إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإمام الحسين(ع) محور الاتحاد بين الشيعة والسنة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإمام الحسين(ع) محور الاتحاد بين الشيعة والسنة

    هذا الذي بين يديك أيها القارئ الكريم هو ملخص محاضرة سماحة الأستاذ بناهيان حول عموميّة الشعائر الإسلاميّة و عدم اختصاصها بالشيعة، ألقاها في ليلة محرم عام 1436ق. في هيئة «ميثاق مع الشهداء» في جامعة الإمام الصادق عليه السلام في مدينة طهران.

    لا ينبغي أن نعتبر إقامة العزاء على أبي عبد الله الحسين(ع) شعائر شيعيّة فقط

    قبل أن نبدأ بموضوعنا الأصلي في هذه العشرة، نخصّص هذه الجلسة بالحديث عن مجالس عزاء أبي عبد الله الحسين(ع)، لكي نجدد التفاتنا إلى بعض المواضيع التي لعلها قد أصبحت عادية لنا، أو نتذاكر بعض المعلومات التي قد تنسى في زخم مجالس عزاء الحسين(ع).
    أولا في مناخنا اليوم، لا ينبغي أن نعتبر إقامة العزاء على أبي عبد الله الحسين(ع) شعيرة شيعية. فأين ما جرى الحديث عن هذه الشعائر بأدبيات شيعية صرفة، لابدّ أن تقوموا بتوعية وتلفتوا أفكار جميع المسلمين إلى هذه الشعائر الممتازة يعني إقامة العزاء على الشهداء وسيد الشهداء الإمام الحسين(ع).

    إن عدو الإمام الحسين(ع) قد مارس العداء تجاه السنّة أكثر من الشيعة/ لقد قتل يزيد من السنّة أكثر من الشيعة

    أساسا إنّ أبا عبد الله الحسين(ع) لم يخض معركة كربلاء كملحمة شيعيّة، وكان عدوّه يزيد عدوا للسنّة أكثر من أن يكون عدوّا للشيعة، إذ باشر بقتل السنّة أكثر من قتل الشيعة.
    إن كنّا نقصد من الشيعة، أولئك الذين يؤمنون بولاية علي بن أبيطالب(ع) ويرونه خليفة رسول الله(ص) بلا فصل، فأمثال هؤلاء كانوا قليلين جدا يومذاك وقد استشهد كثير منهم في واقعة كربلاء، فلماذا هجم يزيد على المدينة وأحدث جريمة واقعة الحرّة هناك؟!

    إن جلاوزة يزيد قد أبادوا أهل السنّة لا الشيعة في مجزرة الحرّة

    لقد قام جلاوزة يزيد في معركة الحرّة بقتل ذريع في المدينة، فإذا أردنا أن نتحدث بأدبيات اليوم، لابدّ أن نقول بأنهم أبادوا أهل السنّة، أي نفس هؤلاء الذين لم ينصروا الإمام الحسين(ع). إن جلاوزة يزيد في واقعة الحرّة، قد استباحوا أموال أهل المدينة ونفوسهم وأعراضهم ثلاثة أيام، من قبيل ما يمارسه التكفيريون اليوم.
    إذا رأينا الحسين(ع) قد ثار ضدّ يزيد، فلأنّه كانت حقيقة يزيد هي ما عبّر عنها في شعره المعروف: «لَعِبَتْ‏ هَاشِمُ بِالْمُلْ?ِ‏ فَلا خَبَرٌ جَاءَ وَ لَا وَحْغŒٌ‏ نَزَل‏»[الاحتجاج/307/2] فيا ترى أيّ سنّي بصير يستطيع أن يتقبل مثل هذا الكلام من يزيد، ويعتبره مسلما بعد هذا؟!
    إن قضية كربلاء لم تكن قضية شيعية ـ سنية. إن كان يزيد عدوّا للحسين(ع) فإنه جنى في حق أهل السنّة أكثر من الشيعة. وإذا كان جلاوزة يزيد بالواسطة قد قتلوا الحسين(ع) في كربلاء، ارتكب جلاوزته المباشرون في المدينة جرائم أكثر. يعني إذا أردنا أن نقارن بين نوعية الجرائم، نجد جرائمهم أبشع مما ارتكبه عمر بن سعد وجنوده في كربلاء.

