إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْناكم شُعُوباً وَقَ

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْناكم شُعُوباً وَقَ

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    الطيبين الطاهرين
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    قال الله عز وجل في محكم كتابه الكريم:
    (يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ( 13 )سورة الحجرات
    الآية الكريمة تخاطب جميع الناس وتبيّن أهم أصل يضمن النظم والثبات، وتميّز الميزان الواقعي للقيم الإنسانية عن القيم الكاذبة والمغريات الباطلة. فتقول: (يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا).
    والمراد بـ(خلقناكم من ذكر وأنثى) هو أصل الخلقة وعودة أنساب الناس إلى «آدم وحواء»،
    إنا خلقناكم من أب وأُمّ تشتركون جميعاً فيهما من غير فرق بين الأبيض والأسود والعربي والعجمي
    ذكر صاحب تفسير من هدي القرآن قوله قالوا : و الآية تدل على أن خلقة الانسان ليست بماء الذكر فقط ، وإنما يشترك فيها ماء الانثى كما قال ربنا سبحانه : " خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب و الترائب " أي صلب الأب و ترائب الأم .
    وهذه البصيرة القرآنية تنفي الفكرة الجاهلية التي كانت تزعم ان رحم الأم مجرد وعاء لنمو نطفة الأب ، و صادروا بذلك حق المرأة في انتساب الطفل اليها وقال قائلهم :
    بنونا بنـــو آباءنا و بناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد
    كلا .. الأم أحد الشريكين في الخلق ، و احترامها يساوي او يفوق احترام الأب في الشريعة .
    و هكذا تنفي الآية العنصرية الجنسية التي ابتلى بها الجاهلون العرب قبل الاسلام ، و نادى بالمساواة بين الذكر و الانثى فيما يرتبط بأصل الخلق .انتهى
    فطالما كان الجميع من أصل واحد فلا ينبغي أن تفتخر قبيلة على أُخرى من حيث النسب، وإذا كان الله سبحانه قد خلق كلّ قبيلة وأولاها خصائص ووظائف معيّنة فإنّما ذلك لحفظ نظم حياة الناس الإجتماعية! لأنّ هذه الإختلافات مدعاةً لمعرفة الناس، فلو كانوا على شاكلة واحدة ومتشابهين لساد الهرج والمرج في المجتمع البشري أجمع.
    وقد اختلف المفسّرون في بيان الفرق بين «الشعوب» جمع شعب ـ على زنة صعب ـ (الطائفة الكبيرة من الناس) و«القبائل» جمع قبيلة فاحتملوا احمالات متعدّدة:
    قال جماعة إنّ دائرة الشعب أوسع من دائرة القبيلة، كما هو المعروف في العصر الحاضر أن يطلق الشعب على أهل الوطن الواحد.
    وقال بعضهم: كلمة «شعوب» إشارة إلى طوائف العجم، وأمّا «القبائل» فإشارة طوائف العرب.
    وأخيراً فإنّ بعضهم قال بأنّ «الشعوب» اشارة إلى انتساب الناس إلى المناطق «الجغرافية» و«القبائل» إشارة إلى انتسابهم إلى العرق والدم.
    لكنّ التّفسير الأوّل أنسب من الجميع كما يبدو!
    ذكر صاحب تفسير من هدي القرآن قالــوا : الشعب مجموعة القبائل كمضر و عدنان ، بينما القبيلة هي تفرعات الشعب ، و قال بعضهم : الشعب من ينسب الى الأرض ، بينما القبيلة تنسب الى أصلهم . وقال آخرون : الشعب هم قبائل غير العرب .. و أنى كان فان هذا التقسيم الذي يبتدء بوحدة الأسرة ثم يتوسع الى العشيرة ثم الفخد و البطن حتى يصل الى العمارة و القبيلة ثم الشعب ، لم يكن عبثا ، و إنما بهدف التعارف 000 انتهى
    وعلى كلّ حال فإنّ القرآن بعد أن ينبذ أكبر معيار للمفاخرة والمباهات في العصر الجاهلي ويُلغي التفاضل بالأنساب والقبائل يتّجه نحو المعيار الواقعي القيم فيضيف قائلاً: (إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم).
