إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحسد ماهيته وحقيقته

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحسد ماهيته وحقيقته

    الحسد ماهيته وحقيقته

    للمحامية
    ندى جواد كاطع النوري


    عضو اتحاد الحقوقيين العرب


    المقدمة

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ابا الزهراء محمد الأمين وعلى اله الغر الميامين وسلم تسليما كثيرا .
    اما بعد .
    فيعد موضوع الحسد من المواضيع المسلم بها لورود النص القرآني ببيات وجوده (( ومن شر حاسد اذا حسد)) , وطرحنا في هذا الموضوع المختصر هو لبيان ماهيته وحقيقته الوجودية وكيفية التخلص منه بمقال مختصر يجمع مرادنا منه ويقدم الفائدة المرجوة ان شاء الله تعالى.



    تعريف الحسد


    قال علماء الاخلاق في تفسير الحسد انه حالة نفسية تعبّر عن تمني زوال النعمة من الغير واعطائها للحاسد.. فعلى المؤمن ان يتجنب هذه الحالة في نفسه، وان يكون رقيباً عليها، لان الحسد مذموم وقد ورد فيه: ان الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب..
    نعم، من حق الانسان أن يغبط الآخر على ما أنعم الله به عليه وان يتمنى ان يرزقه الله من هذه النعم كما رزق غيره.. فهذه حالة نفسية صحية لا اشكال فيها.


    حقيقة الحسد

    وقد ورد في بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 60 - ص 9 – 11 قال :
    المقام الثاني في الكشف عن ماهيته ، فنقول : إن الجبائي أنكر هذا المعنى إنكارا بليغا ، ولم يذكر في إنكاره شبهة فضلا عن حجة . وأما الذين اعترفوا به وأقروا بوجوده فقد ذكروا فيه وجوها :

    الوجه الأول: قال الجاحظ : تمتد من العين أجزاء ، فتتصل بالشخص المستحسن ، فتؤثر وتسري فيه كتأثير اللسع والسم والنار ، وإن كان مخالفا في وجه التأثير لهذه الأشياء . قال القاضي : وهذا ضعيف ، لأنه لو كان الأمر كما قال لوجب أن يؤثر في الشخص الذي لا يستحسن كتأثيره في المستحسن .

    واعلم أن هذا الاعتراض ضعيف ، وذلك لأنه إذا استحسن شيئا فقد يحب بقاءه كما إذا استحسن ولد نفسه وبستان نفسه ، وقد يكره بقاءه ، كما إذا استحسن الحاسد بحصول شئ حسن لعدوه ، فإن كان الأول فإنه يحصل عند ذلك الاستحسان خوف شديد من زواله ، والخوف الشديد يوجب انحصار الروح في داخل القلب ، فحينئذ يسخن القلب والروح جدا ، وتحصل في الروح الباصر كيفية قوة مسخنة ، وإن كان الثاني فإنه يحصل عند ذلك الاستحسان حسد شديد وحزن عظيم بسبب حصول تلك النعمة لعدوه ، والحزن أيضا يوجب انحصار الروح في داخل القلب وتحصل فيه سخونة شديدة . فثبت أن عند الاستحسان القوي يسخن الروح جدا فيسخن شعاع العين ، بخلاف ما إذا لم يستحسن فإنه لا تحصل هذه السخونة ، فظهر الفرق بين الصورتين . ولهذا السبب أمر الرسول صلى الله عليه وآله العاين بالوضوء ، ومن أصابته العين بالاغتسال.

    أقول : على ما ذكره ، إذا عاين شيئا عند استحسان شئ آخر وحصول تلك الحالة فيه أو عند حصول غضب شديد على رجل آخر ، أو حصول هم شديد من مصيبة أو خوف عظيم من عدو أو يؤثر نظره إليه وأي كل شئ يعاينه ، ومعلوم أنه ليس كذلك . ثم قال الرازي :

    الوجه الثاني: قال أبو هاشم وأبو القاسم البلخي : لا يمتنع أن يكون العين حقا ، ويكون معناه أن صاحب العين إذا شاهد الشئ واعجب به استحسانا كانت المصلحة له في تكليفه أن يغير الله تعالى ذلك الشخص أو ذلك الشئ حتى لا يبقى قلب ذلك المكلف متعلقا به ، فهذا التغيير غير ممتنع.

    ثم لا يبعد أيضا أنه لو ذكر ربه عند تلك الحالة وبعد عن الإعجاب وسأل ربه فعنده تتغير المصلحة ، والله سبحانه يبقيه ولا يفنيه ، ولما كانت هذه العادة مطردة لا جرم قيل : " العين حق " .

    الوجه الثالث: هو قول الحكماء . قالوا : هذا الكلام مبنى على مقدمة ، وهي أنه ليس من شرط المؤثر أن يكون تأثيره بحسب هذه الكيفيات المحسوسة ، أعني الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ، بل قد يكون التأثير نفسانيا ومحضا ، ولا تكون القوى الجسمانية لها تعلق به والذي يدل عليه أن اللوح الذي يكون قليل العرض إذا كان موضوعا على الأرض قدر الانسان على المشي عليه ، ولو كان موضوعا فيما بين جدارين عاليين لعجز الانسان عن المشي عليه ، وما ذاك إلا لأن خوفه من السقوط منه يوجب سقوطه منه ، فعلمنا أن التأثيرات النفسانية موجودة .

    وأيضا إن الانسان إذا تصور كون فلان مؤذيا له حصل في قلبه ، وسخن مزاجه فمبدأ تلك السخونة ليس إلا ذاك التصور النفساني . ولأن مبدء الحركات البدنية ليس إلا التصورات النفسانية .

    ولما ثبت أن تصور النفس يوجب تغير بدنه الخاص لم يبعد أيضا أن يكون بعض النفوس تتعدى تأثيراتها إلى سائر الأبدان .
    فثبت أنه لا يمتنع في العقل كون النفس مؤثرة في سائر الأبدان .

    وأيضا جواهر النفوس مختلفة بالماهية ، فلا يمتنع أن تكون بعض النفوس بحيث يؤثر في تغيير بدن حيوان آخر بشرط أن تراه وتتعجب منه . فثبت أن هذا المعنى أمر محتمل ، والتجارب من الزمن الأقدم ساعدت عليه ، والنصوص النبوية نطقت به ، فعند هذا لا يبقى في وقوعه شك . وإذا ثبت هذا ثبت أن الذي أطبق عليه المتقدمون من المفسرين في تفسير هذه الآية بإصابة العين كلام حق لا يمكن رده .


    التخلص من الحسد


    وتجنب حالة الحسد انما تكون بتربية النفس على تقوى الله وان تكون الآخرة هي نصب عين المؤمن فلا يغتر بالدنيا ومكاسبها فانها ـ مهما كانت ـ فهي آيلة الى زوال وهذا المعنى تشير اليه الآية الكريمة التالية في الحديث عن قارون وأمواله: ((فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم. وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون)) [سورة القصص : 79، 80] .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X