إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رحلة الإمام الحسين (ع) للشهادة في سبيل الله تعالى

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رحلة الإمام الحسين (ع) للشهادة في سبيل الله تعالى

    الطريق إلى الموت:

    يوم امتنع الإمامالحسين عن مبايعة يزيد ، كان موقنا أنه قد سلك الطريق إلى الموت ، وأن يزيد وجنودهسيقتلونه ، وسيقتلون أهل بيت النبوة إن عاجلا أم آجلا ، وأن مسألة قتلهم مسألة وقتليس إلا ، وقد خصصنا بحثا في الفصول السابقة بعنوان «يقين الإمام الحسين» أثبتنا فيهأن الإمام كان يعرف أين يقتل ، وكيف يقتل ، ومن يقتل معه ، ومتى يقتل ، ومن همالقتلة ،!! كان موقنا أن المنايا يرصدنه ليبقى دائما على طريق الموت لا يحيد عنهاقيد أنملة ، وكان الإمام دقيقا إلى درجة التصوير الفني عندما تمثل بقول يزيد بنالمفرّع الحميري وهو يدخل لوداع جده العظيم:
    يوم أعطى مخافة الموت ضيما والمنايا ترصدنني أن أحيدا(1)
    ومع يقين الإمام انه يسلك هو وأهلبيته الطاهرين ، وأصحابه الصادقين الطريق إلى الموت ، وأن الفرعون وجنودهسيطاردونهم حتى يظفروا بهم ، وانهم سيقتلونهم أشنع قتلة ، إلا أن ألإمام قد صمم بأنيكون موته ، وموت أهل بيته ، وأصحابه الصادقين ، (موتا من نوع خاص ) يليق بعظمةألإمام وطهر أهل بيت النبوة ، وجلال وشموخ الصادقين من أصحابه ، موتا ينالون بهأعظم درجات الشهادة عند ألله تعالى ، وهكذا وصّاه الجد العظيم يوم جاء الحسينلوداعه(2)،يريده ألإمام موتا بحجم عظمة المهمةوألأهداف التي خرج لتحقيقها ، موتا يكشف حقيقة الفرعون وجنوده.
    إستغلال فترةالمطاردة:
    مثلما صمم الإمامالحسين على أن يكون موته وأهل بيته وأصحابه من نوع خاص كذلك صمم الإمام على إستغلالفترة مطاردة ألأمويين له ، وما تبقى له من حياة أحسن إستغلال ، لتسمع الأمة كلهابخروجه ، ولإقامة الحجة عليها ، وليكشف الأمويين على حقيقتهم البشعة ، ولفضح يزيدونظامه ، وليعلن باسم الله ورسوله وباسم الإسلام الذي يمثله ، بطلان الخلافة ، وعدمشرعيتها ، وبطلان كافة الفتاوى الفارغة التي كانت تضفي هالة من القداسة الزائفة علىالخليفة الجبار المتغلب ، وتحرم معصيته ، والخروج عليه ، وليظهر الخليفة المتغلببصورته الحقيقية ، كغاصب ما ليس له ، وجالس بالقهر بالمكان الذي خصصه الله لغيره(3) وكمدع لما ليس له(4) وكمطيع للشيطان وتارك للرحمن ، ومبطل للحدود ،وشارب للخمور ، ومستأثر بأموال المسلمين(5) وكمفسد كبير في ثوب مصلح ، وكقائد لحزب الشيطان(6)،وكإمام فاسق يحكم بالجور والعدوان(7).والإماميريد من الأمة ومن العالم كله أن يتساءل : كيف يمكن التوفيق بأن إدعاء الخليفة «أنهخليفة رسول رب العالمين» وبين أعماله الإجرامية المنبثقة عن سلوكه الشخصي القذر ،ومسيرته الإرهابية كحاكم مستهتر بالأموال ولأرواح ،وبأحكام الدين ، وطويته الفاسدة التيتضمر الحقد والبغض للبقية من آل الرسول(8).