إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اسرارملكوت كربلاء المقدسة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اسرارملكوت كربلاء المقدسة




    من الأعمال العجيبة التي قام بها الحسين عليه السلام أنه أحضر معه إلى كربلاء إمامين معصومين هما السجاد وولده الباقر عليهما السلام ، بالرغم من أن كلاُ منهما ساقط عنه الجهاد في ذلك الحين بحسب الموازين الشرعية الظاهرية ، فلقد كان السجاد عليه السلام مريضاً لا يقوى على القيام (، وأما الباقر عليه السلام فقد كان صغيراً لا يتجاوز عمره خمس سنين ، وحتى لو افترضنا ارتفاع العذر عنهما فليس من المتوقع أن الحسين عليه السلام سيسمح لهما بالقتال وهو يعلم أنهما الوصيان بعده ، فما هو السر في هذا العمل الذي قام به الإمام الحسين عليه السلام ؟

    والجواب الذي يقدمه لنا الخطباء والكتاب على هذا التساؤل يتمثل _ عادة _ بالبعد الإعلامي الذي ترتب على هذا العمل لاحقاً ، حيث أن الإمام السجاد عليه السلام سيكون له دوراً إعلاميا مهماً في الكوفة والشام ، كما أنه لولا الإمام الباقر عليه السلام لضاعت الكثير من تفاصيل وجزئيات واقعة الطف ، إذ أن الكثير من أحداث هذه الواقعة هي مرويات عن هذا الإمام عليه السلام ، وهذا الجواب الذي يركز عليه الخطباء والكتاب وإن كان صحيحاً وتاماً في نفسه ،إلا أنه ليس العلة التامة التي تكمن وراء هذا العمل ولقد كنت دائم العطش لسماع جواب آخر يبين البعد الباطني المعنوي لهذا العمل ويفصح عن بعض أسراره العرفانية ، حتى التقيت في يوم من الأيام ببعض أصدقائي وهو من أرباب السير والسلوك ، وممن انصهرت هويته في هوية الحسين عليه السلام ، فأخبرته بما يجول في خاطري فقال لي : إن السر الباطني المعنوي في إحضار هذين الإمامين المعصومين إلى كربلاء هو ذات السر الذي جعل الإمام الحسين عليه السلام في ذلك اليوم يرمي بالدم نحو السماء مرتين فلم تسقط من ذلك الدم قطرة واحدة ، وذلك أن الحسين عليه السلام يعلم أنه آخر أصحاب الكساء الذين خلق الله الكون بجميع عوالمه من أجلهم كما ورد في حديث الكساء، وكان الحسين عليه السلام يعلم أنه لو أستشهد في ذلك اليوم و غادر العالم بتلك الطريقة البشعة فإن هذا العالم سينهار ، ولن يستطيع الصمود في ذلك اليوم الرهيب ، وليس من العجب أن تقع السماء على الأرض، أو أن تخسف الأرض بأهلها ، وهل خلق الله سبحانه وتعالى سماءاً مبنية أو أرضاً مدحية لولا الحسين عليه السلام ؟!!!

    فيوم عاشوراء هو من أيام الله الكبرى ، والتي مر فيها التخطيط الإلهي بمنعطف خطير ، ولذا فإن الحسين عليه السلام قد احتاط لذلك اليوم فأحضر معه إمامين معصومين إلى كربلاء هما السجاد والباقر عليهما السلام ،والهدف الباطني المعنوي من إحضارهما هو امتصاص الغضب الكوني الذي سيحل بالبشرية في الساعة التي سيستشهد فيها الحسين عليه السلام ( ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ) .ومع ذلك فإن حضور هذين الوجودين المقدسين في ذلك اليوم لم يمتص الغضب الكوني بشكل كامل ، فقد روى المؤرخون أن السماء قد مطرت دماً في ذلك اليوم ، وما رفعوا حجراً إلا وجدوا تحته دماً عبيطاً ، و إن الشمس قد كسفت واظلم الجو وظن الناس أنه يوم القيامة ، ولم يقتصر هذا الغضب على عالم المادة ، بل شمل جميع العوالم المادية والمعنوية ،

