إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عزاءٌ في مولودٍ طاهرٍ عظيم

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عزاءٌ في مولودٍ طاهرٍ عظيم

    عزاءٌ في مولودٍ طاهرٍ عظيم
    بقلم / فضيلة المحروس..23/فبراير/2015

    لو تأملنا في حقيقة بعض أفراد البشر الذين انهارت وتدمرت إرادتهم نتيجة تعرضهم للكوارث الإجتماعية أو البيئية أو ما أشبه ذلك لوجدنا ان سبب الإنهيار الروحي أو النفسي متعلق بطبيعة ذات الفرد حينما اعترضته كارثة. وتعد أسوأ حالات الكوارث تأثيرا على الفرد هي تلك التي تأتيه فجأة وتطرأ على ظروفه الحياتية المستقرة وعلاقاته الإجتماعية الرتيبة بدون سابق إنذار. ففي مثل هذه الحالات الإسثنائية تضعف الذات البشرية وتنهار عصبياً ونفسياً، وربما يصبح الإنسان فريسة الإمتداد العقلي السلبي الذي ينتهي به إلى اختلال في التوازن الذاتي والإجتماعي.
    ولا تقاس هذه المسألة على حالات الحزن والأسى فضلاً عن الغضب فحسب، إنما قد تشمل ذات الانسان في حالات الغبطة والفرح الشديد.
    في ساعة ولادة السيدة زينب عليها السلام وردت حال مزدوجة بين "فرح وحزن" لا لمفاجأة، بل لعلم تفصيلي بمستقبل هذه المولودة العظيمة وبالسيرة التي ستجري عليها منذ ولادتها حتى ساعة رحيلها.
    فأهل البيت عليهم السلام بشر معصومون ومنزهون وعالمون بالمنايا والبلايا، وهم عند شروطهم في علاقتهم بالله سبحانه وتعالى، وأكثر البشر كفاءة في تحمل جميع صنوف المكاره والفتن والبلايا. وخير مثال على ذلك هو جهادهم الطويل في سبيل الله ولا يفترون، واحسنوا أداءهم وصنعهم فيه، فوفى الله عز وجل لهم حسن المثوبة. فما أعظم المصيبة حين تكون بعلم مسبق بوقوعها في عمر يمتد في عرض الزمن، وما أعظم أثرها حينما تخص مولودا حديثا جنسه انثى، فبأي قدر من الصبر يحتاجه ذووا المولود!
    المتأمل في سيرة ولادة الحوراء زينب عليها السلام، يجد نفسه أمام سيرة مليئة بالمغيبات والأسرار التي يعجز العقل البشري الطبيعي عن فهم وإدراك موصلاتها دون الإستعانة بأثر من آثار أهل البيت عليهم السلام.. فالعلم كله عند خالق هذه المرأة العظيمة ومن ارتضى من عباده المتقين من آل محمد المصطفى صلى الله عليه وآله المعصومين الأطهار.
    يحدثنا أرباب السير والنقل عن ماجريات ولادة السيدة زينب عليها السلام وكيف جمعت هذه المناسبة بين حالين، حال الحزن وحال السرور في قلب جدها رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته الميامين. فقد ورد أن جدها محمد صلى الله عليه وآله حزن حزنا شديداً وضعفت قواه وشجبت أوادجه، وشحب وجهه، واصفر لونه الشريف، كما هاجت معه شجون ولوعات وصرخات العلويات والهاشميات التي علت أصداؤها في البيت العلوي ( فلما ولدت أُخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فجاء إلى منزل فاطمة عليها السلام وقال: يا بنتاه! إيتيني بنيّتك المولودة، فلما أحضرتها أخذها رسول الله صلى الله عليه وآله وضمها إلى صدره الشريف، ووضع خده المنيف على خدها فبكى بكاءً عاليا، وسال الدمع حتى جرى على كريمته الشريفة، فقالت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام: مم بكاءك، لا ابكى الله عينيك يا أبتاه؟
    فقال صلى الله عليه وآله: يا بنية يا فاطمة! إعلمي أن هذه البنت بعدك وبعدي تبتلى ببلايا فادحة، وترد عليها مصائب ورزايا مفجعة، فبكت فاطمة سلام الله عليها عند ذلك، ثم قالت: يا أبه! فما ثواب من يبكي عليها وعلى مصائبها؟
    فقال صلى الله عليه وآله: يا بضعتي ويا قرة عيني إن من بكى عليها وعلى مصائبها كان ثواب بكائه كثواب من بكى على أخويها، ثم اختار لها إسم: (زينب)، وقد جاء مأثوراً: انه لما ولدت السيدة زينب عليها السلام وكان قد آن توجه أمير المؤمنين عليه السلام نحو البيت، استقبله ولده الإمام الحسين عليه السلام يبشر أباه بالمولود الجديد فقال: أبه يا أبه إن الله تبارك وتعالى قد وهب لي أختاً، ثم نظر في وجه أبيه أمير المؤمنين عليه السلام ليرى أثر البشارة عليه، فإذا به يرى عيني أبيه قد اغرورقت بالدموع ثم أخذت حبات الدمع تتقاطر على خديه تقاطر الندى على صفحات الورد، تأثر الإمام الحسين عليه السلام بتأثر أبيه وجرت دموعه على خديه وقال متنصلاً: فديتك نفسي يا أبه، لقد جئتك بالبشارة فرددت بشارتي بالبكاء؟ فما سبب بكائك وعلى من تبكي يا أبه، لا ابكى الله عينيك؟. كفكف أمير المؤمنين عليه السلام دموعه بيديه الكريمتين ثم أخذ ولده الإمام الحسين عليه السلام وضمه إلى صدره وأخذ يمسح الدمع عن عينيه وخديه ويقول له: نور عيني يا حسين سأكشف لك بعد قليل سر هذا البكاء واعلمك بآثاره، ثم أخذ عليه السلام يقص عليه ما سيكون من قصة كربلاء وواقعة الطف في يوم عاشوراء: من قتل الرجال وسبي النساء وعلى رأسهم هذه السيدة الوليدة زينب سلام الله عليها)1.
    وذكر ان سلمان الفارسي " المحمدي" الصديق الحميم للاُسرة النبوية (جاء) يهنئ الإمام أمير المؤمنين بوليدته المباركة فألفاه حزيناً واجماً، وهو يتحدّث عمّا تعانيه ابنته من المآسي والخطوب ، وشارك سلمان أهل البيت في آلامهم وأحزانهم)2.
    قد يتساءل المرء هنا، لماذا نزل الأمين جبرائيل عليه السلام بهذا الخبر الحزين وفي هذه الساعات الجميلة على جدها المصطفى صلى الله عليه وآله؟.. لابد من وراء هذه سر عظيم وآية كبرى.. وستنال المولودة الجديدة السيدة زينب عليها السلام أرقى وأسمى المكارم والدرجات. فمثل هذه الأسرار الإلهية لا تحصل إلا في بيوتهم صلوات الله عليهم التي تجملت بحلية الزاهدين والمتقين، والتي اذن الله لها أن ترفع ويذكر فيها اسمه. وهذا يدلنا إلى علو شأن هذه المرأة العظيمة عليها السلام وسمو مقامها ومنزلتها عند الله سبحانه تعالى وبين " أصحاب الكساء" عليهم السلام.

    1- السيدة زينب ،مؤسسة السيدة زينب (عليها السلام) الخيرية - بيروت ـ لبنان(اسمها وتاريخ ولادتها).
    2- السيدة زينب رائدة الجهاد في الاسلام ،(ولادتها ونشأتها-وجوم النبي وبكاؤه).
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X