    وهكذا فإنّ القرآن يشطب بالقلم الأحمر على جميع الإمتيازات الظاهرية والمادية، ويعطي الأصالة والواقعية لمسألة التقوى والخوف من الله، ويقول إنّه لا شيء أفضل من التقوى في سبيل التقرّب إلى الله وساحة قدسه.
    وحيث أنّ «التقوى» صفة روحانية وباطنية ينبغي أن تكون قبل كلّ شيء مستقرّةً في القلب والروح، وربّما يوجد مدّعون للتقوى كثيرون والمتّصفون بها قلة منهم، فإنّ القرآن يضيف في نهاية الآية قائلاً: (إنّ الله عليم خبير).
    فالله يعرف المتّقين حقّاً وهو مطّلع على درجات تقواهم وخلوص نيّاتهم وطهارتهم وصفائهم، فهو يكرمهم طبقاً لعلمه ويثيبهم، وأمّا المدّعون الكذَبَة فإنّه يحاسبهم ويجازيهم على كذبهم أيضاً.
    لا شكّ أنّ كلّ إنسان يرغب بفطرته أن يكون ذا قيمة وافتخار، ولذلك فهو يسعى بجميع وجوده لكسب القيم...
    إلاّ معرفة معيار القيم يختلف باختلاف الثقافات تماماً، وربّما أخذت القيم الكاذبة مكاناً بارزاً ولم تُبق للقيم الحقّة مكان في قاموس الثقافة للفرد.
    فجماعة ترى بأنّ قيمتها الواقعية في الإنتساب إلى القبيلة المعروفة، ولذلك فإنّهم من أجل أن تعلوَ سمعةُ قبيلتهم وطائفتهم يظهرون نشاطات وفعاليات عامة ليكونوا برفعة القبيلة وسمّوها كبراء أيضاً.
    وكان الإهتمام بالقبيلة والإفتخار بالإنتساب إليها من أكثر الأُمور الوهميّة رواجاً في الجاهلية إلى درجة كانت كلّ قبيلة تعدّ نفسها أشرف من القبيلة الأُخرى، ومن المؤسف أن نجد رواسب هذه الجاهلية في أعماق نفوس الكثيرين من الأفراد والمجتمعات!! وجماعة أُخرى تعوّل على مسألة المال والثروة وامتلاكها للقصور والخدم والحشم وأمثال هذه الأُمور، فتعدّها دليلاً على القيمة الشخصيّة وتسعى من أجل كلّ ذلك دائماً.
    وجماعة تعتبر (المقامات) السياسية والإجتماعية العليا معياراً للشخصية والقيم الإجتماعية!
    وهكذا تخطو كلّ جماعة في طريق خاص وتنشدّ قلوبها إلى قيمة معينة وتعدّها معيارها الشخصي!
    وحيث أنّ هذه الأُمور جميعها أمور متزلزلة ومسائل ذاتية ومادية وعابرة فإنّ مبدأ سماوياً كمبدأ الإسلام لا يمكنه أن يوافق عليها أبداً.. لذلك يشطب عليها بعلامة البطلان ويعتبر القيمة الحقيقية للإنسان في صفاته الذاتية وخاصة تقواه وطهارة قلبه والتزامه الديني.
    حتى أنّه لا يكترث بموضوعات مهمّة كالعلم والثقافة إذا لم تكن في خطّ «الإيمان والتقوى والقيم الأخلاقية»...
    ومن العجيب أن يظهر القرآن في محيط يهتمّ بالقيمة القبلية أكثر من اهتمامه بالقيم الأُخرى، إلاّ أنّ القرآن حطّم هذه الوثنية وحرّر الإنسان من أسر العِرق والدم والقبيلة واللون والمال والمقام والثروة وقاده إلى معرفة نفسه والعثور على ضالّته داخل نفسه وصفاتها العليا.
