إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هل جزاء الاحسان الا الاحسان

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل جزاء الاحسان الا الاحسان


    (كأنهن الياقوت والمرجان)

    في هذه الآية نرى أن الله عز وجل يصف الحور العين بالياقوت والمرجان تشبيهاً، والياقوت كما نعرف هو حجر كريم ثمين جداً يمتاز على سائر الأحجار الكريمة بخصائص ومزايا، وللياقوت أنواع متعددة، فهناك الياقوت الأبيض والأحمر والأصفر والأخضر، وأشهر أنواعه هو الياقوت الأحمر، وهو يشبه إلى حد كبير حبة الرمان الحمراء، وهو نفيس للغاية، ومن خصائصه أن كثرة مسه ولمسه لا تعدمه بريقه وتألقه. وقد شبّه الباري تعالى جمال الحور العين ونساء الجنة المؤمنات بالياقوت، ويكفي المرء من هذا التشبيه أن يدرك السر بعد أن تعرّف على شيء من خصائص الياقوت.
    حمرة الحور كالياقوت، وبياضهن كالمرجان:
    وأحد دواعي تشبيه الحور بالياقوت هو جانب الصفاء والتألق، فللحور العين من اللطافة والصفاء ما يبلغ حداً يقول عنه رسول الله (ص) (فهي تلبس سبعين حلّة ويرى زوجها مخ ساقيها من وراء حللها وبدنها، كما يرى أحدكم الدراهم إذا ألقيت في ماء صاف قيد رمح).
    اما الجانب الثاني في علة تشبيه الحور بالياقوت فهو جانب اللون، فهن حمراوات كالياقوت، بيضاوات كالمرجان، وقد يبدو مظهر الجمال وفق هذين اللونين أشبه بالسراب في دار الدنيا فلا يتجلّى لنا جمال هذين اللونين على حقيقته، لأن هذين اللونين يعبران في دار الدنيا عن مظهر القيح والدم، بينما تظهر حقيقة الجمال والألوان في الجنة التي يغفل عنها الكثيرون، كما هم الحال في جمال الحور وصفائهن وسائر اللذات والنعم الآخروية.
    وجه ياقوتي وبدون بدن كالمرجان:

