إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التحقير والسخرية **لبرنامج صباح الكفيل {فقرة عجيب غريب}

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التحقير والسخرية **لبرنامج صباح الكفيل {فقرة عجيب غريب}

    يتألم الأطفال او الكهول الذين يكابدون من نقص عضو أو عيب في بناء أجسامهم من جهتين : الأولى ـ النقص والحرمان الذي يلاحظونه في أنفسهم والثانية ـ استهزاء الآخرين بهم وسخريتهم منهم.
    فمثلا يرى الابكم أن الآخرين يتكلمون ويلتذون من محاوراتهم فيما بينهم لكنه بسبب العيب الموجود في لسانه عاجز عن النطق، فشعوره بهذا العجز يجعله تحت ضغط روحي فيحس بالضعة والحقارة، ويتألم من حرمانه هذا وتألمه الآخر ناتج من تحقير الأفراد السالمين إياه واستهزاءهم منه... ذاكرين عجزه ذاك بصورة إهانة وتحقير. ولعل هذا الألم الناشيء من استهزاء الناس منه اكثر من أمله الناجم من شعوره بالنقص والحرمان.
    عاش الجاحظ في القرن الثالث الهجري، وله كتب وآثار كثيرة. ولقد كان قبيح المنظر جداً، مقرباً عند الخلفاء العباسيين لعدواته لعلي بن أبي طالب (عليه السلام). وقد قال يوماً لتلاميذه : إنه لم يخجلني طيلة عمري أحد كما فعلت امرأة ثرية، فقد لقيت امرأة في بعض الطرق وسألتني في أن أصحبها ففعلت. حتى أتت بي الى محل صائغ للتماثيل، وقالت له مشيرة إلي : كهذا الشيطان... فبقيت حائراً من أمرها، ولما انصرفت سألت الصائغ عن القصة، فقال : لقد استعملتني هذه المرأة لأصوغ لها تمثال شيطان. فقلت لها : إني لم أر الشيطان كي أصوغ تمثاله، فطلبت مني أن انتظر حتى تجيء لي بتمثاله... واليوم جاءت بك إليّ وأمرتني أن أصوغه طبق منظرك "
    {{القاضي الدميم }}
    ونموذج آخر ي السخرية بالاشخاص المصابين ببعض العيوب الظاهرية نجده في قصة القاضي المصري رشيد بن الزبير. فقد كان من القضاة الماهرين والكتّاب العظام في عصره، وكان ذا خبرة كافية في علوم الفقه والمنطق والنحو والتأريخ... عاش في القرن السادس الهجري. لقد كان ذا قامة قصيرة، أسود اللون، ذا شفتين غليظتين، وأنف كبير، ومنظر قبيح جداً. كان يعيش في شبابه في القاهرة، ويسكن مع عبد العزيز الأدريسي وسليمان الديلمي في بيت واحد.
    فخرج يوماً وتأخر في العودة الى منزله، وعندما عاد سأله زملاؤه عن سبب تأخره فأبى يجيبهم حتى الحوا عليه فقال : كنت أعبر من المحل الفلاني فصادفت امرأة ذكية جميلة، كانت تنظر إلى بعين الرأفة والعطف، فذهلت من شدة الفرح، وبت أرقب سيرها فأشارت إليّ بطرف عينها فتبعتها في السكك الواحدة بعد الاخرى، حتى انتهينا الى دار، ففتحت الباب ودخلت، وأشارت إلي بالدخول دخلت، فكشفت النقاب عن وجهها وإذا به قطعة من القمر... لم تمض فترة طويلة حتى صفقت بيدها ونادت باسم فتاة، فإذا بطفلة في غاية الجمال نزلت من الطابق العلوي، فخاطبتها المرأة قائله : لو تبولت في فراشك هذه المرة فسأعطيك الى هذا القاضي ليأكلك، فبلغ الخوف والهلع من الطفلة مبلغة وبلغ الارتباك والاضطراب مني مبلغه أيضاً. ثم إلتفتت إلي قائلة : لا أعدمني الله إحسانه بفضل سيدنا القاضي أدام الله عزه... فخرجت من الدار مطأطئاً برأسي خجلاً، ولفرط ما أصابني من خجل وذهول، ولشدة تأثري تهت الطريق الى البيت، وبقيت أجوب الأزقة... ولهذا تأخرت في العودة " (9).