    الطريف أنّ في ما ذُكر في شأن نزول الآية محل البحث لطائف ودقائق تحكي عن عمق هذا الدستور الإسلامي.
    منها: إنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر «بلالاً» بعد فتح مكّة أن يؤذّن، فصعد بلال وأذّن على ظهر الكعبة، فقال «عتّاب بن أسيد» الذي كان من الأحرار: أشكر الله أن مضى أبي من هذه الدنيا ولم يرَ مثل هذا اليوم.. وقال «الحارث بن هشام»: ألم يجدْ رسول الله غير هذا الغراب الأسود للأذان؟! «فنزلت الآية الآنفة وبيّنت معيار القيم الواقعية»
    وقال بعضهم: نزلت الآية عندما أمر الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بتزويج بعض الموالي من بنات العرب «والموالي تطلق على العبيد الذين عُتقوا من ربقة أسيادهم أو على غير العرب (المسلمين)». فتعجّبوا وقالوا: يا رسول الله أتأمرنا أن نزوّج بناتنا من الموالي «فنزلت الآية وأبطلت هذه الأفكار الخرافية»
    ونقرأ في بعض الروايات الإسلامية أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خطب يوماً في مكّة فقال: «يا أيّها الناس إنّ الله قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية وتعاظمها بآبائها فالناس رجلان رجل برّ تقي كريم على الله وفاجر شقي هيّن على الله والناس بنو آدم وخلق الله آدم من تراب قال الله تعالى: (يا أيّها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير)»
    وقد جاء في كتاب «آداب النفوس» للطبري أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) التفت إلى الناس وهو راكب على بعيره في أيّام التشريق بمنى «وهي اليوم الحادي عشر والثّاني عشر والثّالث عشر» من ذي الحجة فقال: «يا أيّها الناس! ألا إنّ ربّكم واحد وإنّ أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلاّ بالتقوى ألا هل بلّغت: قالوا نعم! قال: ليبلغ الشاهد الغائب»
    كما ورد في حديث آخر بهذا المعنى ضمن كلمات قصيرة ذات معاني غزيرة أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إنّ الله لا ينظر إلى أحسابكم ولا إلى أنسابكم ولا الى أجسامكم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم، فمن كان له قلب صالح تحنّن الله عليه وإنّما أنتم بنو آدم وأحبّكم إليه أتقاكم»
    إنّ الإسلام حارب العصبية الجاهلية في أي شكل كانت وفي أيّة صورة ليجمع المسلمين في العالم من أي قوم وقبيلة وعرق تحت لواء واحد! ـ لواء القومية ولا سواه ـ لأنّ الإسلام لا يوافق على هذه النظريات المحدودة ويعدّ جميع هذه الأُمور وهمية ولا أساس لها حتى أنّه ورد في حديث عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «دعوها فإنّها منتنة»
    التقوى الإلهية والإحساس بالمسؤولية الداخلية والوقوف بوجه الشهوات والإلتزام بالحق والصدق والطهارة والعدل، هي وحدها معيار القيم الإنسانية لا غير،.
    ورد في الميزان قوله :ذكر المفسرون أن الآية مسوقة لنفي التفاخر بالأنساب، وعليه فالمراد بقوله: { من ذكر وأُنثى } آدم وحوّاء، والمعنى: أَنَّا خلقناكم من أب وأُمّ تشتركون جميعاً فيهما من غير فرق بين الأبيض والأسود والعربي والعجمي وجعلناكم شعوباً وقبائل مختلفة لا لكرامة لبعضكم على بعض بل لأن تتعارفوا فيعرف بعضكم بعضاً ويتم بذلك أمر اجتماعكم فيستقيم مواصلاتكم ومعاملاتكم فلو فرض ارتفاع المعرفة من بين أفراد المجتمع انفصم عقد الاجتماع وبادت الإِنسانية فهذا هو الغرض من جعل الشعوب والقبائل لا أن تتفاخروا بالأنساب وتتباهوا بالآباء والامهات.انتهى
    وورد في تفسير من هدي القرآن قوله: إنما الناس إختلفوا ليمارس كل دوره بحرية و لتتنامى تجربة البشرية عبر تنوعها ، ولكي يغني كل فريق تجارب غيرهم بما اكتشفه من تجارب .. و بالتالي ليتعارفوا .
