إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دعاء اليتيم

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دعاء اليتيم

    دعاء اليتيم

    هذا ما حدث لي قبل (20) عاماً، عندما كنتُ أنا وأمي نسير في طريقنا المظلم ليلاً عائدتين من عملنا اليومي

    وهو الاستجداء الذي أصبح مصدراً نسترزق منه بعد وفاة والدي الذي كان معيلنا الوحيد وأمي يتيمة الأبوين

    ولديها أخ واحد يعيش خارج البلد منذ سنين، لم نكن نعرف عنه شيئاً لذا فقد كنا وحيدتين مقطوعتين من شجرة،

    لم تجد والدتي أي عمل يناسبها، لأنها لم تكن متعلمة أو تحترف مهنة معينة، لذا فقد بدأت بجمع العلب لتسدّ رمق

    أطفالها الصغار وتطفئ جوعهم، وقد كان ما نحصل عليه كلّ يوم لا يكاد يكفي لشراء الخبز، لم أسمع أمي تشكو

    يوماً إِلا لله عندما تصلي وتقرأ القرآن الكريم وتحضّنا على مشاركتها الصلاة والدعاء قائلة: "هذا كلّ ما سيبقى

    يا أولادي فادعوا الله مخلصين بقلب صبور وسيكافئ الباري عباده الصابرين الصالحين" وقد كنّا نحب أن نقف

    مع أمي للصلاة والدعاء لله بأن يقسم لنا بعد العسر يسرا ويفك ضيقنا.


    وفي أحد الأيام كنا أنا وأمي عائدتين في الطريق المظلم المؤدي إلى الخرابة التي كنا نسكن فيها وإِذا بشخص

    يتبعنا فما كان من أمي إلا أن تسرع الخطى بقلق وخوف، كنتُ أسمع أمي تتمتم بكلمات ميزتُ منها كلمة

    "يا ربّ" حيث يبدو أنها كانت تدعو وتبتهل إلى الله لحمايتها وإياي كما هي عادتها دائماً اللجوء إلى الدعاء لله

    وكذاك فعلتُ أنا، كان المكان بعيداً عن المدينة, مرعباً, مخيفاً ومظلماً ونحن بلا حماية، فماذا عسانا أن نفعل،

    أخيراً وإذا بأمي تقول لي "اركضي واختبئي في الظلام" اختبأتُ في مكان قريب والخوف يقطع قلبي الذي علت

    دقاته حتى خفت أن يسمعها الشبح الذي كان يتبعنا، أمسكت أمي بعصا كانت قريبة ثم بدأت تهزّها وتصرخ مهددة

    الشبح الذي كان مازال يقترب منها غير آبه بتهديداتها المتتالية، ولكن بعدها نادتني أمي قائلة: "الحمد لله, تعالي يا ابنتي إنه خالك".


    أخبرنا خالي بأنه لم يكن يعلم أن أبي توفي إلا من أيام قليلة وقد علم بحال أمي المسكينة عن طريق الصدفة لذا

    قرر أن يحضر لمساعدتنا فسأل عنا في كلّ مكان حتى عرف مكاننا ولكنه وصل متأخراً؛ لذا فقد تبعنا طوال

    الطريق وحصل ما حصل.


    قام خالي بتأجير منزل لنا وتكفّل بمصاريفنا كاملة كما أحضر عائلته لكي تزورنا وتتعرف علينا، وبعد كلّ هذه

    السنين أعمل الآن طبيبة أسنان كما أن إخوتي تخرجوا من الجامعات وأمي قد حجت بيت الله الحرام العام

    الماضي وهي تعتني بأحفادها معززة مكرمة، هذا ما قادنا إليه دعاؤنا وثقتنا بالله حيث تبدّل حالنا إلى أحسن حال.


    بقلم: رؤى صباح مهدي

    تم نشره في المجلة العدد73

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X