    عاشوراء محطّ اتحاد الشيعة والسنّة

    النقطة الأخرى هي أن الإمام الحسين(ع) قد فدى نفسه من أجل الإسلام ليبقى أصل الإسلام. ومن جانب آخر نجد في أصحاب الإمام الحسين(ع) من لم يكن شيعيا بالمعنى المتداول عليه اليوم، فضلا عن بعض أصحابه مثل «وهب» الذي لم يكن مسلما أصلا ولكنه نصر الإمام الحسين(ع) وأسلم في هذا الطريق. إن بعض أصحاب الإمام الحسين(ع) من قبيل زهير أو الحرّ وبغضّ النظر عن عقيدتهم في آخر ساعات عمرهم وحين الشهادة، لم يكونوا شيعة بالمعنى الذي نقصده اليوم ولم يكونوا مؤمنين بخلافة أمير المؤمنين(ع) بلا فصل.
    فلا نحن الشيعة من حقّنا أن نحتكر الحسين(ع) لأنفسنا وحسب، ولا إخواننا من أهل السنّة ينبغي لهم أن يتناسوا قضية الحسين(ع) ولا يعتبروها قضيتهم. طبعا هذا ما يتعلّق بسلوكنا أيضا. إن عاشوراء هي محور الاتحاد بين الشيعة والسنّة فلابدّ أن نقيم عزاء الحسين(ع) في أجواء مفعمة بالأخوّة الإسلاميّة.
    طبعا لا شك في أنّ الشيعة يفتخرون بإمامهم الثالث، ولكن ليس الشيعة هم الوحيدين الذين يفتخرون بالحسين(ع)، فإن الشافعي أحد فقهاء المذاهب الأربعة السنيّة له كلمات راقية جدّا في رثاء أبي عبد الله الحسين(ع). حتى أنه كان يندب للإمام الحسين(ع) بحرارة وحماس أكثر من بعض مراثينا وتعزياتنا.

    ما زالت إقامة العزاء على الحسين(ع) شعيرة متعارفة بين الكثير من أهل السنّة

    إن أيادي الصهاينة والاستكبار هي التي جاءت تبحث عن نقاط الضعف في الأمّة الإسلاميّة لتقوّيها. فربّوا مدارس وتيّارات فكرية وعقائديّة تقتل مقيمي عزاء الحسين(ع). وإلّا فإلى يومنا هذا ما زالت إقامة العزاء على الحسين(ع) شعيرة متعارفة في كثير من أوساطنا السنّية في داخل البلد وخارجه.
    ليس من الذوق السليم أن نعكس احتفالات أهالي كردستان السنّة في مناسبة ميلاد النبي الأعظم(ص)، أما لا نبث مجالسهم الحسينيّة في يوم عاشوراء. في هذه الظروف التي نعيشها لابدّ أن ننظر إلى مجالس عزاء الإمام الحسين(ع) وشعارات الحسين(ع) وخطبه بدقّة عالية جدّا. تقريبا لا تجدون كلمة للإمام الحسين(ع) في ثورته، بحيث يشير فيها إلى الحقائق والعقائد الخاصة بالشيعة. إن الإمام الحسين(ع) قد ناشد القوم في كربلاء كرارا أن: «أَ لَسْتُ ابْنَ بِنْتِ نَبِغŒِّ?ُم» [اعلام الورغŒ/ص241] ولم يقل مرة ألست إمامكم الثالث! حتى لم يستشهد الإمام(ع) بقضيّة الغدير.
    كانت عاشوراء ملحمة إسلامية، لا شيعيّة محضة. وكذلك في يومنا هذا عندما تتحدثون عن هذه الملحمة مع الصالحين والمنصفين من أهل العالم ومن جملتهم إخواننا أهل السنة، ستجدون تقبلهم وتفاعلهم معها. لذلك أنتم معنيّون في أن تعطوا لمراسيمكم ومجالسكم الحسينية صبغة ونكهة جديدة.

    يتبع إن شاء الله...