والإمام يريد من الأمة أن تستفيق من غفلتها ومن نومهاالعميق ومن تطرفها وحبها للحياة مع الذل ، فالعيش كالمرعى الوبيل ، هوخسة ، فالحقلا يعمل به ، والباطل لا يتناهى عنه ، والموت للخلاص من هذه الحياة ما هو إلا شهادة، والحياة مع الظالمين ليست إلا برما(9).ويريد الإمام الحسين من الأمة أن ترجع لدينها وتعرف منهم الذين اختارهم الله ولاة لأمرها ، فتلتف حولهم ، وتتخلى عن طاعة بني أمية ،فإنها إن فعلت ذلك فإن يزيد سيسقط تلقائيا ، لقد تمكن ألإمام خلال فترة المطاردة ،وبوسائل محدودة ، ومن خلال تصريحاته ، وخطبه ومقابلاته التي كانت تفيض بالصدقواليقين ، وأنبل المشاعر نحو الدين والأمة ، من أن يوصل ما أراد إيصاله للأمة ، ومنإقامة الحجة عليها وعلى ألأمويين معا ، وتمكن خلال الفترة المتبقية له من الحياة منأن يضرب المثل ألأعلى ، بالشجاعة والتضحية والإقدام ، والإقبال على الموت بنفسمطمئنة ، راضية في سبيل نصرة الحق ، ولا يخفى ما لذلك من أثر في بعث الحياة بأمةأذلها الأمويين فذلت ، وما لذلك من أثر في تحجيم بني أمية وجنوده كعصاة وكاعداء للهولرسوله ، وكقتلة مجرمين لا همّ لهم إلا مصالحهم ألأنانية الضيقة ، وألأهم انه مزقوبمنتهى القوة كافة البراقع والمظاهر الزائفة التي كانوا يتسترون بها ، وعرّاهموكشفهم للأمة وللعالم كله حقيقتهم البشعة .الحوار بينلغة الدين والمنطق ولغة المخالب والأنيابلقد ترك الإمامالحسين جوار جده العظيم وهو كاره ، وخرج وهو كاره وتمنى لو أتيحت له الفرصة ليبقىفي المدينة ، ويتنقل في بلاد الإسلام ، ويدخلمع يزيد وجنوده في حوار بلغة الدينوالمنطق ، ويقنعهم أنه الأولى بسلطان النبي وميراثه ، وأحق ، وأنه الإمام الشرعيالمؤهل إلهيا لهذا المنصب ، وأنه الأولى بمبايعتهم لهم ، وأن يزيد الذي يصر على أخذالبيعة من الإمام الحسين أو أن يضرب عنقه ليس مؤهلا للخلافة والقيادة لا في سلوكه ،ولا في سيرته ، ولا في علمه ، ولا في تاريخ أبيه وجده الدموي المتميز بعداوة صارخةلله ولرسوله ، فصدور يزيد وجنوده أضيق من أن تتسع بذلك، وأسماعهم أضعف من أن تطيقسماع ذلك ، لقد أتسع فرعون مصر على جبروته بموسى وهارون ، وأتاح لهما الفرصة ليدليابما عندهما ، وسمع منهما حجتهما كاملة ، بل وأتاح لهما الفرصة ليثبتا صحة هذه الحجةعلى مرأى ومسمع من الشعب المصري كله ، وكان موسى آمنا خلال فترة طرحه لما جاء به ،ولم يتعرض له فرعون بسوء !! وعندما التقى موسى بالسحرة على مشهد من الناس ، ليثبتصحة ما جاء به ، كان موسى آمنا ، لم يتعرض له فرعون ولا جنوده بالسوء ، وعندما نجحموسى بهزيمة السحرة أمام الناس لم يتعرض له ، ولم يقتله بل أتهمه والسحرة بالمكروتركهم أحياء ، وتركهم طلقاء !!.ليت فرعون ـ يزيد ـالمسلمين قد تخلق بأخلاق فرعون مصر ، وأتاح للإمام الحسين ما أتاحه فرعون مصر لموسى !! ليته منح ألإمام الحسين الفرصة والحرية التي منحها فرعون مصر لموسى!!!.