إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دور العقيدة في بناء الانسان

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دور العقيدة في بناء الانسان

    بسم الله الرحمن الرحيم

    العقيدة الاِسلامية هي القاعدة المركزية في التفكير الاِسلامي، التي تصوغ للاِنسان المسلم نظرته التوحيدية للكون والحياة، وتنتج له مفاهيم صالحة تعكس وجهة نظر الاِسلام في شتى المجالات، كما تنتج له عواطف وأحاسيس خيرة. فالعقيدة تمثل عنصر القوة، وهي التي صنعت المعجزات وحققت الانتصارات الكبرى في صدر الاِسلام.
    ولاَجل النهوض بالاِنسان المسلم لا بدَّ من تذكيره بالمعطيات الحضارية التي منحتها العقيدة لمن سبقه، وترسيخ قناعته بصوابيتها وصلاحيتها لجميع العصور.
    ويمكننا إيجاز الدور الهام الذي قامت به العقيدة من أجل بناء الاِنسان على جميع الاصعدة بما يلي:
    1 ـ على الصعيد الفكري: اعتبرت الاِنسان موجوداً مكرّماً، أما الخطيئة التي قد يقع فيها فهي أمر طارىء يمكن معالجته بالتوبة، وبذلك أشعرت الاِنسان بقدرته على الارتقاء، ولم تؤيسه من رحمة الله وعفوه، ثم أنّ العقيدة حررت الاِنسان من الاستبداد السياسي للحكام الوضعيين الظالمين، كما حررته من عادة تأليه البشر، وأطلقت حريته، ولكن ضبطتها بقيود الشرع حتى لا تؤدي إلى الفوضى، كما ربطت الحرية


    الاِنسانية بالعبودية لله وحده، والخضوع الواعي والطوعي لسلطته. كما حررت الاِنسان من شهوات نفسه ومن عبادة مظاهر الطبيعة من حوله، ومن الاَساطير والخرافات في الاعتقاد والسلوك.
    ومن خلال عملية تحرير الفكر، قامت بعملية البناء، فأعطت مكانة كبيرة للعقل واعترفت بدوره وفتحت أمامه آفاقاً معرفية واسعة، كما فتحت أمامه نافذة الغيب، وأطلقته من أسر دائرة الحس الضيقة، ووجهت طاقته الخلاقة للتأمل والاعتبار في آيات الله الآفاقية والاَنفسية، وجعلت من تفكره هذا عبادة هي من أفضل العبادات.

    ولم تقتصر على ذلك بل وجهت طاقة العقل لاكتشاف السنن التاريخية الحاكمة على الاُمم والشعوب، كما وجهت العقل للنظر في حكمة التشريع لترصين قناعة المسلم بشريعته وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
    من جهة اُخرى دفعت العقيدة الاِنسان إلى كسب العلم والمعرفة، وربطت بين العلم والاِيمان، فكل تفكيك بينهما سوف يؤدي إلى عواقب وخيمة، كما وجهت العقل للنظر المستقل والملاحظة الواعية واستنباط النتائج من مقدمات يقينية، ودعته إلى عدم التقليد في اُصول الدين.
    2 ـ على الصعيد الاجتماعي: قامت العقيدة بدور تغييري كبير، فبينما كان فكر الاِنسان الجاهلي منصبّاً حول ذاته ومصالحها، غدا بتفاعله مع إكسير العقيدة يضحي بالغالي والنفيس في سبيل مبادىء دينه ومصالح مجتمعه.
    وأزالت العقيدة التناقض القائم بين الدوافع الذاتية المتمثلة بحرص الاِنسان على مصالحه وبين مصالح الجماعة من خلال إثارتها للشعور الاجتماعي للفرد نحو الآخرين.