  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين

    على نحو الاجمال فان الكلام نافع وجميل وفيه اشارات لطيفة

    تعليق


    • #3
      شكرا للموضوع
      توقيع احمد جبر حمود

      تعليق


      • #4
        الملفات المرفقة
        sigpic

        تعليق


        • #5
          الإمام الحسين(ع) محور الاتحاد بين الشيعة والسنة 2

          لقد استنصر الإمام الحسين(ع) حتى من لم يؤمن بإمامته وعصمته

          لنلقِ نظرة إلى معسكر أعداء الإمام الحسين(ع) في كربلاء. إن بعض هؤلاء كانوا يجاهدون في جيش أمير المؤمنين(ع) وإذا بهم أصبحوا أعداء الإمام الحسين(ع). فكانت الحدود الفاصلة بين الحق والباطل في كربلاء حدودا خاصة ومتميزة جدا. وكانت العقائد الحقيقية والرذائل والفضائل الرئيسية هي الفاصلة بين الجبهتين.
          لقد استنصر أبو عبد الله الحسين(ع) جميع الناس، حتى أولئك الذين لم يؤمنوا بإمامته وعصمته ولم يعترفوا له بما نعترف له من شأن ومنزلة. وبعضهم قد لبّوا دعوته وبعضهم لم يلبوا. فعلى سبيل المثال كان «عبيد الله بن الحرَّ الجعفي» ممن لم يلبّ دعوة الإمام الحسين(ع) وندم بعد ذلك وبقي يبكي إلى آخر عمره.
          والنموذج الآخر هو كتب مقتل الإمام الحسين(ع) التي ألّفها علماء أهل السنّة. حتى أن بعض هذه الكتب تشتمل على روايات لا نقبلها ونعتبرها أنها صنيعة بعض الناس ممن أراد أن يكون محسوبا على الإمام الحسين(ع) ومنسوبا إليه. ولكن انظروا كيف كانت الأجواء على مرَ التاريخ بحيث يودّ الجميع أن يرتبطوا بشكل أو بآخر بالإمام الحسين(ع) ويُنسَبوا إليه.

          قد يكون ثواب دعم المجالس الحسينية غير الشيعية أكثر

          فانظروا ما هو واجبنا وتكليفنا اليوم تجاه مجالس عزاء الإمام الحسين(ع)؟ يجب علينا أن نوصل صوت عزاء الإمام الحسين(ع) إلى أسماع أهل العالم جميعا. فليس من الصحيح أن نعتبر إقامة العزاء مراسيم شيعية وحسب.
          أدعوكم أيها الشباب المثقفون أن تخصصوا جزء من إقامة العزاء على الحسين ونشاطكم الحسيني بالعمل في سبيل ترويج ثقافة إقامة العزاء بين جميع المسلمين. وأينما وجدتم شيئا من هذه المجالس والشعائر، فادعموها وارفعوا راياتها، فلعل ثوابه أعظم من حضوركم في مجالس الشيعة الذين لا يختلفون معكم في رأي أو عقيدة.

          إن البكاء على الشهيد من سنّة رسول الله(ص)

          بغض النظر عن الحقائق التاريخية، عندما نرجع إلى الأسس النظرية لإقامة العزاء، نجد في سنّة رسول الله(ص) أنه كان يبكي على الشهيد، كما أنه كان يبكي على حمزة سيد الشهداء. حتى جاء في أحد مصادر أهل السنة أنه «لَمَّا رَأَى النبي حَمْزَةَ قَتِيلًا بَ?َى، فَلَمَّا رَأَى مَا مُثِّلَ بِهِ شَهَقَ»[السيرة الحلبيّة/2/247] إن طريقة بكائكم هذا في المجالس الحسينية الذي يصحب العويل والضجيج، هو في الواقع سنّة رسول الله(ص) حيث كان يبكي على مثل حمزة أشدّ البكاء؛ «مَا رَأَينَا رَسُولَ اللَّهِ ص بَا?ِياً أَشَدُّ مِنْ بُ?َائِهِ عَلِي حَمْزَةَ» و أيضا روي أنه «وَضَعَهُ فِي القبلة، ثُمَّ وَقَفَ عَلِي جَنَازَتَهُ وَ انْتَحَبَ، حتّي بَلَغَ بِهِ الْغَشْي» [ذخائر العقبي/181].