ليته سمع حجة الإمام الحسين كاملة ، وأتاح له الفرصةليثبت صحة ما جاء به ، وما عنده ، وأعطاه الحرية والأمن إلى حين على الأقل لما كانهنالك داع للخروج ، ولما كانت هنالك ضرورة لنثر شمل أهل بيت النبوة ، وتشتيتهم فيالبلاد ،ومطاردتهم بهذه الهمجية والوحشية التي لم يعرف لها التاريخ مثيلا !!!.إن فرعون مصر لم يطلب من موسى أن يبايعه ، ولم يطلب منهأن يعترف بشرعية حكمه ، لأنه يدرك بأن طلبه غير معقول وغير منطقي . إن فرعون مصر لميخير موسى بين الإعتراف بشرعية حكمه أو بالموت كما فعل يزيد عندما أمر واليه على المدينة «أن يأخذ البيعة من الحسين وإن أبى أن يضرب عنقه»(10) أو أن يأخذه أخذا شديدا ليست فيه رحمة حتىيبايع(11)، فيزيد ابن معاوية يسوم ألإمامالحسين عمدا وبغضا ، ويعامله معاملة السوقة ويتصرف بالمغصوب تصرف المالك ، ويريد منصاحب الحق أن ينسى حقه ، وأن يبارك للغاصب ما غصب !! يريد من ابن النبي وأهل بيتالطهارة أن يصفقوا للماجن على مجونه ، وللخليع على خلاعته ، وللفاسق على فسقه !!! وإن لم يفعلوا ذلك ، فلا داعي لأن يسمع الخليفة كلامهم ، فيزيد أقل وأذل من أن يرتقيإلى مستوى فرعون مصر ، ليعطي الإمام الحسين وأهل بيته من الفرص والأمان ما أعطاهفرعون لموسى ، فالطاغية لا يجد ولا يعرف أصلا لغة الحوار بالدين والمنطق . إنهوجنوده يعرفون ويجيدون لغة المخالب والأنياب ، والإرهاب والبطش والقسوة ، فلو ظفروجنوده بالإمام الحسين وأهل بيت النبوة لقطعوهم إربا إربا وبمنتهى الوحشية والهمجية، ولما سمع بمقالتهم وحجتهم أحد ، ولأشاعت وسائل إعلام دولة الخلافة أن الإمام وأهلبيت النبوة قد انتحروا ، أو أكلوا طعاما مسموما فماتوا ، وليس من المستبعد انيتظاهر الأمويين بالحزن على الإمام الحسين وأهل بيته وأن يتظاهروا بالبراءة ويلبسونالقفازات البيض وأيديهم ملطخة بدماء الجريمة ، وكل هذا يفرض على الإمام الحسين وأهلبيت النبوة أن يخرجوا في جنح من الليل ، وأن لا يمكنوا جيش الطاغية من إلقاء القبضعليهم.طبيعة رحلةالشهادةعندما امتنع ألإمام ألحسين عن بيعة يزيد بنمعاوية ، كان موقنا أن المواجهة قد بدأت بينه وبين يزيد ، تماما كما بدأت بين موسىوفرعون مصر ، وعندما خرج ألإمام الحسين من المدينة المنورة كان لديه الإحساس العميقبأنه يفر من يزيد وجنوده تماما كما فر موسى من فرعون مصر وجنوده ، كان الإمامالحسين موقنا أنه وأهل بيته وأصحابهغرباء تماما، يسيرون في مملكة بني أمية بلا ناصر، ولا معين، بين قوم قلوبهم غلف، لايعون ولا يرحمون وقد أثبتت الوقائع بالفعل في ما بعد لأن فرعون مصر وجنوده كانوابمنتهى الرحمة والخلق إذا ما قيست أفعالهم بافعال جيش ألأمويين، فعندما غادر الإمامالمدينة المنورة تلا قوله تعالى: ((فخرج منها خائفا يترقبقال رب نجني من القوم الظالمين))(القصص:21)(12)(وهو عين ما قاله موسى عندما فر من فرهون مصروجنوده . والإمام الحسين الذي اختاره الله إماما ، وأعده وأهله ، لا يلقي الكلامعلى عواهنه ، إنما يبرز بكلامه ومقارنته أدق المخفيات بصيغة يفهمها المكلفون فهماًكاملا ، لتقوم الحجة عليهم وفق موازين الحق ومعاييره ، ولما وصل الإمام الحسين إلىمكة ، تلا قوله تعالى: ((ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربيأن يهديني سواء السبيل))(القصص:22)(13) (وهو عين ما قاله موسى عندما ابتعد نسبيا عنالخطر وعندما أشرف على مدين !! فالتمثل بقول موسى في مكانين مختلفين ، وفي فترتينزمنيتين متباعدتين ، يعكس بوضوح وحدة المحنة بين النبي موسى (ع) وألإمام الحسين ،ووحدة الجو النفسي بينهما ، والتشابه بالحالتين ، والتطابق في طبيعة الخصمين ،ووحدة المعاناة ، وإبرازا لهذا فإن ألإمام الحسين يستعين بإعجاز القرآن ليضع ألأمةمعه في موقفه وطبيعة معاناته ، وليستصرخ لا شعورها لنصرته .ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
    (1) تاريخ الطبري ج3 ص271 ، ومقتل الحسينللخوارزمي ج1 ص186، وتاريخ ابن عساكر ، ترجمة الإمام الحسين ص195، ووقعة الطف ص83والموسوعة ص286 .(2) راجع الفتوح ج5 ص20 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص186 وبحارألأنوار ج44 ص328 والعوالم ج17 ص177 والموسوعة ص287.(3) راجع الفتوح ج5 ص11، ومقتل الحسين للخوارزميج1 ص182 وانظر إلى قول ألإمام برسالته لأشراف البصرة «وكنا أهله وأولياؤه وأوصياؤهوورثته وأحق الناس بمقامه . . »في تاريخ الطبري ج3 ص280 ومثير ألأحزان ص27 وبحارألأنوار ج44 ص340 وأعيان الشيعة ج1 ص590 ووقعة الطف ص107 .(4) الإرشاد للمفيد 224 والكامل لآبن ألأثير ج2 ص552 وأللهوف ص24 وأعيان الشيعة 596 وبحار ألأنوار ج44ص377 .(5) راجع تذكرة الخواص ص217 والموسوعة ص326 .(6) معالي السبطين ج1ص348، وبحار ألأنوار ج45 ص41 والعوالم ج17 ص283 .(7) الفتوح ج5 ص35 ومقتلالحسين للخوارزمي ج1 ص195 والموسوعة 313 وراجع المراجع في البند الثاني لتر تكيزألإمام على جورهم وعدوانهم .(8) راجع الفتوح ج5 ص11 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1ص182 .(9) تاريخ الطبري ج3 ص307 وتاريخ ابن عساكر ترجمة ألإمام الحسين ص214ومقتل الخوارزمي ج1 ص237 على سبيل المثال.(10) راجع كتاب الفتوح لإبن أعثم ج5 ص10 ومقتلالحسين للخوارزمي ج1 ص180ـ 185، واللهوف ص9ـ 10 ومثير ألأحزان ص14 ـ 15 .(11) راجع تاريخ الطبري ج6 ص188 باب «بيعة يزيد بن معاوية(12) راجع تاريخ الطبري ج3 ص272 والكامل لابن ألأثير ج2 ص531 والإرشاد ص202 ووقعةالطف ص85 والعوالم ج17 ص181، وينابيع المودة ص402 وأعيان الشيعة ج1 ص588 والموسوعةص299 . .
    (13) راجع ألإرشاد للمفيد 202 ، وبحار ألأنوار ج44 ص332 والعوالم ج17ص181 والكامل لابن ألأثير ج2 ص531 وتاريخ الطبري ج3 ص272 والفتوح ج5 ص25 ، وأعيانالشيعة ج1 ص588 ووقعة الطف ص586 والموسوعة ص305 .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X