    بلى إن ذات الحكمة التي شرعت الأسرة من أجلها قائمة في بناء الوحدات الاجتماعية الأخرى كالعشيرة و القبيلة و الشعب .
    وهذه البصيرة تهدينا :
    أولا : الى مشروعية هذه التقسيمات الطبيعية و انها - في الأساس - نافعة ، و علينا أن نعيدها الى طهرها ، بعيدا عن كل ألوان العصبية و التعالي لنجني ثمارها الطيبة .
    وهذا ما يدعو اليه الاسلام كما جاء في النصوص الدينية من ضرورة صلة الرحم و التواصل مع العشيــرة جاء فــــي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : " لايدخل الجنة قاطع رحم "
    وقال : " لما أسري بي الى السماء رأيت رحما متعلقة بالعرش تشكو رحما الى ربها ، فقلت لها ، كم بينك و بينها من أب ، فقال : نلتقي في أربعين أبا "
    وجاء في رواية مأثورة عن أمير المؤمنين - عليه السلام - أنه خطب في الناس فحمد الله و أثنى عليه ثم قال : " لا يستغني الرجل وإن كان ذا مال و ولد عن عشيرته ، وعن مداراتهم و كرامتهم و دفاعهم عنه بايديهم و ألسنتهم ، هم أعظم الناس حياطه له من ورائه، و المهم لشعثه ، و أعظمهم عليه حنوا ، إن أصابته مصيبة ، أو نزل به يوما بعض مكاره الأمور ، و من يقبض يده عن عشيرته ، فانما يقبض عنهم يدا واحدة ، و تقبض عنه منهم أيد كثيرة ، و من محض عشيرته صدق المودة ، و بسط عليهم يده بالمعروف إذا وجده إبتغاء وجه الله ، أخلف الله له ما أنفق في دنياه ، و ضاعف له الأجر في آخرته "
    ثانيا : أن التعارف بين الناس واحد من أهم مقاصد الشريعة الغراء ، لماذا ؟ لولا معرفة الناس لما اكتملت حكمة الابتلاء في الخلق أوتدري لماذا ؟ لأن الابتلاء لا يتم إلا بالحرية و المسـؤولية فلو اختلط الناس ببعضهم كيف يميز الصالح فيثاب عن المجرم فيعـــاقـب ؟ أم كيف تتراكم مكاسب المحسنين و تحصن من أن يسرفها الكسالى و المجرمون ؟ كلا . لابد أن يميز الناس عن بعضهم تمييزا كافيا ليأخذ كل ذي حق حقه ، فيشجعه ذلك على المزيد من العطاء ، و يأخذ التنافس دوره في دفع عجلة الحياة قدما الى الامام .
    ثالثا : إن حكمة الاختلاف هو التكامل - بعد التنافس على الخيرات - وليس الصراع و التطاحن ، وقد قال ربنا سبحانه : " و تعاونوا على البر و التقوى " ومن دون التعارف كيف يتم التعاون ، إن على الناس أن يكتشفوا إمكانات بعضهم ليتبادلوا الخيرات ، أماإذا تقوقعت كل طائفة في حدودها الجغرافية أو الاجتماعية ولم يتعارفوا فكيف يمكن التعاون بينهم ؟ .
    ************************************************** *********
    تفسيرالامثل
    تفسيرالميزان
    تفسيرمن هدي القرآن

    من فضلك اذا أحببت/ي نقل الموضوع لمنتدى آخر أكتب/ي تحته منقول ولك الأجر والثواب
    سجاد=سجاد14=سجادكم
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X