          إلى القرن الثاني والثالث كان المتعارف بين أهل المدينة أن يبكوا على حمزة قبل البكاء على أمواتهم

          وكذلك ورد في المصادر السنيّة أنه بعد معركة أحد مرّ رسول الله(ص) بأحد بيوت الأنصار فسمع صوت بكاء نسائه على شهدائهم، فدمعت عيناه على عمّه حمزة وقال: لكن حمزة لا بواكي له؛ «وَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ص بِدَارٍ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَ بَني ظَفِرَ فَسَمِعَ الْبُ?َاءَ وَ النَّوَائِحَ عَلَى قَتْلَاهُمْ فَذَرَفَتْ عَينَا رَسُولِ اللَّهِ ص فَبَ?َى ثُمَّ قَالَ لَ?ِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَا?ِيَ لَهُ»[تاريخ الطبري/2/210] بعد ذلك جرت سنّة بين نساء المسلمين أن لا يبكين على ميّتهن أو شهيدهن إلا وقبل ذلك يبكين على حمزة؛ «فَلَمْ تَبْ?ِ أَمْرَأَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلي مَيتٍ بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص «لَ?ِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَا?ِيَ لَهُ» إِلَي الْيوْمَ إِلَّا بَدَأْت بالْبُ?َاء عَلِي حَمْزَةَ»[مجمع الزوائد/6/126]
          وقد جرت هذه السنّة بين المسلمين إلى القرن الثاني أو الثالث أن يبدأن النساء بالبكاء على حمزة سيد الشهداء أولا ثم يعرّجن على شهيدهنّ أو ميتهنّ. فقد قال الواقدي المؤرخ في القرن الثاني أو الثالث: «فَلَم يزَلنَ يبدَأنَ بِالنَّدبِ لِحمزة حَتَّى الآن»[أسد الغابة/2/48] وهذه هي نفس السنّة التي نلتزم بها اليوم في مجالس الفواتح والترحيم على موتانا، وهي أن نذكر مصيبة أبي عبد الله الحسن(ع) ونبكي عليه. فقد بقيت هذه السنّة وتمّ توثيقها في كتب التاريخ.
          إذن إن إقامة العزاء عمل معقول ولا يزال متعارف بين أهل السنّة، وقد جرت السنّة أن يبكوا على حمزة سيد الشهداء أثناء البكاء على أمواتهم.
          وكذلك جاء في مصدر آخر من مصادر أهل السنّة أنه عندما أخبر رسول الله(ص) بخبر استشهاد جعفر، ذهب إلى بيته. فأخذ رسول الله(ص) يشمّ أولاد جعفر ويبكي، فبكين النساء ببكاء رسول الله(ص)، وصرخت أسماء زوجة جعفر بالبكاء. وفي هذه الأثناء دخلت فاطمة الزهراء(س) وصاحت: وا عمّاه وهي تبكي. ثم قال رسول الله(ص): «عَلَي مِثلِ جَعفرَ فَلتَب?ِ البَوا?ِي»[الاستيعاب/1/313] وكذلك أنتم اليوم عندما تندبون أبا الفضل العباس(ع) تنادون «وا عمّاه».

          يجب إحياء السنن المنسيّة والمهمّشة التي سنّها رسول الله(ص)


          ليست الكتب الشيعة وحدها قد ذكرت هذه الأخبار، إنها من السنن التي سنّها النبيّ الأعظم(ص) وهي من السنن المنسيّة التي لابدّ أن تحيى من جديد. وكذلك لابدّ أن نحظى بصدر رحب لإقامة مجالس حسينيّة مشتركة بين الشيعة وأهل السنّة. لا ينبغي أن نعتقد أن إقامة العزاء على الحسين(ع) هو عمل شيعيّ محض، ولا يمكن تبريره إلا عبر العقائد الشيعيّة.

          الأبعاد السياسية والنفسانية لإقامة العزاء/ الإمام الخميني(ره): لو عُلِمت الأبعاد السياسية لإقامة العزاء، لأقام مجالسَ العزاء حتى المتغرّبون


