إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

باب ذي الوجهين واللسانين

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • باب ذي الوجهين واللسانين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
    **********************************
    لقاء المسلمين بوجهين هو: أن يبدي المرء ظاهر حاله وصورته الخارجية لهم على خلاف ما تكون في باطنه وسريرته. كأن يبدي أنه من أهل المودة والمحبة لهم وأنه مخلص حميم، بينما يكون في الباطن على خلاف ذلك فيعامل بالصدق والمحبة في حضورهم ولا يكون كذلك لدى غيابهم.
    أما ذو اللسانين فهو أن يثني على كل من يلقاه منهم ويمتدحه ويتملق له ويظهر المحبة له ولكنه في غيابه يعمد إلى تكذيبه وإلى استغابته. فبناء على هذا التفسير تكون الحالة الأولى هي: «النفاق العملي» والحالة الثانية هي: «النفاق القولي». ولعل الحديث الشريف يشير إلى صفة النفاق القبيحة.
    والنفاق من الرذائل النفسانية والملكات الخبيثة التي تنجم عنها آثار كثيرة منها هذين الأثرين المذكورين. وللنفاق درجات ومراتب
    ( في بيان مراتب النفاق)
    أن للنفاق، مثل سائر الأوصاف والملكات الخبيثة أو الشريفة درجات
    ومراتب من حيث القوة والضعف. وإن كل رذيلة لم يتصدَّ لها المرء بالعلاج الناجع بل خضع لها وتبعها مالت إلى الاشتداد وإن درجات اشتداد الرذائل مثل درجات اشتداد الفضائل غير متناهية ولا تقف عند حدّ.
    فالمرء إذا ترك النفس الأمّارة على حاله فبسبب ميلها الذاتي وعدم ارتياحها ومساعدة الشيطان لها والوسواس الخنّاس اندفعت لأجل كل ذلك نحو الفساد. فيتفاقم حالها وتزداد قو ة وشدة يوماً بعد يوم حتى يصل الأمر بتلك الرذيلة التي تابعها أن تتخذ الصورة الجوهرية للنفس وفصلها الأخير وتصبح مملكة الإِنسان ظاهرها وباطنها تحت سيطرة تلك الرذيلة. فإذا كانت رذيلة شيطانية كالنفاق والاتصاف بذي الوجهين مما هو من صفات ذلك الشيطان الملعون كما جاء في القرآن الكريم: (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ) بينما كان الأمر خلاف ذلك ـ استسلمت مملكة الإِنسان للشيطان وأصبحت الصورة الأخيرة للنفس وباطنها وذاتها وجوهرها صورة للشيطان وقد تصبح صورته الظاهرة في الدنيا أيضاً كصورة الشيطان، وإن كانت ملامحه هنا بشرية
    فإذا لم يقف الإِنسان بوجه هذه الصفة ولم يردعها وترك نفسه وشأنها فلن يمضي وقت طويل حتى يفلت الزمام منه ويصبح كلّ همّه واهتمامه منصباً على تلك الرذيلة حتى أنه لا يلتقي شخصاً إلاّ وعامله معاملة ذي الوجهين وذي ا للسانين ولا يعاشر أحداً إلاّ وخالطت معاشرته تلك الصفة من التلوّن والنفاق دون أن يخطر له شيء سوى منافعه الخاصة وأنانيته وعبادته لذاته واضعاً تحت قدميه الصداقة والحميّة والهمة والرجولة. ومت سماً في كل حركاته وسكناته بالتلون ولا يمتنع عن أي فساد وقبح ووقاحة. إن شخصاً هذا شأنه يكون بعيداً عن البشرية والإِنسانية ومحشوراً مع الشياطين.
    كل هذا الذي استعرضناه يمثل القوة والضعف في جوهر النفاق نفسه، ولكنه يختلف باختلاف متعلقة. فقد يكون النفاق في دين الله وقد يكون في السجايا الحسنة والفضائل الأخلاقية وقد يكون في الأعمال الصالحة والمناسك الإِلهية وقد يكون في الأمور العادية والمتعارف عليها. وهكذا قد ينافق المرء مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أو مع أئمة الهدى عليهم السلام أو مع الأولياء والعلماء والمؤمنين وقد يتسع النفاق فيكون مع المسلمين وسائر خلق الله من الملل الأخرى.