    لقد تمكن العلم الحديث في تقدمه وإزدهاره من اصلاح بعض العاهات العضوية كإرجاع العيون التي بها حول الى وضعها الطبيعي، وردّ الأنوف القبيحة جميلة، وتقويم السيقان المتقوسة، وترميم شقوق الشفاه. والخلاصة : ان الجراحين يجرون عمليات جراحية على بعض الأعضاء بحيث تأخذ شكلاً طبيعياً جميلاً، ويرتاح المصاب ببعض العيوب الظاهرية من الشعور بالحقارة والتعاسة. في حين توجد عيوب ونقائص لم يتوصل العلم الحديث الى علاجها وإصلاحها.
    تدارك النقص :
    على الأفراد الذين يكابدون نقصاً لا يقبل العلاج ويبعث فيهم الشعور بالألم والإحساس بالحقارة أن يستفيدوا من سائر أعضائهم السليمة اكبر حد ممكن، ويسعوا وراء تحصيل علم من العلوم المهمة أو فنٍ يحتاجه المجتمع بحيث يتمكنون من إحرازه ونيل مقام شامخ فيه، وعندئذ لا شك في أن الكمال الذي يحصلون عليه بواسطة العلم يكون سببا لجمالهم الاجتماعي، ويخفي نقصهم العضوي، ويمنع من انتباه الناس الى عيوبهم.
    فكم من أفراد حرموا نعمة البصر أو السمع أو النطق، أو كانت فيهم نقائص أخرى لم يلتفتوا الى ذلك وراحوا يجدّون بكل رغبةٍ وشوق وراء الثقافة حتى أحرزوا مكانة سامية في المجتمع وعاشوا حياتهم بكل عز وفخر. فلقد تمكن هؤلاء بفضل مثابرتهم من إنقاذ أرواحهم من الشعور بالحقارة، أو الحد من هذا الشعور نسبياً.
    إن المصيبة العظمى لذي النقائص والعاهات إنما هي تحقير الناس واستهزاءهم، فان السخرية والاهانة والتقريع والكلمات البذئية تعتبر سهاماً مسمومة تصيب قلوب هؤلاء من الإحساس بالحقارة فيهم، وبالتالي تجعل العيش عليهم مراً وجحيماً لايطاق.
    ... والحل الوحيد للتخلص من ذلك كله تهذيب اخلاق المجتمع وإيجاد السجايا الفاضلة فيه.
    في البلاد التي يتحلى شعبها بالصفات الفاضلة، والشعوب التي يقوم الأفراد فيها بواجباتهم الخلقية خير قيام لا يحتقر الأعمى أو الابكم او الأشل أو غيرهم من أصحاب الأمراض والآفات، ولا يصدر من الأفراد ما يزيد من آلامهم، فالرجال المحسنون هم الذين إن لم يتمكنوا من وضع مرهم على قلوب المصابين الجريحة فإنهم لا يشمتون بهم ولا يزيدون مصيبتهم عليهم أكثر. بواجباتهم الخلقية خير قيام لا يحتقر الأعمى أو الابكم أو الأشل أو غيرهم من أصحاب الأمراض والآفات، ولا يصدر من الأفراد ما يزيد من آلامهم، فالرجال المحسنون هم الذين إن لم يتمكنوا من وضع مرهم على قلوب المصابين الجريحة فإنّهم لا يشمتون بهم ولا يزيدون مصيبتهم عليهم اكثر.


المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X