          الآن، إذا أردنا أن ندرس آثار إقامة العزاء وأبعادها وأسبابها غير الدينية وننظر إلى هذه المجالس بنظرة تجربية بغضّ النظر عن التشيّع والقرآن والروايات وننظر إلى هذه الظاهرة من خارج الدين ماذا نجد من نتائج؟ وإذا نظرنا إلى مجالس العزاء من وجهة نظر العلوم الإنسانية كالعلوم السياسية وعلوم النفس والعلوم التربوية، بماذا سوف نخرج من نتائج؟
          يقول الإمام الخميني(ره): «ليعرف شعبنا قدر هذه المجالس؛ هذه المجالس التي تحافظ على حياة الشعوب. ولا سيما في أيام عاشوراء فليزيدوا من اهتمامهم... فلو عرفوا أبعاد هذه المجالس السياسية، لأقام مجالس العزاء حتى المتغرّبون، وذلك فيما إذا أرادوا [مصلحة] شعبهم وبلدهم»[صحيفة الإمام/ج16/ص347] وقد عنى الإمام بكلمته هذه بعض ما يسمَّون بالمثقفين المتغربين الذين كانوا يخالفون إقامة العزاء، أو بعض المتغربين الذين لم يكونوا يدركون حكمة هذه الشعائر.
          كان الإمام الخميني(ره) يعتبر إقامة العزاء عملا سياسيّا نافعا للمجتمع وله آثار سياسية عالية جدا. وأساسا يفترض للإنسان العارف بالسياسة أن يروّج إقامة العزاء. ينبغي للأساتذة المتخصصين وأصحاب شهادات الدكتوراه في العلوم السياسية وكذلك الطلاب الجامعيين أن يقدّموا مقالات علميّة في هذا المجال. وكذلك ينبغي للناشطين في مجالات العلوم النفسيّة والتربويّة أن يدرسوا الطاقة الإيجابية التي تنتشر في مجالس إقامة العزاء. وأنتم لا تجدون مثل هذه الطاقة في بيوتكم وبكائكم الفردي. حتى بغض النظر عن التعاليم الدينية ومعارفنا العقائدية نستطيع أن ندرك كم لهذه المجالس الحسينية من آثار قيّمة على الفرد والمجتع.
          في احتفال تأبين جان بياجيه (عالم النفس الشهير) في ذكرى مرور مئة عام من ميلاده، تمت دعوة بعض علماء النفس الأجانب إلى إيران للحضور في هذا الاحتفال. فبعد انتهاء الاحتفال، ذهبوا بهؤلاء العلماء إلى حرم الإمام الرضا(ع) ليشاهدوا هذا المكان كأحد الأماكن السياحيّة في إيران. ولكنهم انجذبوا إلى هذا الحرم إلى درجة أنهم ما كانوا راغبين بالخروج منه. فعبّروا عن هذا المكان بهذا المضمون: يا له من مكان مفعم بالطاقة الإيجابية! هنا تتلطف نفسيات الناس! نحن نتلقى أمواج هؤلاء الناس وكم نشعر بالسعادة في هذا المكان!

          يتبع إن شاء الله...

          تعليق


          • #6
            الإمام الحسين(ع) محور الاتحاد بين الشيعة والسنة 3

            الإمام الخميني(ره): إقامة العزاء لصالحنا، فاحسبوا مصلحتها الدنيوية على الأقل!


            ليست هذه الحقائق مما نحتاج أن نستشهد له بالروايات فقط إلى يوم القيامة، فإن عقلنا النظري والتجربي أيضا يدركها جيدا. لقد أشار الإمام الخميني(ره) في أحد خطاباته إلى هذه الحقيقة وقال: «لماذا نرى الله سبحانه وتعالى قد أعدّ ثوابا عظيما لصبّ الدموع وحتى للدمعة الواحدة بل حتى للتباكي؟ لقد أصبحت تتضح القضية من بعدها السياسي، وإن شاء الله تتضح أكثر في المستقبل... بل المهمّ هو هذا البعد السياسي الذي خطط له أئمتنا في صدر الإسلام ليكون مستمرّا دائما وهو أن يكون اجتماع تحت راية واحدة وفكر واحد، ولا يستطيع عامل أن يؤثر في هذا الأمر مثل تأثير عزاء سيد الشهداء فيه»[صحيفة الإمام/ 16/ 343ـ345]
            كان الإمام الخميني(ره) يؤكد على ضرورة مواكب العزاء وكان يعتبرها تظاهرات سياسية؛ «لا يزعمون أن هذه المواكب والمسيرات التي تسير في أيام عاشوراء، [ينبغي] أن نبدّلها إلى تظاهرات، إنها تظاهرات بحد ذاتها، ولكنها تظاهرات بمضمون سياسي. فليستمروا بها كما في السابق بل أفضل. ليستمروا بهذه اللطميات والقصائد نفسها فهي رمز انتصارنا. يجب أن تكون مجالس العزاء في جميع أنحاء البلد. فليقرأ الجميع وليبكِ الجميع»[صحيفة الإمام/11/99]
            كان الإمام الخميني(ره) يرى أن إقامة العزاء نافعة لمصلحتنا، حتى مصلحتنا الدنيوية. وإلا فما هي حاجة الإمام الحسين(ع) لمجالس عزائنا؟ «لو بكينا إلى الأبد على سيد الشهداء، فلا ينفعه أبدا، ولكنه ينفعنا. لاحظوا نفعه الدنيوي فضلا عن نفعه الأخروي، وانظروا إليه من الناحية النفسيّة وأنه كيف يربط بين القلوب.» [صحيفة الإمام/11/100]

