إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ارتباط مسألة الهوى بالتفكّر والصبر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ارتباط مسألة الهوى بالتفكّر والصبر

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته



    نُشير في هذا العنوان إلى العلاقة المهمّة بين مسألة التفكّر والصبر وبين الهوى، فالروايات الّتي تتكلّم عن مسألة التفكّر كثيرةٌ، وننقل هنا بعض ما يتعلّق بها محاولين الربط بين مسألة التفكّر وبين اتّباع الهوى، فقد ورد عن أبي عبد الله(ع) أنه قال: (كان أمير المؤمنين(ع) يقول: نبّه بالتفكّر قلبك، وجافِ عن الليل جنبك، واتقِ الله ربّك)([1])، وفي روايةٍ أخرى عن أبي عبد الله(ع): (أفضل العبادة إدمان التفكّر في الله وفي قدرته)([2])، إنّ قيمة الكلام بعظمة متكلّمه، والمتكلّمُ في مقامنا هو المعصوم(ع)، الّذي وصل إلى مقامٍ يعجزُ الإنسان أن يدرك شطراً منه، وأنّى بالداني أن يحيط بالعالي؟! فعندها تعرف أنّ هذه الكلمات الصادرة من نَفَس المعصوم كم تمثّل من القيمة والواقعيّة الّتي ينبغي للعاقل اللبيب أن لا يعيش حالة الغفلة بإزائها، ودعونا هنا نقفُ متأمّلين شيئاً ما في مضمون هاتين الروايتين الشريفتين وما يشابهها، الّتي تتحدث عن التفكّر، فالإمام(ع) يدعو الإنسان إلى التنبّه في هذه الدنيا وعدم الغفلة عن مقام الله، فإنّ في هذه الدنيا دواعي الابتعاد عن الله، ولا تكادُ أشواك الشيطان في طريق المؤمن تنتهي، والصراع ما زال مستمرّاً ما بقي الإنسان والشيطان، وبالتالي الوجدان والعقل الصحيح يحكمُ أنّه لا يصحّ بتاتاً أن يبقى الإنسان بلا تفكّرٍ، فالشخصُ لا بدّ له أن يفكّر ما دام إنساناً، وهذا ما ترشد إليه رواية أمير المؤمنين(ع)، لكنه(ع) لم يكتفِ بذلك، بل عقّب التفكّر بأنّه سنخُ تفكّرٍ حاصلٍ بالقلب لا بالعقل، فليس المهمّ أن يفكّر الإنسان بعقله حتّى لو كان قلبه مظلماً، بل لا بدّ أن يكون قلبه حيّاً؛ حتّى يهيّئ الأرضيّة الخصبة لتقبّل الموعظة والمعارف الإلهيّة، وبعدها يدخل الإنسان في سلك المطيع لله وبعيداً عن زمرة الغافلين الّذين هم بوصف القرآن الكريم كالأنعام، بل أضلّ سبيلاً، وهنا لا بدّ للمؤمن أن يلتفت إلى قضيّةٍ مهمّةٍ تظهر وهي: إنمّا يتحقّق أثر التفكّر بالقلب إذا لم يصل الإنسان إلى مستوى الطبع والرين على القلب؛ إذ مع الوصول ـ والعياذ بالله ـ إلى تلك الحالة يكون الإنسان مطوّقاً بالغشاوة، فلا يستطيع الانتباه واليقظة، وإن استطاع ذلك فإنّه بعناءٍ تامٍّ، وبالتالي لا يحسنُ بالشخص أن يصل ـ والعياذ بالله وهو مقام >إلهه هواه<؛ إذ بعدها لا تنفع موعظة الواعظين، وعن طريق التفكّر المستمرّ ومحاسبة النفس الدائمة لا يصل الإنسان إلى هذه الحالة، ولهذا وردت مجموعة رواياتٍ تدلّ على ضرورة محاسبة النفس كلّ يومٍ، بل إنّ في بعضها أنّه ليس منّا من لم يحاسب نفسه، وليس ذلك إلا للحيلولة دون وصول الإنسان إلى مرحلةٍ يصعب بعدها تدارك الأمر، ونستطيع أن نفهم أيضاً عدم صحّة ما قد يبثّه الشيطان في قلب المؤمن المريد لله،حيث يرنُّ الشيطان في قلب المؤمن بتأخير التوبة، وأنّ الزمن طويلٌ، وخذ الآن شهوتك وبعد ذلك قم بتهذيب نفسك! إذ هذه المكيدة من الشيطان مكيدةٌ خطيرة جداً؛ حيث بمواقعة الإنسان للذنب يعيش حالةً ظلمانيّةً في نفسه، وشيئاً فشيئاً يكون قلبه مظلماً، وهل بعد الظلمة رجوعٌ إلى الله؟! فكم هي أهمّيّة هذه الموعظة الّتي صدرتْ من ينبوع الرحمة الّتي ينبغي لكلّ مؤمنٍ ألاّ يتجاهلها؟! حتّى أنّ بعض الأخلاقيّين جعلوا أوّل مرحلةٍ من مراحل السلوك إلى الله هي مرحلة التفكّر
