إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أدب الدعاء في الإسلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أدب الدعاء في الإسلام











    أدب الدعاء في الإسلام
    بقلم السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله وصلى الله على سادتنا محمد وآله الاطهار .
    حقيقة الدعاء والادعية الماثورة
    إن الدعاء ـ في حقيقته ـ يمثل المعاني القيمة ، التي تتبلور في نفس الداعي ، ويستتبع التوجه العميق إلى الذات الالهية ، فالفناء في وجوده الواجب ، ثم الرجوع إلى عالم المادة ، لاداء مهمة الروح العليا ، روح العدالة والحق والصدق وبالتالي : الخلاص من كل العبوديات .
    وفي هذا السفر السريع البطيء ، والطويل القصير ، لاحاجة إلى أي شيء ، سوى التركيز على نقطة المبدأ ، ومركز الانتهاء .
    فلا يمكن أن نقيد الدعاء ـ بعد أن كان عملا روحيا ـ بأي قيد ، من زمان أو مكان أو لفظ ، ولا بأية لغة أو صيغة أو نص .
    وقد رسم الامام الصادق ، أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام
    الفكرة خطة واضحة ، في الحديث التالي :
    عن زرارة ، قال ، قلت لابي عبد الله عليه السلام : علمني دعاء ؟ فقال : إن أفضل الدعاء ما جرى على لسانك (1) .
    فإذا كان الداعي لم يطق أن يستوعب أكثر مما يجري على لسانه ، فإن ذلك يكفيه ، والمهم أن يكون ملتفتا إلى اساس الدعاء ولبه وهو التركيز على نقطة المبدأ ومركز الانتهاء ، في سيره الروحي .
    وقد أفصح الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم عن هذه الحقيقة لما سأل رجلا : كيف تقول في الصلاة ؟
    فأجاب الرجل : أتشهد ثم أقول : « اللهم إني أسألك الجنة ، وأعوذ بك من النار » .
    وأضاف الرجل : أما أني ـ والله ـ لا احسن دندنتك ، ولا دندنة معاذ .
    فقال صلى الله عليه وآله وسلم : حولها ندندن (2) .
    لكن الاسلام قد حدد للدعاء المختار حدودا ، وقرر له شروطا ، راعى في ذلك بلوغه الى الكمال المطلوب ، ومن ذلك ما يرتبط بالفاظه ولغته .
    ففي الوقت الذي اكد على جوانب معناه واهدافه ، لم يهمل جانب ادائه وصيغته .
    والحق ، انا إذا أردنا أن نركز التفاتنا كاملا ، فإن كل الحواس ـ وهي ترتبط بواسطة الاعصاب بعضها بالاخرى ـ لابد أن تتجه وتلتفت سواء الحواس الخارجية وجوارحها ، أم الحواس الباطنية وقابلياتها ، وحاسة النطق ـ وهي المعبرة عن الجميع ـ وآلتها اللسان ، لابد أن تتحرك اعصابه ، فتكون كلمة الداعي
    ____________
    ( 1 ) وسائل الشيعة 4|1171 .
    ( 2 ) الاسماء المبهمة ـ للخطب البغدادي ـ : 116 رقم 63 وانظر : كنز العمال 2|88 .
    حاسمة ، وتكون الفاظ الدعاء مركزة موجهة .
    اليست الالفاظ تعبيرا عن مكامن الضمير ، وسرائر الوجدان ؟
    اليست الكلمات النابعة عن طلبات الروح ، اصدق دليل على التركيز في التوجه والالتفات ؟ ومن يدري ? !
    فلعل العبد الداعي يكون اقرب الى مولاه الجليل ، عند بعض الحالات ، وأداء بعض النغمات ، وتلاوة بعض الكلمات ، وفي بعض المقامات والاوقات ؟ دون غيرها ؟ !
    إن النية الواحدة ، قد تصاغ باشكال مختلفة ، وتؤدى باساليب متنوعة ، وقد تصحبها أنغام متفاوتة .
    فأيا منها نختار ؟ لنتوسل به الى هذا السر الروحي ، ونتزود منه على هذا الطريق الصعبة ، ونتوصل بسببه الى النتيجة المنشودة .
    ما اروع للداعي ، لو عرف ، او تنبه الى اجمل لفظة في ابدع اسلوب ، والى اليق تعبير في ارق نغمة ، وكان دعاؤه نابعا من اعماق الضمير ، ليكون ارغب الى مقام الانس ، واقرب الى حظيرة القدس ، وآكد في تحقيق رغبات النفس .
    اليس هذا هو الاحسن ، والاضمن لحصول الاجابة ؟