    (النفاق مصدر كثير من المفاسد)
    إن النفاق والاتصاف بذي الوجهين ـ وإن كانا في أنفسهما من الصفات القبيحة التي لا يتصف بها الإنسان الشريف ويُعتبر المتصف بها خارجاً عن المجتمع الإِنساني بل لا يكون شبيهاً بأي حيوان ويبعثان على الفضيحة والذل في هذه الدنيا أمام الأصحاب والأقران، كما أنهما يوجبان الذل والعذاب الأليم في الآخرة فقد جاء وصفه في الحديث الشريف وصف المنافق بأن صورته في ذلك العالم «أَنَّهُ يَحْشَرُ بِلِسَانَيْنِ مِنْ نَارٍ» ويسببان طأطأة الرأس والفضيحة أمام خلق الله وفي حضرة الأنبياء المرسلين والملائكة المقربين. كما يتضح من هذا الحديث شدة عذاب المنافق وذي الوجهين، لأنه إذا أصبح جوهر الجسم جوهر النار، كان الإحساس أقوى والألم أشدّ ـ أعوذ بالله من شدته
    عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ ذُو الوَجْهَيْنِ دَالِعاً لِسَانَهُ فِي قَفَاهُ وَآخَرُ مِنْ قُدّامِهِ يَلْتَهِبَانِ نَاراً حَتَّى يَلْهَبَا جَسَدَهُ. ثُمَّ يُقَالُ هذَا الذَّي كَانَ فِي الدُّنْيَا ذَا وَجْهَيْنِ وَلِسَانَيْنِ يُعْرَفُ بِذَلِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَكُونُ مَشْمُولاً بِالآيَةِ الشرِيفَة:
    ﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾
    إن النفاق وذا الوجهين مضافاً إلى ما تقدم يكونان مصدر كثير من المفاسد والمهالك التي يمكن لأية واحدة منها أن تحكم بالفناء على دنيا الإِنسان وآخرته، مثل «الفتنة» التي ينص القرآن الكريم على إنها «أَشَدُّ مِنَ القَتْلِ»ومثل «النميمة» التي يقول عنها الإِمام الباقر عليه السلام:
    «مُحَرَّمةٌ الجَنَّةُ عَلَى القَتَاتِين المَشّائِين بالنَّمِيمَةِ»
    ومثل «الغيبة» التي قال عنها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّهَا أَشَدُّ مِنَ الزِّنَا»ومثل إيذاء المؤمن وسبه وكشف الستر عنه وإفشاء سره وغيرها مما يعد كل واحد منها سبباً مستقلاً لهلاك الإِنسان.
    واعلم أنه تندرج في النفاق وذي الوجهين جملة أمور هي: الغمز واللمز والكنايات التي يطلقها البعض على البعض الآخر، على الرغم من إظهار المحبة والصداقة الحميمة. فعلى الإِنسان أن يكون على حذر شديد، وأن يراقب سلوكه وأعماله. فإن مكائد النفس والأساليب الشيطانية الماكرة خفية جداً، قلّ من استطاع الإِفلات منها. فقد يصبح الإِنسان بإشارة من إشاراته التي تصدر في غير محلها أو بغمز وتعريض يصدر منه في غير موضعه، من ذوي الوجهين، وقد يكون الإِنسان مُبْتَلى بهذه الرذيلة حتى نهاية عمره، بينما هو يتصور نفسه سليمة وطاهرة. إذاً على الإِنسان أن يكون كمثل الطبيب العطوف الحاذق والممرض الشفيق المطلع على حالات النفس يراقب أعماله وتطوراته دائماً ولا يغفل عن ذلك أبداً وأن يعلم أنه ما من مرض أخفى وفي الوقت نفسه أفتك من الأمراض القلبية وأنه ما من ممرض يكون أشفق وأعطف على الإِنسان من نفسه.

  • #2
    بوركتم ايتها الراقية نشركم مميز


    الملفات المرفقة

    تعليق


    • #3
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      أحسن الله لنا ولكم ايتها الغالية والعزيزة شجون فاطمة كفانا الله وأياكم
      هكذا نماذج بحق محمد وال محمد



      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X