    أمّا الروايات الّتي تتكلّمُ عن مسألة الصبر عن المعصية فمنها ما ورد عن أبي عبد الله(ع) أنّه قال: (إذا كان يومُ القيامة فيقومُ عنقٌ من الناس فيأتون باب الجنة فيضربون، فيُقال لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهلُ الصبر، فيقالُ لهم: على مَ صبرتم؟ فيقولون: كنا نصبرُ على طاعة الله ونصبر عن معاصي الله، فيقول الله عزّ وجل: صدقوا، أدخلوهم الجنّة، وهو قول الله عزّ وجل: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ})([3])، تشير هذه الرواية إلى حالة هؤلاء الّذين عاشوا في الدنيا مجاهدة أنفسهم ومخالفة أهوائهم، وليست المخالفة والمجاهدة بالأمر البسيط كما تنصّ عليه الرواية، حتّى استحقّوا أن يسمّوا في محضر يوم القيامة بأهل الصبر، فليست الجنّة بالأمر البسيط، بل محفوفةٌ بالمكاره
    عن أبي جعفر(ع) قال: (الجنّة محفوفةٌ بالمكاره والصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنّة، وجهنّم محفوفةٌ باللذّات والشهوات، فمن أعطى نفسه لذّاتها وشهواتها دخل النار)([4])، فالصابر هو الّذي استطاع أن يتغلّب على أعدى أعدائه، ويصل إلى حدّ الاعتدال، وبتعبير علماء الأخلاق: (فأصبح عقله أميره)، وليس ذلك بالأمر الهيّن، بل يحتاج مع المجاهدة إلى توفيقٍ إلهيٍّ ومددٍ ربّانيٍّ، وفي بعض الروايات أيضاً ما يشير إلى أنّ حقيقة الذكر ليس هو الذكر اللفظيّ، بل هي الحالة الّتي يعيشها الإنسان إذا وردت عليه المعصية فيمتنعُ عنها، فهؤلاء هم الّذين استحقّوا قرع باب الجنان، فقد جاء عن أبي عبد الله(ع) أنّه قال: (مِنْ أشدّ ما فرض الله على خلقه ذكرُ الله كثيراً، ثمّ قال(ع): لا أعني: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله)، وإن كان منه، ولكن ذكرُ الله عندما أحلّ وحرّم، فإن كان طاعةً عمل بها، وإن كان معصيةً تركها)([5])، ولا يمكن للسالك إلى الله أن يصل إلى مقام الصبر بدون حالة الخوف فقد جاء عن أبي عبد الله(ع) في قول الله عزّ وجل: {وَلمَِنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ(6)، قال: (من علم أنّ الله عزّ وجل يراهُ ويسمعُ ما يقوله وما يفعله من خيرٍ أو شرٍّ فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك الّذي خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى)(7)
    .-----------

    (1) الكافي، الجزء الثاني، باب التفكر، الحديث الأول.
    (2) الكافي، الجزء الثاني، باب التفكر، الحديث الثالث.
    (3) الكافي، الجزء الثاني، باب الطاعة والتقوى، الحديث الرابع.
    (4) الكافي، الجزء الثاني، باب الصبر، الحديث 7.
    (5) الكافي، الجزء الثاني، باب اجتناب المحارم، حديث 4.
    (6) سورة الرحمن، الآية: 46.
    (7) الكافي، الجزء الثاني، باب اجتناب المحارم، الحديث 1.

  • #2
    احسنت اختنا القديرة فعلا من لوازم ابتناء الحياة على الفكر
    أن الفكر كلما كان أصح و أتم كانت الحياة أقوم
    .
    وبالصبر نحافظ على الإيمان وكيانه ، قال تعالى : {
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة : 153]
    جعلنا الله واياكم من المتفكرين الصابرين .
    (الخـفــاجــي)


    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X