إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ثورة الحسين(ع) كانت ضدَّ صمت الأمَّة وخذلان الرّسالة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ثورة الحسين(ع) كانت ضدَّ صمت الأمَّة وخذلان الرّسالة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك

    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته


    أسباب عاشوراء
    تاريخ عاشوراء معروف، سبب ثورة الحسين معروف. باختصار، إنّ الحسين(ع) رأى الانحراف في جسد الأمّة ـ وهذا ما لم ينكره أحد ممن قرأ وفهم ووعى تاريخ تلك المرحلة ـ يرى الحسين ذلك، فيسْعى لإصلاحه، لا يحقّق جاهاً ولا فخراً ولا موقعاً.. وهل يحتاج إمام قام أو قعد، وسليل النبوّة، وسيّد شباب أهل الجنّة، وخامس أهل الكساء، هل يحتاج إلى مجد زائل، وإلى موقع لا يبقى ولا يستمرّ؟!
    في هذه الذّكرى أيضاً، تختلط المشاهد، ففيها يبرز مشهد السموّ والارتقاء الإنساني المليء بالعنفوان والبطولة، وقد تمثّل بزينب(ع) وهي تقرّع كبرياء يزيد، وهي في حالة عاطفيّة ونفسيّة وجسديّة لا يستطيع أمامها أحد من البشر إلا أن ينهار بعد رحلة طويلة من السبي ووضع الرّأس الشّريف لأخيها الحسين أمامها، إلا أنّ زينب(ع) حلّقت بإنسانيّتها، وتسامت، وقالت ليزيد: "فكِد كيدك، واسعَ سعيك، وناصِب جهدك، فإنّك لن تمحو ذكرنا، ولن تميت وحينا"...
    وفي المقلب الآخر، كانت الصّورة مختلفة، كان المشهد مغايراً، مشهد السّقوط والانحدار والانهيار المريع الّذي أصاب الأمّة الإسلاميّة آنذاك، فيزيد الفاسق الشّارب للخمر، يُكرَّس بعد هذه الفاجعة خليفةً للمسلمين وأميراً عليهم، بعد أن تخلّص ممّن كان يشكّل وجوده خطراً عليه.
    تخيّلوا، أيّها الأخوة والأخوات، المشهد؛ الأمّة الّتي أفنى رسول الله حياته لأجلها، يبلّغ شرع الله، ويركّز أحكامه، ويصنع إنسانه، ويفسّر قرآنه، من أجل تثبيت الاستقامة وإحقاق العدل.. ها هو خليفة المسلمين أوّل من يجاهر بالحرام؛ يشرب الخمر، يتجاوز حدود الله، يظلم ويفجر، ويصل به الحدّ لطلب المبايعة من الحسين، يريد بكلّ صلافة أن يأخذ شرعيّته من ابن بنت رسول الله.. كان مراهقاً فاسداً، أراد أن يحظى بأن يكون هو الوصيّ على الدّين والقيم والمبادئ؛ أيّ سقوط في هذا للأمّة، وأيّ نكسة وكارثة كادت تحصل، لولا أن منّ الله على الأمّة بالحسين ليقف موقف البطولة والفداء، ليعطّل مشروع انحراف كاد أن يطيح بكلّ مكتسبات الرّسالة والدّعوة الإسلاميّة والعودة بالأمّة إلى جاهليّتها؟!
    عندما غادر رسول الله الحياة، كان تركيزه على أنّه تارك في النّاس صمّامَي أمان، ما إن يتمسّكوا بهما لن يضلّوا بعدهما أبداً: كتاب الله وعترته أهل بيته.. ولكنّ يزيد، أيها الأحبّة، ضرب عرض الحائط بكتاب الله وأحكامه وشرعه، وعطَّل الحدود، وها هو يكمل صوب صمّام الأمان الآخر؛ أهل بيت النبوّة، فشهد التّاريخ أبشع مجزرة، ليس بحقّ أفراد فحسب، إنما بحقّ أمّة بأكملها، وهو الجرح الّذي أصاب وجدان الأمّة، وسيظلّ ماثلاً إلى يوم الدين.. والأمّة جميعها معنيّة بهذا الجرح، وعت ذلك أم لم تع، صرّحت به أم لم تصرّح.. توقّفت عنده أم لم تتوقّف، شاءت أم أبت، فالحسين هو سبط رسولها، هو منه ريحانته، والرّسول سيطالبها بموقفها من الدّم الّذي سفك في كربلاء، وسيطالبها بموقفها مما أصاب دينه، وسيطالبها بصمتها...
    المشهد، أيّها الأحبة، على مستوى الواقع الإسلاميّ كان قاتماً ومظلماً.. وحدهم أهل بيت النبوّة وموضع الرّسالة ومختلف الملائكة، شكّلوا نقطة الضّوء ومبعث الأمل، ليس لمجرّد القرابة، بل لأنّهم كانوا الملاذ لكلّ طالبي حقّ وعدل واستقامة، ولكلّ من أراد أن يرى كيف يتحرّك الدّين ويتمثّل إنساناً في ساحة الحياة...
    ثورة ضدّ صمت الأمّة
    أيّها الأحبّة: لقد كان الحسين(ع) واعياً منذ انطلاقته لحجم الدّور المنوط به، فهو لم يثر فقط ضدّ شخص يزيد، بل ضدّ صمت أمّة، وخذلان رسالة، وعفن أصاب القلوب، وصدأ أصاب العقول، وحمية انطفأت، وغيرة جُيّرت، لأجل كلّ هذا ثار الحسين، وفي استشهاده، أراد أن يهزّ كلّ هذا الواقع من ركوده...