    وعليه فان معنى قوله تعالى (كأنهن الياقوت والمرجان) هو كأنهن كالياقوت في حمرة الوجوه، وكالمرجان في بياض وصفاء الأبدان. (فبأي آلاء ربكما تكذبان) فبأي نعمة يا معشر الجنة والناس أنتما تكفران؟! أبنعمة أزواج الجنة حمراوات الوجه كالياقوت أم في صفاء وبياض أبدانهن كالمرجان؟!!
    وما جزاء الإحسان إلاّ الإحسان:
    (هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان) لـ (هل) الاستفهامية الواردة في هذه الآية أربعة معانٍ، كما ذكر ذلك المفسرون، وأهم هذه المعاني المناسبة لموضوع الآية هو الاستفهام التقريري، وعليه يكون معنى الآية ـ ان من البديهي ان يكون جزاء الاحسان هو الاحسان، وهي الإجابة التي لا يجد المسؤول بدّا من القول والاعتراف بحقيقتها.
    فأنتم أيها المؤمنون الاعزاء لم تمرغّوا وجوهكم بصعيد الأرض في هذه الدنيا إلاّ لتعربوا لله عز وجل عن انكساركم وعجزكم وذلكم إليه، فظهرتم بمظهر العبودية والخضوع لذلك حصل الله لكم من الثواب على ذلك أن يكسبكم مظاهر العزة والعظمة والجلال في تلك الدار (بأذنه تعالى) ولأجل توضيح هذا الأمر نعمة الآن إلى استعراض هذه الرواية زيادة في فهم الموضوع:
    الملائكة تستأذن المؤمن في زيارة التهنئة:
    يروى عن رسول الله (ص) أنه قال: عندما يستقر الحال بالمؤمن في الجنة، يبعث الله ألف ملك يهنئونه بالجنة، فيصلون إلى أول باب من جنان ملكة فيقولون للملك الموكّل بأبواب جنان عبد الله المؤمن: 1 ـ استأذن لنا علي ولي الله فان الله بعثنا من عنده مهنئين، فيقول الملك: حتى أقول للحاجب فيعلمه مكانكم، فيقول للحاجب: إن على باب العرصة ألف ملك بعثهم رب العالمين ليهنئوا ولي الله وقد سألوني ان استأذن لهم بالدخول عليه، فيقول له الحاجب: انه ليعظم عليّ ان استأذن لأحد للدخول على ولي الله وهو مع زوجه، قال (ص): وبين الحاجب وبين ولي الله جنتان، فيدخل الحاجب إلى القيّم فيقول له: إن على باب العرصة ألف ملك بعث بهم رب العالمين مهنئين من عنده لوليه فاستأذن لهم، فيقوم القيّم إلى الخدمة ويقول لهم: إن رسل الجبار على باب العرصة وهم ألف ملك بعث بهم إلى ولي الله مهنئين فاعلموه مكانهم فهم يستأذنون بالدخول عليه، قال (ص)ك فيعلم الخدمة ولي الله، فيؤذن لهم فيدخل الملائكة على ولي الله وهو في الغرفة ولها ألف باب، وعلى كل باب يقف ملك موكل بتلك الباب، فيدخل كل ملك مبعوث من باب من أبواب الغرفة ويبلغونه رسالة الجبار (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب* سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) (سورة الرعد، الآيات: 23، 24). فانظروا إلى هذه العظمة والهيبة التي يعطيها الله تعالى لعبده المؤمن بديلاً عن انكساره وذله في دار الدنيا، وكما يقول الحدث الشريف (إن أهل الجنة ملوك) بلى فهم الملوك والسلاطين في عين الحقيقة وذات الواقع لا سواهم.
    وما جزاء التوحيد إلاّ الجنة:
    وورد كذلك في تفسير هذه الآية عن رسول الله (ص) وهو يحدث أصحابه (أتدرون ما يقول ربكم؟ (يريد بذلك قوله تعالى (هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان) فردوا عليه: الله ورسوله أعلم، فقال (ص): فان ربكم يقول هل جزاء من أنعمنا عليه بالتوحيد إلاّ الجنة؟)[6]، أي أن جزاء الإحسان وهي كلمة التوحيد (لا إله إلاّ الله) التي يفني المرء المؤمن عمره في تحقيق وتأكيد حقيقتها فلا يشرك بالله شيئاً، ان شركاً خفياً أو ظاهراً، فيعبد الله وحده ويخشاه ولا يرجو إلاّ هو، ان ينعم عليه ويكرمه بإحسانه حقاً عليه تعالى. ولكن بشرط مهم وخطير، هو شرط الولاية في التوحيد كما وضح لنا ذلك إمامنا الثامن علي بن موسى الرضا (ع) عندما قال: بشرطها وشروطها، وأنا (الولاية) من شروطها. إذاً إلحاق الولاية بالتوحيد شرط لازم من شروط التوحيد الكامل.
    وهل جزاء الاستغفار إلاّ المغفرة:
    ولقد أجاد القول أحد المفسرين عندما قال: إن معنى قوله تعالى (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) هو ـ هل جزا التوبة إلا القبول؟ وهل جزاء الاستغفار إلا المغفرة والصفح؟ وهل جزاء الشكر إلا الزيادة في العطاء؟ وهل جزاء الدعاء إلاّ الإجابة؟وهل جزاء السؤال إلاّ العطاء؟ ـ. ويبقى المعنى الأشمل لكل تلك الأمور هو قوله عز وجل (هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان) لأنها ضمنت جميع تلك المعاني في نصها المجيد.
    لقمة بلقمة:
    وفي معرض حديثه عن هذه الآية المباركة ذكر أحد المفسرين هذه القصة (في سنة جدب وقحط وغلاء، حملت امرأة مؤمنة طفلها ومعها قرص من الخبز وانطلقت إلى البادية لتجمع الحطب والأشواك، فمرت برجل مسكين قد أضرب به المسكنة واشرف على الهلكة من فرط جوعه، فرقت المرأة لحاله وناولته قرص الخبز ليسدّ به رمقه، ثم تركته وذهبت إلى شأنها ثم لم تمض بعيداً حتى وضعت طفلها في جانب من البادية وشرعت تجمع الحطب والأشواك. فجأة أقبل ذئب وأمسك طفلها بأسنانه يريد افتراسه فذهلت الامرأة ولم تدر ما تفعل؟ وهنا ظهر رجل على حين غرّة فانتزع الطفل من أنياب الذئب وحمله إلى أمه وهو يقول لها: إنها لقمة بلقمة! يريد بقوله إن جزاء إحسانك إلى المسكين الجائع بقرص الخبز هو أن أنقذ الله وليدك الذي أوشك أن يكون لقمة سائغة للذئب.
    كافئ بالمعروف من أحسن إليك:
    وينبغي التنبّه إلى أن هذه الآية هي آية عامة لا تخصيص فيها، فهي تشمل المؤمن والكافر، البر والفاجر. يقول علي بن سالم سمعت أبا عبد الله (الصادق (ع)) يقول: آية في كتاب الله مسجلة، قلت وما هي؟ قال (ع) قول الله (عز وجل) (هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان) جرت في المؤمن والكفار والبر والفاجر، ومن صنع إليه معروف فعليه أن يكافئ به، وليست المكافأة أن يصنع كما صنع حتى يُربي، فان صنعت كما صنع، كان له الفضل بالابتداء)[7].
    ولما منعت السماء قطرها في الكوفة، جاء الناس إلى علي (ع) فشكوا له ذلك، فأمر ولده الإمام الحسين (ع): اذهب وأدع، فذهب الإمام الحسين (ع) ودعا دعاء الاستسقاء فأمطر الله سماءه وارتوى الجميع، فكيف كان جزاء أهل الكوفة لهذا الإحسان؟!
    واستنسوا الحال في هتك حرماته

    منعوا الماء على الحسين وأهله
    التعديل الأخير تم بواسطة العميد; الساعة 21-01-2015, 11:15 AM.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X