلِّطُ النّارَ عَلى .... جَوارِحَسَعَتْ إلى أوْطانِ تَعَبُّدِكَ طائِعَةً ، وَ عَلىضَمائِرَ حَوَتْ مِنَ الْعِلْمِ بِكَ حَتّى صارَتْ خاشِعَةً)وهي من الفقرات المؤمِّلة – بمعنى تبعث الأمل - في الدعاء . أوطان التعبد هي : المساجد الحج العمرة الزيارة والمشاهد . في هذا اليوم رأيت بعض الأخوان يأتون من أماكن بعيدة مشيا في حر هذا الشمس ، هذه الخطوات التي انتقلت بها إلى بيت من بيوت الله ... جئت طائعا إلى هذا المسجد غير مكره ، يوم القيامة قولوا لرب العالمين : لإن خالفناك في أوامر كثيرة ، فنحن قد أطعناك في بعض الأوامر ، فهذه من الساعات القيمة في حياتكم ، فلعل هذه الساعات تشفع لنا في ساعة العرض الأكبر ، هذه الجوارح وهذه القلوب تشفع للإنسان في ذلك الموقف .(يا رَبِّ ، قَوِّ عَلى خِدْمَتِكَ جَوارِحي )يارب بعد أن عرضنا قصة الضعف البشري ... تزيين الشيطان ... تزيين العدو ( فغرني بما أهوى وأسعده على ذلك القضاء ) بعد هذه الشكاوى ، بعد هذه التألمات ، يقول يارب الذي ينفعني هو المدد منك يارب العالمين . هذه الجوارح تابعة للهوى لا للعقل إن لم تأخذ بيد هذه الجوارح فأنا ساقط في الهاوية .( وَاشْدُدْ عَلَى الْعَزيمَةِ جَوانِحي ) العقل يعتقد أن هذا فيه الخطر ، ولكن ماذا أفعل مع الهوى ؟
    هوى ناقتي خلفي ، وقدامي الهوى الهوى وإني وإياها لمختلفان
    هذه الناقة تركت فصيلا فهواها في الخلف ، وقدامي الهوى. العقل يشدك إلى جهة ، والهوى يشدك إلى جهة أخرى ، ما الذي يفصل النزاع ؟... مددٌ وقوةٌ من رب العالمين . ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلاۤ أَنرَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ– القصص 10 أم موسى تلقي بولدها في النيل المضطرب النيل المائج ، الربط على القلوب إخواني سنة متكررة في حياة الصلحاء والأنبياء .(وَ هَبْ لِيَ الْجِدَّ في خَشْيَتِكَ) عجبا يا أمير المؤمنين !.. هناك هزْلٌ في الخشية ؟!... نعم ، الإنسان الذي يخشى يوما ولا يخشى يوما فهذا إنسان متلاعب ، الموظف الذي يأتي يوما للشركة ويتغيب يوما ، فهذا موظف مستهتر، وإن كان اليوم الذي يحضر إلى الدوام يبذل قصارى جهده ، هذا الحال بالنسبة للذي يترك يوما ، فكيف الحال بالذي يتغيب أشهرا عن مقر عمله ؟.. هذا هزَل مع رب العالمين .( وَالدَّوامَ فِي الاِْتِّصالِ بِخِدْمَتِكَ )وهنا المصيبة ... ليلة من ليالي القدر نحلق في الأجواء العالية جدا ، صاحبنا يأتي وعيونه كالعَلقة ... كالدم الأحمر ، ولكن بعد شهر رمضان ينتهي كل شيء ، ويرجع المرء إلى ما كان فيه . في الحج يصبح وكأنه قديس يطلق اللحية ... يظن المرء عندما يراه وكأنه لا يوجد من هو أقدس منه في هذه البقعة ، وإذا به من اليوم الثاني يغير الهيئة الظاهرية والباطنية معا ، وهذا الأمر يتكرر في محرم وصفر ، الدوام في الخشية وفي الاتصال بالعبودية أمر مهم .الخلاصة :1- العبودية الكاملة ... أن تعبد الله على وتيرة واحدة في السراء والضراء... في الشدة والرخاء ... في الحاجة وعدم الحاجة.2-ما المبتلى الّذي قد اشتدّ به البلاء بأحوج إلى الدّعاء من المعافى الّذي لا يأمن البلاء.3-يا أيها العبد إذا كنت تريد الخلود والبقاء ارتبط بهذا الباقي الذي لافناء له في أعمالك كلها .4- إن علاقة ارتكاب الذنوب بهتك العصمة ... وإنزال البلاء ... وحبس الدعاء علاقة وثيقة جداً.5- إنَّ في مملكة وجود الإنسان قوة هي قوة الأهواء و الشهوات وهي بمثابة جواسيس للشياطين ، وما أعظمها من قوى ! يضاف إلى ذلك أن الشيطان يزين للإنسان المعصية ، فما أحوجنا إلى التماس المدد الإلهي .6-السعي إلى أوطان التعبد ( المساجد والمشاهد ...) هي من الساعات القيمة في حياتنا .7-العزيمة والجد والدوام في السعي لله على طريق العبودية من الأمور المهمة .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X