    لكن ليس الافراط في المحافظة على اللفظ ، والتوغل في مراعاة اداء الحروف وضبط الحركات ، هدفا للمتكلم الواعي ، ولا غاية للانسان الهادف ، فضلا عن المسلم الذي يقوم بمهمة عظيمة مثل الدعاء .
    فان الدعاء ـ قبل ان يبلور في الجمل والكلمات ـ انما هو نور مضي ينقدح فيفيض عفى اللسان ، ولو كان القلب كدرا لم ينقدح فيه ذلك النور ، فاين له ان يظهر على لسان صاحبه ، الدعاء ؟ !
    قال الامام الصادق عليه السلام : تجد الرجل لا يخطئ بلام ولا واو ،
    خطيبا مصقعا ولقلبه اشد ظلمة من الليل المظلم (3) .
    وهكذا الانهماك في تطبيق القواعد اللفظية ، بما يصرف توجهه عن المعاني ويقطع التفاته عن الهدف .
    وهو ما ذكره الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيما روي عنه ، من قوله :
    من انهمك في طلب النحو سلب الخشوع (4) .
    نعم ، أن أغفال جانب اللفظ وحسن التعبير ، وصحح النص وسلامة العبارة عيب ، بلا ريب ، في الدعاء يحطه عن مرتبة الكمال اللازم في كل جوانب الدعاء من لفظه ومعناه ، ولابد للداعي العارف ، المتمكن من ذلك أن يتصف به ، فيكون دعاؤه بمستوى ما يطلب من المقام الرفيع المنشود .
    ومن هنا ورد التاكيد البليغ على اتصاف الدعاء بالادب ، ويراد به « الادب العربي » في مراعاة القواعد اللغوية والنحوية والبلاغية ، إذا بلغ الداعي مرتبة عالية من العلم والمعرفة ، وبلغ من الدين والعقيدة مبلغا يحسن مثل هذا الطلب منه .
    قال الامام ابو جعفر محمد بن علي ، الجواد عليه السلام : ما استوى رجلان في حسب ودين ـ قط ـ الا كان افضلهما عند الله آدبهما .
    قال الراوي : جعلت فداك ، قد علمت فضله عند الناس ، في المنادي والمجالس ، فما فضله عند الله عزوجل ؟ ! قال عليه السلام : بقراءة القرآن كما انزل ، ودعائه الله عزوجل من حيث لايلحن ، وذلك ان الدعاء الملحون لا يصعد الى الله عزوجل (5) .
    ان الكمال اللازم يجب ان يعم ادب الداعي ومعارفه ، فيكون كاملا في لغته التي يتقدم بالدعاء بها ، بعيدا عن اللحن المزري ، فان الله يحب ان يرى
    ____________
    ( 3 ) الكافي ـ الاصول ـ 2|422 .
    ( 4 ) بحار الانوار 1|7 ـ 218 .
    ( 5 ) عدة الداعي : 18 ، وسائل الشيعة 4|1107 ، وانظر : كنز العمال 2|293 .
    عباده يناجونه باحسن ما يناجي به احد احدا .
    أليس القرآن ـ وهو كلام الله ـ نزل بابلغ ما يكون الكلام وأعذبه ، فليكن ما يخاطب به العبد مولاه ـ كذلك ـ في أوج ما يقدر عليه من الكلام الطيب والذكر البديع ، المنزه عن عيب اللحن ، والوهن .
    إن الاسلام ـ في الوقت الذي ينص على الاكتفاء بما يجري على اللسان من الدعاء ، إذا لم يعرف الداعي نصا ماثورا ، لان ذلك ادنى ما ياتي منه ـ فإنه لا يكتفي ممن يمكنه الوصول إلى الماثور ، أن يقتنع بالدعاء الذي يخترعه من عند نفسه .
    عن عبد الرحيم القصير ، قال : دخلت على ابي عبد الله عليه السلام ، فقلت : جعلت فداك ، إني اخترعت دعاء !
    قال عليه السلام : دعني من اختراعك .
    إذا نزل بك امر فافزع الى رسول الله عليه وآله وصل ركعتين تهديهما الى رسول الله صلى الله عليه وآله . . . (6) .
    وعلمه دعاء يتلوه .
    إن الدعاء الماثور ، هو ـ بلا ريب ـ أقوى ، وأصدق ، وأضبط ، فهو أوصل إلى المطلوب ، مما يخترعه ذهن الانسان العادي ، ويلوكه لسانه


  • #2
    موضوع جميل جدا
    جــــزاك الله خـــــيرا
    التعديل الأخير تم بواسطة الغاضري; الساعة 09-06-2020, 11:18 AM.

    تعليق


    • #3

      الأخ الفاضل حسيني الولاء . أحسنتم وأجدتم وسلمت أناملكم على نقل و نشر هذا الموضوع عن الدعاء . جعل الله عملكم هذا في ميزان حسناتكم . ودمتم في رعاية الله تعالى وحفظه .

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X