    و أما سر رميه عليه السلام للدم نحو السماء ، فيبدو أن الغضب الكوني وإن كان مستمرا طيلة أحداث يوم عاشوراء ، إلا أنه قد بلغ أقصاه في موقفين : الموقف الأول حين ذبح عبدالله الرضيع عليه السلام ، والموقف الثاني حين وقع السهم في نحر الحسين عليه السلام ، ولعل هذا الغضب قد تجلى في الأرض أكثر من غيرها ، فكادت أن تسيخ بأهلها في هذين الموقفين ، ولذا فقد رمى الحسين عليه السلام بالدماء نحو السماء وقد روي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال : ( فوالله ما سقطت على الأرض قطرة منها ) .

    وهذا الكلام الذي ذكره لي صديقي وإن كان فيه جواباً شافياً للتساؤل الذي ذكرناه في بداية حديثنا ، غير أنه في ذات الوقت يثير في ذهن السامع تسائلاً آخراً ، فإن الإنسان الموالي يستسيغ خراب الكون ونزول العذاب على البشرية من جراء قتل الحسين عليه السلام ، ولكنه قد لا يستسيغ ذلك بالنسبة إلى عبدالله الرضيع ، فكونه طفلاً بريئاً قتل ظلماً وعدواناً لا يستدعي _ بمجرده _ خراب الكون ونزول العذاب على البشرية ، فما أكثر الأطفال الأبرياء الذين يقتلون ظلماً وعدواناً؟!!!

    ومن هنا كان لزاماً علينا أن نتعرض إلى البعد العرفاني في حادثة عبدالله الرضيع عليه السلام . وهذا ما سنتناوله في فرصة أخرى إن شاء الله تعالى .




  • #2
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    احسنتم واجدتم ان شاءلله في ميزان اعمالكم

    تعليق


    • #3
      العزيزأبو محمد الذهبي شكرا لك لما تنقله لنا من مقالات والدال على الخير كفاعله
      يا أرحم الراحمين

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة ابو محمد الذهبي مشاهدة المشاركة



        من الأعمال العجيبة التي قام بها الحسين عليه السلام أنه أحضر معه إلى كربلاء إمامين معصومين هما السجاد وولده الباقر عليهما السلام ، بالرغم من أن كلاُ منهما ساقط عنه الجهاد في ذلك الحين بحسب الموازين الشرعية الظاهرية ، فلقد كان السجاد عليه السلام مريضاً لا يقوى على القيام (، وأما الباقر عليه السلام فقد كان صغيراً لا يتجاوز عمره خمس سنين ، وحتى لو افترضنا ارتفاع العذر عنهما فليس من المتوقع أن الحسين عليه السلام سيسمح لهما بالقتال وهو يعلم أنهما الوصيان بعده ، فما هو السر في هذا العمل الذي قام به الإمام الحسين عليه السلام ؟