            إن إدراك عظمة إقامة العزاء وآثارها، لا يحتاج إلى إيمان وتدين

            إن هذه الأبحاث مما يمكن فهمها بالعلوم الإنسانيّة أيضا. إن هذه الأركان التاريخية والثقافية وهذه المواقف الزمانية والرجال الذين يجب أن نلوذ بهم، هي من الاحتياجات النفسانية للإنسان وللمجتمع الإنساني. ألا تدلّ الغفلة عن الأبعاد الدنيوية والآثار الروحية والنفسانية التي تتحفنا بها مجالس العزاء في هذه الدنيا وتناسي بركات هذه المجالس في هذه الدنيا على الرذالة والخباثة؟! وهل يستطيع الإنسان أن يتجاهل مثل هذه الحقائق العظيمة في حياة الإنسان؟
            هل من المعقول أن تكتب مقالات كثيرة حول مواضيع تافهة أو غير مهمة، ولكن لا يتحقق شيء تجاه هذا الأمر العظيم؟! إن العالم النفساني المنصف لا يمرّ من هذا الموضوع مرور الكرام، بل يدرسه بدقّة، فإن إدراك عظمة مجالس العزاء وآثارها وبركاتها حتى لا يحتاج إلى إيمان وتديّن ومعنويّة ومحبة.

            قد يكون أحيانا مفعول شهر محرم في تكاملنا المعنويّ أكثر من مفعول شهر رمضان

            وإن اجتزنا من هذا البعد، نصل إلى البعد المعنوي والأخلاقي لمجالس عزاء الحسين(ع). قد يكون أحيانا مفعول شهر محرم في تكاملنا المعنوي أكثر من مفعول شهر رمضان. لقد قال آية الله البهجة: «إن البكاء على مصائب أهل البيت(ع) ولا سيما سيد الشهداء(ع) هي من المستحبات التي قد لا يكون مستحب أفضل منها»[ن?ته هاي ناب/ص63]. حتى أن صلاة الليل التي اتفق جميع العرفاء على أن لا يمكن الوصول إلى درجة القرب الإلهي بدونها، مع ذلك يقول الشيخ بهجت(رض): «أظنّ أن فضل البكاء على سيد الشهداء(ع) أعظم من صلاة الليل».[در محضر بهجت/ج1/ص217]
            و?ذلك السيد القاضي له كلمات عجيبة وعالية جدا في هذا المجال. فقد نقل عنه أنه قال: «من المستحيل أن يصل الإنسان إلى مقام التوحيد عن غير طريق سيد الشهداء»[ز مهر افروخته/ص22] إن سريان هذا الفيض وهذه الخيرات يمرّ عن طريق سيد الشهداء وأمين الحسين(ع) وخادمه هو قمر بني هاشم أبو الفضل العباس(ع). وقد نقل عن السيد القاضي(ره) أنه قد وصل إلى ما وصل من المقامات والدرجات عن هذا الطريق. فقد قال: «?لّ ما لديّ فهو من زيارة سيد الشهداء والقرآن»[درياي عرفان/ص98]
            فمن هذا المنطلق يبدو أن كلّ ثغراتنا الأخلاقيّة بسبب أننا لم نحي هذه العشرة الأولى من محرم كما ينبغي. دع أيّ ضعف وثغر تشكو منه في طوال سنتك وفي حياتك، وحاول أن تعوّض في هذه العشرة ولا تقصّر. فهل تزعمون أن شرّابي الخمور والشقاوات فقط يتحولون إلى إنسان آخر في مثل هذه الليالي؟! ألا ينبغي أن نتحول نحن أيضا وتزول مشاكلنا في دوافع بناء الذات وتطهير النفس؟!
            فإن قام أحد من مائدة أبي عبد الله الحسين(ع) جائعا خائبا صفر اليدين، فمن له بعد في هذا العالم ليأخذ بيده؟! من شأن محرم أن يغيّر حالنا ويأخذ بأيدينا إلى الكمال. فلا ينبغي لنا أن نتخلف عن هذه المسيرة، فالحقوا بهذا القطار من هذه الليلة الأولى، فلعلّكم لا تستطيعون ركوبه في وسط الطريق.

