الفناء والعدم
يقول الإمام علي عليه السلام في الخطبة(184): ((هُوَ الْمُفْنِي لَهَا بَعْدَ وُجُودِهَا حَتَّى يَصِيرَ
مَوْجُودُهَا كَمَفْقُودِهَا ولَيْسَ فَنَاءُ الدُّنْيَا بَعْدَ ابْتِدَاعِهَا بِأَعْجَبَ مِنْ إِنْشَائِهَا واخْتِرَاعِهَا)).
الشرح:
الفرق بين كلمتي الفناء والعدم، فالفناء يُطلق على الإنسان حينما يموت وتتحلل جثته وتعود تراباً
فنقول: إنه فني، لكن مادته ما تزال موجودة، أمّا إذا زالت المادة من الوجود نهائياً فهو العدم،
وللتفريق بين النوعين يمكن أن نسمّي النوع الأول الفناء النسبي والنوع الثاني الفناء المطلق.
ونلاحظ أن القرآن الكريم على الرغم من أنه تكلم عن الفناء النسبي إلا أنه لم يتطرق إلى الفناء
المطلق (العدم) فقد قال تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ(/ (الرحمن:26،27). وقال تعالى: )كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ(/ (القصص:88).
فالفناء والهلاك هنا منصبّان على العنصر البشري، وليس هو فناءً مطلقاً لهم ولغيرهم من
الموجودات، فكلّ مخلوق قبل القيامة سوف يموت، لكن مادته لا تفنى وكذلك السموات سوف تتبدل
صورتها ولكن لا تفنى أيضاً يقول تعالى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ(/ (إبراهيم:48).
أمّا الإمام علي عليه السلام فقد تكلم عن الفناء المطلق للموجودات وهو العملية المعاكسة للوجود
المطلق من العدم، ففي اعتقادنا أنه لا قديم إلا الله ثم خلق كلّ الأشياء بعد أن كانت عدماً وحينما
يشاء سوف يجعل كلّ ما خلق إلى العدم، ويبقى هو الأحد الصمد لا أحد في الوجود غيره.
هذه الفكرة الجلية يصوغها لنا الإمام عليه السلام ويؤكد عليها مبيّناً أنّ فناء الدنيا أسهل من إيجادها،
ومَن قدر على ابتداعها كان على إفنائها أقدر.
اعداد : شيماء أحمد/ ماجستير علوم حياة
تم نشره في المجلة العدد 72
يقول الإمام علي عليه السلام في الخطبة(184): ((هُوَ الْمُفْنِي لَهَا بَعْدَ وُجُودِهَا حَتَّى يَصِيرَ
مَوْجُودُهَا كَمَفْقُودِهَا ولَيْسَ فَنَاءُ الدُّنْيَا بَعْدَ ابْتِدَاعِهَا بِأَعْجَبَ مِنْ إِنْشَائِهَا واخْتِرَاعِهَا)).
الشرح:
الفرق بين كلمتي الفناء والعدم، فالفناء يُطلق على الإنسان حينما يموت وتتحلل جثته وتعود تراباً
فنقول: إنه فني، لكن مادته ما تزال موجودة، أمّا إذا زالت المادة من الوجود نهائياً فهو العدم،
وللتفريق بين النوعين يمكن أن نسمّي النوع الأول الفناء النسبي والنوع الثاني الفناء المطلق.
ونلاحظ أن القرآن الكريم على الرغم من أنه تكلم عن الفناء النسبي إلا أنه لم يتطرق إلى الفناء
المطلق (العدم) فقد قال تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ(/ (الرحمن:26،27). وقال تعالى: )كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ(/ (القصص:88).
فالفناء والهلاك هنا منصبّان على العنصر البشري، وليس هو فناءً مطلقاً لهم ولغيرهم من
الموجودات، فكلّ مخلوق قبل القيامة سوف يموت، لكن مادته لا تفنى وكذلك السموات سوف تتبدل
صورتها ولكن لا تفنى أيضاً يقول تعالى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ(/ (إبراهيم:48).
أمّا الإمام علي عليه السلام فقد تكلم عن الفناء المطلق للموجودات وهو العملية المعاكسة للوجود
المطلق من العدم، ففي اعتقادنا أنه لا قديم إلا الله ثم خلق كلّ الأشياء بعد أن كانت عدماً وحينما
يشاء سوف يجعل كلّ ما خلق إلى العدم، ويبقى هو الأحد الصمد لا أحد في الوجود غيره.
هذه الفكرة الجلية يصوغها لنا الإمام عليه السلام ويؤكد عليها مبيّناً أنّ فناء الدنيا أسهل من إيجادها،
ومَن قدر على ابتداعها كان على إفنائها أقدر.
اعداد : شيماء أحمد/ ماجستير علوم حياة
تم نشره في المجلة العدد 72
تعليق