        والجواب الذي يقدمه لنا الخطباء والكتاب على هذا التساؤل يتمثل _ عادة _ بالبعد الإعلامي الذي ترتب على هذا العمل لاحقاً ، حيث أن الإمام السجاد عليه السلام سيكون له دوراً إعلاميا مهماً في الكوفة والشام ، كما أنه لولا الإمام الباقر عليه السلام لضاعت الكثير من تفاصيل وجزئيات واقعة الطف ، إذ أن الكثير من أحداث هذه الواقعة هي مرويات عن هذا الإمام عليه السلام ، وهذا الجواب الذي يركز عليه الخطباء والكتاب وإن كان صحيحاً وتاماً في نفسه ،إلا أنه ليس العلة التامة التي تكمن وراء هذا العمل ولقد كنت دائم العطش لسماع جواب آخر يبين البعد الباطني المعنوي لهذا العمل ويفصح عن بعض أسراره العرفانية ، حتى التقيت في يوم من الأيام ببعض أصدقائي وهو من أرباب السير والسلوك ، وممن انصهرت هويته في هوية الحسين عليه السلام ، فأخبرته بما يجول في خاطري فقال لي : إن السر الباطني المعنوي في إحضار هذين الإمامين المعصومين إلى كربلاء هو ذات السر الذي جعل الإمام الحسين عليه السلام في ذلك اليوم يرمي بالدم نحو السماء مرتين فلم تسقط من ذلك الدم قطرة واحدة ، وذلك أن الحسين عليه السلام يعلم أنه آخر أصحاب الكساء الذين خلق الله الكون بجميع عوالمه من أجلهم كما ورد في حديث الكساء، وكان الحسين عليه السلام يعلم أنه لو أستشهد في ذلك اليوم و غادر العالم بتلك الطريقة البشعة فإن هذا العالم سينهار ، ولن يستطيع الصمود في ذلك اليوم الرهيب ، وليس من العجب أن تقع السماء على الأرض، أو أن تخسف الأرض بأهلها ، وهل خلق الله سبحانه وتعالى سماءاً مبنية أو أرضاً مدحية لولا الحسين عليه السلام ؟!!!

        فيوم عاشوراء هو من أيام الله الكبرى ، والتي مر فيها التخطيط الإلهي بمنعطف خطير ، ولذا فإن الحسين عليه السلام قد احتاط لذلك اليوم فأحضر معه إمامين معصومين إلى كربلاء هما السجاد والباقر عليهما السلام ،والهدف الباطني المعنوي من إحضارهما هو امتصاص الغضب الكوني الذي سيحل بالبشرية في الساعة التي سيستشهد فيها الحسين عليه السلام ( ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ) .ومع ذلك فإن حضور هذين الوجودين المقدسين في ذلك اليوم لم يمتص الغضب الكوني بشكل كامل ، فقد روى المؤرخون أن السماء قد مطرت دماً في ذلك اليوم ، وما رفعوا حجراً إلا وجدوا تحته دماً عبيطاً ، و إن الشمس قد كسفت واظلم الجو وظن الناس أنه يوم القيامة ، ولم يقتصر هذا الغضب على عالم المادة ، بل شمل جميع العوالم المادية والمعنوية ،

        و أما سر رميه عليه السلام للدم نحو السماء ، فيبدو أن الغضب الكوني وإن كان مستمرا طيلة أحداث يوم عاشوراء ، إلا أنه قد بلغ أقصاه في موقفين : الموقف الأول حين ذبح عبدالله الرضيع عليه السلام ، والموقف الثاني حين وقع السهم في نحر الحسين عليه السلام ، ولعل هذا الغضب قد تجلى في الأرض أكثر من غيرها ، فكادت أن تسيخ بأهلها في هذين الموقفين ، ولذا فقد رمى الحسين عليه السلام بالدماء نحو السماء وقد روي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال : ( فوالله ما سقطت على الأرض قطرة منها ) .

        وهذا الكلام الذي ذكره لي صديقي وإن كان فيه جواباً شافياً للتساؤل الذي ذكرناه في بداية حديثنا ، غير أنه في ذات الوقت يثير في ذهن السامع تسائلاً آخراً ، فإن الإنسان الموالي يستسيغ خراب الكون ونزول العذاب على البشرية من جراء قتل الحسين عليه السلام ، ولكنه قد لا يستسيغ ذلك بالنسبة إلى عبدالله الرضيع ، فكونه طفلاً بريئاً قتل ظلماً وعدواناً لا يستدعي _ بمجرده _ خراب الكون ونزول العذاب على البشرية ، فما أكثر الأطفال الأبرياء الذين يقتلون ظلماً وعدواناً؟!!!

        ومن هنا كان لزاماً علينا أن نتعرض إلى البعد العرفاني في حادثة عبدالله الرضيع عليه السلام . وهذا ما سنتناوله في فرصة أخرى إن شاء الله تعالى .


        بارك الله بكم وبنشركم الطيب

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
        x
        يعمل...
        X