    نعم، ما دفع الحسين إلى أن يأخذ قراره بالسّير في مشروع الثّورة حتّى النّهاية، وهو يدرك حجم المخاطر والتّضحيات، أنّه كان ينظر ليس فقط إلى حاضر الأمّة، بل أيضاً إلى مستقبلها، كان يريد أن يوقظها من سباتها، وأن يخرجها من صمتها...
    ويذكر المؤرّخون كيف عمل الأمويّون بجدّ لتثبيت هذا المنطق في الأمّة، منطق الصّمت والقبول بالواقع, ولم يوفّروا أيّ وسيلة...
    أوّلها: ترسيخ قناعات خاطئة تتّصل بالعقيدة، زرعوها وحوّلوها إلى عقائد، مثل: المكتوب لا يمكن أن نقف في وجهه، والله قدّره. نعم، الأمويّون هم من روّجوا لفكرة الجبريّة، فسادَ منطق أنّ الأعمال كلّها، حتّى السيّئة، هي بإرادة الله، ومن يقف في وجهها يعترض على مشيئته، فسكت النّاس..
    ثانياً: ترويج الأمويّين لرواياتٍ ابتدعوها عن عدم جواز الخروج على الحاكم حتّى لو كان جائراً، ومن يخرج عليه فهو ظالم وباغ وباعث للفتنة، كما شهدت هذه المرحلة تزويراً ودسّاً لأحاديث كثيرة نسبت إلى رسول الله..
    وثالثاً: المال السياسيّ الّذي تم من خلاله شراء الضّمائر والمواقف وشراء السّكوت، وقد اشتهر الأمويّون بإغداق الأعطيات على جماعتهم، وجذب المعارضين إليهم، ولهذا عمّ الفساد واستشرى.
    ورابعاً: اللّجوء إلى السّيف والعنف والقمع والبطش وصولاً إلى قطع الألسن، ما زرع الخوف والرّعب في النّفوس والقلوب...
    لقد استطاع الأمويّون أن يحوّلوا المجتمع الإسلاميّ من مجتمعٍ يعيش القيم والمبادئ والتّضحية من أجلها، إلى مجتمعٍ خنوعٍ ذليل، همّه السّلامة والدّينار، مجتمعٍ يباع ويشترى.
    وتذكر سيرة عاشوراء، كيف أنّ عبيد الله بن زياد، والي يزيد على الكوفة، عندما أراد أن يواجه حركة مسلم بن عقيل، وقف أمام النّاس وهو يحمل صرّة النّقود بيد، والسّيف بيد، وقال: المال لمن يترك مسلم بن عقيل والولاء للحسين، والسّيف ينتظر من يقف في وجهي. عندها راحت المرأة تخذل ابنها وزوجها، والزّوج يخذل زوجته، حتّى تفرّق النّاس خوفاً وطمعاً..
    لهذا كلّه، وجد الحسين(ع) أنَّ واقع الأمَّة بات يحتاج إلى زلزال، إلى صدمةٍ تهزّ كلّ هذا الذلّ وهذا الخنوع، وأنّ عليه أن يحوّل المسار ويقلب الصّورة، فكانت عاشوراء بكلّ آلامها وآمالها ومآسيها وبطولاتها..
    نهجٌ خطّه الحسين(ع)
    أيّها الأحبّة: في كربلاء، لم يستطع الحسين(ع) أن يحقّق نصراً عسكريّاً، ولم يقدر على تحقيق هدفه بإسقاط حكم وإعادة الحقّ إلى نصابه، لكنّ الحسين(ع) استطاع أن يرسم للأمّة منهجاً، وهو أن ترفض الظّلم والطّغيان، في أيّ موقعٍ كان الحاكم، سواء كان كبيراً أو صغيراً، أن ترفع صوتها في وجه ظالمها.. بالكلمة أو الموقف أو المواجهة، فلا وجود في منطق الحسين(ع) للأكثريّة الصّامتة، الأكثريّة الصّامتة في موقع الظّلم والطّغيان هي شريكة للظّالم بسلبيّتها..
    لقد أراد الحسين(ع) للأمّة أن تستيقظ، فإن لم تستطع أن تسقط الظّالم، فعلى الأقلّ أن تنخر في عرشه، من خلال عدم إعطاء الشرعيّة له، أن لا تدعه يرتاح، أن تقلقه ولو سبّب لها آلاماً وتضحيات.
    لقد علّمنا دم الحسين(ع)، وعلّمتنا مواقف الحسين، وآلام أهل بيته وأصحابه وجراحاتهم، أن نكون معنيّين بكلّ مفردات واقعنا، أن لا ننأى بأنفسنا عمّا يجري من حولنا، أن لا نسكت على ظلم ظالم مهما كان، أن لا نبيع ديننا أو مواقعنا ومبادئنا لحساب دنيا فانية ونعيم زائل.
    .
    السّلام عليك يا أبا عبد الله، السّلام عليك يا بن رسول الله، السّلام عليك يا بن أمير المؤمنين، السّلام عليك وعلى الأرواح الّتي حلّت بفنائك، وأناخت برحلك..
    السّلام عليك ما بقيت وبقي اللّيل والنّهار، أشهد يا مولاي أنّك أقمت الصّلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وعبدت الله مخلصاً حتّى أتاك اليقين.

  • #2
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    احسنتم على نشركم القيم
    في ميزان حسناتكم ان شاء الله

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X