إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بالمدح لا يفرحون

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بالمدح لا يفرحون

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته


    روي عن الإمام الباقر عليه السلام في وصيته لتلميذه وصاحبه جابر قال: "وَإِنْ مُدِحْتَ فَلا تَفْرَحْ"1.
    إمامنا الباقر عليه السلام: لتلميذه وصاحبه جابر"وَإِنْ مُدِحْتَ فَلا تَفْرَحْ"2. "يُحبّ الإنسان بطبيعته أن يكون حسن السمعة وأن يذكره الناس بالمزايا والصفات الإنسانيّة المثلى، ويكره - في المقابل - أن يذمّه الآخرون وينتقصوا من شأنه في غيابه، فهل ينبغي للإنسان أن يفرح من مديح الآخرين ويستاء من ذمّهم له؟ وهل يتعيّن عليه يا تُرى أن يأتي بما يوجب ثناء الناس عليه من الأفعال وينتهي عمّا يدفعهم لذمّه وملامته؟ أم إنّ عليه أن يُخفي محاسنه عن الناس ويُظهر عيوبه لهم؟"3.
    قال الله العظيم في كتابه الكريم: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى﴾4، وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾5، وقال سبحانه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾6، فمن تدبّر هذه الآيات المباركة كان على علم أنه ينبغي للإنسان العاقل أن يزهد في مدح الناس وثنائهم، فسواء مدحه الناس أو ذمّوه، الأمر عنده سيّان، ما دام يعمل لإرضاء الله، وأمّا الروايات الشريفة من السنة النبوية وأحاديث أئمة الهدى عليهم السلام فهي تُحذّر المرء من التظاهر أمام الناس، وكشف حسناته لهم كي لا يوجب ذلك الرياء، وهي تحضّه أيضاً على عدم فسح المجال لهم ليمدحوه, وحثّته على اجتناب الرضا عند المدح والغضب عند الذم.
    ولم يرض مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بالثناء عليه مع كمال تقدّسه، فقال حين مدحه قوم في وجهه: "اللهم إنّك أعلم بي من نفسي وإنّي أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلنا خيراً ممّا يظنّون واغفر لنا ما لا يعلمون"7.

    لو مدحوك ما رفعوك
    قال الشيخ المفيد رضوان الله عليه: وقوله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾8 9 نزلت في واحد بعينه نادى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، فقال: "يا محمد إن مدحي زين، وإن شتمي شين"10، فإذا عرفت أيها المسلم: بأن الناس لو مدحوك ما رفعوك، ولو ذمّوك ما خفضوك, فلا تكترث عند ذلك لمدحهم ولا ذمّهم، وكن على يقين أنّ الناس قد يمدحونك اليوم ويذمونك غداً، وكم من عبد تقي نقي أخوف ما عنده أن يشعر الناس به, لأنه يعلم أنه لا أمن له إلا عند الله، ولا عزّ ولا كرامة له إلا من الله. واعلم أنّ الموفَّق لا يتأثّر بثناء الناس وإذا سمع ثناءً لم يزده ذلك إلا تواضعًا وخشية من الله، وأيقِن أن مدح الناس لك فتنة، قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: "كم من مغرور بحسن القول فيه كم من مفتون بالثناء عليه"11، فادع ربّك أن يُنجيك من تلك الفتنة واستشعر عظمة الله، وضعف الخلق وعجزهم وفقرهم، واستصحب دومًا أنّ الناس لا يملكون جنة ولا نارًا، والنفوس تصلح بتذكّر مصيرها، ومن أيقن أنه يوسَّد في اللحد فريدًا أدرك أنه لن ينفعه سوى إخلاصه لربّه, ومن طمع في الخلق لم يخل عن الذل والخيبة، وإن وصل إلى المراد لم يخل عن المنة والمهانة، فكيف يترك العاقل ما عند الله برجاء كاذب ووهم فاسد قد يُصيب وقد يُخطئ وإذا أصاب فلا تفي لذّته بألم منّته ومذلّته، فماذا نريد ممّا عند الناس؟ قال تعالى حاكياً قول قلوب الذين أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا﴾12، وقال مادحاً لهم: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾13، فكونوا من المهتدين بهداهم والمقتفين آثارهم، والسالكين منهاجهم، والآخذين بحجزتهم، والماكثين بظلّهم، يعود خير ذلك عليكم.
    -----------------
    هوامش

    1- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 75، ص 162.
    2- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 75، ص 162.
    3- من محاضرة لسماحة آية الله مصباح اليزديّ (دامت بركاته) ألقاها بتاريخ 4 / آب / 2011م.
    4- سورة النجم، الآيتان 39 و 40.
    5- سورة النساء، الآية 49.
    6- سورة المدثر، الآية 38.
    7- العلامة محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 70، ص 295
    8- سورة الحجرات، الآية 4.
    9- الشيخ المفيد أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن النعمان العكبري، المسائل العكبرية، ج1، ص52، تحقيق علي أكبر الإلهي الخراساني، نشر دار المفيد للنشر والتوزيع - لبنان، ط 2، 1993م.
    10- الشيخ المفيد، المسائل العكبرية، ص 51.
    11- الآمدي التميمي عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد، غرر الحكم و درر الكلم، ج1، ص 319.
    12- سورة الإنسان، الآية 9.

  • #2
    يرفع . وشكرا
    لا إله إلا الله محمد رسول الله
    اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
    الباحــ الطائي ـث

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X