            ?ان الإمام السجاد(ع) يعدّ الطعام لمقيمي عزاء الحسين(ع)، لأن لا يلهوا عن العزاء

            يمكن أن نقول أن أول مجلس عزاء حسيني(ع) أقيم مع تقديم طعام وجرت سنّة بعد ذلك كان بواسطة الإمام السجاد(ع). كان النساء يقمن العزاء في الحرّ والبرد وكان الإمام السجاد(ع) يقوم بإعداد الطعام لأن لا يغفلن عن العزاء من أجل إعداد الطعام وتتوفر لهنّ فرصة كافية لإقامة العزاء؛ «لَمَّا قُتِلَ الْحُسَينُ بْنُ عَلِي ع لَبِسْنَ نِسَاءَ بَنِي هَاشِمٍ السَّوَادَ وَ الْمُسُوحَ وَ ?ُنَّ لَا يشْتَ?ِينَ مِنْ حَرٍّ وَ لَا بَرْدٍ وَ ?َانَ عَلِي بْنُ الْحُسَينِ ع يعْمَلُ لَهُنَ‏ الطَّعَامَ‏ لِلْمَأْتَم‏»[المحاسن/2/420]
            أستبعد أن مجالس العزاء المتوفرة لدينا في طهران قد حظيت برضاكم؛ وذلك بسبب إهمالنا لهذا الأمر العظيم وعدم اعتنائنا بهذه المجالس. كالسمكة الساكنة في الماء والتي لا تعرف قدر الماء، وكذلك هذا الموضوع فقد لاقى إهمالا وعدم اكتراث.

            القاعدة الذهبية لاكتشاف مدى تأثير واقعة عاشوراء في النفوس

            حسبُ الإنسان لتكامله وبناء ذاته هو أن يأتيه خبر استشهاد سيد الشهداء(ع). إنّ من شأن هذا الخبر أن يقلع جذور حب الدنيا من القلب. فلا ينبغي أن يبقى شيء من حبّ الدنيا في قلبك، فإن بقى شيء لابد أن تعود إلى الإمام الحسين(ع) وتسأله أن يصلح شأنك.
            عندما بلّغوا الإمام الحسن(ع) خبر استشهاد مسلم بن عقيل وهاني، بكى الحسين(ع) وقال: «إنا لله وإنا إليه راجعون». فأخذ أصحاب الإمام ينتظرون ردّ فعله ليرون هل يرجع أم يستمر في طريقه. هنا نطق الإمام الحسين(ع) كلمة واحدة وبها عبر عن عزمه على الاستمرار، وفي الواقع إنه قد عبّر عن قاعدة ذهبية تشير إلى أثر عاشوراء في النفوس. فكل من لم ير هذا التأثير في قلبه فإنه لم يصبح عاشورائيا بعد. بعد ما تلقّى الإمام الحسين(ع) خبر استشهاد مسلم بن عقيل وهاني قال: «لَا خَيرَ فِي الْعَيشِ بَعْدَ هَؤُلَاء». فإذا كان هذا أثر خبر استشهاد مسلم، فيا ترى ماذا يجب أن يكون أثر خبر استشهاد الحسين(ع) في قلوبنا؟ في الواقع أن بعد أيام عاشوراء أمرُ الله وتكاليفُه وسننه الحاكمة في هذا العالم هي التي ترجعنا إلى الاستمرار في الحياة وكسب الرزق، وإلا فبعد الحسين(ع) لا يبقى لنا حافز للاستمرار في الحياة...

            صلى الله عليك يا أبا عبد الله

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
            x
            يعمل...
            X