    وقد نمّت العقيدة هذا الشعور بأساليب عدّة منها: إيقاظ حسّ الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين، وتنمية روح التضحية والايثار لدى الفرد المسلم، ودفعه للانصباب في قالب الجماعة. من جهة أُخرى، قامت العقيدة بتغيير الروابط الاجتماعية بين الاَفراد، من روابط تقوم على أساس العصبية للقرابة، أو على أساس اللون أو المال أو الجنس، إلى روابط أسمى تقوم على أسس معنوية هي التقوى والفضيلة والاَخاء الاِنساني.
    ونقلت العقيدة الاَفراد من حالة التناقض والصراع إلى حالة التعارف والتعاون، فشكلوا أُمّة واحدة مرهوبة الجانب بعد أن كانوا قبائل وجماعات متفرقة ومتناحرة، لا تقيم لهم الاُمم وزناً.
    أضف إلى ذلك أن العقيدة الاِسلامية قد قامت بتغيير العادات والتقاليد الجاهلية التي تسيء لكرامة الاِنسان وتسبب له العنت والمشقة.
    3 ـ على الصعيد النفسي: أسهمت العقيدة في خلق طمأنينة وأمان للاِنسان، مهما كانت عواصف الاَحداث من حوله.
    وقد اتّبعت وسائل عديدة لتخفيف المصائب التي تواجه الاِنسان على حين غرّة، ومن تلك الوسائل: بيان طبيعة الدنيا، وأنّها دار محن واختبار، مليئة بتيارات المصائب التي تهب على الاِنسان كريح السموم، وعليه فمن المستحيل على الاِنسان أن يطلب الراحة والسكينة فيها. وعليه أن يضع نصب عينه النجاح في هذا الامتحان الالهي في الدنيا التي هي دار تكليف. ولقد خففت العقيدة من وطأة المصائب عبر التأكيد على أنّها تستتبع أجراً وثواباً، كما وجهت نظر الاِنسان للمصيبة العظمى وهي المصيبة في الدين، الاَمر الذي يخفف من وقع المصائب الدنيوية الصغيرة.


    من جانب آخر، حرّرت العقيدة النفوس من المخاوف التي تشلّ نشاط الاِنسان وتكبت طاقته وتجعله نهباً لعوامل القلق والحيرة كما شجّعت العقيدة الاِنسان إلى معرفة نفسه، فبدون هذه المعرفة للنفس يصبح من الصعوبة بمكان السيطرة عليها وكبح جماحها، ثم بدون معرفة النفس لا يمكن معرفة الله تعالى حق معرفته. ومن خلال البحث استنتجنا بأنّ الاَمراض النفسية الخطيرة كالعصبية والشح والاَثَرة إذا لم تعالج فإنّها ستؤدي إلى عواقب اجتماعية وسياسية خطيرة، كتلك الفتنة التي عصفت بالمسلمين في السقيفة، التي بيّن الاِمام علي عليه السلام جذورها النفسية.
    4 ـ على الصعيد الاخلاقي: قامت العقيدة بدور خلاّق في بناء منظومة الاخلاق للفرد المسلم، وفق أُسس دينية تستتبع ثواباً أو عقاباً، وليس مجرّد توصيات إرشادية لا تتضمن المسؤولية، على العكس من القوانين الوضعية، التي أزالت شعور رقابة الله والمسؤولية أمامه من نفس الفرد، وبذلك نسخت ركيزة الاَخلاق، فالاَخلاق بدون الاِيمان تفقد ضمانات الالتزام بها.
    والملاحظ أنّ العقيدة اتّبعت أساليب عدّة لدفع الاَفراد للتحلّي بالاَخلاق الحسنة وتجنّب الاَخلاق السيئة منها:
    إبراز المعطيات الاُخروية وأيضاً الدنيوية المترتبة على الاَخلاق الحسنة أو السيئة.
    كما اتّبعت أُسلوب «الاُسوة الحسنة» لتربط الاَفراد برموز العقيدة ومرشديها بغية التأثر بمحاسن أخلاقهم والتأسي بسيرتهم.
    الملفات المرفقة
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X